المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فى ارتكاب الجرائم والمعاصى تنصلا من المسئولية، وهى معاذير تسللت - منهج الإمام الطاهر بن عاشور في التفسير

[نبيل أحمد صقر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌الباب الأول ابن عاشور ومصادره تفسيره

- ‌ابن عاشور: 1296 - 1393 هـ، 1879 - 1973 م:

- ‌الكتاب وبواعث تأليفه:

- ‌مصادر الكتاب:

- ‌أولا: كتب التفسير:

- ‌ثانيا: كتب الحديث النبوى:

- ‌ثالثا: مصادر الفقه:

- ‌رابعا: مصادر النحو:

- ‌أ- مدرسة البصرة:

- ‌ب- مدرسة الكوفة:

- ‌ج- مدرسة بغداد:

- ‌د- مدرسة الأندلس:

- ‌هـ- المدرسة المصرية:

- ‌خامسا: مصادر الشعر:

- ‌أ- أصحاب القصائد التسع المشهورات:

- ‌ب- من الشعراء الأوائل:

- ‌ج- ومن الطبقة الثالثة من فحول الجاهلية

- ‌د- ومن الطبقة الأولى من فحول الإسلام:

- ‌هـ- ومن الطبقة الرابعة من فحول الإسلام

- ‌سادسا: مصادر اللغة:

- ‌سابعا: مصادر البلاغة:

- ‌ثامنا: كتب الغزالى والتصوف:

- ‌أ- كتب الغزالى:" ت 505 ه

- ‌ب- كتب التصوف:

- ‌تاسعا: مصادر الفلسفة:

- ‌عاشرا: الكتب العامة

- ‌ كتب الأديان:

- ‌ كتب السيرة:

- ‌ كتب المذاهب:

- ‌ علوم القرآن:

- ‌ دوائر العارف:

- ‌الحادى عشر: كتب التراجم:

- ‌الثانى عشر: مصادر منوعة:

- ‌الباب الثانى منهج الطاهر بن عاشور فى التفسير بالرواية

- ‌أولا: خطته فى تفسير السور:

- ‌ذكر اسم السورة وسبب هذه التسمية:

- ‌ترتيب النزول:

- ‌ أسباب النزول:

- ‌وفى سبب نزول سورة الكهف:

- ‌عدد آيها:

- ‌قال عن عدد آيات سورة الطور:

- ‌وعن سورة الحديد:

- ‌سورة المجادلة:

- ‌مكيها ومدنيها:

- ‌قال عن سورة الشورى:

- ‌وعن سورة محمد:

- ‌أغراض السورة:

- ‌قال عن سورة الحجر:

- ‌وعن سورة الإسراء:

- ‌ثانيا: منهجه فى التفسير:

- ‌1 - تفسير القرآن بالقرآن:

- ‌2 - التفسير بالحديث النبوى:

- ‌أ- موقفه من السند:

- ‌ب- موقفه من المتن:

- ‌3 - التفسير بأقوال الصحابة:

- ‌ذكر ابن عاشور:

- ‌4 - التفسير بأقوال التابعين:

- ‌5 - التفسير بأسباب النزول:

- ‌6 - التفسير بالقصص:

- ‌7 - التفسير بالناسخ والمنسوخ:

- ‌8 - التفسير بالقراءات:

- ‌9 - التفسير بأقوال من التوراة والإنجيل:

- ‌الباب الثالث منهج الطاهر بن عاشور فى التفسير بالدراية

- ‌تمهيد:

- ‌التفسير بالرأى عند ابن عاشور:

- ‌وذكر فى الإجابة عن ذلك:

- ‌أولا: الشعر

- ‌ثانيا: اللغة:

- ‌أ- الألفاظ:

- ‌ المصدر

- ‌الاشتقاق:

- ‌أ- اسم الفاعل

- ‌ب- اسم المفعول

- ‌صيغ المبالغة:

- ‌التصريف

- ‌الإعراب:

- ‌نخلص من ذلك إلى أن الإعراب كان عند ابن عاشور على الوجه التالى:

- ‌ثالثا: الاستعانة بعلوم البلاغة:

- ‌رابعا: الاستعانة بأقوال فقهاء الأمصار فى تفسير آيات الأحكام:

- ‌ليهن لكم أن قد نفيتم بيوتنا

- ‌به ذئب يعوى كالخليج المعبل

- ‌خامسا: الاستعانة بأقوال الفلاسفة وعلماء الهيئة:

- ‌ضروب الناس عشاق ضروبا

- ‌الباب الرابع موقف الطاهر بن عاشور من المذاهب الاعتقادية

- ‌تقديم:

- ‌أولا: التصوف:

- ‌البسملة»

- ‌الحروف المقطعة:

- ‌الحروف المقطعة عند ابن عاشور:

- ‌ثانيا: الاعتزال:

- ‌1 - التوحيد:

- ‌2 - العدل:

- ‌3 - الوعد والوعيد:

