المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ضروب الناس عشاق ضروبا - منهج الإمام الطاهر بن عاشور في التفسير

[نبيل أحمد صقر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌الباب الأول ابن عاشور ومصادره تفسيره

- ‌ابن عاشور: 1296 - 1393 هـ، 1879 - 1973 م:

- ‌الكتاب وبواعث تأليفه:

- ‌مصادر الكتاب:

- ‌أولا: كتب التفسير:

- ‌ثانيا: كتب الحديث النبوى:

- ‌ثالثا: مصادر الفقه:

- ‌رابعا: مصادر النحو:

- ‌أ- مدرسة البصرة:

- ‌ب- مدرسة الكوفة:

- ‌ج- مدرسة بغداد:

- ‌د- مدرسة الأندلس:

- ‌هـ- المدرسة المصرية:

- ‌خامسا: مصادر الشعر:

- ‌أ- أصحاب القصائد التسع المشهورات:

- ‌ب- من الشعراء الأوائل:

- ‌ج- ومن الطبقة الثالثة من فحول الجاهلية

- ‌د- ومن الطبقة الأولى من فحول الإسلام:

- ‌هـ- ومن الطبقة الرابعة من فحول الإسلام

- ‌سادسا: مصادر اللغة:

- ‌سابعا: مصادر البلاغة:

- ‌ثامنا: كتب الغزالى والتصوف:

- ‌أ- كتب الغزالى:" ت 505 ه

- ‌ب- كتب التصوف:

- ‌تاسعا: مصادر الفلسفة:

- ‌عاشرا: الكتب العامة

- ‌ كتب الأديان:

- ‌ كتب السيرة:

- ‌ كتب المذاهب:

- ‌ علوم القرآن:

- ‌ دوائر العارف:

- ‌الحادى عشر: كتب التراجم:

- ‌الثانى عشر: مصادر منوعة:

- ‌الباب الثانى منهج الطاهر بن عاشور فى التفسير بالرواية

- ‌أولا: خطته فى تفسير السور:

- ‌ذكر اسم السورة وسبب هذه التسمية:

- ‌ترتيب النزول:

- ‌ أسباب النزول:

- ‌وفى سبب نزول سورة الكهف:

- ‌عدد آيها:

- ‌قال عن عدد آيات سورة الطور:

- ‌وعن سورة الحديد:

- ‌سورة المجادلة:

- ‌مكيها ومدنيها:

- ‌قال عن سورة الشورى:

- ‌وعن سورة محمد:

- ‌أغراض السورة:

- ‌قال عن سورة الحجر:

- ‌وعن سورة الإسراء:

- ‌ثانيا: منهجه فى التفسير:

- ‌1 - تفسير القرآن بالقرآن:

- ‌2 - التفسير بالحديث النبوى:

- ‌أ- موقفه من السند:

- ‌ب- موقفه من المتن:

- ‌3 - التفسير بأقوال الصحابة:

- ‌ذكر ابن عاشور:

- ‌4 - التفسير بأقوال التابعين:

- ‌5 - التفسير بأسباب النزول:

- ‌6 - التفسير بالقصص:

- ‌7 - التفسير بالناسخ والمنسوخ:

- ‌8 - التفسير بالقراءات:

- ‌9 - التفسير بأقوال من التوراة والإنجيل:

- ‌الباب الثالث منهج الطاهر بن عاشور فى التفسير بالدراية

- ‌تمهيد:

- ‌التفسير بالرأى عند ابن عاشور:

- ‌وذكر فى الإجابة عن ذلك:

- ‌أولا: الشعر

- ‌ثانيا: اللغة:

- ‌أ- الألفاظ:

- ‌ المصدر

- ‌الاشتقاق:

- ‌أ- اسم الفاعل

- ‌ب- اسم المفعول

- ‌صيغ المبالغة:

- ‌التصريف

- ‌الإعراب:

- ‌نخلص من ذلك إلى أن الإعراب كان عند ابن عاشور على الوجه التالى:

- ‌ثالثا: الاستعانة بعلوم البلاغة:

