الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَاخْتُلِفَ هَلْ تَسْتَبْرِئُ بِحَيْضَةٍ أَوْ تَسْتَبْرِئُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ اسْتَأْذَنَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْمُصَنِّفُ: بِحَيْضَةٍ وَلَمْ يَقُلْ بِقُرْءٍ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ حَيْضَةٌ لَا طُهْرٌ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ طُهْرٌ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا، وَيُرِيدُ أَنَّ هَذَا فِي الْمُعْتَادَةِ لِمُقَابَلَتِهِ لَهُ بِالْمُرْتَابَةِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ إلَى آخِرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَنَظَرُ النِّسَاءِ فَإِنْ ارْتَبْنَ فَتِسْعَةٌ)
ش: يَعْنِي تِسْعَةَ أَشْهُرٍ يُؤْخَذُ مِنْهَا الثَّلَاثَةُ قَبْلَ أَنْ يَنْظُرْنَهَا النِّسَاءُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ فَرْحُونٍ فَإِنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ قَبْلَ وَفَاةِ التِّسْعَةِ حَلَّتْ وَإِنْ اسْتَمَرَّتْ بَعْدَ التِّسْعَةِ وَلَمْ تَزِدْ بِحِسٍّ وَلَا تَحْرِيكٍ حَلَّتْ أَيْضًا اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ وَأَبَا الْحَسَنِ
ص (وَبِالْوَضْعِ كَالْعِدَّةِ)
ش: يَعْنِي بِوَضْعِ حَمْلِهَا كُلِّهِ وَإِنْ دَمًا اجْتَمَعَ وَيَعْنِي بِهِ إنْ حَصَلَتْ لَهَا رِيبَةٌ بِالْحَمْلِ لَمْ تَحِلَّ إلَّا بِأَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَحَرُمَ فِي زَمَنِهِ الِاسْتِمْتَاعُ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الِاسْتِبْرَاءِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُبْتَاعِ أَنْ يَطَأَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَلَا يُقَبِّلَ أَوْ يَجُسَّ أَوْ يَنْظُرَ لِلَّذَّةِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ لِغَيْرِ لَذَّةٍ وَإِنْ وَطِئَ الْمُبْتَاعُ الْأَمَةَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ قَبْلَ الْحَيْضَةِ نُكِّلَ إنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ حَاضَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ تَحِضْ انْتَهَى. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: مَعْنَى قَوْلِهِ لَا يَنْبَغِي أَيْ لَا يَجُوزُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ نَكَلَ عِيَاضٌ مَذْهَبُهُ عَلَى الْعُمُومِ كَانَتْ حَامِلًا أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ ثُمَّ قَالَ: قَوْلُهُ نُكِّلَ ابْنُ رُشْدٍ مَعَ طَرْحِ شَهَادَتِهِ ثُمَّ قَالَ قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ لِغَيْرِ لَذَّةٍ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ النَّظَرَ لِغَيْرِ لَذَّةٍ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَفِي كِتَابِ الظِّهَارِ أَجَازَ أَنْ يَنْظُرَ الْمَظَاهِرُ إلَى وَجْهِ زَوْجَتِهِ قَالَ: وَقَدْ يَنْظُرُ غَيْرُهُ إلَيْهِ وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَرَاهَا لِعُذْرٍ مِنْ شَهَادَةٍ عَلَيْهَا فَشَدَّدَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ قَوْلَيْنِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً حَامِلًا فَلَا يَتَوَاضَعَانِهَا ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَلِدَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَتَطْهُرُ وَلَا يَدْخُلُ النِّفَاسُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَلَهُ أَنْ يَتَلَذَّذَ مِنْهَا بِمَا عَدَا الْوَطْءِ انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَرْعٌ كَانَ يَطَأُ أَمَةً فَاسْتُحِقَّتْ مِنْهُ فَاشْتَرَاهَا مِنْ مُسْتَحِقِّهَا هَلْ يَسْتَبْرِئُهَا]
ص (وَلَا اسْتِبْرَاءَ إنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ)
ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَنَصَّ الْمُتَيْطِيُّ عَلَى أَنَّ بِنْتَ ثَمَانِ سِنِينَ لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ وَعَمَلَ بِذَلِكَ وَثِيقَةً انْتَهَى ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ كَالْمُطِيقَةِ لِلْوَطْءِ: قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: كَبِنْتِ الْعَشْرِ وَالتِّسْعِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا انْتَهَى هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ
ص (أَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ)
