الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مثال النفي: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ) .
ومثال الجَحْد نفي فرعون وقومه آيات موسى، قال تعالى:(فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (13) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا) .
وأدوات النفي: لا، ولات، وليس، وما، وإنْ، ولم، ولمَّا، وستأتي في
حروف المعجم.
ونورد هنا فائدة زائدة، قال الخُوَيّي: أصل أدوات النفي لا، وما، لأن
النفي إما في الماضي وإما في المستقبل، والاستقبال أكثر من الماضي أبدًا، ولا
أخفّ من ما، فوضعوا الأخف للأكثر.
ثم إن النفي في الماضي إما أن يكون نفيًا واحدًا مستمرا، أو نفياً فيه أحكام
متعددة، وكذلك النفي في المستقبل، فصار النفي على أربعة أقسام.
واختاروا له أربع كلمات: ما، ولم، ولن، ولا، فأما إن ولمّا فليسا بأصلين، فما ولا في الماضي والمستقبل متقابلان.
ولم كأنه مأخوذ من لا وما، لأن لم نفي للاستقبال لفظا
والمضِيّ معنى، فأخذ اللام من لا التي هي لنفي المستقبل والميم من " ما "التي
هي لنفي الماضي، وجمع بينهما إشارة إلى أن في "لم " إشارة إلى المستقبل
والماضي، وقدم اللام على اليم إشارة إلى أن " لا " هي أصل النفي، ولهذا يُنفى بها في أثناء الكلام، فيقال لم يفعل زيد ولا عمرو.
أما لما فتركيب بعد تركيب، كأنه قال: لم وما لتوكيد معنى النفي في الماضي.
وتفيد الاستقبال أيضاً، ولهذا تفيد لما الاستمرار.
تنبيهات
الأول: زعم بعضهم أن شرط صحة النفي عن الشيء صحة اتصافِ النفي
عنه بذلك الشيء، وهو مردود بقوله:(وما ربّك بغافل عما يعملون) .
(وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64) .
(لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ) ، ونظائره.
والصواب أن انتفاء الشيء عن الشيء قد يكون لكونه لا يمكن منه عقلا.
وقد يكون لكونه لا يقع منه مع إمكانه.
الثاني: نفي الذاتِ الموصوفة قد يكون نفيًا للصفة دون الذات، وقد يكون
نفياً للذات أيضاً.
من الأول: (وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ) .
أي بل هم جسد يأكلونه.
ومن الثاني: (لا يسألونَ النَّاسَ إلحافاً) .
أي لا سؤال لهم أصلاً، فلا يحصل منهم إلحاف.
(مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) .
أي لا شفيع لهم أصلاً.
(فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) .
أي لا شافعين لهم تنفعهم شفاعتهم، بدليل:(فما لنا من شافعِين) .
ويسمى هذا النوع عند أهل البديع نفي الشيء بإيجابه.
وعبارة ابن رشيق في تفسيره: أن يكون الكلام ظاهره إيجاب الشيء وباطنه نفيه، بأن ينفي ما هو من سببه، كوصفه، وهو المنفي في الباطن.
وعبارة غيره: أن تنفي الشيء مقيداً والمراد نفيه مطلقاً مبالغة في النفي
وتأكيداً له.
ومنه: (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ) ، فإن الإله مع الله لا يكون إلا عن غير برهان.
(وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ) ، فإن قَتْلهم لا يكون إلا بغير حق.
(رفَع السماواتِ بغير عَمَدٍ ترونها) .
فإنها لا عمد لها أصلاً.
الثالث: قد ينفي الشيء أصلاً لعدم كمال وصفه، أو انتفاء ثمرته، كقوله في
صفة أهل النار: (لا يموت فيها ولا يحيىَ) .
فنفى عنه الموت، لأنه ليس بموت صريح، ونفى عنه الحياة لأنها ليست بحياة طيبة ولا نافعة.
(وتَرَاهم ينْظُرون إليكَ وهم لا يُبْصرون) .
فإن المعزلة احتجّوا بها على نفي الرؤية، فإن النظر في قوله:(إلى رَبِّها نَاظِرة) ، لا يستلزم الإبصار.