الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيثُ القُدْسِيُّ
الأحَادِيْثُ القُدْسِيَّة: هي الأقوال التي ينسبها النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله تبارك وتعالى مما ليس في القرآن.
وتسمى كذلك بالأحاديث الإلهية، والربانية.
كحديث: الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قالَ الله تعالى:"يُؤْذِينِي ابن آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي الأمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ".أخرجه عبد الرزاق، والحميدي، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
ولا أعرف مصطلح الحديث القدسي ولا الإلهي ولا الرباني عند المتقدمين.
وعدتها (ألف ومائة وخمسون حديثًا) فيما جمعه أبو عبد الرحمن عصام الدين الصّبابطي.
وغالب الأحاديث القدسية ضعيف، وكثير منها كذب موضوع.
المَرْفُوْع والمَوْقُوفُ والمَقْطُوعُ
المَرْفُوْع: ما أضيف للنبي صلى الله عليه وسلم.
قولًا كان أو غيره، من صحابي أو ممن دونه، متصلًا كان أو منقطعًا.
وقصره البعض على رواية الصحابي عن النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره.
ومنهم من يسمي المسند مرفوعًا.
مثال المرفوع قولًا:
حديث: الزُّهْرِيِّ، عَنْ أبِي سَلَمَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم:"مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ فَليُكْرِمْ ضَيْفَهُ" أخرجه: الطيالسي، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وأبو يعلى، والترمذي.
ومثال الفعل:
حديث: عَبَّاد بْن تَمِيمٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الله بْنَ زَيْدٍ الَمازِنِيَّ يَقُولُ: "خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِلَى المُصَلَّى، فَاسْتَسْقَى، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ حِينَ اسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ". أخرجه مالك، والحميدي، وأحمد، . والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، والنسائي.
ومثال التقرير:
حديث: يَحْيَى بْنِ أبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الحَكَمِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: كَانَتْ لِي غَنَمٌ تَرْعَى بَيْنَ أُحُدٍ وَالجَوَّانِيَّةِ فِيهَا جَارِيَةٌ لِي، فَاطَّلَعْتُهَا ذَاتَ يَوْمٍ وَإِذَا الذِّئْبُ قَدْ ذَهَبَ مِنْهَا بِشَاةٍ، وَأنَا مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ فَرَفَعْتُ يَدِي فَصَكَكْتُهَا، صَكَّةً، فَأتَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ فَقُلتُ: يَا رَسُولَ الله، أفَلَا أُعْتِقُهَا؟ قَالَ:"ادْعُهَا" فَدَعَوْتُهَا قَالَ: فَقَالَ لَهَا: أيْنَ اللهُ؟ " قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ قَالَ: "مَنْ أنَا؟ " قَالَتْ: أنْتَ رَسُولُ الله، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ". أخرجه: الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، والدارمي، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
ومثال الصفة:
حديث: إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ أنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم كثير الشَّعْرَ وَاللِّحْيَةَ. أخرجه: ابن أبي شيبة، ومسلم.
ومن صور المرفوع: إذا قال الراوي عن الصحابي: "يرفع الحديث"، أو "يَنْميه"، أو "يبلُغ به"، أو "يرويه"، أو "رواية"، أو "رواه". لأنَّ الغالب أنَّ الصحابة يتلقّون عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
واعلم أنَّ المرفوع لا يستلزم الصحة ولا ينافيها.
المَرْفُوْعُ حُكْمًا (1): وهو أقسام:
الأول: ما رواه الصحابي ممن لم يعرف بالأخذ عن أهل الكتاب (2) مما لا يمكن أن يقال بالرأي.
(1) ويسمى: الموقوف الذي له حكم المرفوع.
(2)
كعبد الله بن سَلَام، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم.
كتفسير، أو الإخبار عن الأمور الماضية، أو صفة الجنة والنار، أو الإخبار عن عمل يحصل به ثواب مخصوص أو عقاب مخصوص، أو الحكم على فعل من الأفعال بأنه طاعة أو معصية لله أو لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أو فعل عبادة لم ترد بها السنة (1).
وهذا عند المتأخرين، وهي دعوى عريضة لا برهان عليها، فلا يكاد يمر حديث من قبيل ما تقدم، إلا زعموا أنه في حكم المرفوع، فَيُقَوَّلُ الصحابة رضي الله عنهم ما لم يقولوه، وإذا كان الصحابي لم ينسب ما يقوله إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكيف يُدَّعَى عليه ذلك في آخر الزمان؟ .
ولا أعلم عند المتقدمين موقوفًا قالوا بأن له حكم الرفع.
وقد سمع الصحابة رضي الله عنهم أخبارًا كثيرة من أهل الكتاب في أمور شتى، وحدثوا بها عنهم، ويعسر تمييز ما أخذوه عن أهل الكتاب أو أخذوه عن النبي صلى الله عليه وسلم أصلًا، وقد يجتهد الصحابي في المسألة، أو يستنبط حكمًا، أو ينزع حكمة من آية، وقد يتكلمون في أمور الثواب والعقاب من قبيل التمثيل (2).
ثم هو أمر لا ينضبط بضابط، ولا يستقيم على قاعدة واحدة عند الجميع، والأنظار فيه مُتَفَاوتة فما يراه البعض له حكم الرفع، لا يراه غيره، فمثل هذا يبقى أمرًا مظنونًا، لا يمكن القطع به.
