الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قِيمَةِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ كَانَ ذَلِكَ الْقَدْرُ النَّاقِصُ كَعَيْبٍ مُسْتَقِلٍّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَاعْتَرَضَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ هَلْ جَبَرَتْ الصَّنْعَةُ الْعَيْبَ الْحَادِثَ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ قَدْرِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَا يُعْرَفُ هَذَا إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ قِيمَتِهِ سَالِمًا، وَالْحَقُّ أَنَّهُ إنْ شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ هَلْ جَبَرَتْ الْحَادِثَ أَمْ لَا؟ فَلَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعِ تَقْوِيمَاتٍ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَذَلِكَ إذَا لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ بِالزِّيَادَةِ قَدْرَ قِيمَتِهِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ.
وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يَكْفِي ثَلَاثُ تَقْوِيمَاتٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ آخِرُ كَلَامِهِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ نَقَصَتْ الصَّنْعَةُ عَنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ، فَتَأَمَّلْهُ.
وَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّ الزِّيَادَةَ جَبَرَتْ الْحَادِثَ كَمَا لَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى قِيمَتِهِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْوِيمَيْنِ كَمَا لَوْ لَمْ يَحْدُثْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ فَتَأَمَّلْهُ مُنْصِفًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَبِهَذَا عَلِمْت مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُجْبَرُ بِهِ الْحَادِثُ.
ص (وَفَرْقٌ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ)
ش: ذَكَرَ رحمه الله مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَفْتَرِقُ فِيهَا الْحُكْمُ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ سِتَّ مَسَائِلَ.
(قُلْت:) وَيَفْتَرِقُ الْمُدَلِّسُ مِنْ غَيْرِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْضًا الْأُولَى: أَنَّ الْمُدَلِّسَ يُؤَدَّبُ، وَغَيْرُهُ لَا أَدَبَ عَلَيْهِ.
قَالَ فِي رَسْمِ الْقِبْلَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْعُيُوبِ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ بَاعَ عَبْدًا، أَوْ وَلَدَهُ وَبِهِ عَيْبٌ غَرَّ بِهِ، أَوْ دَلَّسَهُ أَنَّهُ يُعَاقَبُ الْبَائِعُ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا كَمَا قَالَ، وَهُوَ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى مَنْ غَشَّ أَخَاهُ أَوْ غَرَّهُ أَوْ دَلَّسَ لَهُ بِعَيْبٍ أَنْ يُؤَدَّبَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ؛ لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ مُخْتَلِفَانِ أَحَدُهُمَا لِلَّهِ لِيَتَنَاهَى النَّاسُ عَنْ حُرُمَاتِ اللَّهِ وَالْآخَرُ لِلْمُدَلَّسِ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ فَلَا يَتَدَاخَلَانِ.
الثَّانِيَةُ: قَالَ فِي اللُّبَابِ: مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي يَفْتَرِقُ فِيهَا الْمُدَلِّسُ مِنْ غَيْرِهِ حُكْمُ مَا يَأْخُذُهُ الْمَاكِسُ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ حِمَارًا فَيُؤَدِّيَ عَلَيْهِ مَكْسًا، ثُمَّ يَحْدُثُ بِهِ عَيْبٌ فَيُرِيدُ الرُّجُوعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَمْ يَحْضُرنِي الْآنَ فِي الْمَسْأَلَةِ نَقْلٌ، وَاَلَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ أَنَّ الْبَائِعَ إنْ كَانَ مُدَلِّسًا فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ يُونُسَ إلَى الْخِلَافِ فِي الْمُبْتَاعِ يُؤَدِّي مَكْسًا عَلَى الْمَبِيعِ، ثُمَّ يُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ هَلْ يَلْزَمُ الْمُبْتَاعَ دَفْعُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَأَجْرَى ذَلِكَ بَعْضُهُمْ عَلَى مَسْأَلَةِ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ يَدِ لِصٍّ هَلْ يَأْخُذُهُ رَبُّهُ بِلَا ثَمَنٍ، أَوْ حَتَّى يَدْفَعَ لِلْمُشْتَرِي مَا دَفَعَ؟ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ ظُلْمٌ، فَيَكُونُ مِمَّا أَخَذَهُ مِنْهُ انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ الشُّفْعَةِ: هَلْ يَلْزَمُ الْمُبْتَاعَ صَوَابُهُ: هَلْ يَلْزَمُ الشَّفِيعَ؟ وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ، وَفِي الْمَكْسِ تَرَدُّدٌ، وَقَالَ فِي بَابِ الْجِهَادِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُشْتَرِي مِنْ لِصٍّ وَالْأَحْسَنُ فِي الْمُفْدَى مِنْ لِصٍّ أَخْذُهُ بِالْفِدَاءِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إثْرَ كَلَامِهِ السَّابِقِ فِي مَسْأَلَةِ تَعْلِيمِ الْعَبْدِ الصَّنْعَةَ قَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ: غُرْمُ قَبَالَةِ السُّلْطَانِ عَلَى شِرَاءِ مَا يَشْتَرِي يُوجِبُ رُجُوعَ الْمُشْتَرِي بِالْأَرْشِ، وَخَرَّجَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى غُرْمِ أَجْرِ الصَّنْعَةِ انْتَهَى.
فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْغُرْمَ لِلسُّلْطَانِ يُفِيتُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَيَتَعَيَّنُ مَعَهُ الرُّجُوعُ بِالْأَرْشِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ إذَا رَدَّ بِالْعَيْبِ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ لِلسُّلْطَانِ إذَا كَانَ مُدَلِّسًا، وَلِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُدَلِّسًا فَتَأَمَّلْهُ.
(تَنْبِيهٌ:) قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ الْبَائِعُ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ التَّدْلِيسِ حَتَّى يَثْبُتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، أَوْ يُقِرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ انْتَهَى.
وَقَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ ادَّعَى يَعْنِي الْمُشْتَرِيَ أَنَّ الْبَائِعَ دَلَّسَ لَهُ فَأَنْكَرَهُ حَلَّفَهُ، وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ: عَلِمْت الْعَيْبَ وَنَسِيتُهُ حِينَ الْبَيْعِ حَلَفَ لَهُ أَنَّهُ نَسِيَهُ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: فَإِنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ، أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ نَسِيَ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ حَلَفَ خُيِّرَ الْمُبْتَاعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَحَكَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُخَيَّرَ الْمُبْتَاعُ فَيَخْتَارُ الرَّدَّ؛ إذْ لَا مَعْنَى لِيَمِينِهِ إذَا اخْتَارَ الْإِمْسَاكَ وَالرُّجُوعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ انْتَهَى.
وَحَكَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُنْتَقَى، وَقَالَ: إنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحْرَى عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ الْآتِي فِي إسْقَاطِ حُكْمِ التَّخْيِيرِ مَعَ التَّدْلِيسِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ أَحْرَى عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي إثْبَاتِ التَّخْيِيرِ.
[فَرْعٌ نَكِلَ الْبَائِعُ عَنْ الْيَمِينِ]
(فَرْعٌ:) فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ عَنْ الْيَمِينِ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ التَّدْلِيسِ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ
عَنْ الْمُتَيْطِيَّةِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَعَلَيْهِمَا رَدَّ السِّمْسَارُ
ص (إنْ نَقَصَ)
ش: قَالَ الشَّارِحُ الْأَوْلَى فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي يَفْتَرِقُ فِيهَا حُكْمُ الْمُدَلِّسِ مِنْ غَيْرِهِ إذَا فَعَلَ الْمُبْتَاعُ فِي الْمَبِيعِ فِعْلًا فَنَقَصَ بِسَبَبِهِ فَمَعَ التَّدْلِيسِ لَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِلَّا فَهُوَ عَيْبٌ حَادِثٌ عِنْدَهُ إمَّا أَنْ يَرُدَّ وَيُعْطِيَ أَرْشَ الْحَادِثِ، أَوْ يَتَمَسَّكَ، وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ انْتَهَى.
(قُلْت:) عُمُومُ كَلَامِ الشَّارِحِ رحمه الله فِي قَوْلِهِ: إذَا فَعَلَ فِي الْمَبِيعِ فِعْلًا غَيْرَ صَوَابٍ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ فَعَلَهُ الْمُبْتَاعُ فِي الْمَبِيعِ لَا شَيْءَ إذَا كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يَحْدُثَ فِيهِ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ الثَّوْبَ فَيَصْبُغَهُ، أَوْ يَقْطَعَهُ فَيُنْقِصَ مِنْ ثَمَنِهِ فَإِنَّ هَذَا بِاتِّفَاقٍ وَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَ، أَوْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، أَوْ يَرُدَّهُ، وَيَرُدَّ مَا نَقَصَهُ ذَلِكَ عِنْدَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُدَلِّسًا، فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ لِلنُّقْصَانِ شَيْءٌ يَرُدُّهُ مِنْ أَجْلِهِ، وَاخْتُلِفَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُمْسِكَ هَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا: قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّ ذَلِكَ لَهُ.