- ‌4 - المنزلة بين المنزلتين:

- ‌5 - الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر:

- ‌ثالثا: الجبرية:

- ‌رابعا: الشيعة:

- ‌خامسا: الخوارج:

- ‌سادسا: البهائية:

- ‌الخاتمة

- ‌1 - تفسير القرآن بالقرآن:

- ‌2 - التفسير بالحديث النبوى:

- ‌3 - التفسير بأقوال الصحابة:

- ‌4 - التفسير بأقوال التابعين:

- ‌5 - التفسير بأسباب النزول:

- ‌6 - التفسير بالقصص:

- ‌7 - التفسير بالناسخ والمنسوخ:

- ‌8 - التفسير بالقراءات:

- ‌9 - التفسير بأقوال من التوراة والإنجيل:

- ‌التفسير بالدراية:

- ‌ومقومات التفسير بالدراية كانت عند ابن عاشور على النحو التالى:

- ‌أولا: الشعر:

- ‌ثانيا: اللغة:

- ‌أ- التفسير اللفظى:

- ‌ب- الاعراب:

- ‌رابعا: إعجاز القرآن:

- ‌خامسا: آيات الأحكام:

- ‌سادسا: أقوال الفلاسفة وعلماء الهيئة:

- ‌1 - أقوال الفلاسفة:

- ‌2 - أقوال علماء الهيئة:

- ‌المذاهب الاعتقادية:

- ‌التصوف

- ‌الاعتزال

- ‌الجبرية:

- ‌الشيعة الإمامية:

- ‌الخوارج:

- ‌البهائية:

- ‌جريدة أهم المراجع على حروف المعجم

- ‌كتب أخرى للمؤلف

الفصل: فى ارتكاب الجرائم والمعاصى تنصلا من المسئولية، وهى معاذير تسللت

فى ارتكاب الجرائم والمعاصى تنصلا من المسئولية، وهى معاذير تسللت من أعطاف الجبرية التى تقول أن الإنسان مجبور على أفعاله، ولا حرية له ولا اختيار، وقد خلط معتقدوها بين مشيئة الله ومشيئة العباد.

ونفى ابن عاشور أن تكون هذه الآية حجة لمذهبه السنى على المعتزلة، ولا للمعتزلة على هذا المذهب، والحجة فى هذه الآية قائمة على الجبرية، فقول المشركين باطل لأنهم عللوا شركهم وجرائمهم وشرك آبائهم بمشيئة الله، وهذا كذب سبقهم إليه الذين قبلهم، وقد أزاقهم الله بأسه، وقوله تعالى:

هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا استهزاء بقولهم السابق لتطاولهم على ما لا يستطيعون من فهم النظام الإلهى، وأن هؤلاء المشركين لا يتبعون إلا ظنونهم أو تخيلاتهم ساعين إلى تكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما الكاذبون إلا هم.

‌رابعا: الشيعة:

يقول صاحب (مجمع البيان فى تفسير القرآن):

(والشيع الفرق، ولكل فرقة شيعة على حدة، وشيعت فلانا اتبعته، والتشيع هو الاتباع على وجه التدين والولاء للمتبوع، والشيعة صارت فى العرف اسما لمتبعى أمير المؤمنين عليه السلام على سبيل الاعتقاد بإمامته بعد النبى صلى الله عليه وسلم وآله) فلا فصل فى الإمامية والزيدية وغيرهم، ولا يقع إطلاق هذه اللفظة على غيرهم من المتبعين سواء كان متبوعا محقا أم باطلا إلا أن تسقط عنه لام التعريف، ويضاف بلفظ (بنى) للتبعيض، فيقال هؤلاء شيعة بنى العباس أو شيعة بنى فلان) (1).

(1) أبو الفضل بن الحسن الطبرسى (ت 548 هـ) مجمع البيان فى تفسير القرآن المجلد الثالث ج 7 ص 91.

منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت- لبنان 1380 هـ- 1961 م وانظر: مسألة التقريب بين-

ص: 279

وذكر محمد حسين الزين: (إن المعانى الحقيقية التى قدمناها للتشيع الحق لا تخول لأحد أن يطلق. اسم الشيعة على غير الاثنى عشرية، وأكثر الزيدية اليوم ومثلهم الإسماعيلية لا يعرفون إلا بهذين الانتسابين، وربما أن العظمية والواقفية لا وجود لهم فى هذا العصر انحصر اسم الشيعة بالشيعة الإمامية الاثنى عشرية واختص بهم)(1).

ويلاحظ أن الطبرسى فى تعريفه جعل (الشيعة) لقبا عاما لكل الذين اعتقدوا بإمامة على بن أبى طالب (رضى الله عنه) بعد النبى صلى الله عليه وسلم بلا فصل، حيث يطلق هذا اللقب على غيرهم بالمعنى الذى ذهب إليه، وانتهى التعريف عند محمد حسين الزين إلى انحصار هذا اللقب فى الشيعة الإمامية للاثنى عشرية للأسباب التى ذكرها.

