الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - إهمَالُ التَّوثِيقِ والتَّضْعِيف النِّسْبِيَّين غَالِبًا:
قال ابن القيم: النوع الثاني من الغلط: أن يرى الرجل قد تُكلِّم في بعض حديثه، وضُعِّف في شيخ أو في حديث، فيجعل ذلك سببًا لتعليل حديثه، وتضعيفه أين وجد، كما يفعله بعض المتأخرين من أهل الظاهر وغيرهم. اهـ. "الفروسية"(ص 62).
فقد يكون الراوي عند المتقدمين ثقة نسبيًا، فيوثقونه في جانب ويضعفونه في آخر. كأن يوثقوه في بعض شيوخه دون بعض، أو إذا حدَّث من كتابه دون حفظه، أو في روايته عن أهل بلد دون غيرهم.
فعبد الكريم بن مالك الجزري يضعف في عطاء.
وعباد بن العوام: مضطرب الحديث عن سَعِيد بن أبي عَرُوبَة.
وأبو معاوية الضرير يضطرب في غير الأعمش.
وخالد بن مخلد القطواني منكر الحديث لكن لا بأس بروايته عن سليمان بن بلال.
وهشام بن سعد يضعف، وهو راوية زيد بن أسلم، وأثبت الناس فيه.
وعاصم بن عبيد الله العمري ضعيف وشعبة ينتقي حديثه.
وابن لهيعة ضعيف، وعفان بن مسلم ينتقي حديثه.
وقد تقدم هذا مستوفى في بابه.
أما المتأخرون فلا يلتفتون في غالب الأحيان إلى هذا.
خصوصًا المعاصرون؛ فإنَّ غالبهم معتمدهم في الغالب "تقريب التهذيب".
وكثيرًا ما يكون ذكر الحكم النهائي على الراوي في "تقريب التهذيب" من غير مراعاة لما يتعلق به نسبيًا من جهة التوثيق والضعف.
7 - الإِخْلَالُ بِضَبطِ أُصُولِ الاتِّصَالِ والانْقِطَاع:
فالأصل في ثبوت الرواية أن الراوي لم يسمع ممن روى عنه، حتى يثبت ذلك.
قال ابن رجب في مسألة اشتراط اللقاء لثبوت الاتصال: وأما جمهور المتقدمين فعلى ما قاله علي ابن المديني والبخاري، وهو القول الذي أنكره مسلم على من قاله
…
اهـ. "شرح العلل"(2/ 33).
كرواية عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر.
قال يحيى القطان وابن المديني وأحمد: لم يسمع منه، وإنما رآه في الطواف.
وخالفهم المتأخرون فصححوا إسنادها.
ورواية أبي إدريس الخولاني عن عمر، أعلها البخاري كما في "سنن الترمذي".
ورواية أبي الجوزاء أوس بن عبد الله الربعي عن عائشة، قد أعلها أبو داود في "السنن".
وصحح ابن حبان رواية سعيد بن الصلت عن سهيل بن بيضاء قال: (بينما نحن في سفر مع الرسول صلى الله عليه وسلم
…
).
وسهيل مات في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كما جاء هذا في "صحيح مسلم" وسعيد بن الصلت، تابعي.
وقيس بن أبي حازم لم يسمع عائشة، والمتأخرون يعدون حديثه عنها من أصح الأسانيد.
وعند المتأخرين عدمُ إدراك الراوي لمن روى عنه انقطاعٌ مطلقًا.
وخالفهم المتقدمون، فاستثنوا كثيرًا من هذه القاعدة بناءً على قرائن احتفت بالرواية:
قال يعقوبُ بنُ شيبة: "إنما استجاز أصحابُنا أن يدخلوا حديثَ أبي عُبَيدَة (1) عن أبيه في "المسند (2)، لمعرفة أبي عُبَيدَة بحديث أبيه وصحتها، وأنه لم يأت فيها بحديث منكر"، "شرح علل الترمذي"، لابن رجب (1/ 544).
قلت: وإنما قال الحفاظ هذا لأنهم تتبعوا رواية أبي عُبَيدَة عن أبيه فوجدوها خالية من المناكير، وانضم إلى ذلك أنَّ أبا عُبَيدَة ابن لعبد الله بن مسعود، والأصل أنَّ الابن أعرف بمرويات أبيه من غيره.
لذا قال ابنُ رجب: "وأبو عُبَيدَة وإن لم يسمع من أبيه إلا أن أحاديثه عنه صحيحةٌ، تلقاها عن أهل بيته الثقات العارفين بحديث أبيه، قاله ابن المديني وغيره".
قلت: وكقول أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين في مرسلات سعيد بن المُسَيِّب إنها صحاح.
(1) يعني: ابن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(2)
يعني: في الحديث المتصل.