الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإذا تفرد الإمام الحافظ المعروف بكثرة الرواية، وكثرة الرحلة وكثرة الأخذ، فهذا يُعَدُّ تفرده دليلًا على عنايته بالحديث.
وكذا إذا انفرد راو له اختصاص بمن تفرد عنه، فيقبل ولا يعد نكارة.
وقال ابن رجب: أكثر الحفاظ المتقدمين يقولون في الحديث إذا تفرد به واحد وإن لم يرو الثقات خلافه: إنه لا يتابع عليه، ويجعلون ذلك علة فيه، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه، كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضًا، ولهم في كل حديث نقد خاص، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه. انظر "شرح علل الترمذي"(2/ 26).
فائدة: كل رواية بعد عصر الرواية، إن كانت موافقة لما روي في عصر الرواية، فالذي في عصر الرواية يغني عنها، وما كان في غير عصر الرواية مخالفًا لما في عصر الرواية، أو فيها زيادة عليها، أو لم تُرو في عصر الرواية، فهذه مُعَلَّة أو منكرة، وان كان إسنادها كالشمس ظاهرًا.
فإن الأسانيد لها طرق معروفة مسلوكة؛ فمن أتى فيها بغير الطريق المعروفة فقد أغرب.
والمنكر أبدًا منكر.
وإذا نصَّ المتقدمون أو أحدهم على استنكار حديث، ولم يخالف فيه من في طبقتهم، فالتسليم لهم واجب سواء أدركنا سبب الاستنكار أو خفي علينا.
مَظِنّةُ المنكرات
الكتب المتأخرة عن عصر النقد - نهاية القرن الثالث فما بعده - كمعجمي الطبراني "الأوسط" و "الصغير"، و "الأفراد والغرائب" للدارقطني، "سنن الدارقطني"، و "مستدرك" الحاكم، و "سنن البيهقي"، وكتب أبي نُعَيْم الأصبهاني، والخطيب البغدادي، وكتب الضعفاء "كضعفاء العقيلي"، و "الكامل" لابن عدي، و"المجروحين" لابن حبان، فإن هذه الكتب يعرف بها الحديث الغريب والمنكر.
وهذه لا بدّ من العناية بها، ويلزم طالب الحديث والمشتغل به أن يحفظ جماعها ويستحضرها ساعة يحتاج إليها.
الوُحْدَان: جمع واحد، وهو الراوي الذي لم يرو عنه إلا راو واحد.
كالحَارِث بن زِيَاد الأنْصَارِيّ لم يرو عَنهُ إِلَّا حَمْزَة بن أبي أسيد.
وبصرة بن أكْثَم الخُزَاعِيّ لم يرو عَنْهُ إِلَّا سعيد بن المسيب.
وسُوَيْد بن النُّعْمَان لم يرو عَنهُ إِلَّا بشير بن يسَار.
وعُمَيْر بن قَتَادَة اللَّيْثِيّ لم يرو عَنهُ إِلَّا ابْنه عبيد بن عُمَيْر.
وأُبي عزة يسَار بن عبد لم يرو عَنهُ إِلَّا أبُو المليح الهُذلِيّ.
الرَّاوِي المَتْرُوْك: هو الراوي المتهم بالكذب في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، أو لكذبه في حديث الناس، أو لتهمته بالفسق، أو اشتد ضعفه لغفلته أو لكثرة الوهم.
كإبراهيم بن يزيد الخوزي: قال أحمد متروك.
وعبد الله بن يزيد بن الصلت: قال أبو حاتم متروك.
ومحمد بن عبد الله بن علاثة الحراني: قال الدارقطني متروك.
وقصره المتأخرون: على من كان متهمًا بالكذب.
كعمرو بن خالد، ومحمد بن القاسم الأسدي، وسلم بن إبراهيم.
الحَدِيث الَمتْرُوْك: هو الذي في إسناده: متهم بالكذب في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، أو لكذبه في حديث الناس، أو لتهمته بالفسق، أو اشتد ضعفه لغفلته أو لكثرة الوهم.
كحديث: سليم بن إبراهيم الوَرّاق، عن سعيد بن محمد الزهري، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحسنوا إلى الماعز، وأميطوا عنها الأذى، فإنها من دواب الجنة". أخرجه البزار، والخطيب في "تاريخه".
سلم بن إبراهيم: متهم بالكذب.
وقد يطلق المتقدمون المتروك على الحديث المنكر والباطل والموضوع والشاذ.