ولطالما أعلَّ الحفاظ المتقدمون كثيرًا من الأحاديث المرفوعة بالوقف، فلو كان الموقوف له حكم الرفع لما رجحوا الموقوف عند التعارض مع المرفوع، فإن له حكمه في كل الأحوال.
الثاني: قول الصحابي: "أمرنا" أو "نُهينا".
كحديث: شُعْبَة، عَنْ أبِي يَعْفُورٍ، سَمِعَ مُصْعَبَ بْنَ سَعْدٍ، يَقُولُ: صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ سَعْدٍ فَلَمَّا رَكَعْتُ طَبَّقْتُ يَدَيَّ وَجَعَلتُهُمَا بَيْنَ رُكْبَتِيَّ، فَقَالَ لِي أبِي:"قَدْ كُنَّا نَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى نُهِينَا عَنْهُ وَأُمِرْنَا أنْ نَضَعَ أيْدِيَنَا عَلَى الرُّكَبِ" أخرجه الطيالسي، وعبد الرزاق، والحميدي، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، وابن ماجه، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
(1) كما أدى علي رضي الله عنه صلاة الكسوف، أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" وهو أثر لا يصح.
(2)
وانظر ما اعترض به الشيخ أسعد سالم تيم في رسالته - الماتعة - بيان أوهام الألباني رحمه الله (46 - 47).
الثالث: قول الصحابي: "من السنة كذا".
كحديث: طَاوُسٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: "مِنَ السُّنَّةِ أنْ يَمَسَّ عَقِبُكَ إِليَتَيْكَ" أخرجه عبد الرزاق، وابن أبي شيبة.
الرابع: قول الصحابي: "كنا نفعل كذا".
كحديث: مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ أبِي طَلحَةَ، عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ أنَّهُ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي العَصْرَ ثُمَّ يَخْرُجُ الإِنْسَانُ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَيَجِدُهُمْ يُصَلُّونَ العَصْرَ. أخرجه مالك، وعبد الرزاق، وأحمد، والبخاري، ومسلم، والنسائي.
الخامس: قول التابعي عن الصحابي: (يرفع الحديث) أو (ينميه) أو (يبلغ به) أو ما في معناه، دون ذكر النبي صلى الله عليه وسلم.
كحديث: أبي خيثمة، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن محمد بن سعد، عن أبيه، ويرفع الحديث:"لا يحل لأحد أن يهجر أخاه فوق ثلاث" أخرجه أبو يعلى.
وحديث: الزُّهْرِيّ، حَدَّثَنَا، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً:"الفِطْرَةُ خَمْسٌ، أوْ خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ: الخِتَانُ، وَالاِسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَتَقْلِيمُ الأظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ" أخرجه البخاري.
وحديث: أبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أنَّهُ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أنْ يَضَعَ الرَّجُلُ اليَدَ اليُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ اليُسْرَى فِي الصَّلاةِ، قَالَ أبُو حَازِمٍ: لا أعْلَمُ إِلا أنَّهُ يَنْمِي ذَلِكَ. أخرجه مالك، وأحمد، والبخاري.
السادس: قول الصحابي: (قال: قال).
والحق أن هذا الأخير له حكم الموقوف، ولا يكاد يوجد لهذه المسألة مثال يسلم من علة،
كما قال عبد الله الجديع. انظر "تحرير علوم الحديث"(1/ 18).
المَوْقُوْف: ما أضيف إلى الصحابة رضي الله عنهم.
وفقهاء خراسان يسمون الموقوف أثرًا والمرفوع خبرًا، وعند المحدثين الكل أثر.
كأثر: مَعْمَرٍ، عَنْ أيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، كَانَ إِذَا سَمِعَ صَوْتًا، أوْ دُفًّا قَالَ:"مَا هُوَ؟ " فَإِذَا قَالُوا: عُرْسٌ أوْ خِتَانٌ، صَمَتَ. أخرجه عبد الرزاق.
وقد يطلق الموقوف على ما جاء عن غير الصحابة مقيدًا.
كقولهم: وقفه فلان على أبي مِجْلَز، أو وقفه فلان على الزهري أو وقفه فلان على عطاء، ونحو ذلك.
الصَّحَابِيّ: مَنْ لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به وماتَ على الإسلام (1).
كأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وغيرهم. رضي الله عنهم.
وتثبت صحبة الراوي باشتهار صحبته، وباتصال الإسناد سواء بالتصريح بالسماع عن النبي صلى الله عليه وسلم أو المعاصرة بشرطها، وبرواية كبار التابعين عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبتنصيص أئمة الشأن.
واعلم: أن الحاجة للموقوف ماسة جدًّا، فقد يتبين فيه علل كثير من الأحاديث.
وليس الموقوف بذاته حجة.
وقول الصحابي يعمل به بأربعة شروط:
أ - أن يكون الصحابي من فقهاء الصحابة.
ب - أن لا يخالف نصًا.
ت - أن لا يخالف قول صحابي آخر.
ث - أن يكون بيانًا لفقه آية أو حديث مرفوع.
ويحتمل في الموقوفات - مما ليس في العقائد والأحكام - ما لا يحتمل في المرفوعات، فضوابط قبول الموقوف أيسر بكثير من ضوابط قبول المرفوع.
كما يفعل مالك في "الموطأ" والبخاري في التفسير من "صحيحه"، والطبري في "التفسير".
(1) ولو للحظة، ولو تخللت رِدَّةٌ بعضَ مراحل حياته.