وأيا ما كان الأمر فإن الإمامية الاثنى عشرية" تعتقد أن الإمامة أصل من أصول الدين لا يتم الإيمان إلا بالاعتقاد بها، ولا يجوز فيها تقليد الآباء والأهل والمربين مهما

عظموا وكبروا، بل يجب النظر فيها كما يجب النظر فى التوحيد والعدل) (2).

- المذاهب الإسلامية أسس ومنطقات- بقلم 15 علامة وباحثا ينتمون لمختلف المذاهب الإسلامية.

ص 63 وما بعدها- دار التقريب بين المذاهب الإسلامية ط 1 1415 هـ- 1994 م. بيروت- لبنان وانظر: لسان العرب، ج 33، ص 185 (مادة شيع) دار صادر، دار بيروت.

وانظر: محمد صادق الصدر الشيعة، ص 73، مكتبة نينوى الحديثة، طهران، ناصر خسروى مروى.

(1)

محمد حسين الزين، الشيعة فى التاريخ ص 43، دار الآثار للطباعة والنشر، بيروت- لبنان ط 2، 1399 هـ- 1979 م.

(2)

محمد رضا المظفر، عقائد الإمامية ص 102، دار الزهراء- بيروت- لبنان، ط 2 1400 هـ- 1980 م.

ويقول ابن تميمة: (فلو كانت الإمامة ركنا فى الإيمان لا يتم إيمان أحد إلّا به، لوجب أن يبينه الرسول بيانا عاما قاطعا للعذر، كما بين الشهادتين، والإيمان بالملائكة، والكتب، والرسل، واليوم الآخر،-

ص: 280

وترجع أهمية الإمامة ووجود إمام عند الاثنى عشرية لكيلا تخلو الأرض من حجة يهدى الناس إلى الجادة، ذكر الكلينى رواية (عن على بن إبراهيم عن أبيه، عن محمد بن أبى عمير بن منصور بن يونس وسعدان بن مسلم عن إسحاق بن عمار عن أبى عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول:

إن الأرض لا تخلو إلا وفيها إمام، كيما أن زاد المؤمنون شيئا ردهم، وإن نقصوا شيئا أتمه لهم) (1).

وهم يؤمنون بأنه لو لم يبق فى الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة، ذكر الكلينى، أحمد بن إدريس، ومحمد بن يحيى جميعا، عن أحمد بن محمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن سنان، عن حمزة بن الطيار، عن أبى عبد الله عليه السلام.

قال: لو بقى اثنان لكان أحدهما الحجة على صاحبه) (2) وفضلا عن ذلك فإن أهمية الولاية، أو الإمامة ترجع إلى أسباب كثيرة تؤكد ضرورتها عند هؤلاء (فإن امتداد الرسالة السماوية كان يقتضى إيجاد حفظه لها، يصونونها ويحفظونها بعد النبى، ويطبقونها ويوضحونها، ويفسرون ما التبس منها، ويدافعون عنها ويبلغونها، امتدادا لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم يصدرون عنها، وينهلون منها)(3).

- فكيف ونحن نعلم بالاضطرار من دينه أن الذين دخلوا فى دين الله أفواجا لم يشترط على أحد منهم فى الإيمان بالإمامة لا مطلقا ولا معينا) منهاج السنة النبوية فى نقص الكلام والشيعة والقدرية ج 1، ص 26 دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت- لبنان.

(1)

أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكلينى (ت 328/ 329 هـ) الأصول من الكافى ج 1 ص 178 باب (إن الأرض لا تخلو من حجة) صححه وعلق عليه على أكبر الغفارى، دار الكتب الإسلامية طهران، بازار سلطانى، ط 3، 1388 هـ.

(2)

الأصول من الكافى، ج 1، ص 179، باب (أنه لو لم يبق فى الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة).

(3)

عبد اللطيف برى- ولاية أهل البيت- ص 49، دار المعاف للمطبوعات- بيروت. وانظر: محمد حسين آل كاشف الغطاء، أصل الشيعة وأصولها، ص 67، مؤسسة الأعلمى للمطبوعات- بيروت.

ص: 281

ويقول صاحب الفقرة السابقة عن آل البيت: (أنهم درسوا على رسول الله- صلى الله عليه وسلم وتربوا فى حجره، ونهلوا الوحى من شفتيه، وقلبه، وعقله، وضميره صافيا مضيئا سليما، حتى خلق فيهم الحصانة الروحية، والكفاءة العلمية التشريعية، والمناعة الأخلاقية العالية مما لم يتيسر لغيرهم، فتحولوا فى مدرسة الرسول إلى قرآن ناطق وإسلام حى)(1).