وحديث المتروك من أضعف الأحاديث.
المَقْلُوب: هو ما تغيرت فيه بعض الألفاظ في سند الحديث أو متنه، تقديمًا أو تأخيرًا، بعضها ببعض، أو بلفظ آخر.
ففي السند: أن يُقَدَّم ويؤخر في اسم أحد الرواة واسم أبيه، كحديث مروي عن (كعب بن مُرَّة) فيجعله (مُرَّة بن كعب).
أو يُبْدِل الراوي بآخر كحديث مروي عن (سالم) فيجعله عن (نافع).
والقلب في المتن: أن يُقَدَّم ويؤخر في بعض متن الحديث.
كحديث أبي هريرة المرفوع:
…
ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله. أخرجه مسلم.
الوهم فيه من يحيى القطان.
والصواب: حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، هكذا رواه مالك، وأحمد، والبخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
أو يجعل سند حديث لمتنٍ غير متنه.
كما روى جَرِيْر بن حازم، عن ثابت البُنَانِيّ عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني" أخرجه الطيالسي، وعبد بن حميد، والترمذي.
والصواب عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه.
ولا يجوز القلب في الحديث إلّا لغرض الامتحان، شريطة أنْ لا يراد عيب الممتحن، وأن يُبين الصحيح قبل انفضاض المجلس.
قَالَ أحمد بْن منصور الرمادي: خرجت مع أحمد بْن حنبل، ويحيى بْن معين إلى عبد الرَّزَّاق، خادمًا لهما، فلما عدنا إلى الكوفة، قَالَ يحيى بْن معين لأحمد بْن حنبل: أريد أختبر أبا نعيم، فقال له أحمد بْن حنبل: لا تريد، الرجل ثقة، فقال يحيى بْن معين: لا بد لي، فأخذ ورقة، فكتب فيها ثلاثين حديثًا من حديث أبي نعيم، وجعل على رأس كل عشرة منها حديثًا ليس من حديثه، ثم جاءوا إلى أبي نعيم، فدقوا عليه الباب، فخرج، فجلس على دكان طين حذاء بابه، وأخذ أحمد بن حنبل فأجلسه عَنْ يمينه، وأخذ يحيى بْن معين فأجلسه عَنْ يساره،
ثم جلست أسفل الدكان، فأخرج يحيى بْن معين الطبق، فقرأ عليه عشرة أحاديث، وأبو نعيم ساكت، ثم قرأ الحادي عشر، فقال له أبُو نعيم: ليس من حديثي اضرب عليه، ثم قرأ العشر الثاني، وأبو نعيم ساكت، فقرأ الحديث الثاني، فقال أبُو نعيم: ليس من حديثي، فاضرب عليه، ثم قرأ العشر الثالث، وقرأ الحديث الثالث، فتغير أبُو نعيم، وانقلبت عيناه، ثم أقبل على يحيى بْن معين، فقال له: أما هذا، وذراع أحمد في يده، فأورع من أن يعمل مثل هذا، وأما هذا يريدني، فأقل من أن يفعل مثل هذا، ولكن هذا من فعلك يا فاعل، ثم أخرج رجله فرفس يحيى بْن معين، فرمى به من الدكان، وقام فدخل داره، فقال أحمد ليحيى: ألم أمنعك من الرجل، وأقل لك: إنه ثبت، قَالَ: وَالله لرفسته إلي أحب إليَّ من سفري. تاريخ بغداد (14/ 307)
فائدة: بعض القلب لا يؤثر على الحديث، وإن كان اللفظ غير المقلوب أصح.
كحديث رواه الجمع عنْ مُحَمَّدُ بْنُ الفُضَيْلِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ، عَنْ أبِي زُرْعَةَ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ، سُبْحَانَ الله العَظِيمِ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ". أخرجه: ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم. "والترمذي والنسائي وأبو يعلى.
قلبه أحمد بن أشكاب فرواه عن محمد بن فضيل به فقال: كَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ، خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ. صحيح البخاري (7563).
المُضطَرِب: هو الذي اختلف الرواة في سنده أو متنه على وجه لا يمكن فيه الجمع ولا الترجيح.
فإن أمكن الجمع فلا اضطراب، أو رجحت إحدى الروايتين بوجه من وجوه الترجيح فالحكم للراجحة، ولا يكون مضطربًا.
