الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذَكَرَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ وَصَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ يَفُوتُ بِالْبَيْعِ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْإِفَاتَةَ وَجَعَلَهُ الْمَذْهَبَ وَنَقَلَ قَوْلًا بِالْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ قِيَامِهِ عَلَيْهِ يُرِيدُ فَسْخَ الْبَيْعِ فَيَفُوتُ وَبَيْنَ أَنْ يَبِيعَهُ بَعْدَ قِيَامِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ يُرِيدُ فَسْخَ الْبَيْعِ فَلَا يَفُوتُ بِذَلِكَ وَقَالَهُ فِي آخِرِ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ وَنَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ، هَكَذَا حَصَّلَ ابْنُ عَرَفَةَ هَذِهِ الْأَقْوَالَ وَاعْتَرَضَ ابْنُ نَاجِي عَلَى الْقَاضِي عِيَاضٍ فِي حِكَايَتِهِ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهُ إذَا عَلِمَ بِالْفَسَادِ وَبَاعَ قَصْدًا لِلتَّفْوِيتِ أَنَّ بَيْعَهُ غَيْرُ مَاضٍ وَنَصُّهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ وَأَمَّا إنْ قَبَضَ الْمُبْتَاعُ السَّيْفَ وَفَارَقَ الْبَائِعَ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهُ ثُمَّ بَاعَ السَّيْفَ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ زَادَ فِي الْأُمِّ بَعْدَ قَوْلِهِ وَبَاعَ السَّيْفَ ثُمَّ عَلِمَ قُبْحَ فِعْلِهِ ابْنُ مُحْرِزٍ أَنْكَرَ سَحْنُونٌ قَوْلَهُ جَازَ بَيْعُهُ وَرَآهُ رِبًا، وَقَوْلُهُ فِي السُّؤَالِ ثُمَّ عَلِمَ قُبْحَ ذَلِكَ فِيهِ إيهَامُ أَنَّ الْبَيْعَ الصَّحِيحَ إنَّمَا يُفِيتُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ إنْ لَمْ يَقْصِدْ الْمُشْتَرِي تَفْوِيتَهُ وَلَا يَفُوتُ لِقَصْدِهِ ذَلِكَ وَهُوَ وَجْهٌ صَحِيحٌ وَقَالَ عِيَاضٌ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِالْفَسَادِ ثُمَّ بَاعَ قَصَدَ التَّفْوِيتَ أَنَّ بَيْعَهُ غَيْرُ مَاضٍ وَمَا ذَكَرَهُ قُصُورٌ مِنْهُ لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ إنْ قَصَدَ الْمُشْتَرِي بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ التَّفْوِيتَ لِلْبَيْعِ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ كَانَ فَوْتًا وَاخْتُلِفَ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ قِيَامِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ لِيَرُدَّ الْبَيْعَ، انْتَهَى. وَذَكَرَ فِي السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ أَنَّ حُكْمَ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ حُكْمُ الْبَيْعِ يُفَرَّقُ فِيهِمَا كَمَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ جَعَلَ اللَّخْمِيُّ حُكْمَ الْهِبَةِ حُكْمَ الْبَيْعِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ الَّذِي نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ نَاجِي فَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ بِالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ الْإِفَاتَةَ لَا تَفُوتُ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ الْبَائِعُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَكَلَامِ اللَّخْمِيِّ فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ مِنْ التَّبْصِرَةِ فَانْظُرْهُ
[فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ الَّذِي فِيهِ تَأْجِيلٌ]
ص (فَصْلٌ: وَمُنِعَ لِلتُّهْمَةِ مَا كَثُرَ قَصْدُهُ)
ش: لَمَّا فَرَغَ رحمه الله مِنْ ذِكْرِ الْبُيُوعِ الَّتِي نَصَّ الشَّرْعُ
عَلَى الْمَنْعِ مِنْهَا عَقَّبَهَا بِبُيُوعٍ ظَاهِرُهَا الْجَوَازُ وَيُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى مَمْنُوعٍ فَمَنَعَهَا أَهْلُ الْمَذْهَبِ وَأَجَازَهَا غَيْرُهُمْ وَيُسَمِّيهَا أَهْلُ الْمَذْهَبِ بِبُيُوعِ الْآجَالِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهَلْ كُلٌّ مِنْ لَفْظَتَيْ الْبُيُوعِ وَالْآجَالِ بَاقٍ عَلَى دَلَالَتِهِ أَوْ سُلِبَتْ دَلَالَةُ كُلِّ وَاحِدِ وَصَارَ الْمَجْمُوعُ اسْمًا لِمَا ذَكَرَ فِيهِ احْتِمَالَيْنِ وَالثَّانِي أَظْهَرُ، انْتَهَى. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أُرِيدَ بِهِمَا مَسَائِلُ وَهِيَ مَا تَكَرَّرَ فِيهِ الْبَيْعُ مِنْ الْبَائِعَيْنِ مَرَّةً ثَانِيَةً فَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي مُتَعَيِّنٌ وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَقَبٌ إلَخْ كَمَا سَيَأْتِي وَإِنْ أُرِيدَ الْبَيْعُ الَّذِي فِيهِ تَأْجِيلٌ فَلَا شَكَّ فِي بَقَاءِ كُلِّ لَفَظَّةٍ عَلَى مَعْنَاهَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بُيُوعُ الْآجَالِ يُطْلَقُ مُضَافًا، وَلَقَبُ الْأَوَّلِ مَا أُجِّلَ ثَمَنُهُ الْعَيْنُ وَمَا أُجِّلَ ثَمَنُهُ غَيْرُهَا سَلَمٌ فِي سَلَمِهَا الْأَوَّلِ يَجُوزُ سَلَمُ الطَّعَامِ فِي الْفُلُوسِ وَرُبَّمَا أُطْلِقَ عَلَى مَا أُجِّلَ ثَمَنُهُ الْعَيْنُ أَنَّهُ سَلَمٌ بِمَجَازِ التَّغْلِيبِ فِي سَلَمِهَا الْأَوَّلِ، مَنْ أَسْلَمَ ثَوْبًا فِي عَشَرَةِ أَرَادِبَ مِنْ حِنْطَةٍ إلَى شَهْرٍ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ لِشَهْرٍ آخَرَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَوْ اخْتَلَفَ أَجَلُهُمَا وَرُبَّمَا أُطْلِقَ عَلَى مَا أُجِّلَ ثَمَنُهُ غَيْرُ الْفَاسِدِ الْعَيْنِ أَنَّهُ بَيْعٌ فِي الْغَرَرِ الْأَوَّلِ مِنْهَا لَا بَأْسَ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ غَائِبَةٍ بِعَيْنِهَا بِسِلْعَةٍ إلَى أَجَلٍ أَوْ بِدَنَانِيرَ إلَى أَجَلٍ اهـ.
وَقَوْلُهُ وَمَا أُجِّلَ ثَمَنُهُ غَيْرُهَا سَلَمٌ إلَى آخِرِهِ جَعَلَ الْمُتَقَدِّمَ هُوَ الثَّمَنُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَيْنُ أَوْ غَيْرُهَا وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ وَمَا أُجِّلَ ثَمَنُهُ فَهُوَ سَلَمٌ وَالْكُلُّ قَرِيبٌ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ أَنَّهُ ثَمَنٌ وَأَنَّهُ مُثَمَّنٌ كَمَا أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ أَنَّهُ بَائِعٌ وَمُشْتَرٍ سَيَأْتِي فِي بَابِ الْخِيَارِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبَرِيءَ الْمُشْتَرِي لِلتَّنَازُعِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عِيَاضٌ بُيُوعُ الْآجَالِ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ مَا أُجِّلَ ثَمَنُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَثْمُونُ مُؤَجَّلًا وَالثَّمَنُ نَقْدًا كَالسَّلَمِ لَمْ يُطْلِقُوا عَلَيْهِ هَذَا الِاسْمَ وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْأَوَّلِ فِي الْقَضَايَا الْفِقْهِيَّةِ اهـ.
وَقَوْلُهُ لَمْ يُطْلِقُوا يُرِيدُ فِي الْغَالِبِ لِمَا تَقَدَّمَ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي أَجَلِ السَّلَمِ يَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْبَيْعِ إلَى أَجَلٍ فَكَأَنَّهُ اكْتَفَى بِذَلِكَ عَنْ ذِكْرِهِ هُنَا وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالْبَيْعِ إلَى أَجَلٍ يَذْكُرُ مِنْهَا مَا تَيَسَّرَ. قَالَ: وَشَرْطُهُ كَالنَّقْدِ مَعَ تَعَيُّنِ الْأَجَلِ نَصَّا فَمَجْهُولُ الْأَجَلِ فَاسِدٌ وَمَعْرُوفُهُ بِالشَّخْصِ وَاضِحٌ وَبِالْعُرْفِ كَافٍ ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ أَهْلِ الْأَسْوَاقِ عَلَى التَّقَاضِي وَقَدْ عَرَفُوا ذَلِكَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ قَالَ وَبَعِيدُ الْأَجَلِ مَمْنُوعٌ وَغَيْرُهُ جَائِزٌ فِي شِرَاءِ الْغَائِبِ مِنْهَا يَجُوزُ شِرَاءُ سِلْعَةٍ إلَى عَشْرِ سِنِينَ أَوْ عِشْرِينَ وَسَمِعَ أَصْبَغُ جَوَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَمَّنْ يَبِيعُ سِلْعَةً بِثَمَنٍ إلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً أَوْ عِشْرِينَ قَالَ أَمَّا إلَى ثَلَاثِينَ فَلَا أَدْرِي وَلَكِنْ إلَى عَشَرَةٍ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَأَكْرَهُ إلَى عِشْرِينَ وَلَا أَفْسَخُهُ وَلَوْ كَانَ سَبْعِينَ لَفَسَخْتُهُ أَصْبَغُ لَا بَأْسَ بِهِ ابْتِدَاءً إلَى عِشْرِينَ وَقَالَ لِي إنْ وَقَعَ بِهِ النِّكَاحُ إلَى ثَلَاثِينَ لَمْ أَفْسَخْهُ وَكَذَا الْبَيْعُ عِنْدِي قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَكَذَا وَجَدْتُهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ إلَى سَبْعِينَ الَّتِي نِصْفُهَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ وَلِابْنِ زَرْقُونٍ عَنْ الْبَاجِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَى سِتِّينَ فَسَخْتُهُ، انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَمَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ بَيْعِ الْغَرَرِ وَنَصُّهَا وَيَجُوزُ شِرَاءُ سِلْعَةٍ إلَى عَشْرِ سِنِينَ أَوْ عِشْرِينَ وَإِجَارَةُ الْعَبْدِ عَشْرَ سِنِينَ اهـ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ هَلْ أَرَادَ أَنَّ الثَّمَنَ مُؤَجَّلٌ إلَى عَشْرِ سِنِينَ وَأَنَّ السِّلْعَةَ مَنْقُودَةٌ وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَإِجَارَةُ الْعَبْدِ عَشْرَ سِنِينَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الْمُؤَجِّلَ إلَى هَذَا الْأَجَلِ السِّلْعَةَ أَنَّهَا تُقْبَضُ إلَى عَشْرِ سِنِينَ فَيَجُوزُ هَذَا بِشَرْطِ السَّلَمِ وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ. اهـ، وَيَعْنِي بِذَلِكَ إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ مَضْمُونَةً فِي الذِّمَّةِ عَلَى شُرُوطِ السَّلَمِ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَقَالَ الْمَشَذَّالِيُّ وَقَوْلُهُ إلَى عِشْرِينَ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ إلَى عِشْرِينَ وَعَلَيْهِ قَدَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ اهـ وَنَصُّ مَا فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ فِي رَسْمِ الْبُيُوعِ الثَّانِي مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ: اتَّفَقَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِيمَا عَلِمْت اتِّفَاقًا مُحْمَلًا فِي النِّكَاحِ يَقَعُ بِمَهْرٍ مُؤَجَّلٍ إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيُفْسَخُ إذَا وَقَعَ، وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ.
(أَحَدُهَا) أَنَّهُ يُفْسَخُ فِيمَا فَوْقَ
الْعِشْرِينَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ وَقَدْ كَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ جَامَعَهُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ.
(وَالثَّانِي) أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ إلَّا فِيمَا فَوْقَ الْأَرْبَعِينَ وَإِلَيْهِ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ.
(وَالثَّالِثُ) لَا يُفْسَخُ إلَّا فِي الْخَمْسِينَ وَالسِّتِّينَ.