ومجمل عقائد الشيعة الاثنى عشرية فى الأصول: التوحيد، والنبوة، والمعاد الجسمانى، والعدل، والإمامة، والإمامة أميز نقاط الخلاف بين الإمامية وبين الفرق الإسلامية الأخرى كأهل السنة، والمعتزلة، والخوارج من حيث إنها نص أو شورى، وبين فرق الإمامية ذاتها كالاثنى عشرية، والزيدية، والإسماعيلية من حيث شروط الإمام وانتقال الإمامة من إمام إلى آخر.

ومن الروايات التى يذكرها الطوسى فى أماليه، وهو عند الاثنى عشرية ملقب بشيخ الطائفة، وهذه الرواية تحدد بعض مواقفهم من خلافة الصديق والفاروق (رضى الله عنهما) قال: حدثنا أبو منصور السكرنى قال:

حدثنا على بن عمر قال: حدثنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن العباس قال:

حدثنا مهنأ بن يحيى قال: حدثنا عبد الرازق عن أبيه عن مسافر بن مسعود قال ليلة الجن:

قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله) يا ابن مسعود نعيت إلىّ نفسى، فقلت: استخلف يا رسول الله، قال: من؟ قلت: أبا بكر، فأعرض

(1) عبد اللطيف برى، ولاية أهل البيت، ص 50.

وانظر" محمد مرعى الأمين الأنطاكى"، مذهب أهل البيت ص 98 - 99، مكتبة الثقلين قم- إيران.

وانظر" محمد حسين آل الكاشف الغطاء"،" ت 1973 م" أصل الشيعة وأصولها- مؤسسة الأعلمى للمطبوعات بيروت- لبنان 1391 هـ.

ص: 282

عنى، ثم قال يا ابن مسعود نعيت إلىّ نفسى، قلت استخلف، قال منّ؟ قلت عمر، فأعرض عنى، ثم قال يا ابن مسعود نعيت إلىّ نفسى، قلت: استخلف:

قال: من؟ قلت: عليا قال: أما إنهم إن أطاعوه دخلوا الجنة أجمعون أكتعون) (1).

وقد أوّل الإمامية الاثنا عشرية الكثير من الآيات لصالح مذهبهم، منها قوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (2)

جاء فى الصفوة لمناقب آل بيت النبوة:

«قال أبو بكر النقاش: أجمع جمهور المفسرين أن هذه الآية نزلت فى علىّ وفاطمة وابنيهما، لا فى أزواجه لتذكير الضمير فى" يذهب عنكم، ويطهركم» (3).

وفى تفسير الصافى:

«عن زيد بن على بن الحسين عليهم السلام أن جهّالا من الناس يزعمون أنه إنما أراد الله بهذه الآية أزواج النبى- صلى الله عليه وسلم وآله- وقد كذبوا وأثموا وأيمن الله، ولو عنى أزواج النبى- صلى الله عليه وسلم وآله- لقال: ليذهب عنكن الرجس ويطهركن تطهيرا، وكان الكلام مؤنثا كما قال: اذكرن ما يتلى فى بيوتكم ولا تبرجن، ولستن كأحد من النساء» (4).

(1) أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن الطوسى (ت 460 هـ) أمالى الشيخ الطوسى، ص 313 - 314، تقديم محمد صادق بحر العلوم. مؤسسة الوفاء، بيروت- لبنان.

(2)

سورة الأحزاب الآية 33.

(3)

عبد الرءوف محمد بن تاج العارفين بن على بن زين العابدين المعروف بالمناوى الشافعى ص، م مخطوط رقم 22 مكتبة جامعة الإسكندرية- الشاطبى.

(4)

محمد محسن بن الشاه محمود المعروف بالفيض الكاشانى" ت 1091 هـ" ج 22 ص 187 مؤسسة الأعلى بيروت- لبنان ط 2 1702 هـ- 1982 م. وانظر مجمع البيان، المجلد الخامس ج 22 ص 239 وانظر عبد اللطيف برى، ولاية أهل البيت ص 11.

ص: 283

وذكر ابن عاشور فى تفسير الآية الكريمة السابقة" التعريف فى البيت" تعريف العهد هو بيت النبى صلى الله عليه وسلم وبيوت النبى عليه الصلاة والسلام كثيرة، فالمراد بالبيت هنا بيت كل واحدة من أزواج النبى صلى الله عليه وسلم، وكل بيت من تلك البيوت اهله النبى صلى الله عليه وسلم وزوجته صاحبة ذلك ولذلك جاء بعده قوله وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ (1) وضميرا الخطاب موجهان إلى نساء النبى صلى الله عليه وسلم على سنن الضمائر التى تقدمت. وإنما جىء بالضميرين بصيغة جمع المذكر على طريقة التغليب لاعتبار النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا الخطاب لأنه رب كل بيت من بيوتهن، وهو حاضر هذا الخطاب إذ هو مبلغه. وفى هذا التغليب إيماء إلى أن هذا التطهير لهن لأجل مقام النبى صلى الله عليه وسلم لتكون قريناته مشابهات له فى الذكاء والكمال، كما قال الله تعالى وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ (2) يعنى أزواج النبى صلى الله عليه وسلم، وهو نظير قوله فى قصة إبراهيم رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت (3) والمخاطب زوج إبراهيم وهو معها (4).