وَالثَّانِي قَوْلُ أَصْبَغَ وَابْن الْمَوَّازِ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ فِيمَا كَانَ نَقْصُهُ بِغَيْرِ صِنَاعَةٍ كَالْقَطْعِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا نَقَصَهُ بِصِنَاعَةٍ كَالصَّبْغِ وَشِبْهِهِ، وَلِكِلَا الْقَوْلَيْنِ وَجْهٌ مِنْ النَّظَرِ، وَنَقَلَهُ الرَّجْرَاجِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ فِي كِتَابِ التَّدْلِيسِ بِالْعُيُوبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَكُلُّ مَا أُحْدِثَ بِالرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ وَالدُّورِ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ مِنْ عَيْبٍ مُفْسِدٍ فَلَا يَرُدُّهُ إنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا إلَّا بِمَا نَقَصَهُ عِنْدَهُ دَلَّسَ الْبَائِعُ بِالْعَيْبِ أَمْ لَا، بِخِلَافِ الثِّيَابِ تُقْطَعُ وَتُصْبَغُ وَتُقَصَّرُ إذْ لِهَذَا تُشْتَرَى فَيَفْتَرِقُ فِيهَا التَّدْلِيسُ مِنْ غَيْرِهِ وَيَصِيرُ الْمُدَلِّسُ كَالْآذِنِ فِي ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الرَّدِّ مِمَّا نَقَصَهَا إلَّا أَنْ يَفْعَلَ فِي الثِّيَابِ مَا لَا يُفْعَلُ فِي مِثْلِهَا، أَوْ يَحْدُثَ فِيهَا عَيْبٌ مُفْسِدٌ مِنْ غَيْرِ التَّقْطِيعِ فَلَا يَرُدُّهَا إلَّا بِمَا نَقَصَهَا، فَإِنْ قَطَّعَ الثِّيَابَ قُمُصًا، أَوْ سَرَاوِيلَاتٍ، أَوْ أَقْبِيَةً، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْبَائِعُ، فَالْمُبْتَاعُ مُخَيَّرٌ فِي حَبْسِهِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، أَوْ رَدِّهِ، وَمَا نَقَصَهُ الْقَطْعُ، فَإِنْ دَلَّسَ الْبَائِعُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُبْتَاعِ لِمَا نَقَصَ الْقَطْعُ إنْ رَدَّهُ.
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَلَا يَكُونُ لَهُ هُنَا أَنْ يَحْبِسَهُ، وَيَأْخُذَ مِنْ الْبَائِعِ قِيمَةَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ بِلَا غُرْمٍ لِمَا نَقَصَهُ، وَلَا لِشَيْءٍ دَخَلَ لَهُ فِيهِ مِنْ صَبْغٍ، أَوْ خِيَاطَةٍ فَلَمَّا كَانَ كَذَلِكَ صَارَ كَمَنْ لَمْ يَحْدُثْ بِهِ عِنْدَهُ عَيْبٌ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ، أَوْ يَحْبِسَ بِلَا شَيْءٍ، ثُمَّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَكَذَلِكَ الْجُلُودُ تُقَطَّعُ خُفَافًا، أَوْ نِعَالًا، وَسَائِرُ السِّلَعِ إذَا عُمِلَ بِهَا مَا يُعْمَلُ بِمِثْلِهَا مِمَّا لَيْسَ بِفَسَادٍ فَإِذَا فَعَلَ فِي ذَلِكَ مَا لَا يُفْعَلُ فِي مِثْلِهِ كَقَطْعِ الثَّوْبِ الرِّشَا خِرَقًا وَقُبَاءَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَذَلِكَ فَوْتٌ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ، وَأَمَّا إنْ لَبِسَ الثَّوْبَ لُبْسًا يُنْقِصُهُ لَمْ يَرُدَّهُ إلَّا بِمَا نَقَصَهُ اللُّبْسُ فِي التَّدْلِيسِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ انْتَفَعَ، أَوْ يَحْبِسُهُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، وَلَا يَرُدُّ لِلُّبْسِ الْخَفِيفِ شَيْئًا إذَا لَمْ يُنْقِصْهُ، وَإِنْ صَبَغَهُ صَبْغًا يُنْقِصُهُ، أَوْ قَطَعَهُ، وَالْبَائِعُ مُدَلِّسٌ فَلِلْمُبْتَاعِ الرَّدُّ بِلَا غُرْمٍ، أَوْ التَّمَاسُكُ وَالرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ ابْنُ يُونُسَ لَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ قَطَعَهُ قَطْعًا أَدَّى عَلَيْهِ أُجْرَةً لِصَنْعَةٍ فِيهِ، فَيَكُونُ لَهُ التَّمَاسُكُ وَالرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ كَمَا قَالَ فِي الصَّبْغِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ لِقَطْعِهِ قِيمَةٌ فَكَانَ يَجِبُ أَنَّهُ إذَا تَمَاسَكَ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ بِلَا غُرْمٍ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: قَوْلُ مَالِكٍ، أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّقْطِيعَ يُوجِبُ لَهُ التَّخْيِيرَ فِي غَيْرِ التَّدْلِيسِ فَلَا يَكُونُ الْمُدَلِّسُ أَحْسَنَ حَالًا مِمَّنْ لَمْ يُدَلِّسُ فَهُمَا فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ إلَّا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَطْعُ فِي التَّدْلِيسِ، ثُمَّ رَجَّحَ ابْنُ يُونُسَ كَلَامَ ابْنِ الْمَوَّازِ وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ هُنَا وَفَوْقَهُ هُوَ الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ أَوَّلًا أَنَّهُ جَعَلَ قَوْلَ ابْنِ الْمَوَّازِ تَقْيِيدًا، وَيُفْهَمُ مِنْ آخِرِ كَلَامِهِ أَنَّهُ جَعَلَهُ خِلَافًا، وَأَنَّهُ رَجَّحَ قَوْلَ ابْنِ الْمَوَّازِ.
وَاَلَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ خِلَافٌ وَأَنَّهُ مَاشٍ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ السَّابِقِ وَمِمَّنْ حَمَلَهُ عَلَى الْخِلَافِ صَاحِبِ الْمُنْتَقَى فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ، ثُمَّ قَالَ فِي