ش: (فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: سُئِلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَمَّنْ كَانَ يَطَأُ أَمَةً فَاسْتُحِقَّتْ مِنْهُ فَاشْتَرَاهَا مِنْ مُسْتَحِقِّهَا هَلْ يَسْتَبْرِئُهَا؟ فَأَجَابَ لَا يَطَؤُهَا إلَّا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ بِخِلَافِ لَوْ أَعْتَقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا انْتَهَى. مِنْ مَسَائِلِ الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ
ص (فَإِنْ بَاعَ الْمُشْتَرَاةَ وَقَدْ دَخَلَ إلَخْ)
ش: مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَقَدْ دَخَلَ
أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْخُلْ لَكَانَ الْحُكْمُ خِلَافَ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ فِي اسْتِبْرَاءِ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَسْتَبْرِئْ وَإِنْ ابْتَاعَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ ثُمَّ بَاعَهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا وَبَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا فَلْيَسْتَبْرِئْ الْمُبْتَاعُ بِحَيْضَةٍ انْتَهَى
ص (وَهَلْ إلَّا أَنْ تَمْضِيَ حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ)
ش: يَعْنِي وَهَلْ نَفْيُ الِاسْتِبْرَاءِ إذَا حَصَلَ الْمِلْكُ فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَمْضِيَ مِقْدَارُ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ يَعْنِي مِقْدَارَ حَيْضَةٍ كَافِيَةٍ فِي الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ فِي الْعَدَدِ كَذَا فَسَّرَ ابْنُ فَرْحُونٍ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَمْضِيَ مِقْدَارُ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ أَوْ نَفْيُ الِاسْتِبْرَاءِ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَمْضِيَ أَكْثَرُ حَيْضَتِهَا يَعْنِي أَقْوَاهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (أَوْ اسْتَبْرَأَ أَبٌ جَارِيَةَ ابْنِهِ ثُمَّ وَطِئَهَا وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى وُجُوبِهِ وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا عَزَلَ جَارِيَةَ ابْنِهِ وَاسْتَبْرَأَهَا ثُمَّ وَطِئَهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهَا بَلْ بِمُجَرَّدِ تَلَذُّذِهِ بِهَا حَرُمَتْ عَلَى الِابْنِ وَمَلَكَهَا الْأَبُ وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا حَمَلَتْ أَمْ لَا كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا إلَّا أَنَّهَا تُبَاعُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَلَمْ تَحْمِلْ وَإِنْ حَمَلَتْ لَمْ تُبَعْ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ فَإِذَا مَلَكَهَا بِوَطْئِهِ إيَّاهَا بَعْدَ أَنْ كَانَ اسْتَبْرَأَهَا فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى اسْتِبْرَاءٍ آخَرَ بَعْدَ الْوَطْءِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَيْهِ حَمَلَ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ وَطْئِهِ وَلَوْ كَانَ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَتَأَوَّلَ ابْنُ اللَّبَّادِ وَابْنُ الشَّقَّاقِ وَابْنُ الْكَاتِبِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِلْغَيْرِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى وُجُوبِهِ يَعْنِي الِاسْتِبْرَاءَ وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ يَعْنِي أَنَّ أَقَلَّ الشُّيُوخِ عَلَى تَأْوِيلِهَا عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَإِنَّ قَوْلَ الْغَيْرِ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ فَقُوِّمَتْ عَلَيْهِ فَلِيَسْتَبْرِئهَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَبُ قَدْ عَزَلَهَا عِنْدَهُ وَاسْتَبْرَأَهَا وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا لِفَسَادِ وَطْئِهِ وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَبْرَأَةً عِنْدَ الْأَبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكُلُّ وَطْءٍ فَاسِدٍ فَلَا يَطَأُ فِيهِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ انْتَهَى فَظَاهِرُ قَوْلِ الْغَيْرِ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى ذَلِكَ حَمَلَهَا اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَطَرِيقُ الْأَكْثَرِ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَكْثَرَ فَهِمُوا قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَبُ عَزَلَهَا عِنْدَهُ وَاسْتَبْرَأَهَا أَنَّهُ لَوْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ لَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِبْرَاءٍ بَعْدَهُ انْتَهَى.