- ‌رابعا: الاستعانة بأقوال فقهاء الأمصار فى تفسير آيات الأحكام:

- ‌ليهن لكم أن قد نفيتم بيوتنا

- ‌به ذئب يعوى كالخليج المعبل

- ‌خامسا: الاستعانة بأقوال الفلاسفة وعلماء الهيئة:

- ‌ضروب الناس عشاق ضروبا

- ‌الباب الرابع موقف الطاهر بن عاشور من المذاهب الاعتقادية

- ‌تقديم:

- ‌أولا: التصوف:

- ‌البسملة»

- ‌الحروف المقطعة:

- ‌الحروف المقطعة عند ابن عاشور:

- ‌ثانيا: الاعتزال:

- ‌1 - التوحيد:

- ‌2 - العدل:

- ‌3 - الوعد والوعيد:

- ‌4 - المنزلة بين المنزلتين:

- ‌5 - الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر:

- ‌ثالثا: الجبرية:

- ‌رابعا: الشيعة:

- ‌خامسا: الخوارج:

- ‌سادسا: البهائية:

- ‌الخاتمة

- ‌1 - تفسير القرآن بالقرآن:

- ‌2 - التفسير بالحديث النبوى:

- ‌3 - التفسير بأقوال الصحابة:

- ‌4 - التفسير بأقوال التابعين:

- ‌5 - التفسير بأسباب النزول:

- ‌6 - التفسير بالقصص:

- ‌7 - التفسير بالناسخ والمنسوخ:

- ‌8 - التفسير بالقراءات:

- ‌9 - التفسير بأقوال من التوراة والإنجيل:

- ‌التفسير بالدراية:

- ‌ومقومات التفسير بالدراية كانت عند ابن عاشور على النحو التالى:

- ‌أولا: الشعر:

- ‌ثانيا: اللغة:

- ‌أ- التفسير اللفظى:

- ‌ب- الاعراب:

- ‌رابعا: إعجاز القرآن:

- ‌خامسا: آيات الأحكام:

- ‌سادسا: أقوال الفلاسفة وعلماء الهيئة:

- ‌1 - أقوال الفلاسفة:

- ‌2 - أقوال علماء الهيئة:

- ‌المذاهب الاعتقادية:

- ‌التصوف

- ‌الاعتزال

- ‌الجبرية:

- ‌الشيعة الإمامية:

- ‌الخوارج:

- ‌البهائية:

- ‌جريدة أهم المراجع على حروف المعجم

- ‌كتب أخرى للمؤلف

الفصل: ‌ضروب الناس عشاق ضروبا

لدى النفس، والشكل المختل قبيحا، ومع الاعتراف باختلاف الناس فى بعض ما يعبر عنه بالجمال والقبح كما قال أبو الطيب:

‌ضروب الناس عشاق ضروبا

وأن بعض الناس يستجيد من الملابس ما لا يرضى به الآخر، ويستحسن من الألوان ما يستقبحه الآخر، ومع ذلك كله فالمشاهد أن معظم الأحوال لا يختلف فيها الناس السالمو الأذواق.

فأما المتقدمون فقال سقراط: سبب الجمال حب النفع، وقال أفلاطون:«الجمال أمر إلهى أزلى موجود فى عالم غير قابل للتغير، قد تمتعت الأرواح به قبل هبوطها إلى الأجسام فلما نزلت إلى الأجسام صارت مهما رأت شيئا على مثال ما عهدته فى العوالم العقلية، وهى عالم المثال مالت إليه لأنه مألوفها من قبل هبوطها» . وذهب الطبائعيون إلى أن الجمال شىء ينشأ عندنا عن الإحساس بالحواس، ورأيت فى كتاب جامع أسرار الطب للحكيم عبد الملك بن زهر القرطبى «العشق الحسى إنما هو ميل النفس إلى الشيء الذى تستحسنه وتستلذه، وذلك أن الروح النفسانى الذى مسكنه الدماغ قريب من النور البصرى الذى يحيط بالعين ومتصل بمؤخر الدماغ وهو الذكر، فإذا نظرت العين إلى الشيء المستحسن انضم النورى البصرى وارتعد فبذلك الانضمام والارتعاد يتصل بالروح النفسانى فيقبله قبولا حسنا ثم يودعه الذكر فيوجب ذلك المحبة، ويشترك أيضا بالروح الحيوانى الذى مسكنه القلب لاتصاله بأفعاله فى الجسد كله فحينئذ تكون الفكرة والهم والسهر» (1).