وذكر أيضا:

«وأهل البيت: أزواج النبى صلى الله عليه وسلم، والخطاب موجه إليهن وكذلك ما قبله وما بعده لا يخالط أحدا شك فى ذلك ولم يفهم منها

(1) سورة الأحزاب الآية 33.

(2)

سورة النور الآية 26.

(3)

سورة هود الآية 73.

(4)

التحرير والتنوير ج 22 ص 15.

ص: 284

أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم والتابعون إلا أن أزواج النبى عليه السلام هن المراد بذلك وأن النزول فى شأنهن» (1).

ويقول عن حديث الكساء:

«وأما ما رواه الترمذى عن عطاء بن أبى رباح عن عمر بن أبى سلمة قال: لما نزلت على النبى" إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا" فى بيت أم سلمة دعا فاطمة وحسنا وحسينا فجللهم بكساء وعلىّ خلف ظهره، ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتى فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا» .

قال: هو حديث غريب من حديث عطاء عن عمر عن أبى سلمة ولم يسمه الترمذى بصحة ولا حسن ووسمه بالغرابة.

وفى صحيح مسلم عن عائشة خرج رسول الله غداة وعليه مرط مرهل، فجاء الحسن فأدخله، ثم جاء الحسين فأدخله، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء على فأدخله ثم قال:«إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» . وهذا أصرح من حديث الترمذى فمحمله أن النبى صلى الله عليه وسلم ألحق أهل الكساء بحكم هذه الآية وجعلهم أهل بيته كما ألحق المدينة بمكة فى حكم الحرمية بقوله «إن إبراهيم حرم مكة وإنى أحرم ما بين لابتيها" وتأويل البيت على معنييه الحقيقى والمجازى يصدق ببيت النسب كما يقولون: فيهم" البيت" والعدد، ويكون هذا من حمل القرآن على جميع محامله غير المتعارضة، وكأن حكمة تجليلهم معه بالكساء تقوي استعارة البيت

بالنسبة إليهم تقريبا لصورة البيت بقدر الإمكان فى ذلك الوقت ليكون الكساء

(1) التحرير والتنوير ج 22 ص 15.

ص: 285

بمنزلة البيت، ووجود النبى صلى الله عليه وسلم معهم فى الكساء كما هو فى حديث مسلم تحقيق لكون ذلك الكساء منسوبا إليه، وبهذا يتضح أن أزواج النبى صلى الله عليه وسلم هن آل بيته بصريح الآية، وأن فاطمة وابنيها وزوجها مجعولون أهل بيته بدعائه أو بتأويل الآية على محاملها» (1).

والشيعة الإمامية يرمون من تفسير هذه الآية كما جاء عند الصافى وغيره من مفسرى المذهب إلى القول بعصمة الأئمة الاثني عشرية.

وهناك أسباب كثيرة ذكرها الاثنا عشرية استوجبت فى نظرهم- عصمة الإمام (فالعصمة فى الإمامة شرط لازم عقلا للاستقامة وحفظ النظام، ومنصب الإمام لطف، وتمكنه من التصرف لطف آخر، فلا يتوقف على كونه مبسوط اليد كالنبى- صلى الله عليه وآله- من غير فرق بينهما (2).

والاثنا عشرية لهم أبحاث مطولة فى عصمة الأئمة، وقد ارتبطت عندهم بعصمة الأنبياء (فالإمام كالنبى يجب أن يكون معصوما من جميع الرذائل والفواحش، ما ظهر منها وما بطن، من سن الطفولة إلى الموت، عمدا وسهوا، كما يجب أن يكون معصوما من السهو والخطأ والنسيان، لأن الأئمة حفظة الشرع والقوامون عليه، حالهم فى ذلك حال النبى، والدليل الذى اقتضانا أن نعتقد بعصمة الأنبياء هو نفسه يقتضينا أن نعتقد بعصمة الأئمة بلا فرق)(3).

ويجمل هاشم معروف الحسنى القول فى مفهوم العصمة بقوله: (إن العصمة ليس لها مفهوم يتخطى إمكانات الإنسان، بنحو يكون هذا المخلوق

(1) التحرير والتنوير ج 22 ص 15.

(2)

عبد الصاحب الحسنى العاملى، روح الإيمان فى الدين الإسلامى ص 245 - 246 - مؤسسة الأعلمى بيروت- لبنان 1395 هـ- 1975 م.

(3)

محمد رضا المظفر، عقائد الإمامية، ص 104.