وَاخْتَارُوا قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَجَّحُوهُ وَرَدُّوا قَوْلَ الْغَيْرِ بِأَنَّهُ وَطْءٌ فَاسِدٌ فَإِنَّ الْأَبَ إذَا تَلَذَّذَ بِجَارِيَةِ وَلَدِهِ حَرُمَتْ عَلَى الِابْنِ وَلَزِمَتْ الْأَبُ الْقِيمَةُ فَهِيَ بِمُجَرَّدِ مُخَالَطَتِهَا وَمُبَاشَرَتِهَا لَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا وَصَارَتْ مِلْكًا لَهُ فَمَا حَصَلَ وَطْؤُهُ إلَّا فِي مَمْلُوكَةٍ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ اسْتَبْرَأَهَا فَكَفَاهُ ذَلِكَ كَمَا يَكْفِي الْمُودَعَ اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بَلْ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً مِنْ فُضُولِيٍّ وَحَاضَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَجَازَ رَبُّهَا الْبَيْعَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: هِيَ الْمُودِعَةُ يَعْنِي لَا تَحْتَاجُ إلَى اسْتِبْرَاءٍ آخَرَ بَعْدَ الْإِجَازَةِ بَلْ الْغَاصِبُ إذَا حَاضَتْ عِنْدَهُ الْأَمَةُ ثُمَّ ضَمِنَهَا بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الضَّمَانِ أَوْ اشْتَرَاهَا فَلَهُ وَطْؤُهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ وَخَالَفَ ابْنُ اللَّبَّادِ وَابْنُ الشَّقَّاقِ وَابْنُ الْكَاتِبِ الْأَكْثَرَ وَحَمَلُوا قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مُوَافَقَتِهِ لِلْغَيْرِ وَحَمَلُوا قَوْلَ الْغَيْرِ فَلِيَسْتَبْرِئهَا إذَا لَمْ يَكُنِ الْأَبُ قَدْ عَزَلَهَا عِنْدَهُ وَاسْتَبْرَأَهَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إذَا قُوِّمَتْ عَلَيْهِ فَلِيَسْتَبْرِئهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَزَلَهَا عِنْدَهُ وَاسْتَبْرَأَهَا بَعْدَ وَطْئِهِ الْفَاسِدِ.
وَاخْتَارَ هَذَا التَّأْوِيلَ ابْنُ مَرْزُوقٍ شَيْخُ ابْنِ رُشْدٍ
وَخَالَفَهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ رُشْدٍ وَصَحَّحَ مَذْهَبَ الْأَكْثَرِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَاَلَّذِي عِنْدِي إنَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الْكَاتِبِ أَصْوَبُ وَأَنَّهُ مُرَادُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ آخِرَ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّهُ وَطْءٌ فَاسِدٌ وَكُلُّ وَطْءٍ فَاسِدٍ فَلَا يَطَأُ فِيهِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ فَهُوَ إنَّمَا عَلَّلَ بِفَسَادِ الْوَطْءِ كَمَا عَلَّلَ بِهِ غَيْرُهُ وَلَوْ كَانَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْقَابِسِيُّ لَعَلَّلَ بِأَنَّهُ لَا يَدْرِي بَرَاءَةَ رَحِمِهَا وَلَمْ يُعَلِّلْ بِفَسَادِ الْوَطْءِ الَّذِي يَقُولُ ابْنُ الْقَابِسِيِّ أَنَّهُ غَيْرُ فَاسِدٍ بِإِلْزَامِهِ الْقِيمَةَ بِالْمُبَاشَرَةِ فَتَأَمَّلْهُ، فَهُوَ بَيِّنٌ انْتَهَى.