(وَالرَّابِعُ) لَا يُفْسَخُ إلَّا فِي السَّبْعِينَ وَالثَّمَانِينَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَاخْتُلِفَ فِي الْعِشْرِينَ فَمَا دُونَهَا عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ.
(أَحَدُهَا) أَنَّهُ يُكْرَهُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
(وَالثَّانِي) يَجُوزُ فِي السَّنَةِ وَيُكْرَهُ فِيمَا جَاوَزَ ذَلِكَ.
(وَالثَّالِثُ) يُكْرَهُ فِيمَا جَاوَزَ الْأَرْبَعَ.
(وَالرَّابِعُ) يَجُوزُ فِي الْعَشْرِ وَنَحْوِهَا وَيُكْرَهُ فِيمَا جَاوَزَهَا. (وَالْخَامِسُ) يَجُوزُ فِي الْعِشْرِينَ ثُمَّ قَالَ وَمُسَاوَاةُ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ فِيمَا يُكْرَهُ فِيهِمَا مِنْ الْأَجَلِ ابْتِدَاءً وَفِيمَا لَا يَجُوزُ وَيُفْسَخُ بِهِ الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ هُوَ الْقِيَاسُ اهـ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَيُكْرَهُ الْبَيْعُ إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ، مِثْلُ عِشْرِينَ سَنَةً فَمَا فَوْقَهَا قِيلَ أَتَفْسَخُهُ قَالَ لَا وَلَكِنْ مِثْلُ ثَمَانِينَ سَنَةً أَوْ سَبْعِينَ سَنَةً يُفْسَخُ بِهِ الْبَيْعُ ثُمَّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ فِي قَوْلِهِ عِشْرِينَ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مِنْ أَبْنَاءِ السِّتِّينَ أَوْ السَّبْعِينَ قَالُوا مَعْنَاهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ مِنْ أَبْنَاءِ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَأَقَلَّ وَلَوْ كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ سِتِّينَ سَنَةً لَمْ يَجُزْ أَنْ يَبِيعَ إلَى عِشْرِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِالثَّمَنِ اهـ.
قَالَ الْمَشَذَّالِيُّ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ بِاعْتِبَارِ صِغَرِ الْبَائِعِ وَكِبَرِهِ عَنْ التُّونُسِيِّ فِيمَا قَيَّدَهُ هُنَا الْمَغْرِبِيُّ وَضَابِطُهُ أَنْ يَبِيعَ إلَى أَجَلٍ يَعِيشُ إلَيْهِ غَالِبًا وَلَوْ كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ مِائَةٍ أَوْ سِتِّينَ أَنْ يَشْتَرِيَ إلَى عِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ؛ لِأَنَّهُ كَالْأَجَلِ إلَى الْمَوْتِ.
وَانْظُرْ هَلْ تَدْخُلُ السَّنَةُ الْأَخِيرَةُ أَمْ لَا بِالْخِلَافِ فِيمَنْ قَالَ إلَى رَمَضَانَ وَانْظُرْ بَقِيَّتَهُ وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ التُّونُسِيِّ أَنَّهُمْ عَلَّلُوا الْبَيْعَ إلَى الْأَجَلِ الْبَعِيدِ بِالْغَرَرِ كَحُلُولِهِ بِمَوْتِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا جَوَازُهُ إلَى الْعَشَرَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا وَفِي جَوَازِهِ إلَى الْعِشْرِينَ وَكَرَاهَتِهِ دُونَ فَسْخِ قَوْلِهَا مَعَ اخْتِيَارِ أَصْبَغَ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُفْسَخُ إلَى السَّبْعِينَ وَالسِّتِّينَ وَفِي الثَّلَاثِينَ تَوَقَّفَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقِيَاسُ أَصْبَغَ عَلَى الصَّدَاقِ وَعَدَمِ الْفَسْخِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا بَيْعُ سِلْعَةٍ بِثَمَنِ عَيْنٍ إلَى أَجَلٍ شُرِطَ قَبْضُهُ بِبَلَدٍ لَغْوٌ وَلِذَا إنْ لَمْ يُذْكَرْ الْأَجَلُ مَعَهُ فَسَدَ الْبَيْعُ عِيَاضٌ اتِّفَاقًا اللَّخْمِيُّ إنْ قَالَ أَشْتَرِي بِالْعَيْنِ لِأَقْضِيَ بِمَوْضِعِ كَذَا؛ لِأَنَّ لِي بِهِ مَالًا وَإِنَّمَا مَعِي هُنَا مَا أَتَوَصَّلُ بِهِ. وَلَيْسَ عِنْدِي مَا أَقْضِي بِهِ هُنَا إلَّا دَارِي أَوْ رَبْعِي وَلَا أُحِبُّ بَيْعَهُ
لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْقَضَاءِ إلَّا بِالْمَوْضِعِ الَّذِي سَعَى وَيَجُوزُ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَضْرِبَا أَجَلًا كَمَنْ بَاعَ عَلَى دَنَانِيرَ بِأَعْيَانِهَا بِمِائَةٍ وَإِنْ اشْتَرَطَ الْبَائِعُ الْقَبْضَ بِبَلَدٍ مُعَيَّنٍ لِاحْتِيَاجِهِ فِيهِ لِوَجْهِ كَذَا فَجَعَلَهَا الْمُشْتَرِي لِغَيْرِهِ لَمْ يَلْزَمْ الْبَائِعَ قَبُولُهَا لِخَوْفِهِ فِي وُصُولِهَا إلَى هُنَاكَ وَقَدْ شَرَطَ أَمْرًا جَائِزًا فَيُوفَى لَهُ بِهِ اهـ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَيُقَيَّدُ بِهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْعَرَضِ كَأَخْذِهِ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ إلَّا الْعَيْنَ. (فَرْعٌ) مَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِعَيْنِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ حَالًّا وَلَا مُؤَجَّلًا فَإِنَّهُ عَلَى الْحُلُولِ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ عَنْ الْقَاضِي عِيَاضٍ فِي آخِرِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ عَلَى هَلَاكِ الرَّهْنِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الثَّانِي لَقَبٌ لِمُتَكَرِّرِ بَيْعِ عَاقِدَيْ الْأَوَّلِ وَلَوْ بِغَيْرِ عَيْنٍ قَبْلَ اقْتِضَائِهِ اهـ.
. وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله بِذِكْرِ مُوجِبِ فَسَادَ هَذِهِ الْبُيُوعِ بِطَرِيقٍ إجْمَالِيٍّ فَقَالَ وَمُنِعَ لِلتُّهْمَةِ مَا كَثُرَ قَصْدُهُ أَيْ وَمُنِعَ كُلُّ بَيْعٍ جَائِزٍ فِي الظَّاهِرِ يُؤَدِّي إلَى مَمْنُوعٍ فِي الْبَاطِنِ لِلتُّهْمَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُتَبَايِعَانِ قَصَدَا بِالْجَائِزِ فِي الظَّاهِرِ التَّوَصُّلَ إلَى الْمَمْنُوعِ فِي الْبَاطِنِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا أَدَّى إلَى مَمْنُوعٍ بَلْ إنَّمَا يُمْنَعُ مَا أَدَّى إلَى مَا كَثُرَ قَصْدُهُ لِلنَّاسِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَصْدًا فَيَكُونُ الْفَاعِلُ ضَمِيرًا مُسْتَتِرًا فِي كَثُرَ عَائِدًا إلَى مَا، وَقَصْدًا تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ
ص (كَبَيْعٍ) وَسَلَفٍ
ش: أَيْ وَالْمَمْنُوعُ الَّذِي يَكْثُرُ الْقَصْدُ إلَيْهِ وَيَتَحَيَّلُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ جَائِزٌ فِي الظَّاهِرِ أَشْيَاءُ
مُتَعَدِّدَةٌ مِنْهَا بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْمَنْعِ مِنْ صَرِيحِ بَيْعٍ وَسَلَفٍ وَكَذَلِكَ مَا أَدَّى إلَيْهِ وَهُوَ جَائِزٌ فِي الظَّاهِرِ لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ بِمَنْعِهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ بَشِيرٍ وَتَابِعُوهُ وَغَيْرُهُمْ وَمِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ سِلْعَتَيْنِ بِدِينَارَيْنِ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَ إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ نَقْدًا، وَقَاعِدَةُ مَالِكٍ رضي الله عنه وَأَصْحَابِهِ عَدُّ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْيَدِ وَعَادَ إلَيْهَا لَغْوًا وَكَانَ الْبَائِعُ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ دِينَارٌ وَسِلْعَةٌ نَقْدًا يَأْخُذُ عَنْهَا عِنْدَ الْأَجَلِ دِينَارَيْنِ أَحَدُهُمَا عِوَضٌ عَنْ السِّلْعَةِ وَهُوَ بَيْعٌ وَالثَّانِي عِوَضٌ عَنْ الدِّينَارِ الْمَنْقُودِ وَهُوَ سَلَفٌ
ص (وَسَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ)
ش: وَكَذَا مَا أَدَّى أَيْضًا إلَى سَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ لِلْمُسَلِّفِ بِكَسْرِ اللَّامِ فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ اتِّفَاقًا كَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً إلَى أَجَلٍ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا فَإِنَّ ثَوْبَهُ رَجَعَ إلَيْهِ وَدَفَعَ ثَمَانِيَةً يَأْخُذُ عَنْهَا بَعْدَ شَهْرٍ عَشَرَةً وَإِنَّمَا كَانَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ بِالْمَنْفَعَةِ مِمَّا يَكْثُرُ الْقَصْدُ إلَيْهِمَا لِمَا فِيهِمَا مِنْ الزِّيَادَةِ، وَالنُّفُوسُ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّهَا وَالْبَاءُ فِي بِمَنْفَعَةٍ بِمَعْنَى مَعَ وَأَتَى الشَّيْخُ بِالْكَافِ فِي قَوْلِهِ: كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ لِيُدْخِلَ مَا يُؤَدِّي إلَى مَمْنُوعٍ يَكْثُرُ الْقَصْدُ إلَيْهِ غَيْرِ هَذَيْنِ الْمِثَالَيْنِ كَمَا لَوْ أَدَّى إلَى الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ أَوْ إلَى صَرْفٍ مُسْتَأْخَرٍ أَوْ مُبَادَلَةٍ لَا تَجُوزُ كَمَا سَيَأْتِي وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُتَبَايِعَانِ قَصَدَا الْمَمْنُوعَ وَتَحَيَّلَا عَلَيْهِ بِالْجَائِزِ فِي الظَّاهِرِ أَوْ لَمْ يَقْصِدَاهُ وَإِنَّمَا آلَ أَمْرُهُمَا إلَى ذَلِكَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْمُتَّهَمُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ كَالْمَدْخُولِ عَلَيْهِ اهـ إلَّا أَنَّ الدَّاخِلَ عَلَيْهِ آثِمٌ آكِلُ الرِّبَا كَمَا أَخْبَرَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها وَلَا يُقَالُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِقَوْلِهِ: سَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ عَنْ قَوْلِهِ: بَيْعٍ وَسَلَفٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَالسَّلَفَ إنَّمَا مُنِعَ لِأَدَائِهِ إلَى السَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ وَإِنْ كَانَ مُؤَدِّيًا إلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ أَبْيَنُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ بِالْمَظِنَّةِ فَكَانَ أَضْبَطَ اهـ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص (لِأَقَلَّ كَضَمَانٍ بِجُعْلٍ)
ش: لَمَّا ذَكَرَ مَفْهُومَ قَوْلِهِ كَثُرَ قَصْدُهُ إنَّ مَا أَدَّى إلَى مَا قَلَّ قَصْدُهُ لَا يُمْنَعُ وَكَانَ ذَلِكَ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَمُنْقَسِمًا إلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا أَضْعَفُ مِنْ الْآخَرِ وَكَانَ الْحُكْمُ فِيهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَاحِدًا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لِأَقَلَّ أَيْ الْقَصْدُ إلَيْهِ وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ إلَيْهِ بَعِيدًا جِدًّا أَوْ لَا يَكُونُ بَعِيدًا جِدًّا بَلْ يَكْفِي أَنْ يُقْصَدَ فَالثَّانِي الْمُؤَدِّي إلَى ضَمَانٍ بِجُعْلٍ مِثْلُ أَنْ يَبِيعَ ثَوْبَيْنِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَ مِنْهُ عِنْدَ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ ثَوْبًا بِالْعَشَرَةِ فَآلَ أَمْرُهُ إلَى أَنَّهُ دَفَعَ لَهُ ثَوْبَيْنِ لِيَضْمَنَ لَهُ أَحَدُهُمَا إلَى أَجَلٍ وَيَكُونُ الثَّانِي جُعْلًا لَهُ عَلَى الضَّمَانِ حَكَى ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ الْقَوْلَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَشْهِيرٍ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ لِبُعْدِهِ وَاقْتَصَرَ فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ عَلَيْهِ وَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ الضَّمَانَ وَالْقَرْضَ وَالْجَاهَ لَا يُفْعَلُ إلَّا لِلَّهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَأَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهِ سُحْتٌ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ يَنْبَغِي أَنَّ الْخِلَافَ خِلَافٌ فِي حَالٍ فَمَتَى ظَهَرَ الْقَصْدُ مُنِعَ وَمَتَى لَمْ يَظْهَرْ جَازَ اهـ بِالْمَعْنَى وَمَا قَالَهُ بَيِّنٌ فَإِنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ ذَلِكَ لِأَجْلِ حُصُولِ خَوْفٍ أَوْ غَرَرِ طَرِيقٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص (أَوْ أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُكَ)
ش: أَيْ وَمِنْ الْمَمْنُوعِ الَّذِي يُبْعِدُ الْقَصْدَ إلَيْهِ جِدًّا أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُكَ بِفَتْحِ هَمْزَةِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ وَضَمِّ هَمْزَةِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مُضَارِعٌ مِنْهُ وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِأَنْ مُضْمَرَةٌ بَعْدَ الْوَاوِ فِي جَوَابِ الْأَمْرِ وَمِثَالُ مَا أَدَّى إلَى أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُكَ أَنْ يَبِيعَ ثَوْبًا بِدِينَارَيْنِ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ يَشْتَرِيهِ بِدِينَارٍ نَقْدًا أَوْ بِدِينَارٍ إلَى شَهْرَيْنِ فَالسِّلْعَةُ قَدْ رَجَعَتْ إلَى صَاحِبِهَا وَدَفَعَ الْآنَ دِينَارًا وَيَأْخُذُ بَعْدَ شَهْرٍ دِينَارَيْنِ أَحَدُهُمَا عِوَضٌ بِمَا كَانَ أَعْطَاهُ، وَالثَّانِي كَأَنَّهُ أَسْلَفَهُ لِيَرُدَّهُ بَعْدَ شَهْرٍ فَالْمَشْهُورُ إلْغَاءُ هَذَا وَعَدَمُ اعْتِبَارِهِ وَالشَّاذُّ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ اعْتِبَارُهُ وَالْمَنْعُ مِمَّا أَدَّى إلَيْهِ وَلَا خِلَافَ فِي الْمَنْعِ مِنْ أَنْ يُسْلِفَ الْإِنْسَانُ شَخْصًا لِيُسْلِفَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَاسْتَبْعَدَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنْ يَكُونَ هَذَا أَضْعَفَ مِمَّا قَبْلَهُ قَالَ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ طَلَبُ
الْمُكَافَأَةِ عَلَى السَّلَفِ بِالسَّلَفِ وَأَحْبَبْتُ بِأَنَّ الْمُسْتَبْعَدَ إنَّمَا هُوَ الدُّخُولُ عَلَى أَنْ يُسْلِفَهُ الْآنَ لِيُسْلِفَهُ بَعْدَ شَهْرٍ إذْ النَّاسُ إنَّمَا يَقْصِدُونَ السَّلَفَ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ إلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَدْخَلَ الشَّيْخُ الْكَافَ فِي قَوْلِهِ كَضَمَانٍ بِجُعْلٍ لِيُدْخِلَ مَا أَشْبَهَهُ فِي الْبُعْدِ كَبَيْعِ دَنَانِيرَ بِدَنَانِيرَ مُؤَخَّرَةً مِنْ جِنْسِهَا إذَا كَانَتْ الْأُولَى أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ يُبْعِدُ الْقَصْدَ إلَى دَفْعِ كَثِيرٍ لِيَأْخُذَ عَنْهُ قَلِيلًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي
ص (فَمَنْ بَاعَ لَأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِجِنْسِ ثَمَنِهِ مِنْ عَيْنٍ وَطَعَامٍ وَعَرْضٍ فَإِمَّا نَقْدًا أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ يُمْنَعُ مِنْهَا ثَلَاثٌ وَهِيَ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ) ش لَمَّا ذَكَرَ رحمه الله مُوجِبَ فَسَادِ هَذِهِ الْبُيُوعِ بِالْإِجْمَالِ شَرَعَ يَذْكُرُ الْمَمْنُوعَ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ الْمَمْنُوعِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ وَلِذَا أَتَى بِالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ فَمَنْ بَاعَ لِأَجَلٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ بَاعَ شَيْئًا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بَائِعُهُ مِنْ مُشْتَرِيهِ وَسَوَاءٌ غَابَ عَلَيْهِ مُشْتَرِيهِ أَمْ لَمْ يَغِبْ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهُ بِجِنْسِ ثَمَنِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ فَسَيَأْتِي وَيُرِيدُ وَبِنَوْعِهِ وَصِفَتِهِ فَإِنْ اخْتَلَفَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ.
وَقَوْلُهُ مِنْ عَيْنٍ وَطَعَامٍ وَعَرْضٍ بَيَانٌ لِلثَّمَنِ الْمَبِيعِ بِهِ وَالْمُشْتَرَى بِهِ وَالْقَصْدُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ الَّتِي يَذْكُرُهَا هِيَ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُوَافِقًا لِلْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا إذَا بَاعَهُ بِدَرَاهِمَ وَاشْتَرَاهُ بِدَرَاهِمَ مِنْ نَوْعِهَا وَسِكَّتِهَا أَوْ بَاعَهُ بِذَهَبٍ وَاشْتَرَاهُ بِذَهَبٍ مِنْ نَوْعِهِ وَسِكَّتِهِ أَوْ بَاعَهُ بِطَعَامٍ وَاشْتَرَاهُ بِطَعَامٍ مِنْ صِنْفِهِ وَصِفَتِهِ أَوْ بَاعَهُ بِعَرْضٍ وَاشْتَرَاهُ بِعَرْضٍ بِصِفَتِهِ فَإِذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهُ بَائِعُهُ الْأَوَّلُ نَقْدًا أَوْ اشْتَرَاهُ لِلْأَجَلِ نَفْسِهِ أَوْ اشْتَرَاهُ لِأَجَلٍ أَقَلَّ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ اشْتَرَاهُ لِأَجَلٍ أَكْثَرَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَفِي كُلِّ صُورَةٍ إمَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ يَشْتَرِيَهُ بِثَمَنٍ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ يَشْتَرِيَهُ بِثَمَنٍ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ.
فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ فِي كُلِّ صُورَةٍ مِنْ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ فَاضْرِبْ ثَلَاثًا فِي أَرْبَعٍ يَحْصُلُ مِنْ ذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ صُورَةً يُمْنَعُ مِنْهَا ثَلَاثٌ وَيَجُوزُ تِسْعٌ وَالْجَائِزَةُ مَا لَمْ يُعَجَّلْ فِيهِ الْأَقَلُّ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَاهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ هَذِهِ أَرْبَعٌ وَاشْتَرَاهُ إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَدَمَ الْمُقَاصَّةِ كَمَا سَيَأْتِي أَوْ اشْتَرَاهُ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ وَالْمَمْنُوعَةُ هَلْ مَا تَعَجَّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ وَبِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ يُرِيدُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُقَاصَّةَ كَمَا سَيَأْتِي وَالْمُعَجَّلُ لِلْأَقَلِّ فِي الْأُولَيَيْنِ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ وَفِي الثَّانِيَةِ هُوَ الْبَائِعُ الثَّانِي وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ عُجِّلَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَالتُّهْمَةُ فِي ذَلِكَ الْخَوْفُ مِنْ سَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَأَصْلُ هَذَا الْبَابِ اعْتِبَارُ مَا خَرَجَ مِنْ الْيَدِ وَمَا عَادَ إلَيْهَا فَإِنْ جَازَ التَّعَامُلَ عَلَيْهِ مَضَى وَإِلَّا بَطَلَ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ ثَوْبًا مَثَلًا أَوْ غَيْرَهُ فَاجْعَلْهُ مَلْغِيًّا كَأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِيهِ عَقْدٌ وَلَا وَقَعَ فِيهِ مِلْكٌ وَاعْتُبِرَ مَا خَرَجَ مِنْ الْيَدِ خُرُوجًا مُسْتَقِرًّا انْتَقَلَ الْمِلْكُ بِهِ وَمَا عَادَ إلَيْهَا وَقَابِلْ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ.
فَإِنْ وَجَدْتَ فِي ذَلِكَ وَجْهًا مُحَرَّمًا لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُمَا عُقِدَا عَلَيْهِ لَفَسَخْتُ عَقْدَهُمَا فَامْنَعْ مِنْ هَذَا الْبَيْعِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ حِمَايَةِ الذَّرَائِعِ وَإِنْ لَمْ تَجِدْ أَخَّرْتَ الْبِيَاعَات ثُمَّ تَنْهَمُّ مَعَ إظْهَارِ الْقَصْدِ إلَى الْمُبَاحِ وَتَمْنَعُ وَإِنْ ظَهَرَ الْقَصْدُ إلَيْهِ حِمَايَةَ أَنْ يَتَوَصَّلَا أَوْ غَيْرَهُمَا إلَى الْحَرَامِ وَيُرِيدُ مَا لَمْ تَبْعُدْ التُّهْمَةُ جِدًّا فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا أَجَازَ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ أَوْ بِأَقَلَّ لَا أَبْعَدَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلِفَ لِشَخْصٍ اثْنَيْ عَشَرَ لِيَأْخُذَ عَنْهَا عَشَرَةً؛ لِأَنَّ
أَمْرَهَا صَارَ إلَى السَّلَفِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْقَصْدُ إلَى هَذَا أَعْنِي دَفْعَ الْكَثِيرِ لِيَأْخُذَ عَنْهَا قَلِيلًا بَعِيدًا لَمْ يُتَّهَمَا عَلَى ذَلِكَ وَحُمِلَ أَمْرُهُمَا عَلَى مَا ظَهَرَ مِنْ صُورَةِ الْبَيْعِ الْجَائِزِ.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَوْلُنَا شَيْئًا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ.
(الثَّانِي) قَوْلُهُ لِلْأَجَلِ احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا كَانَتْ الْبَيْعَةُ الْأُولَى نَقْدًا وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَيْعَتَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَا نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ أَوْ الْأُولَى نَقْدًا وَالثَّانِيَةُ إلَى أَجَلٍ أَوْ بِالْعَكْسِ فَإِنْ كَانَتَا نَقْدًا حُمِلَ أَمْرُهُمَا عَلَى الْجَوَازِ وَلَا يُتَّهَمَانِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِاتِّفَاقٍ إلَّا أَنْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ فَيُتَّهَمَانِ بِاتِّفَاقٍ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَزَاهُ لِظَاهِرٍ نَقَلَ الْمَازِرِيُّ وَعِيَاضٌ وَغَيْرُهُمَا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ فَذَكَرَ اللَّخْمِيّ عَنْ أَصْبَغَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ يُعَامِلُهُ عَلَيْهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ أَنْ لَا يَكُونَ الثَّانِي مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْفَضْلِ فَلَا يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ عَامَلَهُ عَلَيْهَا وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ.
وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ قَالَ وَتَبِعَهُ الْمَازِرِيُّ وَنَقَلَ ابْنُ مُحْرِزٍ قَوْلَ أَصْبَغَ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَلَمْ يَعْزُهُ لَهُ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِشَيْءٍ وَنَقَلَهُ عَنْهُ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ هَذَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فَإِنْ كَانَتَا مُؤَجَّلَتَيْنِ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فَيُتَّهَمُ سَائِرُ النَّاسِ
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اتِّفَاقًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى مُؤَجَّلَةً فَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمْ حُكْمُهُمَا حُكْمُ مَا إذَا كَانَتَا مُؤَجَّلَتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى نَقْدًا وَالثَّانِيَةُ لِأَجَلٍ فَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ قَوْلَيْنِ وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ إلَّا أَهْلُ الْعِينَةِ وَالشَّاذُّ اتِّهَامُ سَائِرِ النَّاسِ فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى نَقْدًا لَمْ يُتَّهَمْ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَّا أَهْلُ الْعِينَةِ فِيهِمَا وَقِيلَ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا فَشَرَحَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَمَّا إذَا كَانَا مَعًا نَقْدًا فَلَا يُتَّهَمُ إلَّا أَهْلُ الْعِينَةِ بِاتِّفَاقٍ، وَقَوْلُهُ فِيهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا يَعْنِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يُتَّهَمْ إلَّا أَهْلُ الْعِينَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُتَبَايِعَانِ مِنْ أَهْلِهِمَا وَقَدْ يُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا وَهُوَ لِمُحَمَّدٍ ثُمَّ ذَكَرَ تَوْجِيهَ اللَّخْمِيِّ وَتَقْيِيدَهُ إيَّاهُ فَظَاهِرُهُ تَضْعِيفِ قَوْلِ أَصْبَغَ مَعَ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ وَغَيْرَهُ لَمْ يَحْكِ خِلَافَهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) قَوْلُنَا ثُمَّ اشْتَرَاهُ بَائِعُهُ يُرِيدُ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكَّلَ غَيْرَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَإِنْ وَكَّلَ الْبَائِعُ أَجْنَبِيًّا وَاشْتَرَاهَا لَهُ بِأَقَلَّ لَمْ يَجُزْ وَفُسِخَ اهـ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْوَكِيلُ بِأَنَّ السِّلْعَةَ بَاعَهَا مُوَكِّلُهُ أَمْ لَا سَوَاءٌ عَلِمَ الْبَائِعُ أَنَّهُ وَكِيلُ الْمُشْتَرِي أَمْ لَا قَالَهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ السَّلَمِ وَالْآجَالِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ بِعْتَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِيَهَا عَبْدُكَ الْمَأْذُونُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ نَقْدًا إنْ كَانَ يَتَّجِرُ لَكَ وَإِنْ اتَّجَرَ بِمَالٍ لِنَفْسِهِ فَجَائِزٌ ثُمَّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ عَبْدُكَ بَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ لَمْ يُعْجِبْنِي أَنْ تَبْتَاعَهَا بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ نَقْدًا إنْ كَانَ الْعَبْدُ يَتَّجِرُ لَكَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ هُنَا لَمْ يُعْجِبْنِي مَعْنَاهُ لَمْ يَجُزْ يُفَسِّرُهُ قَوْلُهُ الْمُتَقَدِّمُ وَإِنَّمَا قَالَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِيَهَا عَبْدُكَ الْمَأْذُونُ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ اهـ.
(الرَّابِعُ) يُكْرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْبَائِعُ السِّلْعَةَ لِأَبِيهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَكَّلَهُ عَلَى شِرَائِهَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ فِي شِرَاءِ السَّيِّدِ لِمَا بَاعَهُ عَبْدُهُ الْمَأْذُونُ أَوْ شِرَائِهِ الْمَأْذُونِ لِمَا بَاعَهُ سَيِّدُهُ إذَا اتَّجَرَ لِنَفْسِهِ أَوْ اشْتَرَاهَا الْبَائِعُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهَا أَكْرَهُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَلَوْ نَزَلَ لَمْ أَفْسَخْهُ اهـ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ تَبْتَاعَهَا لِابْنِكَ الصَّغِيرِ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ وَكَّلَكَ عَلَى رَجُلٍ بِأَقَلَّ لَمْ يُعْجِبْنِي قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ لَمْ يُعْجِبْنِي فِيهِمَا عَلَى بَابِهَا وَقَوْلُ أَشْهَبَ وِفَاقٌ وَحَمَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْمَنْعِ اهـ، وَانْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ وَإِذَا بَاعَ الْمُقَارَضُ سِلْعَةً بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ جَازَ لِرَبِّ الْمَالِ شِرَاؤُهُ بِأَقَلَّ مِنْهُ، انْتَهَى مِنْ تَرْجَمَةِ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مَنْ هُوَ بِسَبَبِهِ.
(الْخَامِسُ) قَوْلُنَا غَابَ عَلَيْهِ مُشْتَرِيهَا أَوْ لَمْ يَغِبْ إشَارَةً إلَى أَنَّ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لَا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْحُكْمُ
بِذَلِكَ بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ. (السَّادِسُ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ عَنْ الدِّمْيَاطِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ مَاتَ مُبْتَاعُهَا إلَى أَجَلٍ قَبْلَهُ جَازَ لِلْبَائِعِ شِرَاؤُهَا مِنْ وَارِثِهِ بِحُلُولِ الْأَجَلِ بِمَوْتِهِ وَلَوْ مَاتَ الْبَائِعُ لَمْ يَجُزْ لِوَارِثِهِ إلَّا مَا جَازَ لَهُ مِنْ شِرَائِهَا اهـ وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ الْمَسْأَلَةَ فِي الْبَيَانِ فِي الرَّسْمِ الْآتِي ذَكَرَهُ فِي التَّنْبِيهِ السَّابِعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(السَّابِعُ) قَوْلُنَا مِنْ مُشْتَرِيهِ احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي لِثَالِثٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ مِنْ الثَّالِثِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّالِثُ ابْتَاعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالْمَجْلِسِ بَعْدَ الْقَبْضِ ثُمَّ ابْتَاعَهُ الْأَوَّلُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَيُمْنَعُ قَالَ فِي رَسْمِ سِلْعَةٍ سَمَّاهَا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ السَّلَمِ وَالْآجَالِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ مِمَّنْ يَبِيعُ السِّلْعَةَ مِنْ الرَّجُلِ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ فَإِذَا قَبَضَهَا مِنْهُ ابْتَاعَهَا مِنْهُ وَرَجُلٍ حَاضِرٍ كَانَ قَاعِدًا مَعَهُمَا فَبَاعَهَا مِنْهُ ثُمَّ إنَّ الَّذِي بَاعَهَا لِلْأَوَّلِ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ قَالَ لَا خَيْرَ فِي هَذَا وَأَرَاهُ كَأَنَّهُ مُحَلِّلٌ بَيْنَهُمَا وَقَالَ إنَّمَا يُرِيدُونَ إجَازَةَ الْمَكْرُوهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ ابْنِ دِينَارٍ وَقَالَ هَذَا مِمَّا يُضْرَبُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَهَذَا مِمَّا لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ وَأَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَيَرَى أَنْ يُزْجَرَ عَنْهُ وَأَنْ يُؤَدَّبَ مَنْ فَعَلَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَأَيْتُهَا عِنْدَ مَالِكٍ مِنْ الْمَكْرُوهِ الْبَيِّنِ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا صَحِيحٌ عَلَى طَرْدِ الْقِيَاسِ فِي الْحُكْمِ بِالْمَنْعِ مِنْ الذَّرَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا اُتُّهِمَا عَلَى أَنْ يُظْهِرَا إلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا بَاعَ سِلْعَةً مِنْ صَاحِبِهِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا لِيَتَوَصَّلَا بِهِ إلَى اسْتِبَاحَةِ دَفْعِ عَشَرَةٍ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ إلَى أَجَلٍ وَجَبَ أَنْ يُتَّهَمَا عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ اشْتَرَاهَا الَّذِي بَاعَهَا مِنْ غَيْرِ الَّذِي بَاعَهَا مِنْهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَا إنَّمَا أَدْخَلَا هَذَا الرَّجُلَ فِيمَا بَيْنَهُمَا لِبُعْدِ التُّهْمَةِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا وَلَا تَبْعُدُ عَنْهُمَا بِهِ؛ لِأَنَّ التَّحَيُّلَ بِهِ يُمْكِنُ بِأَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ مِثْلَهُمَا فِي قِلَّةِ الرَّغْبَةِ تَعَالَ فَاشْتَرِ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ هَذِهِ السِّلْعَةَ الَّتِي يَبِيعُهَا مِنْهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ إلَى أَجَلٍ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَأَنَا أَبْتَاعُهَا مِنْكَ بِذَلِكَ أَوْ بِرِبْحِ دِينَارٍ فَتَدْفَعُ إلَيْهِ الْعَشَرَةَ الَّتِي تَأْخُذُ مِنِّي وَلَا نَزْنِ مِنْ عِنْدِكَ شَيْئًا فَيَكُونُ إذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى هَذَا قَدْ رَجَعْتَ إلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ سِلْعَتَهُ وَدَفَعَ إلَى الَّذِي بَاعَهَا مِنْهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ يَأْخُذُ بِهَا مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ إلَى أَجَلٍ وَيَكُونُ إنْ كَانَ ابْتَاعَهَا مِنْ الثَّانِي بِرِبْحِ دِينَارٍ عَلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ قَدْ أَعْطَاهُ ذَلِكَ الدِّينَارَ ثَمَنًا لِمَعُونَتِهِ إيَّاهُ عَلَى الرِّبَا، انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الشَّامِلِ وَلَوْ ابْتَاعَهَا لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ ثَالِثٌ بِالْمَجْلِسِ بَعْدَ الْقَبْضِ ثُمَّ ابْتَاعَهُ الْأَوَّلُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مُنِعَ اهـ
ص (وَكَذَا لَوْ أَجَّلَ بَعْضَهُ مُمْتَنِعٌ مَا تَعَجَّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ أَوْ بَعْضُهُ)
ش: الضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ بَعْضٌ عَائِدٌ عَلَى الثَّمَنِ الثَّانِي يَعْنِي فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي بَعْضُهُ نَقْدًا أَوْ بَعْضُهُ مُؤَجَّلًا فَتُرَدُّ الْقِسْمَةُ إلَى الْمُؤَجَّلِ فَيُقَالُ إمَّا أَنْ يَكُونَ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ أَوْ إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ أَوْ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالثَّمَنُ الثَّانِي جَمِيعُهُ إمَّا مُسَاوٍ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ فَهَذِهِ تِسْعُ مَسَائِلَ وَانْتَفَتْ صُوَرُ النَّقْدِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ بَعْضَ الثَّمَنِ مُؤَجَّلٌ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُعَجَّلًا وَبَيَّنَ الْمُمْتَنِعَ مِنْ هَذِهِ التِّسْعِ بِقَوْلِهِ مُمْتَنِعٌ مَا تَعَجَّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ أَوْ بَعْضُهُ فَقَوْلُهُ مُمْتَنِعٌ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَمَا تَعَجَّلَ فِيهِ مُبْتَدَأٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ مُمْتَنِعٌ مُبْتَدَأٌ وَمَا بَعْدَهُ فَاعِلٌ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ الِاعْتِمَادَ وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَهِيَ الْمَمْنُوعَةُ وَهِيَ مَا إذَا بَاعَ سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَيْ تِسْعَةٍ فَأَقَلَّ عَجَّلَ مِنْهَا خَمْسَةً مَثَلًا وَأَخَّرَ أَرْبَعَةً سَوَاءٌ أَخَّرَهَا إلَى دُونِ الْأَجَلِ أَوْ إلَى الْأَجَلِ أَوْ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ أَوْ اشْتَرَاهَا بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَعَجَّلَ بَعْضَ الثَّمَنِ وَأَخَّرَ بَعْضَهُ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ فَأَمَّا الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَاهَا بِتِسْعَةٍ وَعَجَّلَ مِنْهَا خَمْسَةً فَأَجَّلَ الْأَرْبَعَةَ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ؛ فَلِأَنَّ ثَوْبَهُ قَدْ رَجَعَ إلَيْهِ وَدَفَعَ الْآنَ خَمْسَةً وَبَعْدَ أَشْهُرٍ أَرْبَعَةً يَأْخُذُ عَنْهَا عَشَرَةً عِنْدَ تَمَامٍ الشَّهْرِ