ص: 286

البشرى إنسانا آخر له طبيعة غير طبائع الناس، إن المعصوم فى رأى هشام بن الحكم، ورأى جميع الشيعة إنسان يغضب ويرضى، ويحزن ويفرح، ويتلذذ ويتألم، ويجب ويكره إلى غير ذلك من صفات الإنسان، وهذه الحالات وإن كانت من شأنها أن تسيطر على الإنسان، وتسوقه إلى المعاصى والمنكرات واتباع الشهوات واللذات، إلا أنها فى الأنبياء والأئمة (ع) تكون مغلوبة للقوة الخيرة التى تصرفهم إلى الطاعة، وتسيطر على الدواعى التى تحرك إلى المعصية بنحو تصبح تلك الدعاوى معدومة التأثير وكانها لم تكن (1).

وعصمة الأئمة ظهرت بعد وفاة جعفر الصادق على يد هشام ابن الحكم (ت 199 هـ- 815 م) وهو فى أغلب الأقوال أول من تبناها، ودعا لها (وقد رأى بعد إيمانه بالإمامة، وكونها وارثة النبوة أن الإمام أحوج إلى العناية الإلهية من النبى بحكم اتصال الأنبياء بالله عن طريق الوحى وامتناع ذلك على الإمام، فتبنى هشام" العصمة"، وأضافها إلى الأئمة فجعلهم فى مقام يستطيعون منه الصدور عن الحق والصواب دون حاجة إلى الوحى (2).

وذكر عبد القاهر البغدادى (وكان هشام يجيز على الأنبياء العصيان مع قوله بعصمة الأئمة من الذنوب، ورغم أن نبيه صلى الله عليه وسلم عصى ربه عز وجل فى أخذ الفداء من أسارى بدر غير أن الله عز وجل عفا عنه، وتأول على ذلك قوله تعالى لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ (3).

وفرق فى ذلك بين النبى والإمام بأن النبى إذا عصى آتاه الوحى بالتنبيه على خطاياه، والإمام لا ينزل عليه الوحى، فيجب أن يكون معصوما عن المعصية (4).

(1) هاشم معروف الحسنى، الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة ص 205 دار القلم، بيروت- لبنان 1978 م.

(2)

الدكتور كامل مصطفى الشيبى، الصلة بين التصوف والتشيع، ص 141 دار المعارف مصر ط 2.

(3)

سورة الفتح الآية 2.

(4)

عبد القاهر بن طاهر البغدادى (ت 429 هـ) الفرق بين الفرق، ص 42، مؤسسة الحلبى وشركائه،-

ص: 287

فالعصمة قوة تمنع الإمام من ارتكاب الذنوب مع قدرته على القيام بها حتى يكون هناك معنى للثواب، وتمنعه أيضا من السهو والنسيان والخطأ لأن الإمام حافظ للشرع القوّام عليه، وقد بلغ من العلم والتقوى مرتبة لا يصدر منه ما يجافى الحق لتحكّم قوى الخير فيما يصدر عنه من قول أو فعل.

ومن المواطن التى خالفهم فيها ابن عاشور ما ذكره فى تفسير قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (1).

«وأما الشيعة فإنهم يذكرون التسليم على علىّ وفاطمة وآلهما، وهو مخالف لعمل السلف فلا ينبغى اتباعهم فيه لأنهم قصدوا به الغض من الخلفاء والصحابة» (2).

ونكاح المتعة من القضايا المشهورة فى الفقه الإمامى، وذكر ابن عاشور فى تفسير الآية: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (3).

روايات عدة، منها:

«وذهب جمع: منهم ابن عباس، وأبى بن كعب، وابن جبير أنها، نزلت فى نكاح المتعة لما وقع فيها من قوله فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ ونكاح المتعة: هو

- تقديم وتعليق طه عبد الرءوف سعد، وانظر الشهرستانى، الملل والنحل ج 1 ص 84، تحقيق محمد سيد كيلانى- مطبعة البابى الحلبى 1396 هـ- 1976 م.

(1)

سورة الأحزاب الآية 56.

(2)

التحرير والتنوير ج 22 ص 103.

(3)

سورة النساء الآية 12.

ص: 288

الذى تعاقد الزوجان على أن تكون العصمة بينهما مؤجلة بزمان أو بحالة، فإذا انقضى ذلك الأجل ارتفعت العصمة، وهو نكاح قد أبيح فى الإسلام لا محالة، ووقع النهى عنه يوم خيبر، أو يوم حنين على الأصح. والذين قالوا حرام يوم خيبر قالوا: ثم أبيح فى غزوة الفتح، ثم نهى عنه فى اليوم الثالث من يوم الفتح، أو قيل: نهى عنه فى حجة الوداع، قال أبو داود: وهو أصح: والذى استخلصناه أن الروايات فيها مضطربة اضطرابا كبيرا (1).