مِنْ التَّنْبِيهَاتِ وَمَا قَالَهُ فِيهِ نَظَرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلَيْسَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ وَطْءٌ فَاسِدٌ وَإِنَّمَا فِيهِ وَكُلُّ وَطْءٍ فَاسِدٍ فَلَا يَطَأُ فِيهِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَذَلِكَ اخْتَصَرَهَا الْمُخْتَصِرُونَ وَعَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِهِ، فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ إلَّا دَعْوَى أَنَّ هَذَا الْوَطْءَ فَاسِدٌ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ وَحَمَلَ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ فَإِنَّ الْوَطْءَ إذَا وَقَعَ فِي غَيْرِ بَرِيئَةِ الرَّحِمِ، فَهُوَ فَاسِدٌ وَأَمَّا وَطْءُ الْأَبِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ فَالْقَوْلُ بِفَسَادِهِ لَا وَجْهَ لَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَلَذَّذَ بِهَا وَلَمْ يَطَأْهَا أَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ قِيمَتَهَا وَتَصِيرُ مِلْكًا لَهُ عَلَى الْمَعْرُوفِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَوْلُ الْغَيْرِ ظَاهِرٌ انْتَهَى، فَكَأَنَّهُ اخْتَارَ قَوْلَ الْغَيْرِ وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الرَّاجِحُ الظَّاهِرُ الْمَشْهُورُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَأَشَارَ التُّونُسِيُّ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْغَيْرِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إنَّ الْأَبَ لَا يَضْمَنُ الْقِيمَةَ بِوَطْئِهَا بَلْ يَكُونُ لِلِابْنِ التَّمَاسُكُ بِهَا فِي عُسْرِ الْأَبِ وَيُسْرِهِ انْتَهَى. يُرِيدُ إذَا لَمْ تَحْمِلْ وَعَزَاهُ غَيْرُ الْمُصَنِّفِ لِسَحْنُونٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ رَدَّهُ فِي لَفْظِ الْغَيْرِ لَا يَنْبَغِي صَبُّ مَائِهِ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي لَزِمَتْهُ لَهُ الْقِيمَةُ فَإِنْ كَانَ هَذَا فِي لَفْظِهِ فَلَا يَتَّجِهُ حَمْلُهُ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) أَمَّا لَوْ وَطِئَهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا فَقُوِّمَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَطْؤُهَا بَعْدَ التَّقْوِيمِ إلَّا بَعْدَ اسْتِبْرَاءٍ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ رَحِمُهَا مَشْغُولًا مِنْ غَيْرٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ (الثَّانِي) وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ فِي شُرُوحِهِ الثَّلَاثَةِ مَا نَصُّهُ وَفَهِمَ ابْنُ اللَّبَّادِ وَابْنُ الشَّقَّاقِ قَوْلَهُ فَلِيَسْتَبْرِئهَا إنْ لَمْ يَكُنْ عَزَلَهَا عِنْدَهُ وَاسْتَبْرَأَهَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ قَبْلَ وَطْئِهِ وَإِنْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ وَطْئِهِ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِبْرَاءٍ لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَصْدٍ وَنِيَّةٍ انْتَهَى. وَهَذَا إمَّا أَنْ يَكُونَ تَبَدَّلَتْ لَفْظَةُ بَعْدُ بِقَبْلُ أَوْ يَكُونَ سَقَطَ مِنْهُ شَيْءٌ وَالْمُرَادُ قَبْلَ وَطْئِهِ إيَّاهَا بَعْدَ التَّقْوِيمِ أَوْ قَبْلَ وَطْئِهِ إيَّاهَا ثَانِيًا وَنَحْوُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَصْدٍ وَنِيَّةٍ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَ ذَلِكَ يَعْنِي أَنَّهُ يَسْتَبْرِئُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ حَصَلَ مِنْهُ اسْتِبْرَاءٌ بِأَنْ يَكُونَ عَزَلَهَا وَتَرَكَهَا وَوَطِئَهَا فَحَاضَتْ فَإِنَّ الِاسْتِبْرَاءَ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَصْدٍ وَنِيَّةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ قَالَ فِي الْأَوْسَطِ وَالصَّغِيرِ: وَكَلَامُ الْغَيْرِ يُشْعِرُ بِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ وَاجِبٌ عَلَى الْأَبِ لِفَسَادِ وَطْئِهِ وَهُوَ رَأْيُ الْأَقَلِّينَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْوُجُوبِ انْتَهَى. وَمَا قَالَهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ فَإِنَّ كَلَامَهُ صَرِيحٌ فِي إيجَابِ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى الْأَبِ وَقَوْلُهُ رَأْيُ الْأَقَلِّينَ يَعْنِي وُجُوبَ الِاسْتِبْرَاءِ لَكِنْ هُوَ رَأْيُهُمْ لِحَمْلِهِمْ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مُوَافَقَةِ الْغَيْرِ وَقَالَ فِي الْكَبِيرِ وَكَلَامُ الْغَيْرِ يُشْعِرُ بِالْمُخَالَفَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ لِقَوْلِهِ لِفَسَادِ الْوَطْءِ، وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْأَبِ، وَهُوَ رَأْيُ الْأَقَلِّينَ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ إلَى آخِرِهِ انْتَهَى، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ كَلَامِهِ الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ وَقَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ وَابْنُ الشَّقَّاقِ قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَبُ عَزَلَهَا أَيْ وَلَمْ يَطَأْهَا وَأَمَّا إذَا وَطِئَهَا فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُ غَيْرِهِ لِفَسَادِ وَطْئِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ وَطِئَ يُقَالُ لِفَسَادِ وَطْئِهِ وَهَاهُنَا كَلِمَاتٌ لَمْ أَقْدِرْ عَلَى سَمَاعِهَا انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ اللَّبَّادِ وَابْنِ الشَّقَّاقِ لَمْ يَقُولَاهُ وَقَدْ عَرَفَتْ كَلَامَهُمَا وَمَا وَقَعَ لِبَعْضِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مِنْ الْكَلَامِ وَهَلْ هُوَ حَسَنٌ أَمْ لَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَيُسْتَحْسَنُ إذَا غَابَ عَلَيْهَا مُشْتَرٍ بِخِيَارٍ لَهُ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْوُجُوبِ أَيْضًا)
ش: هَذَا نَحْوُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الِاسْتِبْرَاءِ وَمَنْ ابْتَاعَ جَارِيَةً بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فَتَوَاضَعَاهَا أَوْ كَانَتْ وَخْشًا
فَقَبَضَهَا فَاخْتَارَ الرَّدَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَتِمَّ فِيهَا وَإِنْ أَحَبَّ الْبَائِعُ أَنْ يَسْتَبْرِئَ الَّتِي غَابَ عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي وَكَانَ الْخِيَارُ لَهُ خَاصَّةً فَذَلِكَ حَسَنٌ إذْ لَوْ وَطِئَ الْمُبْتَاعُ لَكَانَ بِذَلِكَ مُخْتَارًا وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْ ذَلِكَ كَمَا اُسْتُحِبَّ اسْتِبْرَاءُ الَّتِي غَابَ عَلَيْهَا الْغَاصِبُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَى الْبَائِعِ: هُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ الْخِيَارُ أَوْ لِلْمُبْتَاعِ وَقَوْلُهُ فَتَوَاضَعَاهَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُوَاضَعَةُ عَلَى يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ أَوْ أَمِينٍ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا كَالْمُودَعَةِ انْتَهَى وَقَالَ اللَّخْمِيُّ.
وَإِذَا بِيعَتْ جَارِيَةٌ عَلَى خِيَارِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي ثُمَّ رَدَّهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ جَرَتْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُودَعَةِ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ اسْتِبْرَاءٌ وَإِنْ اسْتَبْرَأَهَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ: الْقِيَاسُ أَنَّ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءَ قَالَ الشَّيْخُ وَهَذَا بَيِّنٌ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَمَانَةَ الْمُشْتَرِي فَيَحْسُنُ الِاسْتِبْرَاءُ وَلَا يَجِبُ اهـ. فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْهَا أَنَّ اسْتِحْسَانَ الِاسْتِبْرَاءِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ وَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ عَنْ أَبِي الْفَرَجِ وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَكَذَلِكَ أَيْضًا ظَاهِرُ اسْتِحْسَانِهِ هُوَ الْإِطْلَاقُ وَعَلَى هَذَا الْإِطْلَاقِ حَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ قَالَ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ: يَعْنِي وَيُسْتَحْسَنُ الِاسْتِبْرَاءُ إذَا غَابَ عَلَى الْأَمَةِ مُشْتَرٍ بِخِيَارٍ يُرِيدُ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِلْبَائِعِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ فَإِذَا رُدَّتْ إلَى سَيِّدِهَا اُسْتُحْسِنَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا اهـ. وَنَحْوُهُ لِلْبَاسِطِيِّ وَالْأَقْفَهْسِيِّ وَزَادَ أَوَّلَهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُفْهَمَ هَذَا الْإِطْلَاقُ مِنْ قَوْلِ الشَّيْخِ فِي التَّوْضِيحِ خَلِيلٍ وَالْأَقْرَبُ حَمْلُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْوُجُوبِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي اهـ.
