الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الخطيب: لولا عناية أصحاب الحديث بضبط السنن وجمعها واستنباطها من معادنها والنظر في طرقها؛ لبطلت الشريعة وتعطَّلت أحكامها، إذ كانت مستخرجة من الآثار المحفوظة، ومستفادة من السنن المنقولة. "الكفاية"(1/ 2).
تَعْرِيْفَاتٌ أَوَّلِيَّةٌ
عِلمُ الحَدِيث: علم بأصول ومناهج ومصطلحات يتوصل به إلى تمييز سنن النبوة، وضبطها.
فهو علم يتوصل بها إلى معرفة أحوال السند والمتن، من حيث القبول والرد، ليتميز بها صحيح الأحاديث من سقيمها.
ويطلق عليه في تصانيف أهل الحديث المتقدمين "علوم الحديث" أو "أنواع علوم الحديث". ونحوها من المسميات. كما سماه الحاكم "معرفة علوم الحديث".
والمتأخرون يطلقون عليه اسم: علم مصطلح الحديث.
وهو خطأ، فإنه أعم من الاصطلاح.
أقْسَامُ عُلُوْمِ الحَدِيث: ليس له عند المتقدمين أقسام.
وعند المتأخرين: قسمان: علم الرواية، وعلم الدراية.
عِلمُ الرِّوَايَة: هو حفظ الحديث والأثر، وروايتهما، وضبط وتحرير ألفاظهما.
كالحفظ في الصدور، ومعرفة فقه المتن، ومعاني ألفاظه، وضبط المسطور من التحريف والتغيير.
عِلمُ الدِّرَايَة: جملة العلوم المتعلقة بأحوال السند والمتن.
كالجرح والتعديل، والعلل، والتخريج، والقواعد، والمصطلحات، والمناهج الحديثية.
ومادة علوم الحديث خمسة: علم مصنفات الحديث ومناهج مؤلفيها، وعلم مصطلح الحديث، وعلم علل الحديث، وعلم الجرح والتعديل، وعلم التخريج.
استمداد علوم الحديث: من كتب المتون والعلل والسؤالات والجرح والتعديل.
واضعوه: علماء الحديث.
واعلم أن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم (1).
فلا تؤخذ علوم الحديث ولا الحكم عليه عمن تأصل فيه على طريقة المتأخرين، ولا عن مبتدع لا يجري على اعتقاد أهل القرون المُفَضَّلَة الثلاثة الأولى، ولا عن فاسق، ولا عن متمذهب متعصب لمذهبه.
غاية علم الحديث: تمييز المقبول من المردود.
ولا يستطاع هذا العلم إلّا بالحفظ والمذاكرة وممارسة الأسانيد والمتون.
وقواعد المصطلح والحكم على الرواة اجتهادية، توفيقية.
وقد أنعمت النظر في أحوال الأئمة المتقدمين وتعاملاتهم مع هذا العلم وصنيعهم فيه فتبين لي: أنَّ الله تعالى أراده لهم، وهداهم لما قرروه فيه، ووفقهم إليه وأعانهم عليه.
ومن هنا لا يحل لأحد أن يخالفهم فيه، فإنهم مهديون موفقون معانون.
فإنهم أقرب لعصر النبوة، وأصلح اعتقادًا وألزم للسنة وأثبت في المتابعة.
وهذا أصل ينبغي التفطن له، والاعتناء به.
المصطلح: عبارة يطلقها عالم أو طائفة مخصوصة على أمر معين يريد بها معناها عنده.
كالثقة عند ابن معين، والمنكر عند أحمد، والباطل عند أبي حاتم، وفيه نظر عند البخاري، والحسن عند الترمذي.
السُّنَّة: عند المحدثين يُراد بها الحديث (2).
(1) هو مروي عن أبي هريرة، وابن عباس، والحسن البصري، وزيد بن أسلم، وابن سِيرِين، وإبراهيم النَّخَعِيّ، والضحاك بن مزاحم. أقول: وتصور نفسك لو كان ابن المديني، وأحمد، والبخاري، وأبو حاتم أحياء، وقد عاصرهم ابن حجر والسيوطي وبعض علماء عصرنا، وعندك مسألة في الحديث، فمن يا ترى تسأل؟ أكنت تسأل أحمد أم ابن حجر، أم تسأل البخاري أم السيوطي؟ والجواب معروف لا ريب.
(2)
وعند الفقهاء: ما كانت مرادفة للمستحب، وعند الأصوليين: ما أفاد حكمًا من قول أو فعل أو تقرير، وعند المصنفين في العقائد: ما كان في مقابل البدعة.
الحَدِيث: هو ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول، أو فعل، أو تقرير، أو صفة.
وَالمتقدمون لا يفرقون في العادة بين الحديث والخبر والأثر من جهة الإطلاق، فقد يطلقون الحديث على الخبر والأثر؛ لأن الأمر سهل عندهم.
قال ابن المديني: قَالَ [يعني الحسن]: وَرَأيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يُبَايِعُ عَلِيًا فِي حُشٍ، وَخَالَفَهُ مُوسَى بْن دَاوُدَ قَالَ: رَأيْتُ طَلحَةَ يُبَايِعُ عَلِيًا فِي حُشٍ، فَسَألَهُ خَالِدُ بن القَاسِمِ عَنْ هَذَا الحَدِيثِ، قَالَ: لَيْسَ مِنْ صَحِيحِ حَدِيثِ هُشَيْمٍ، وَالحسن لم ير عَلِيًا إِلَّا أنْ يَكُونَ رَآهُ بِالمَدِينَةِ وَهُوَ غُلَام. العلل لابن المديني (59).
وقال ابن أبي حاتم: وسألتُ أبِي وَأبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ شُعْبَة، عن منصور، عن الفَيْضِ، عن ابن أبِي حَثْمة، عَنْ أبِي ذَرٍّ: أنَّهُ كَانَ إِذَا خرجَ مِنَ الخَلاء قَالَ: الحَمْدُ لله الَّذِي عَافَانِي، وَأذْهَبَ عَنِّي الأذَى؟
فَقَالَ أبُو زُرْعَةَ: وَهِمَ شُعْبَةُ فِي هَذَا الحَدِيثِ.
وَرَوَاهُ الثوريُّ، فَقَالَ: عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أبِي عَلِيٍّ عُبَيد بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أبِي ذَرٍّ؛ وَهَذَا الصَّحيحُ. علل الحديث لابن أبي حاتم (45).
ومنهم من فَرَّقَ فجعل:
الحَدِيث: يختص بما أضيف للرسول صلى الله عليه وسلم.
وَالأثَر: يختص بما أضيف إلى من دون الرسول صلى الله عليه وسلم من الصحابة أو التابعين أو من بعدهم.
وقد يطلق الأثر على ما أضيف للرسول صلى الله عليه وسلم مقيدًا.
كأن يقال: "وفي الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
".
وَالخَبر: يَعُمُّ الحديث والأثر.
وينقسم الحديث إلى: إسناد، ومتن.
السَّنَد: هو سلسلة الرواة الموصلة إلى المتن.
ويقال له: الإسناد.