ويقول" وقد اختلف العلماء فى الأخير من شأنه: فذهب الجمهور إلى أن الأمر استقر على تحريمه: فمنهم من قال: نسخته آية المواريث لأن فيها وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ (2). فجعل للأزواج حق الميراث، وقد كانت المتعة لا ميراث فيها، وقيل: نسخها ما رواه مسلم عن سبرة الجهنى، أنه رأى رسول الله- صلى الله عليه وسلم مسندا ظهره إلى الكعبة ثالث يوم من الفتح يقول: أيها الناس إنى كنت أذنت لكم فى الاستمتاع من هذه النساء إلا أن الله حرم ذلك إلى يوم القيامة (3).

«وانفراد سبرة به مثل ذلك اليوم مغمز فى روايته على أنه ثبت أن الناس استمتعوا. وعن على بن أبى طالب، وعمران بن حصين، وابن عباس، وجماعة من التابعين والصحابة أنهم قالوا بجوازه. قيل: مطلقا وهو قول الإمامية، وقيل: فى حال الضرورة عند أصحاب ابن عباس من أهل مكة

(1) التحرير والتنوير ج 5 ص 10.

(2)

سورة النساء الآية 12.

(3)

التحرير والتنوير ج 5 ص 10.

ص: 289

واليمن، وروى عن ابن عباس أنه قال: لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقى» (1).

وعن عمران بن حصين فى الصحيح أنه قال: أنزلت آية المتعة فى كتاب الله ولم ينزل بعدها آية تنسخها، وأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال رجل برأيه ما شاء، يعنى عمر بن الخطاب حين نهى عنها فى زمن من خلافته، وكان ابن عباس يفتى بها، فلما قال له سعيد بن جبير:

أتدري ما صنعت بفتواك فقد سارت بها الركبان حتى قال القائل:

قلت للركب إذ طال الثواء بنا

يا صاح هل لك فى فتوى ابن عباس

فى بضة رخصة الأطراف ناعمة

تكون مثواك حتى مرجع الناس

والذى يستخلص من مختلف الأخبار أن المتعة أذن فيها رسول الله- صلى الله عليه وسلم مرتين، ونهى عنها مرتين. والذى يفهم من ذلك أن ليس ذلك بنسخ مكرر، ولكنه إناطة، وإباحتها بحال الاضطرار، فاشتبه على الرواة تحقيق عذر الرخصة بأنه نسخ.

وقد ثبت أن الناس استمتعوا فى زمن أبى بكر، وعمر، ثم نهى عنها عمر فى آخر خلافته. والذى استخلصناه فى حكم نكاح المتعة أنه جائز عند الضرورة الداعية إلى تأجيل مدة العصمة، مثل الغربة فى سفر أو غزو إذا لم تكن مع الرجل زوجته، ويشترط منه ما يشترط فى النكاح من صداق وإشهار وولى حيث يشترط، وأنها تبين منه عند انتهاء الأجل، وأنها لا ميراث فيها بين

(1) بفاء بعد الشين، أى إلا قليل وأصله من قولهم: شفيت الشمس إذا غربت وفى بعض الكتب شقى.

ص: 290

الرجل والمرأة، إذا مات أحدهما فى مدة الاستمتاع، وأن عدتها حيضة واحدة، وأن الأولاد لاحقون بأبيهم المستمتع.

وشذ النحاس فزعم أنه لا يلحق الولد بأبيه فى نكاح المتعة. ونحن نرى أن هذه الآية بمعزل عن أن تكون نازلة فى نكاح المتعة، وليس سياقها سامحا بذلك، ولكنها صالحة لاندراج المتعة فى عموم" ما استمتعتم" فيرجع فى مشروعيته نكاح المتعة إلى ما سمعت آنفا (1).

وما انتهى إليه ابن عاشور فى تفسيره لهذه الآية بمعزل عن أن تكون نازلة فى نكاح المتعة، ولكنها صالحة لاندراج المتعة فى عموم" ما استمتعتم" ويذهب إلى مشروعية هذا النوع من الزواج عند الضرورة بالشروط التى ذكرها.

ومن الروايات التى ذكرها الطبرى فى تفسيره لهذه الآية الكريمة:

حدثنا يونس قال: أخبرنى ابن وهب قال ابن زيد فى قوله (فما استمتعتم به منهن .... ) الآية قال: هذا النكاح، وما فى القرآن إلا النكاح، إذا أخذتها واستمتعت بها فأعطها أجرها، والصداق، فإن وضعت لك منه شيئا فهو لك سائغ.

فرض الله عليها العدة، وفرض الله لها الميراث، قال: الاستمتاع هو النكاح، هاهنا إذا دخل بها) (2)، وقد ساق عدة روايات تدور حول هذا المعنى، وأن المقصود من هذه الآية هو الزواج الصحيح، ثم يذكر عدة روايات أخرى مخالفة للمعنى السابق منها: (حدثنا أبو كريب قال: حدثنا يحيى بن عيسى قال:

حدثنا نصير بن أبى الأشعث، قال: حدثنا ابن حبيب بن أبى ثابت عن أبيه قال: أعطانى ابن عباس مصحفا فقال: هذا على قراءة أبى، .... ، ....