وَفِي اخْتِصَارِ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ بَاعَ جَارِيَةً عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لَهُ وَلِلْمُشْتَرِي وَكَانَتْ رَفِيعَةً فَتَوَاضَعَاهَا أَوْ كَانَتْ مِنْ الْوَخْشِ فَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَدَّهَا الَّذِي كَانَ الْخِيَارُ لَهُ فَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَتِمَّ فِيهَا وَإِذَا أَحَبَّ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا إذَا كَانَتْ مِنْ الْوَخْشِ وَكَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضَهَا لِنَفْسِهِ وَغَابَ عَلَيْهَا فَهُوَ حَسَنٌ اهـ.
مِنْ الْمَغْرِبِيِّ وَاخْتَصَرَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ الْمُدَوَّنَةَ مِثْلَ اخْتِصَارِ الْبَرَاذِعِيِّ الْمُتَقَدِّمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ، وَقَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَارًا بِوَطْئِهَا ذَلِكَ فَأَوَّلَ، وَطْئِهِ يَكُونُ فِيهِ غَيْرُ أَمَتِهِ، وَقَوْلُهُ كَمَا اُسْتُحِبَّ اسْتِبْرَاءُ الَّتِي غَابَ عَلَيْهَا اُسْتُحِبَّ لِلْوُجُوبِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْغَاصِبِ، وَمَسْأَلَةِ الْخِيَارِ أَنَّ الْغَاصِبَ وَالْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ كُلُّ وَاحِدٍ مَنْهِيٌّ عَنْ الْوَطْءِ اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (، وَتَتَوَاضَعُ الْعِلِّيَّةُ)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْمُوَاضَعَةُ جَعْلُ الْأَمَةِ مُدَّةَ اسْتِبْرَائِهَا فِي حَوْزٍ مَقْبُولٍ خَبَرُهُ عَلَى حَيْضَتِهَا اهـ.
قُلْت كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُوَاضَعَةَ إنَّمَا هِيَ فِيمَنْ تَحِيضُ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ الْبَيَانِ، وَلَا يُرَخَّصُ فِي تَرْكِهَا لِلْمُسَافِرِ وَالْمُجْتَازِ، وَهِيَ أَنْ تُوضَعَ الْجَارِيَةُ عِنْدَ امْرَأَةٍ أَوْ رَجُلٍ لَهُ أَهْلٌ حَتَّى تُعْرَفَ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا مِنْ الْحَمْلِ بِحَيْضَةٍ إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ، وَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ إنْ كَانَتْ يَائِسَةً مِنْ الْمَحِيضِ لِكِبَرٍ أَوْ صِغَرٍ مِمَّنْ تُوطَأُ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا أُمِنَ مِنْهَا الْحَمْلُ أَوْ لَمْ يُؤْمَنْ، وَقَدْ قِيلَ إذَا أُمِنَ مِنْهَا الْحَمْلُ فَلَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا اهـ. ثُمَّ قَالَ: وَالضَّمَانُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ، وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَلَذَّذَ بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ، وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدْ أَوْجَبَهَا لِغَيْرِهِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا مِنْ أَجْلِ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا فِي أَوَّلِ دَمِهَا أَوْ عِظَمِهِ كَانَ ذَلِكَ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا، وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا مُوَاضَعَةٌ اهـ. وَقَالَ بَعْدَ هَذَا فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ أَمَّا الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا فَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا، وَلَا اسْتِبْرَاءَ، وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا، وَيُؤْمَنُ الْحَمْلُ مِنْهَا فَمَذْهَبُ مَالِكٍ، وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ فِيهَا، وَالْمُوَاضَعَةُ إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَثْمَانِ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يَسْتَبِينُ بِأَقَلَّ مِنْهَا، وَقِيلَ شَهْرَانِ، وَقِيلَ شَهْرٌ وَنِصْفٌ