رأينا فى المثال الأول من الأمثلة السابقة عند تفسير قوله تعالى:

(1) التحرير والتنوير، ج 3، ص 226.

ص: 227

إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ما ساقه ابن عاشور من قول الإمام الفخر الرازى فى مراتب العبادة، وما ذكره الشيخ الرئيس ابن سينا فى المرتبة الثالثة من هذه المراتب.

وفى المثال الثانى كان حول حقيقة الفطرة التى فطر الله الناس عليها كما ذكرها بشيخ الرئيس.

وفى المثال الأخير رأينا اختلاف الحكماء كسقراط وأفلاطون فى أمر الجمال ومذاهب الناس فى رد أسبابه إلى أصول متباينة عندهم، أو نشأته كما عند الطبائعيين، أو تعريف العشق الحسى كما جاء عند عبد الله بن زهر القرطبى فى كتابه جامع أسرار الطب.

وكل تلك الأقوال قد تلقى ضوءا على معنى اللفظة من الآية" العبودية، الفطر، الجمال، الحب أو العشق"، ومعانى تلك الألفاظ قد شغلت الحكماء طويلا، وذهب كل منهم

مذاهب مختلفة فى تحديد مراميها أو دلالاتها، وحين ينقل ابن عاشور هذه الأقوال كان ذلك فى دائرة الاستفادة منها، تعينه فى تعميق معنى اللفظة لا معنى الآية، حيث يبقى هذا المعنى للمفسر، يقترب منه بأدواته المختلفة، ويحيطه بما يستطيعه منها دون أن تنفرد أقوال الحكماء بمعنى الآية أو تطغى عليه.

ومن علوم الهيئة وخواص المخلوقات، وهى من علوم المرتبة الثانية التى صنفها ابن عاشور على هذا النحو، كذا من العلوم التى أشار إليها القرآن الكريم، أو جاءت مؤيدة له والمصنفة عند ابن عاشور فى المرتبة الثالثة

ذكر فى تفسير قوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (سورة البقرة: الآية 29).

ص: 228

«وقد عد الله تعالى فى هذه الآية وغيرها السماوات سبعا، وهو أعلم بها والمراد منها، إلا أن الظاهر الذى دلت عليه القواعد العلمية أن المراد من السموات الأجرام العلوية العظيمة، وهى الكواكب السيارة المنتظمة مع الأرض فى النظام الشمسى، ويدل لذلك أمور، أحدهما: أن السموات ذكرت فى غالب مواضع القرآن مع ذكر الأرض، وذكر خلقها هنا مع ذكر خلق الأرض، فدل على أنها عوالم كالعالم الأرضى، وهذا ثابت للسيارات، ثانيها: أنها ذكرت مع الأرض من حيث إنها أدلة بديع صنع الله تعالى، فناسب أن يكون تفسيرها تلك الأجرام المشاهدة للناس المعروفة للاسم الدال نظام سيرها وباهر نورها على عظمة خالقها، ثالثها: أنها وصفت بالسبع، وقد كان علماء الهيئة يعرفون السيارات السبع من عهد الكلدان وتعاقب علماء الهيئة من ذلك العهد إلى العهد الذى نزل فيه القرآن فما اختلفوا فى أنها سبع، رابعها: أن هاته السيارات هى الكواكب المنضبط سيرها بنظام مرتبط مع نظام سير الشمس والأرض، ولذلك يعبر عنها علماء الهيئة المتأخرون بالنظام الشمسى، فناسب أن تكون هى التى قرن خلقها بخلق الأرض، وبعضهم يفسر السموات بالأفلاك، وهو تفسير لا يصح لأن الأفلاك هى الطرق التى تسلكها الكواكب السيارة فى الفضاء، وهى خطوط فرضية لا ذوات لها فى الخارج» (1).

