الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هم المتقون، أى هم الذين تجردوا عن المكابرة ونزهوا أنفسهم عن حضيض التقليد للمضلين وخشوا العاقبة وصانوا أنفسهم من خطر غضب الله، هذا هو الظاهر، والمراد بالمتقين المؤمنون الذين آمنوا بالله وبمحمد وتلقوا القرآن بقوة وعزم على العمل به» (1).
وابن عاشور- كما رأينا فى هذا المثال- يربط بين المعنى اللغوى والدلالة القرآنية للفظة الواحدة، ثم يمد هذا الربط [بين المعنى والدلالة] إلى المعنى الشرعى ويسهب القول فيه.
وقد سار تفسيره للألفاظ على هذا النهج، يتناول اللفظة الواحدة يبين معناها ومبناها وأصلها ودلالتها فى السياق القرآنى والمعنى الشرعى لها إن كانت من الألفاظ التى تتحمل ذلك، ثم يجمع بين كل كلمتين أو أكثر فى الآية الواحدة يربط بين المراد منها جميعا، وفى تفسيره هذا يحيط اللفظة الواحدة بكثير من الشواهد التى سبق الحديث عنها، ومهما كانت كثرة هذه الشواهد فإن جهوده اللغوية كانت ظاهرة، وكثيرا ما كان يستقل بهذه الجهود فى تناول هذه المعانى.
ومن صور الألفاظ التى تحدث عنها فى هذا النوع من التفسير اسم
المصدر
وأنواع الاشتقاق المختلفة، وكون الحديث هنا عن منهجه اللغوى فحسب نكتفى ببعض ما ذكره فى الأمثلة التالية دون المقومات الأخرى.
المصدر:
ذكر فى معنى" الْبَلاغُ" من قوله تعالى:
هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (سورة إبراهيم: الآية 52).
(1) التحرير والتنوير، ج 1، ص 226.
«البلاغ: اسم مصدر التبليغ، أى هذا المقدار من القرآن فى هذه السورة تبليغ للناس كلهم» (1).
وفى معنى" الْأَمَلُ" فى قوله تعالى: ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (سورة الحجر: الآية 3).
«والأمل: مصدر، وهو ظن حصول أمر مرغوب فى حصوله مع استبعاد حصوله، فهو واسطة بين الرجاء والطمع ألا ترى قول كعب:
أرجو وآمل أن ترنو مودتها
…
وما أخال لا ينال منك تنويل» (2)
وفى معنى" مَغْرَمٍ" من قوله تعالى: أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (سورة الطور: الآية 40).
«والمغرم بفتح الميم مصدر ميمى (3)، وهو الغرم، وهو ما يغرض على أحد من عوض يدفعه» (4).
ولم يذكر ابن عاشور أن المصدر من المشتقات «ويرى البصريون أن المصدر أصل المشتقات، لكونه بسيطا، أى يدل على الحدث فقط خلاف الفعل، فإنه يدل على الحدث والزمن، أما الكوفيون فيعدون الفعل أصلا
(1) التحرير والتنوير، ج 13، ص 254.
(2)
التحرير والتنوير، ج 14، ص 14.
(3)
المصدر الذى هو أصل المشتقات إنما هو المصدر غير الميمى، وأما المصدر الميمى فهو مشتق من الفعل المضارع.
(4)
التحرير والتنوير، ج 27، ص 75.
انظر أمثلة أخرى:
ج 6، ص 18، 22، 50، ج 7، ص 56، 79، 229، 248، ج 8، ص 298، ج 16، ص 10، 164، ج 17، ص 53، ج 28، ص 145، 169، ج 29، ص 16، 20، 21، 23، 25، 34.