الثَّانِي وَهَذِهِ الصُّورَةُ قَدْ تَعَجَّلَ فِيهَا كُلُّ الْأَقَلِّ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ الْأَرْبَعَةُ مُؤَجَّلَةً إلَى الشَّهْرِ الثَّانِي نَفْسِهِ؛ فَلِأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ الْعَشَرَةِ قَدْرُهَا لِأَجَلِ الْمُقَاصَّةِ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الْبَائِعَ دَفَعَ الْآنَ خَمْسَةً يَأْخُذُ عَنْهَا بَعْدَ شَهْرٍ سِتَّةً وَكَذَلِكَ فِي الثَّالِثَةِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ الْأَرْبَعَةُ مُؤَخَّرَةً إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ مِنْ الْعَشَرَةِ قَدْرُهَا وَآلَ الْأَمْرُ إلَى أَنْ دَفَعَ خَمْسَةً الْآنَ يَأْخُذُ عَنْهَا بَعْدَ شَهْرٍ سِتَّةً وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ تَعَجَّلَ فِيهِمَا بَعْضُ الْأَقَلِّ وَأَمَّا الرَّابِعَةُ فَكَمَا لَوْ بَاعَ سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَى السِّلْعَةَ بِاثْنَيْ عَشَرَ عَجَّلَ مِنْهَا خَمْسَةً وَأَجَّلَ السَّبْعَةَ إلَى شَهْرَيْنِ فَإِنَّ الثَّوْبَ قَدْ رَجَعَ إلَيْهِ وَدَفَعَ الْآنَ خَمْسَةً يَأْخُذُ عَنْهَا مِثْلَهَا عِنْدَ تَمَامِ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَيَدْفَعُ لَهُ الْمُشْتَرِي خَمْسَةً أُخْرَى حِينَئِذٍ يُعْطِيهِ الْبَائِعُ عِوَضًا عَنْهَا بَعْدَ الشَّهْرِ سَبْعَةً وَهَذِهِ الصُّورَةُ قَدْ تَعَجَّلَ فِيهَا كُلُّ الْأَقَلِّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بَعْضُهُ لِلتَّنْوِيعِ بِتَعْجِيلِ الْأَقَلِّ جَمِيعِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالرَّابِعَةِ وَتَعْجِيلِ بَعْضِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَبَقِيَّةِ الصُّوَرِ وَهِيَ خَمْسَةٌ جَائِزَةٌ وَهِيَ مَا إذَا بَاعَ السِّلْعَةَ بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِعَشَرَةٍ عَجَّلَ بَعْضَهَا وَأَجَّلَ الْبَعْضَ الْآخَرَ إلَى الْأَجَلِ دُونَ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ أَوْ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ أَوْ اشْتَرَاهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ وَعَجَّلَ بَعْضَهَا وَأَجَّلَ الْبَعْضَ الثَّانِيَ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ وَمَنَعَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ الْخَمْسِ الْجَائِزَةِ الصُّورَةَ الثَّالِثَةَ وَهِيَ مَا إذَا بَاعَ السِّلْعَةَ بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِعَشَرَةٍ عَجَّلَ مِنْهَا خَمْسَةً وَأَخَّرَ الْخَمْسَةَ الْأُخْرَى إلَى شَهْرٍ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُكَ؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ رَجَعَ إلَى صَاحِبِهِ وَآلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الْبَائِعَ سَلَّفَ الْمُشْتَرِيَ خَمْسَةً الْآنَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ بَعْدَ شَهْرٍ عَشَرَةً خَمْسَةً قَضَاءً وَيُسَلِّفَهُ خَمْسَةً الْمَشْهُورُ الْجَوَازُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (كَتَسَاوِي الْأَجَلَيْنِ إنْ شَرَطَا نَفْيَ الْمُقَاصَّةِ لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَلِذَلِكَ صَحَّ فِي أَكْثَرَ لِأَبْعَدَ إذَا شَرَطَاهَا)
ش: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَأْتِي بِالْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ لِيُدْخِلَ فِيهِ مَا أَشْبَهَهُ كَالدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَإِنَّ التُّهْمَةَ عَلَى ذَلِكَ مُعْتَبَرَةٌ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ مُنِعَ مَا أَصْلُهُ الْجَوَازُ وَهِيَ مَا إذَا تَسَاوَى الْأَجَلَانِ إذَا اشْتَرَطَا نَفْيَ الْمُقَاصَّةِ لِمَا فِيهِ مِنْ عِمَارَةِ الذِّمَّتَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ مُسَاوِيًا لِلثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ شَرَطَا نَفْيَ الْمُقَاصَّةِ أَنَّهُمَا لَوْ لَمْ يَشْتَرِطَا نَفْيَهَا جَازَ سَوَاءٌ شَرْطَاهَا أَوْ سَكَتَا عَنْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ لِوُجُوبِ الْحُكْمِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطَاهَا، وَوُجُوبُ الْمُقَاصَّةِ يَنْفِي التُّهْمَةَ قَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الرَّجْرَاجِيُّ وَغَيْرُهُ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ إذَا اشْتَرَطَا الْمُقَاصَّةَ جَازَتْ الصُّوَرُ كُلُّهَا يَعْنِي الِاثْنَيْ عَشَرَ صُورَةً لِارْتِفَاعِ التُّهْمَةِ اهـ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلِأَجْلِ اعْتِبَارِ هَذِهِ التُّهْمَةِ جَازَ مَا أَصْلُهُ الْمَنْعُ وَهُوَ مَا إذَا اشْتَرَاهَا بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ إذَا شَرَطَا الْمُقَاصَّةَ لِلسَّلَامَةِ حِينَئِذٍ مِنْ دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ وَالضَّمِيرُ فِي شَرَطَاهَا لِلْمُقَاصَّةِ
ص (وَالرَّدَاءَةُ وَالْجَوْدَةُ كَالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ)
ش: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَأْتِي بِالْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ أَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ فِيمَا إذَا اتَّحَدَا الثَّمَنَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِأَنْ يَتَّحِدَا فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالسِّكَّةِ وَالصِّفَةِ وَذَكَرَ هُنَا حُكْمَ مَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ فَذَكَرَ أَنَّ الْحُكْمَ السَّابِقَ يَجْرِي هُنَا وَأَنَّ الرَّدَاءَةَ كَالْقِلَّةِ وَالْجَوْدَةَ كَالْكَثْرَةِ فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ وَيَأْتِي هُنَا أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً؛ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَهَا بِدَرَاهِمَ جَيِّدَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِرَدِيئَةٍ كَانَ فِي ذَلِكَ الِاثْنَا عَشَرَ صُورَةً الْمُتَقَدِّمَةَ وَكَذَلِكَ فِي الْعَكْسِ أَعْنِي إذَا بَاعَهَا بِدَرَاهِمَ رَدِيئَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِجَيِّدَةٍ يَمْتَنِعُ مِنْهَا مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ وَالْأَدْنَى، كَذَا فِي بَعْضِ نُسَخِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي بَعْضِهَا فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ امْتَنَعَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: النُّسْخَةُ الْأُولَى أَوْلَى لِاقْتِضَاءِ هَذِهِ الْمَنْعَ فِيمَا إذَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ نَقْدًا اهـ، وَقَوْلُهُ
يَمْتَنِعُ مَا تَعَجَّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ وَالْأَدْنَى يَقْتَضِي أَنَّ مَا انْتَفَى مِنْهُ الْأَمْرَانِ يَجُوزُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ اخْتِلَافِ السِّكَّةِ الْآتِيَةِ أَنَّ مَسَائِلَ الْأَجَلِ الثَّمَانِيَةَ عَشْرَ كُلَّهَا مُمْتَنِعَةٌ لِاشْتِغَالِ الذِّمَّتَيْنِ فَيُؤَدِّي لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ لَهُ حِينَئِذٍ بِالْمُقَاصَّةِ وَأَمَّا مَسَائِلُ النَّقْدِ السِّتِّ فَيَجُوزُ مِنْهَا صُورَتَانِ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَى السِّلْعَةَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ نَقْدًا وَالدَّرَاهِمُ الَّتِي اشْتَرَاهَا بِهَا أَجْوَدُ مِنْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي بَاعَ بِهَا وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ مُمْتَنِعَةٌ بِقَوْلِهِ يَمْتَنِعُ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ وَالْأَرْدَأُ فَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الَّتِي اشْتَرَى بِهَا أَرْدَأَ مِنْ الَّتِي بَاعَ بِهَا امْتَنَعَ الصُّوَرُ الثَّلَاثُ أَعْنِي سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَإِذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الَّتِي اشْتَرَى بِهَا أَجْوَدُ امْتَنَعَ مِنْهَا صُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَى السِّلْعَةَ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَمُنِعَ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا)
ش: لَمَّا ذَكَرَ حُكْمَ مَا إذَا اتَّفَقَ الْمِثْلَانِ فِي النَّوْعِ ذَكَرَ مِنْهَا حُكْمَ مَا إذَا اخْتَلَفَا فِيهِ وَاخْتَلَفَا فِي الْجِنْسِ كَمَا إذَا بَاعَ سِلْعَتَهُ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِدَنَانِيرَ أَوْ بِالْعَكْسِ فَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ تَأَخَّرَ فِيهِ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ أَوْ كِلَاهُمَا؛ لِأَنَّ سِلْعَتَهُ رَجَعَتْ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي نَقْدًا فَقَدْ تَأَخَّرَ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَقَدْ تَأَخَّرَ النَّقْدَانِ مَعًا وَكَذَا لَوْ عَجَّلَ الْبَعْضَ وَأَخَّرَ الْبَعْضَ الْآخَرَ وَاسْتَثْنَى الْمُصَنِّفُ مَا إذَا كَانَ الْمُعَجَّلُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا لِبُعْدِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ عَلَى الصَّرْفِ الْمُتَأَخِّرِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ بِعْتَهُ بِثَلَاثِينَ دِرْهَمًا إلَى شَهْرٍ يَعْنِي الثَّوْبَ فَلَا تَبْتَعْهُ بِدِينَارٍ نَقْدًا فَيَصِيرُ صَرْفًا مُؤَخَّرًا وَلَوْ ابْتَعْتُهُ بِعِشْرِينَ دِينَارًا جَازَ لِبُعْدِكُمَا مِنْ التُّهْمَةِ وَإِنْ بِعْتَهُ بِأَرْبَعِينَ إلَى شَهْرٍ جَازَ أَنْ تَبْتَاعَهُ بِثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ لِبَيَانِ فَضْلِهَا وَلَا يُعْجِبُنِي بِدِينَارَيْنِ وَإِنْ سَاوَيَاهَا فِي الصَّرْفِ، انْتَهَى. وَمَنَعَ أَشْهَبُ ذَلِكَ مُطْلَقًا مُبَالَغَةً لِلِاحْتِيَاطِ لِلصَّرْفِ وَقِيلَ يَجُوزُ إذَا سَاوَى الْمُعَجَّلُ قِيمَةَ الْمُؤَخَّرِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ تَحْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ إنْ كَانَ النَّقْدَانِ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ قَوْلًا وَاحِدًا وَكَذَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا نَقْدًا وَالْآخَرُ مُؤَجَّلًا وَالنَّقْدُ أَقَلَّ مِنْ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ فَقَوْلَانِ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ كَانَ مِثْلَ الْمُؤَخَّرِ أَوْ أَكْثَرَ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ إنْ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ جَازَ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِعِشْرِينَ دِينَارًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ لَمْ يَبْعُدْ عَنْ التُّهْمَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَبْعُدَانِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَبِعَشَرَةٍ، انْتَهَى.
(قُلْتُ) بَلْ وَبِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ آخِرِ كَلَامِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَقَوْلُهُ لِبَيَانِ فَضْلِهَا؛ لِأَنَّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا صَرْفُ دِينَارَيْنِ وَيَبْقَى دِينَارٌ وَهَذَا عَلَى مَا جَرَّتْ بِهِ عَادَتُهُ فِي الْكِتَابِ أَنَّ صَرْفَ الدِّينَارِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا.