وقد يعبر به بعض المتقدمين عن مطلق الضعف، كقولهم: فلان مضطرب الحديث، يريدون أنه ضعيف الحديث.
الاضطراب أكثر ما يقع في حديث الضعفاء؛ وهو في أحاديث الثقات نادر.
مثال الاضطراب في السند: كحديث: "شَيَّبَتْني هُوْدٌ وأخواتها".
اخْتُلِفَ فيه على أكثر من عشرة أوجه، فمنهم من رواه مرسَلًا، ومنهم من رواه موصولًا، ومنهم من جعله من مسند أبي بكر، ومنهم من جعله من مسند سعد، ومنهم من جعله من مسند عائشة، ومنهم من جعله من مسند ابن عباس، وغير ذلك (1).
مثال مضطرب المتن: كحديث: شريك عن أبي حمزة عن الشَّعْبِي عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها مرفوعًا: "ليسَ في المالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ" رواه ابن ماجه.
وبنفس السند روي بلفظ: "إنَّ في المال لَحقًّا سِوَى الزَّكَاة" رواه الترمذي.
فهذا اضطراب لا يحتمل التأويل.
شروط الاضطراب: الاختلاف المؤثر، واتحاد المخرج، إلَّا أنْ يكون الراوي مكثرًا، فلا يؤثر.
والاختلاف بين الرواة في الحديث الواحد إن كان ناشئًا من الراوي المختلف عليه دلَّ على أنه لم يحفظه، فيعل الحديث بالاضطراب.
وَسُئِلَ الدارقطني عَنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالفِضَّةُ بِالفِضَّةِ، وَالحِنْطَةُ بِالحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، مَنْ زَادَ أوِ اسْتَزَادَ فَقَدْ أرْبَى؟
فَقَالَ: هُوَ حَدِيثٌ يَرْوِيهِ أبُو حَمْزَةَ مَيْمُونٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ.
رَوَاهُ عَنْهُ مَنْصُورُ بْنُ المُعْتَمِرِ، وَالثَّوْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ أبِي قَيْسٍ، وَخَلَّادٌ الصَّفَّارُ، وَغَيْرُهُمْ فَقَالَ سَيْفُ بْنُ مُحَمَّدٍ: عَنْ مَنْصُورٍ، وَالثَّوْرِيِّ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ.
وَقَالَ جَرِيرٌ: عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الُمسَيِّبِ، عَنْ بِلَالٍ.
وَقِيلَ: عَنْ أبِي حَمْزَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ، عَنْ بِلَالٍ.
(1) وكثيرٌ مما يَعُدُّهُ المتقدمون مضطربًا، يجعله المتأخرون من قَبِيلِ تعدد الطرق، فتنبه لهذا وكن حذرًا.
وَقَالَ عَمْرُو بن أبي قيس، وخلاد الصفار: عَنْ أبِي حَمْزَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ.
وَأبُو حَمْزَةَ مُضْطَرِبُ الحَدِيثِ، وَالِاضْطِرَابُ فِي الإِسْنَادِ مِنْ قِبَلِهِ، وَاللهُ أعْلَمُ. علل الدارقطني (185).
فاختلاف الثقات على الضعيف لا يحتاج إلى جمع بين رواياتهم، فإن الضعيف ضعيف.
وإن كان من قبل الرواة فيرجح بينهم حسب القرائن، فلكل حديث قرائنه المحتفة به، وكثيرًا ما تكون بالكثرة والإتقان والاختصاص بالشيخ.
وَسُئِلَ الدارقطني عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أبِي طلحة، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا تَدْخُلُ المَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلبٌ وَصُورَةٌ.؟
فَقَالَ: يَرْوِيهِ الزُّهْرِيُّ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ؛
فَرَوَاهُ يُونُسُ، وَمَعْمَرٌ، وَابْنُ أبِي ذِئْبٍ، وَشُعْيَبٌ، وَالزُّبَيْدِيُّ، وَالمَاجِشُونُ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ عَبْدِ الله بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أبِي طَلحَةَ.
وَخَالَفَهُمُ الأوْزَاعِيُّ، فَرَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ الله، عَنْ أبِي طَلحَةَ، لَمْ يَذْكِرِ ابْنَ عَبَّاسٍ.
وَالقَوْلُ قَوْلُ مَنْ ذَكَرَ فِيهِ ابْنَ عَبَّاسٍ.
وَرَوَاهُ سَالِمٌ أبو النضر، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي طلحة، نحو رواية الأوزاعي. علل الدارقطني (942).