وما ذكره ابن عاشور فى هذه الفقرة يعد مما أشار إليه القرآن الكريم أو يتفق معه، وابن عاشور يلجأ إلى توضيح ذلك من خلال صياغة القرآن لهذه الحقائق، أو ما وصفه بها، واتفاق العلماء إلى عصر نزوله حولهما، وقد رفض ابن عاشور تفسير بعض العلماء أن السموات هى الأفلاك، وتعليله فى هذا الرفض أن السموات غير الأفلاك، فهى الطرق التى تسلكها الكواكب السيارة

(1) التحرير والتنوير، ج 1، ص 385 - 386.

ص: 229

فى الفضاء، وذكر فى هامش الصفحة نفسها:«إن علماء الهيئة يقسمون الأجرام العلوية أقساما: الأول الشموس، وهى شمس عالمنا هذا، وهنالك شموس أخرى يعبّر عنها بالثوابت، وهى لبعدها الشاسع عنا لم يتيسر ضبط سيرها، ويعبر عن كل شمس بأنه الجرم المركزى، لأنه تتبعه سيارات تدور حوله، الثانى: السيارات وهى الكواكب التى تدور حول الشمس وتستمد نورها من نور الشمس وهى: نبتون، أورانوس، زحل، المشترى، المريخ، الأرض، الزهرة، عطارد. الثالث: نجميات وهى سيارات صغيرة واقعة بين فلكى المريخ والمشترى، الرابعة: الأقمار وهى توابع للسيارات تدور حول واحد من السيارات وهى واحد تابع للأرض وأربعة للمشترى وثمانية لزحل وأربعة لأورانوس وواحد لنبتون، ويعبر عن هذا المجموع بالنظام الشمسى لأن جميع حركاته مرتبطة بحركة الشمس» (1).

وقد وضع هذه الفقرة فى هامش الصفحة زيادة فى توضيح المقصود من الأجرام السماوية، ولكون أقوال العلماء فى ذلك التقسيم ليس مما تسعى إليه الآية ولا هو من تفسيرها، ويؤكد ابن عاشور بعد ذلك ما جاء به القرآن وما يؤيده العلماء.

«هذا وقد ذكر الله تعالى السموات سبعا هنا وفى غير آية، وقد ذكر العرش والكرسى مما يدل على أنهما محيطان بالسماوات، وجعل السموات كلها فى مقابلة الأرض، وذلك يؤيد ما ذهب إليه علماء الهيئة من عد الكواكب السيارة تسعة، وهذه أسماؤها على الترتيب فى بعدها عن الأرض: نبتون، أورانوس، زحل، المشترى، المريخ، الشمس، الزهرة، عطارد، بلكان» (2).

(1) التحرير والتنوير، ج 1، ص 386.

(2)

التحرير والتنوير، ج 1، ص 366.

ص: 230

ويقول أيضا:

«والأرض فى اصطلاحهم كوكب سيار، وفى اصطلاح القرآن لم تعد معها، لأنها التى منها تنظر الكواكب وعد عوضا عنها القمر، وهو من توابع الأرض فعدّه معها عوض عن عد الأرض تقريبا لأفهام السامعين، وأما الثوابت فهى عند علماء الهيئة شموس سابحة فى شاسع الأبعاد عن الأرض، ولعل الله لم يجعلها سماوات ذات نظام كنظام السيارات السبع، فلم يعدها فى السموات، أو أن الله إنما عدّلنا السموات التى هى مرتبطة بنظام أرضنا» (1).

وهو فى ذلك لم يسلم بكل ما قاله علماء الهيئة، فأسرار الكون البعيد ما زال أغلبها غامضا عن العقول، بعيدا عن أدوات العلم أو مناهجه، والأبعاد التى أشارت إليها الآية أكثرها لم يقترب منها العقل الإنسانى، وما قرّبه الله إلى أفهامنا إنما هو حث على التدبر والتصديق.

(1) التحرير والتنوير، ج 1، ص 366.

ص: 231