ص (وَبِسِكَّتَيْنِ إلَى أَجَلٍ كَشِرَائِهِ لِأَجَلٍ بِمُحَمَّدِيَّةٍ مَا بَاعَ بِيَزِيدِيَّةٍ)
ش: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْكَلَامَ أَوَّلًا فِيمَا إذَا اتَّفَقَ الثَّمَنَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ثُمَّ ذَكَرَ هُنَا مَا إذَا اخْتَلَفَا فِي السِّكَّةِ فَذَكَرَ أَنَّهُ إنْ تَأَجَّلَ الثَّمَنَانِ مُنِعَ مُطْلَقًا وَذَلِكَ شَامِلٌ لِثَمَانِ عَشْرَةَ صُورَةً؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الثَّانِيَ إمَّا مُؤَجَّلٌ لِأَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ أَوْ لِلْأَجَلِ نَفْسِهِ أَوْ لِأَبْعَدَ إمَّا بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثٍ فِي ثَلَاثٍ بِتِسْعٍ ثُمَّ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ السِّكَّةُ الثَّانِيَةُ أَجْوَدَ مِنْ الْأُولَى أَوْ أَرْدَأَ ثُمَّ مَثَّلَ بِصُورَةٍ مِنْ ذَلِكَ يُتَوَهَّمُ فِيهَا الْجَوَازُ مِنْ وَجْهَيْنِ بَلْ مِنْ ثَلَاثٍ وَهِيَ مَا إذَا بَاعَهُ السِّلْعَةَ مَثَلًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ يَزِيدِيَّةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِعَشَرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ فَيُتَوَهَّمُ الْجَوَازُ فِيهِ مِنْ اتِّفَاقِ الثَّمَنَيْنِ فِي الْعَدَدِ وَفِي الْأَجَلِ وَمِنْ كَوْنِ الْمُحَمَّدِيَّةِ أَجْوَدَ مِنْ الْيَزِيدِيَّةِ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَهُوَ عَكْسُ مَا فَرَضَهُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إذْ قَالَ وَإِنْ بِعْتَ ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مُحَمَّدِيَّةٍ إلَى شَهْرٍ فَلَا تَبْتَعْهُ بِعَشَرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ إلَى ذَلِكَ الشَّهْرِ، كَذَا اخْتَصَرَهُ أَبُو سَعِيدٍ زَادَ ابْنُ يُونُسَ لِرُجُوعِ ثَوْبِكَ وَكَأَنَّكَ بِعْتَ يَزِيدِيَّةً لِمُحَمَّدِيَّةٍ إلَى الْأَجَلِ إنَّمَا قَصْدَ الْمُصَنِّفُ الْعَكْسَ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَبَيَّنَ مُخْتَارَهُ مِنْ
الْخِلَافِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمَازِرِيُّ أَنَّ فِي كَوْنِ عِلَّةِ مَنْعِ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ اشْتِغَالَ الذِّمَّتَيْنِ بِسِكَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ أَوْ لِأَنَّ الْيَزِيدِيَّةَ دُونَ الْمُحَمَّدِيَّةِ طَرِيقَيْنِ لِلْأَشْيَاخِ وَعَلَيْهِمَا مُنِعَ عَكْسُ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَجَوَازُهُ وَعَزَا ابْنُ مُحْرِزٍ الْأُولَى لِأَكْثَرَ الْمُذَاكِرِينَ وَالثَّانِيَةَ لِبَعْضِهِمْ، انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ فِي عِلَّةِ الْمَنْعِ إنَّمَا هُوَ اشْتِغَالُ الذِّمَّتَيْنِ لَا لِأَنَّ الْيَزِيدِيَّةَ دُونَ الْمُحَمَّدِيَّةِ؛ لِأَنَّ غَايَةَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ الْعِلَّةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَسَاوَى الْأَجَلَانِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوِيًا لَكِنْ تَقَدَّمَ إنَّهُمَا إذَا اشْتَرَطَا نَفْيَ الْمُقَاصَّةِ مُنِعَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ، وَاخْتِلَافُ السِّكَّتَيْنِ كَاشْتِرَاطِ نَفْيِ الْمُقَاصَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْضَى بِهَا حِينَئِذٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إلَى أَجَلٍ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهَا نَقْدًا جَازَ وَفِي ذَلِكَ سِتُّ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهُ بِمِثْلِ عَدَدِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالثَّمَنُ الْأَوَّلُ إمَّا أَجْوَدُ سِكَّةً أَوْ بِالْعَكْسِ وَلَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ أَجْوَدَ سِكَّةً فَيُمْتَنَعُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْجَوْدَةَ وَالرَّدَاءَةَ كَالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَجْوَدَ فَإِنْ كَانَ بِأَقَلَّ مِنْ عَدَدِ الْأَوَّلِ فَيُمْتَنَعُ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ مِثْلَ عَدَدِ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ فَالْجَائِزُ مِنْ مَسَائِلِ النَّقْدِ السِّتِّ ثِنْتَانِ فَقَطْ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَاهُ بِسِكَّةٍ أَجْوَدَ وَكَانَ عَدَدُ الدَّرَاهِمِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ عَدَدِ الْأُولَى أَوْ أَكْثَرَ وَانْظُرْ أَبَا الْحَسَنِ وَابْنَ يُونُسَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ اشْتَرَى بِعَرْضٍ مُخَالِفٍ ثَمَنَهُ جَازَتْ ثَلَاثَةُ النَّقْدِ فَقَطْ)
ش: لَمَّا ذَكَرَ أَوَّلًا اخْتِلَافَ نَوْعَيْ الثَّمَنِ كَمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا ذَهَبًا وَالْآخَرُ فِضَّةً ذَكَرَ هُنَا اخْتِلَافَ جِنْسِهِمَا وَذَلِكَ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ أَحَدُ الثَّمَنَيْنِ نَقْدًا وَالْآخَرُ عَرْضًا أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا عَرْضٌ لَكِنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ ظَاهِرٌ فَرَاجِعْهُ وَرَأَيْتُ بِخَطِّ الْقَاضِي عَبْدِ الْقَادِرِ الْأَنْصَارِيِّ رحمه الله عَلَى حَاشِيَةِ التَّوْضِيحِ لِلشَّيْخِ خَلِيلٍ عِنْدَ قَوْلِهِ فَإِنْ كَانَا أَيْ الْعَرْضَانِ نَوْعَيْنِ جَازَتْ الصُّوَرُ كُلُّهَا إذْ لَا رِبَا فِي الْعُرُوضِ قَالَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مُرَادُهُ بِالصُّوَرِ كُلِّهَا صُوَرُ النَّقْدِ الثَّلَاثَةِ وَأَمَّا صُوَرُ الْأَجَلِ التِّسْعُ فَمُمْتَنِعَةٌ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ اهـ، قَالَ الْقَاضِي الْمَذْكُورُ قَالَ شَيْخُنَا الْبِسَاطِيُّ رحمه الله مُرَادُهُ الِاثْنَا عَشَرَ وَلَا أُسَلِّمُ لَهُمْ مَا قَالُوا اهـ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ لِلْبِسَاطِيِّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُخْتَصَرِ وَلَعَلَّ الْقَاضِيَ سَمِعَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْحَقُّ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ خَلِيلٌ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَمَا بَيَّنَهُ ابْنُ غَازِيٍّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَالْمِثْلِيُّ صِفَةً وَقَدْرًا كَمِثْلِهِ فَيُمْنَعُ مَا قَلَّ لِأَجَلِهِ أَوْ أَبْعَدَ إنْ غَابَ مُشْتَرِيهِ بِهِ)
ش: قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ أَوَّلًا فِيمَا إذَا بَاعَ شَيْئًا يُعْرَفُ
بِعَيْنِهِ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَتَكَلَّمَ الْآنَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ شَيْئًا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ فَذَكَرَ أَنَّ مِثْلَهُ فِي الصِّفَةِ وَالْمِقْدَارِ يَقُومُ مَقَامَهُ وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ بَاعَ شَيْئًا مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَى مِنْ الْمُشْتَرِي مِثْلَ ذَلِكَ الْمِثْلِيِّ فِي الصِّفَةِ وَالْمِقْدَارِ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى مَا بَاعَهُ فَيُمْتَنَعُ فِي ذَلِكَ الصُّوَرُ الثَّلَاثُ الْمُتَقَدَّمَةُ وَصُورَتَانِ أُخْرَيَانِ أَشَارَ إلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ فَيُمْتَنَعُ بِأَقَلَّ لِأَجَلِهِ أَوْ أَبْعَدَ وَلِذَلِكَ كَانَتْ الْوَاوُ أَنْسَبَ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: وَإِنَّ الشَّرْطَ مُخْتَصٌّ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ، وَعِلَّةُ الْمَنْعِ كَمَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُمْ يَعُدُّونَ الْغَيْبَةَ عَلَى الْمِثْلِيِّ سَلَفًا فَصَارَ كَأَنَّ الْبَائِعَ أَسْلَفَ الْمُشْتَرِيَ إرْدَبًّا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ دِينَارًا بَعْدَ شَهْرٍ وَيُقَاصَّهُ بِالدِّينَارِ عِنْدَ الْأَجَلِ اهـ، وَذَلِكَ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا بَاعَ إرْدَبًّا بِدِينَارَيْنِ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِدِينَارٍ إلَى ذَلِكَ الشَّهْرِ يُرِيدُ أَوْ إلَى أَبْعَدَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ وَلَا يُقَالُ إذَا غَابَ عَلَى مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَقَدْ انْتَفَعَ بِهِ وَالسَّلَفُ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ رَدُّ الْمِثْلِ بَلْ يَجُوزُ فِيهِ رَدُّ الْعَيْنِ وَالْمِثْلِ فَلِمَ لَا يَعُدُّونَهُ سَلَفًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا رَجَعَتْ الْعَيْنُ فَكَأَنَّهُمَا اشْتَرَطَا ذَلِكَ فَخَرَجَا عَنْ حَقِيقَةِ السَّلَفِ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ كَلَامُ التَّوْضِيحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَتَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ صِفَةً وَقَدْرًا أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَ فِي الصِّفَةِ أَوْ فِي الْقَدْرِ لَكَانَ الْحُكْمُ خِلَافَ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ أَمَّا إذَا خَالَفَهُ فِي الصِّفَةِ فَسَيُصَرِّحُ بِحُكْمِهِ فِي قَوْلِهِ وَهَلْ غَيْرُ صِنْفِ طَعَامِهِ إلَى آخِرِهِ وَأَمَّا إذَا خَالَفَهُ فِي الْقَدْرِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ أَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنْ اشْتَرَى أَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا بَاعَ سِلْعَتَيْنِ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَنَّهُ يُمْتَنَعُ فِيهَا خَمْسُ صُوَرٍ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَى أَحَدٌ السِّلْعَتَيْنِ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ سَوَاءٌ كَانَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً أَوْ أَقَلَّ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ لَكِنْ لَا بُدَّ فِي مَسْأَلَةِ الْمِثْلِيِّ مِنْ زِيَادَةِ تَفْصِيلٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَغِيبَ عَلَيْهِ أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَتَمْتَنِعُ الْخَمْسُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَأَمَّا إنْ غَابَ عَلَيْهِ فَتَمْتَنِعُ فِيهِ صُورَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ إلَى مِثْلِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ؛ لِأَنَّ مَا رَجَعَ لِلْبَائِعِ فَهُوَ سَلَفٌ وَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ قَاصَّهُ الْمُشْتَرِي بِمَا فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ يُعْطِيهِ مَا بَقِيَ ثَمَنًا لِلْمُتَأَخِّرِ وَاخْتُلِفَ فِي صُورَةٍ سَابِعَةٍ وَهِيَ أَنْ يَبْتَاعَ مِنْهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَقَلَّ مِنْ الطَّعَامِ مُقَاصَّةً فَإِنَّ قَوْلَ مَالِكٍ اخْتَلَفَ فِيهَا وَاضْطَرَبَ فِيهَا الْمُتَأَخِّرُونَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنْ اشْتَرَى أَكْثَرَ مِمَّا بَاعَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا بَاعَ سِلْعَةً إلَى أَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مَعَ سِلْعَةٍ أُخْرَى وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ فِيهَا سَبْعُ صُوَرٍ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَى نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ سَوَاءٌ كَانَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ بِأَقَلَّ أَوْ بِأَكْثَرَ أَمَّا إذَا كَانَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ؛ فَلِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَأَمَّا إذَا كَانَ أَكْثَرَ؛ فَلِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَيَمْتَنِعُ أَيْضًا لِأَبْعَدَ بِأَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَلَكِنْ لَا بُدَّ فِي مَسْأَلَةِ الْمِثْلِيِّ مِنْ تَفْصِيلٍ وَهُوَ إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ الْغَيْبَةِ أَوْ بَعْدَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْغَيْبَةِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ فَتَمْتَنِعُ الصُّوَرُ كُلُّهَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ إمَّا لِسَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا وَإِمَّا لِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ.