وإذا وقع اختلاف بين الرواة يصار إلى الجمع من غير تعسف، إذا دلت القرائن على أن الوجوه محفوظة عن الراوي المختلف عليه.
وغالبًا ما يكون ذلك إذا كان المختلفون ثقات، والمختلف عليه ثقة حافظًا واسع الرواية، يمكن أن يحمل الحديث من طرق عديدة.
كاختلاف أصحاب السبيعي الثقات عليه في لفظ حديث.
وقد يكون الاختلاف على حافظ واسع الرواية ولا يمكن أن يصار إلى الجمع بتعدد الطرق، فلا يصار إلى الترجيح.
قال أبو داود: سمعت أحمد ذكر حديث ابن عيينة عن علي بن زيد عن الحسن عن ابن مغفل (الدجال قد أكل الطعام ومشى في الأسواق)؟
قال أحمد: اختلفوا على سفيان - يعني ابن عيينة - فيه وما أراه إلا من سفيان، يعني اضطرابه فيه. اهـ. مسائل أبي داود للإمام أحمد (316).
المُدْرَج: ما زيد في سنده أو متنه ما ليس منه دون بيان.
مثال مدرج الإسناد: حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ قال: "أن تجعل لله ندًا وهو خلقك"، قلت: ثم أي؟ قال: "أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك"، قلت: ثم أي؟ قال: "أن تزاني حليلة جارك".
ورواه سفيان عن الأعمش ومنصور بن المعتمر وواصل الأسدي: عن شَقِيق، عن عمرو بن شرحبيل، عن ابن مسعود
…
وساق الحديث. رواه الترمذي.
فلما رواه الثوري عنهم أدرج سند واصل في سند الأعمش ومنصور، ولم يبين الاختلاف في رواياتهم.
ورواية واصل الأسدي، عن شَقِيق، عن ابن مسعود، ليس فيها عمرو.
مثال مدرج المتن: كحديث أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسبغوا الوضوء، وويل للأعقاب من النار". أخرجه الخطيب.
فقوله: "أسبغوا الوضوء" من قول أبي هريرة، أُدرج فيه. كذا أخرجه: الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، وابن الجعد، والبخاري، ومسلم.
ويكون الإدراج في أول الحديث، وفي وسطه، وفي آخره.
والمدرج، وإن صح إلى مُدْرِجِهِ فليس يحتج به.
شدة خطر الإدراج تكمن في خفائه، فلا بد من العناية بالكتب المصنفة في المدرج.
الشَّاذ: هو المنكر. عند غالب المتقدمين كما يطلقه صالح جزرة، والخليلي.
ويطلقه الحاكم على تفرد الثقة مطلقًا.
وعند المتأخرين: أن يروي الثقة حديثًا يخالف فيه الأرجح (1).
ويطلقه بعض المتأخرين: على تفرد الضعيف.
الأرْجَح: من قُدِّمَ لمزيد ضبط، أو كثرة عدد، أو لخصوصية ملازمة، أو غير ذلك من وجوه الترجيحات.
مثال الشاذ في السند: ما رواه حماد بن زيد، عن عَمرو بن دينار، عن عوسجة: أن رجلًا توفي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدع وارثًا إلا مولى هو أعتقه.
وخالفه ابن عُيَيْنَة وابن جُرَيْج وغيرهم فرووه: عن عمرو بن دينار، عن عَوْسَجَة، عن ابن عباس به. أخرجه: ابن ماجه، والترمذي، والنسائي.
فزادوا ابنَ عباس في السند.
مثال الشذوذ في المتن: ما رواه زائدة بن قدامة عن عاصم بن كليب في حديث صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم "في التشهد" وفيه: "ثُمَّ رَفَعَ أُصْبُعَهُ، فَرَأيْتُهُ يُحَرِّكُهَا يَدْعُو بِهَا".
فقد خالف زائدةَ جمعٌ منهم: عبد الواحد بن زياد، وشعبة، وسفيان الثوري، وزهير بن معاوية، وسفيان بن عُيَيْنَة، وسَلَام بن سُليم، وبِشْر بن المُفَضَّل، وعبد الله بن إدريس، وقيس بن الربيع، وأبو عوانة الوضاح بن يزيد، وخالد بن عبد الله الواسطي، جميعهم رووه ولم يذكروا (يحركها).
وتقدم لك الفرق بين الشاذ والمنكر عند المتأخرين.