(1) التحرير والتنوير ج 5 ص 11.

(2)

محمد بن جرير الطبرى: جامع البيان فى تأويل آى القرآن ج 8 ص 175.

ص: 291

قال أبو كريب، قال يحيى، فرأيت المصحف عند بصير فيه:(فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى)(1).

وبعد الفراغ من ذكر هذه الروايات يختم الطبرى القول فى تفسير هذه الآية:" أولى التأويلين فى ذلك بالصواب، تأويل من تأوله، فى نكحتموه منهن فجامعتموه فأتوهن أجورهن لقيام الحجة بتحريم الله متعة النساء على وجه النكاح الصحيح، أو الملك الصحيح على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم (2).

وإلى هذا التحريم ذهب ابن كثير ويقرر: (والعمدة ما ثبت فى الصحيحين عن أمير المؤمنين على بن أبى طالب قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة، وعن لحوم الحمر الوحشية يوم خيبر)(3).

وفى تحريمه أيضا قال أبو بكر الحازمى: (قرأت على أبى المظفر عيد الصمد بن الحسين بن عبد الغفار أخبرنى زاهر بن ظاهر، أنا أبو سعيد بن محمد بن عبد الرحمن أنا أبو عمر ومحمد بن أحمد ثنا أبو يعلى، ثنا أبو خيثمة عن حسن وعبد الله ابن محمد بن على عن أبيهما عن علىّ رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الأهلية (4).

(1) محمد بن جرير الطبرى: جامع البيان فى تأويل آى القرآن ج 8 ص 175.

(2)

الرجع السابق ج 8 ص 178.

(3)

ابن كثير، تفسير القرآن العظيم ج 1 ص 474.

وانظر صحيح مسلم، كتاب النكاح، ج 2 ص 1027 دار إحياء التراث العربى بيروت- لبنان، وانظر: صحيح البخارى بشرح السندى، المجلد الثانى ج 3، كتاب الذبائح الصيد والتسمية على الصيد، باب لحوم الحمر الإنسية، ص 369 - دار النفائس ط 3، وانظر الترمذى كتاب الأطعمة باب ما جاء فى لحوم الحمر الأهلية، المجلد الرابع، ص 254 - 255

(4)

أبو بكر محمد بن موسى بن عثمان بن موسى الحازمى (ت 584 هـ) الاعتبار فى الناسخ والمنسوخ من الآثار ص 302، 303 تحقيق محمد أحمد عبد العزيز- مكتبة عاطف- الأزهر.

ص: 292

وفى كتاب الناسخ والمنسوخ عن قتادة لم يذكر هذه الآية فيما وقع فيه النسخ من سورة النساء (1) وكذلك ابن الجوزى (2) وذكر ابن حزم: قوله تعالى (فما استمتعتم به منهن ..... ) الآية نسخت بقوله صلى الله عليه وسلم (إنى قد أحللت هذه المتعة، ألا وإن الله ورسوله قد حرّماها، ألا فيبلغ الشاهد الغائب، ووقع ناسخها من القرآن موضع ذكر ميراث الزوجة الثمن والربع، فلم يكن لها نصيب، وقال محمد بن إدريس الشافعى: (موضع تحريمها فى سورة المؤمنون، ونسخها قوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ* إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ (3). وأجمعوا أنها ليست بزوجة، ولا ملك اليمين، فنسخها الله بهذه الآية (4)، وإلى ذلك ذهب هبة الله بن سلامة فى كتابه الناسخ والمنسوخ (5).

والمقصود منها النكاح الصحيح الذى يتوفر له الولى، والمهر، والشهود، كما ذهب الطبرى، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن المتعة كما جاء فى الصحيحين وكتب السنة الأخرى، أو أن تكون منسوخة بقوله تعالى وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ ...... الآية (6).

(1) انظر ص 38 إلى 40.

(2)

أبو الفرج عبد الرحمن بن على بن محمد بن على الجوزى" ت 597 هـ" المصفى بأكف أهل الرسوخ فى علم الناسخ والمنسوخ ص 23 إلى ص 26 تحقيق الدكتور حاتم صالح الضافى، مؤسسة الرسالة بيروت- لبنان ط 1402 هـ- 1986 م.

(3)

سورة المؤمنون الآية 5، 6.

(4)

ابن حزم، الناسخ والمنسوخ، ص 331 هامش تنوير المقباس المنسوب لابن عباس، أبو الطاهر محمد ابن يعقوب الفيروزآبادى" ت 817 ط مكتبة مصطفى البابى الحلبى القاهرة ط 2 1370 هـ- 1951 م.

(5)

انظر 35، 36.

(6)

أبو محمد الحسين بن سعود الفراء البغوي" ت 516" معالم التنزيل، المجلد الأول ص 414 إعداد وتحقيق خالد بن عبد الرحمن الحك، مرواف سواد دار المعرفة- لبنان.

ص: 293