ص (وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدٌ ثَوْبَيْهِ لِأَبْعَدَ مُطْلَقًا أَوْ أَقَلَّ نَقْدًا امْتَنَعَ لَا بِمِثْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ) ش يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَاعَ ثَوْبَيْنِ مَثَلًا بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ كَأَنْ يَشْتَرِيَهُ لِشَهْرَيْنِ مَثَلًا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ بِأَكْثَرَ أَمَّا إذَا اشْتَرَاهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ؛ فَلِأَنَّ أَحَدَ ثَوْبَيْهِ قَدْ رَجَعَ إلَيْهِ وَصَارَ كَأَنَّهُ دَفَعَ ثَوْبًا لِلْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يُسَلِّفَهُ بَعْدَ شَهْرٍ عَشَرَةً يَرُدُّهَا إلَيْهِ بَعْدَ شَهْرَيْنِ وَذَلِكَ سَلَفٌ يَجُرُّ نَفْعًا وَإِذَا اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ فَذَلِكَ وَاضِحٌ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ فَفِيهِ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ؛ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةٍ مَثَلًا إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ فَالْعَشَرَةُ الَّتِي يَأْخُذُهَا فِي الْأَجَلِ بَعْضُهَا ثَمَنٌ
لِلثَّوْبِ وَبَعْضُهَا سَلَفٌ يَرُدُّهُ بَعْدَ شَهْرٍ وَقَوْلُهُ أَوْ أَقَلَّ أَيْ وَكَذَا يُمْتَنَعُ أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدَهُمَا بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ نَقْدًا لِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ؛ لِأَنَّ أَحَدَ ثَوْبَيْهِ رَجَعَ إلَيْهِ وَخَرَجَ مِنْ يَدِهِ ثَوْبٌ وَدَرَاهِمُ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ يَأْخُذُ عَنْ ذَلِكَ بَعْدَ شَهْرٍ عَشَرَةً مَعًا فَمَا يُقَابِلُ الدَّرَاهِمَ الَّتِي دَفَعَهَا سَلَفًا وَالْبَاقِي ثَمَنٌ، كَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ النَّقْدَ عَلَى الصُّورَتَيْنِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْحُكْمِ وَالْعِلَّةِ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّمَا تَظْهَرُ هَذِهِ التُّهْمَةُ إذَا كَانَ الثَّوْبُ الْبَاقِي قِيمَةَ قَدْرِ الزَّائِدِ عَلَى الدَّرَاهِمِ الْمُعَجَّلَةِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ يُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَالتُّهْمَةُ بَعِيدَةٌ وَيَنْبَغِي عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْجَوَازُ إذَا اتَّضَحَ ارْتِفَاعُ التُّهْمَةِ كَمَا أَجَازَ فِي الصَّرْفِ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمُعَجَّلِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا وَقَوْلُهُ لَا بِمِثْلِهِ وَأَكْثَرَ أَيْ لَا بِمِثْلِ الثَّمَنِ وَأَكْثَرَ مِنْهُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا إمَّا نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ وَبَقِيَ مِنْ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ الثَّلَاثِ الَّتِي لِلْأَجَلِ وَسَكَتَ عَنْهَا لِوُضُوحِ جَوَازِهَا
ص (وَامْتَنَعَ بِغَيْرِ صِنْفِ ثَمَنِهِ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْمُعَجَّلُ)
ش: مُرَادُهُ بِغَيْرِ الصِّنْفِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ ذَهَبًا وَالثَّانِي فِضَّةً أَوْ الْأَوَّلُ مُحَمَّدِيَّةً وَالثَّانِي يَزِيدِيَّةً فَيَئُولُ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الْبَائِعَ رَجَّعَ إلَيْهِ أَحَدُ ثَوْبَيْهِ وَخَرَجَ مِنْ يَدِهِ ثَوْبٌ وَذَهَبٌ يَأْخُذُ عَنْهُ عِنْدَ الْأَجَلِ فِضَّةً أَوْ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ ثَوْبٌ مُحَمَّدِيَّةٌ يَأْخُذُ عَنْهَا عِنْدَ الْأَجَلِ يَزِيدِيَّةً وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوِيًا نَقْدًا أَوْ إلَى دُونِ الْأَجَلِ نَفْسِهِ أَوْ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ وَاسْتَثْنَى الْمُصَنِّفُ مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ النَّقْدُ الْمُعَجَّلُ أَكْثَرَ مِنْ الْمُؤَجَّلِ جِدًّا وَأَصْلُهُ لِلَّخْمِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ.
ص (وَلَوْ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مَعَ سِلْعَةٍ نَقْدًا مُطْلَقًا أَوْ لِأَبْعَدَ بِأَكْثَرَ)
ش: يَعْنِي إذَا بَاعَ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ مَثَلًا إلَى شَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مَعَ ثَوْبٍ آخَرَ نَقْدًا امْتَنَعَ ذَلِكَ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ ثَوْبَهُ رَجَعَ إلَيْهِ وَخَرَجَ مِنْ يَدِهِ عَشَرَةٌ مَثَلًا أَخَذَ عَنْهَا ثَوْبًا ثُمَّ يَأْخُذُهَا بَعْدَ شَهْرٍ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِثَمَانِيَةٍ فَذَلِكَ وَاضِحٌ فِي الْفَسَادِ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ فَالْعَشَرَةُ الْمَرْدُودَةُ سَلَفٌ وَالزَّائِدُ ثَمَنٌ لِلثَّوْبِ الْمَزِيدِ فَجَاءَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ وَحُكْمُ مَا إذَا اشْتَرَاهُ لِأَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ كَذَلِكَ وَإِنْ اشْتَرَاهُ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ بِاثْنَيْ عَشَرَ مَثَلًا فَفِيهِ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ إلَّا أَنَّ الْمُسَلِّفَ هُنَا الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ إلَى الْبَائِعِ ثَوْبًا مَعَ ثَوْبِهِ وَبَعْدَ شَهْرٍ يَدْفَعُ لَهُ عَشَرَةً ثُمَّ يَأْخُذُ بَعْدَ شَهْرَيْنِ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهَا عَشَرَةٌ قَضَاءً وَاثْنَانِ ثَمَنٌ لِلثَّوْبِ
ص (أَوْ بِخَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ)
ش: هَذِهِ عَكْسُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا فَإِنَّ زِيَادَةَ السِّلْعَةِ فِي الْأُولَى كَانَتْ مِنْ الْمُشْتَرِي وَهَذِهِ مِنْ الْبَائِعِ وَمَعْنَاهَا أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ مَثَلًا ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِثَمَنٍ مِنْ جِنْسِ الْأَوَّلِ وَسِلْعَةٍ أُخْرَى وَصُوَرُهَا اثْنَا عَشَرَ صُورَةً؛ لِأَنَّ الْبَيْعَةَ الثَّانِيَةَ إمَّا بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ بِمِثْلِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِمَّا نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ أَوْ إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ أَوْ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِخَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ مِثَالٌ
لَمَّا اشْتَرَاهَا بِأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ مَعَ سِلْعَةٍ وَذِكْرُ الْخَمْسَةِ تَمْثِيلٌ وَيُرِيدُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا مِنْ كَوْنِ الثَّمَنِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ وَالْعِلَّةُ فِي الثَّلَاثِ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ إلَّا أَنَّ السَّلَفَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ مِنْ أَجَلِ الْبَيْعِ وَفِي الثَّالِثَةِ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَاهُ بِسِلْعَةٍ وَخَمْسَةٍ إلَى أَبْعَدَ مِنْ أَجَلِ الْمُشْتَرِي وَبَقِيَتْ مِنْ صُوَرِ مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَقَلَّ مِنْ الْأَوَّلِ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا إلَى الْأَجَلِ الْأَوَّلِ وَهِيَ جَائِزَةٌ وَلِوُضُوحِهَا سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْهَا وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ
ص (لَا بِعَشَرَةٍ وَسِلْعَةٍ)
ش: إلَى مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مِثْلَ الْأَوَّلِ فَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ يُرِيدُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ أَوْ إلَى الْأَجَلِ وَأَمَّا لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ فَامْتَنَعَ عَمَلًا بِقَوْلِهِ أَوَّلًا يُمْتَنَعُ مِنْهَا ثَلَاثٌ وَهِيَ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَأْخُذُ السِّلْعَةَ الْمُعَجَّلَةَ وَيُسَلِّفُ الْبَائِعَ عَشَرَةً بَعْدَ شَهْرٍ وَيَأْخُذُهَا بَعْدَ شَهْرٍ آخَرَ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَمَّا إذَا اشْتَرَاهَا بِسِلْعَةٍ وَأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهَا بِسِلْعَةٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ وَحُكْمُهَا حُكْمُ مَا إذَا اشْتَرَاهَا بِعَشَرَةٍ وَمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَيَجُوزُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ أَوْ إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ وَيَمْتَنِعُ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ لَا بِعَشَرَةٍ فَأَكْثَرَ إلَّا لِأَبْعَدَ لَوَفَّى بِجَمِيعِ ذَلِكَ بِالنَّصِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْجَوَازِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْبَيْعَةُ الثَّانِيَةُ بِعَشَرَةٍ فَأَكْثَرَ وَسِلْعَةٍ هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ؛ لِأَنَّ جَعْلَ السِّلْعَةِ الْعَائِدَةِ إلَى يَدِ الْبَائِعِ وَهِيَ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ أَوَّلًا مَبِيعَةً بِالثَّانِيَةِ الْخَارِجَةِ مِنْ يَدِهِ ثَانِيًا وَجَعْلَ الْعَشَرَةِ النَّقْدِ سَلَفًا فِي الْعَشَرَةِ الْمُؤَجَّلَةِ فَيَكُونُ بَيْعًا وَسَلَفًا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَوَهَمَ؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ إنَّمَا يَكُونُ مَبِيعًا بِالشَّاةِ إذَا قَدَّرْنَا أَنَّهُ انْتَقَلَ إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فِي الْمُعَاوَضَةِ الْأُولَى فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الْمُعَاوَضَةُ الْأُولَى صَحِيحَةً وَإِذَا صَحَّتْ كَانَتْ الْعَشَرَةُ قَدْ تَقَرَّرَتْ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ مَعَ بَيْعٍ صَحِيحٍ وَذَلِكَ مَانِعٌ؛ لَأَنْ يُعَدَّ قَضَاءً عَنْ سَلَفٍ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ ثَمَنًا وَسَلَفًا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ عَلَّلَ بِمَا ذَكَرَهُ وَإِلَّا فَقَدْ يُعَلِّلُ بِالضَّمَانِ بِجُعْلٍ؛ لِأَنَّهُ ضَمَّنَهُ السِّلْعَةَ بِالشَّاةِ وَتَعْجِيلِ الْعَشَرَةِ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ كَانَ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ لَمْ يَجُزْ، هَذِهِ عَكْسُ الَّتِي قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ السِّلْعَةِ كَانَتْ فِي الْأُولَى مِنْ الْمُشْتَرِي وَفِي هَذِهِ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَمَعْنَاهَا أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ مَثَلًا ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِخَمْسَةٍ وَشَاةٍ وَصُوَرُهَا أَيْضًا اثْنَا عَشَرَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَةَ الثَّانِيَةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ بِمِثْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ نَقْدًا أَوْ إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ أَوْ إلَى أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ إلَى أَبْعَدَ وَلَا يَجُوزُ مِنْهَا إلَّا إذَا كَانَ الْبَيْعُ إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ، بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ ثَوْبَهُ قَدْ رَجَعَ إلَيْهِ فَصَارَ لَغْوًا وَآلَ أَمْرُهُ إلَى أَنْ دَفَعَ خَمْسَةً وَشَاةً نَقْدًا يَأْخُذُ عَنْهَا عَشَرَةً إلَى شَهْرٍ وَذَلِكَ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ يَدْفَعُ الْخَمْسَةَ إلَى نِصْفِ شَهْرٍ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ يَدْفَعُ الْخَمْسَةَ بَعْدَ شَهْرَيْنِ فَكَذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُنَا هُوَ الْمُسَلِّفُ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ تَحِلُّ بِحُلُولِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ فَلَا مَانِعَ لِوُجُوبِ الْمُقَاصَّةِ، انْتَهَى. وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ شَيْخُ شُيُوخِنَا الْقَاضِي عَبْدُ الْقَادِرِ الْأَنْصَارِيُّ رحمه الله وَقَالَ هَذَا كَلَامٌ غَيْرُ صَحِيحٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصُّوَرِ الِاثْنَيْ عَشْرَ وَيُشِيرُ إلَى مَا تَقَدَّمَ