فائدة: لا يعتضد بالشاذ، إذا كان الشذوذ بمعنى المخالفة، وأما إذا كان بمعنى التفرد؛ فالتفرد لا متابع له أصلًا.
تقبل مخالفة الثقة وإن خالف من هو أولى منه في أحوال:
(1) واعتمدوا فيه تعريف الشافعي.
أ - إذا كان المخالف من أثبت الناس في شيخه المختلف عليه.
ب - أن يكون المخالف من الأئمة المشاهير.
ج - أن يأتي راو غير المخالف، وغير الذين خالفوه، فيروي الحديث على الوجهين، فيدل هذا على أن رواية المخالف محفوظة هي الأخرى.
د - أن يكون الشيخ المختلف عليه مكثرًا، فيحمل الحديث على ما رواه الفرد والجماعة.
هـ - أن يكون المخالف صاحب كتاب وحدَّثَ من كتابه، ومن خالفه ليس كذلك.
و- إذا احتفَّت بالحديث قرائن خارجية تدل على حفظه للحديث، كأن يروي مع الحديث قصة.
ك - إذا كان الإسناد يدور على راوٍ ينقص في الحديث إذا شك فيه كما هو حال مالك وغيره، وروى الجماعة أو الأحفظ الحديث ناقصًا، ورواه عنه واحد تامًا، فيحمل الحديث على الوجهين.
- من علامات الزيادات الشاذة أن يخرج الشيخان أو أحدهما حديثًا يشاركهما فيه غيرهما بزيادة، لم يخرجاها.
كحديث: ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ وَأبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أنَّهُما أخْبَرَاهُ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا أمَّنَ الإِمَامُ فَأمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ المَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". أخرجه: البخاري، ومسلم.
قال ابن حجر في شرح الحديث - فائدة: وقع في أمالي الجرجاني عن أبي العباس الأصم عن بحر بن نصر عن ابن وهب عن يونس في آخر هذا الحديث "وما تأخر" وهي زيادة شاذة. فتح الباري (2/ 265).
- الراوي إذا جمع بين حديث جماعة، وساق الحديث سياقة واحدة لم يتفق لفظهم؛ فلا يقبل هذا الجمع إلا من حافظ متقن لحديثه، يعرف اتفاق شيوخه واختلافهم.
المَحْفُوْظ: ما يقابل الشاذ، ورجح عند التعارض.
مثاله: هو المثالان المذكوران في نوع الشاذ، على العكس (1).
ويكون مثاله في المحفوظ متنًا: "رَفَعَ أُصْبُعَهُ يَدْعُو بِهَا".
المَوْضُوْع (2):
هو الكذب المنسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبعض العلماء يعتبره قسمًا مستقلًا، وليس نوعًا من أنواع الأحاديث الضعيفة.
كحديث: إنَّ الله خلق الفرس فأجراها فعرقت فخلق نفسه منها. أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات".
وضعه الكذاب: محمد بن شجاع الثلجي الجهمي.
الكَذَّاب:
من يصنع حديثًا، أو يسرقه ثم ينسبه للنبي صلى الله عليه وسلم، أو من يدَّعي سماع ما لم يسمع، أو لقاء من لم يلقه.
كَأبرد بن أشرس، قَالَ ابْن خُزَيْمَة: كَذَّاب وَضاع.
وَجَعْفَر بن إبان، قَالَ ابْن عدي: كَذَّاب.
وَسعيد بن سَلام العَطَّار، قَالَ أحمد: كَذَّاب.
وَفطر بن مُحَمَّد العَطَّار الأحدب، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: كَذَّاب.
وَيُوسُف بن خَالِد السَّمْتِي، قَالَ ابْن معِين: كَذَّاب.
المُتَّهَمُ بِالكَذِب: من غلب على الظن أنه يتعمد الكذب في أخباره.
كَأحمد بن سَلمَة كُوفِي. وَالحُسَيْن بن عَليّ الألمعي. وَدَاوُد بن عَفَّان. وَصاعد بن الحسن الربعِي. وَعبد الله بن عَمْرو بن حسان.
الموضوع أشد أنواع الضعيف بعد الباطل.
(1) يعني: يكون مثاله في المحفوظ سندًا، هو رواية ابن عُيَيْنَة وابن جريج وغيرهم عن عمرو بن دينار
…
(2)
ويقال له: المُلزَق، والمصنوع، والمكذوب.