مِنْ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى الثَّوْبَ بِعَشَرَةٍ وَثَوْبٍ أَوْ بِأَكْثَرَ جَازَ (قُلْت) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ رحمه الله لَمْ يُرِدْ هَذَا؛ لِأَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ صَرَّحَ بِجَوَازِ مَا ذُكِرَ إثْرَ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ مَعَ ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهَا إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَقِيَّةُ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله أَنَّ الْخَمْسَةَ وَالشَّاةَ تَارَةً يَكُونَانِ مِثْلَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ بِأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الشَّاةِ خَمْسَةً وَتَارَةً يَكُونَانِ أَقَلَّ بِأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الشَّاةِ أَرْبَعَةً فَأَقَلَّ وَتَارَةً يَكُونَانِ أَكْثَرَ بِأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الشَّاةِ سِتَّةً فَأَكْثَرَ وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ مَا قَالَهُ رحمه الله مِنْ الْمَنْعِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ وَذَلِكَ بَيِّنٌ مِنْ كَلَامِهِ رحمه الله؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إمَّا أَنْ يَكُونَ النَّقْدُ الَّذِي مَعَ الشَّاةِ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ مِثْلَ وَإِنَّمَا قَالَ: لِأَنَّ الْبَيْعَةَ الثَّانِيَةَ إمَّا بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ إلَى آخِرِهِ فَتَأَمَّلْهُ مُنْصِفًا، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
ص (وَإِنْ أَسْلَمَ فَرَسًا فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّ مِثْلَهُ مَعَ خَمْسَةٍ مُنِعَ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ اسْتَرَدَّهُ إلَّا أَنْ تَبْقَى الْخَمْسَةُ لِأَجَلِهَا؛ لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ أَوْ الْمُؤَخَّرَ مُسَلِّفٌ)
ش: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا لَيْسَتَا مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ وَلَكِنْ ذَكَرَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْآجَالِ لِمُشَابَهَتِهِمَا لِمَسَائِلِهِ فِي بِنَائِهِمَا عَلَى سَدِّ الذَّرَائِعِ وَتُسَمَّى الْأُولَى مِنْهُمَا مَسْأَلَةَ الْبِرْذَوْنِ؛ لِأَنَّهَا فِي أَصْلِ الْمُدَوَّنَةِ فُرِضَتْ فِي بِرْذَوْنٍ وَفَرَضَهَا الْبَرَاذِعِيُّ فِي فَرَسٍ وَالثَّانِيَةُ مَسْأَلَةُ حِمَارِ رَبِيعَةَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهَا وَلَكِنَّهَا مُوَافِقَةً لِأُصُولِ الْمَذْهَبِ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِيهَا مَسْأَلَتَا الْفَرَسِ وَالْحِمَارِ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ وَمِنْهَا وَالْأُولَى هِيَ الصَّوَابُ لِإِيهَامِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ مِنْ مَسَائِلِ بُيُوعِ الْآجَالِ وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ أَسْلَمَ فَرَسًا فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّ مِثْلَهُ أَيْ فَرَسًا مِثْلَهُ مَعَ خَمْسَةٍ أَيْ مِنْ الْعَشَرَةِ وَأَبْرَأَ ذِمَّتَهُ مِنْ الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ مُنِعَ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ عَجَّلَ الْخَمْسَةَ أَوْ أَخَّرَهَا إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ أَوْ إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ أَوْ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ آلَ أَمْرُهُ إلَى أَنَّهُ أَسْلَفَهُ فَرَسًا فَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَهُ، وَكُلُّ مَا يُعْطِيهِ مَعَهُ فَهُوَ زِيَادَةٌ لِأَجْلِ السَّلَفِ فَإِنْ قِيلَ مُقْتَضَى هَذَا أَنْ يَمْنَعَ مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مَا إذَا بَاعَ مُقَوَّمًا إلَى أَجَلٍ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَى مِثْلَهُ بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ آلَ أَمْرُهُ إلَى أَنَّهُ أَسْلَفَهُ ذَلِكَ الْمُقَوَّمَ يَنْتَفِعُ بِهِ ثُمَّ يَرُدُّهُ وَيُعْطِيهِ ثَمَانِيَةً وَيَأْخُذُ عَنْهَا عَشَرَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مِثْلَهُ كَغَيْرِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَمْ يَقْصِدْ الْمُتَبَايِعَانِ نَقْضَ الْبَيْعَةِ الْأُولَى بَلْ أَبْقَيَاهَا وَاسْتَأْنَفَا بَيْعَةً ثَانِيَةً لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْأُولَى فَوَجَبَ بَقَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى حَالِهَا فَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْفَرَسِ فَكَأَنَّهُمَا قَصَدَا نَقْضَ الْبَيْعَةِ الْأُولَى فَوَجَبَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَا خَرَجَ مِنْ الْيَدِ وَعَادَ إلَيْهَا كَمَا فِي بِيَاعَاتِ الْأَجَلِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ قُصَارَى الْأَمْرِ فِي مَسَائِلِ الْآجَالِ إنْ نَتَّهِمَهُمَا عَلَى نَقْضِ الْبَيْعَةِ الْأُولَى وَهُنَا قَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَنَّ مِثْلَ الْمُقَوَّمِ لَيْسَ كَعَيْنِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ كَمَا لَوْ اسْتَرَدَّهُ إلَخْ أَيْ وَكَذَلِكَ يُمْتَنَعُ أَيْضًا إذَا اسْتَرَدَّ الْفَرَسَ نَفْسَهُ مَعَ خَمْسَةِ أَثْوَابٍ مِنْ الْعَشَرَةِ وَأَبْرَأَ ذِمَّتَهُ مِنْ الْخَمْسَةِ الْأُولَى لَكِنْ إنَّمَا يُمْتَنَعُ إذَا كَانَتْ الْخَمْسَةُ الْأَثْوَابُ مُعَجَّلَةً أَوْ مُؤَخَّرَةً إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ أَوْ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ وَأَمَّا إذَا أَبْقَاهَا إلَى الْأَجَلِ فَيَجُوزُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَبْقَى الْخَمْسَةُ إلَى أَجَلِهَا ثُمَّ بَيَّنَ عِلَّةَ الْمَنْعِ فَقَالَ: لِأَنَّ الْمُعَجِّلَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ أَوْ الْمُؤَخِّرَ مُسْلِفٌ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا عَجَّلَهَا صَارَ كَأَنَّهُ أَسْلَفَهُ إيَّاهَا؛ لِأَنَّ الْمُعَجِّلَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ مُسَلِّفٌ لِمَا عَجَّلَهُ لِتَقَضِّيهِ
مِنْ نَفْسِهِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَقَدْ أَسْلَفَهُ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ وَدَفَعَ لَهُ الْفَرَسَ عِوَضًا عَنْ الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ وَهَذَا بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَكَذَا إذَا أَجَّلَهَا إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ وَأَمَّا إذَا أَخَّرَهَا إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ فَقَدْ صَارَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ آخِذًا الْفَرَسَ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ وَسَلَّفَ الْمُشْتَرِيَ الْخَمْسَةَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَخَّرَهُ بِهَا عَنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ صَارَ مُسْلِفًا لَهُ وَهَذَا أَقْوَى مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمُعَجِّلَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يُعَدُّ مُسْلِفًا أَمْ لَا وَأَمَّا الْمُؤَخِّرُ لِمَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ مُسْلِفٌ وَأَمَّا إذَا أَبْقَى الْخَمْسَةَ إلَى أَجَلِهَا فَذَلِكَ جَائِزٌ لِانْتِقَاءِ السَّلَفِ حِينَئِذٍ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَبْقَى الْخَمْسَةُ لِأَجَلِهَا عَائِدٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَكَذَا التَّعْلِيلُ وَهَذَا الْحُكْمُ جَارٍ فِيمَا إذَا أَخَذَ بَعْضَ الْأَثْوَابِ وَأَخَذَ فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ شَيْئًا مُخَالِفًا لِلْفَرَسِ فَيُمْتَنَعُ إذَا كَانَ مَا يَأْخُذُ مِنْ الْأَثْوَابِ مُعَجَّلًا أَوْ مُؤَخَّرًا لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ وَيَجُوزُ إذَا أَبْقَى إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ تَجْعَلُوهُ إذَا رَدَّ الْفَرَسَ بِمَثَابَةِ مَا إذَا رَدَّ مِثْلَهُ وَكَأَنَّهُ آلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّهُ أَسْلَفَهُ فَرَسًا فَرَدَّهُ وَمَا يَأْخُذُ زِيَادَةً فَإِنَّهُ قَدْ انْتَفَعَ بِهِ وَالسَّلَفُ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ رَدُّ الْمِثْلِيِّ فَالْجَوَابُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. أَنْ يُقَالَ لَمَّا رَجَعَتْ الْعَيْنُ فَكَأَنَّهُمَا اشْتَرَطَا ذَلِكَ فَخَرَجَا عَنْ حَقِيقَةِ السَّلَفِ وَيُؤْخَذُ هَذَا مِنْ كَلَامِهِ فِي التَّوْضِيحِ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَنَّ مِثْلَ الْمِثْلِيِّ يَقُومُ مَقَامَهُ
ص (وَإِنْ بَاعَ حِمَارًا بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ وَدِينَارًا نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا مُنِعَ مُطْلَقًا إلَّا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ لِلْأَجَلِ)
ش: أَيْ وَإِنْ بَاعَ حِمَارًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ أَيْ الْحِمَارَ وَدِينَارًا نَقْدًا يُرِيدُ أَوْ مِثْلَهُ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ مُؤَجَّلًا يَعْنِي أَوْ كَانَ الدِّينَارُ أَوْ صَرْفُهُ مِنْ الْفِضَّةِ مُؤَجَّلًا مُنِعَ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ أَوْ إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ أَوْ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ نَقْدًا فَهُوَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ تَقَرَّرَ فِي ذِمَّتِهِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ إلَى أَجَلٍ دَفَعَ عَنْهَا مُعَجَّلًا الْحِمَارَ وَدِينَارًا لِيَأْخُذَ مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَ الْأَجَلِ عَشَرَةً، تِسْعَةٌ عِوَضٌ عَنْ الْحِمَارِ وَدِينَارٌ عَنْ الدِّينَارِ الْمُتَقَدِّمِ وَإِنْ كَانَ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ أَوْ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ فَهُوَ فَسْخُ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ الْعَشَرَةُ فِي دَيْنٍ آخَرَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ بَعْضَ دَيْنِهِ الْوَاجِبَ لَهُ أَوَّلًا بِالدَّيْنِ الَّذِي زَادَهُ مَعَ الْحِمَارِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْمَزِيدُ مَعَ الْحِمَارِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ إلَى مِثْلِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ وَيَدْخُلُهُ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ نَوْعِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ الصَّرْفُ الْمُؤَخَّرُ ثُمَّ اسْتَثْنَى الْمُصَنِّفُ مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةً فَقَالَ إلَّا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ لِلْأَجَلِ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَزِيدُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ يَعْنِي مِنْ نَوْعِهِ وَصِفَتِهِ وَكَانَ مُؤَخَّرًا لِأَجَلِ نَفْسِهِ كَمَا إذَا بَاعَ الْحِمَارَ بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ وَدِينَارًا مُؤَخَّرًا لِلشَّهْرِ؛ لِأَنَّ مَا آلَ أَمْرُهُ إلَى أَنَّهُ اشْتَرَى الْحِمَارَ بِتِسْعَةٍ مِنْ الْعَشَرَةِ وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ وَقَالَ شَيْخُ شُيُوخِنَا الْقَاضِي عَبْدُ الْقَادِرِ الْأَنْصَارِيُّ رحمه الله هَكَذَا قَرَّرُوا وَلَوْ قِيلَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِالْمَنْعِ كَمَا قِيلَ فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ بَاعَ بَعْضَ دَيْنِهِ الْوَاجِبَ لَهُ أَوَّلًا بِالدَّيْنِ الَّذِي زَادَهُ مَعَ الْحِمَارِ لِمَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قُلْت) وَلَا خَفَاءَ فِي بُعْدِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ اخْتِلَافِ الْعِوَضَيْنِ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الِاخْتِلَافِ إمَّا فِي الْجِنْسِ أَوْ النَّوْعِ أَوْ الْأَجَلِ، وَالْمَزِيدُ هُنَا إنَّمَا هُوَ بَعْضُ الْأَوَّلِ بِعَيْنِهِ وَأَجَلِهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْبَيْعُ وَإِنَّمَا آلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّهُ بَاعَ الْحِمَارَ بِتِسْعَةٍ كَمَا قَالُوا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ زِيدَ غَيْرُ عَيْنٍ وَبَيْعٍ بِنَقْدٍ لَمْ يُقْبَضْ جَازَ إنْ عَجَّلَ الْمَزِيدَ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْحِمَارَ
بِعَشَرَةٍ مَثَلًا إلَى أَجَلٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ وَزَادَهُ الْمُشْتَرِي مَعَ الْحِمَارِ عِوَضًا فَإِنَّهُ جَائِزٌ كَمَا إذَا عَجَّلَ الْمَزِيدَ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ بَاعَ الْعَشَرَةَ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ بِعَرْضٍ وَحِمَارٍ وَلَا مَانِعَ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَزِيدُ غَيْرَ مُعَجَّلٍ فَلَا يَجُوزُ كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ أَوْ بِيعَ بِنَقْدٍ لَمْ يُقْبَضْ، كَذَا صَوَابُهُ بِأَوْ وَمُرَادُهُ بِالنَّقْدِ هُنَا الْمُعَجَّلُ لَا النَّقْدُ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ الْعَرْضِ يَعْنِي فَإِنْ بَاعَ الْحِمَارَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مَثَلًا نَقْدًا وَلَمْ يَقْبِضْهَا الْبَائِعُ. وَأَعْطَاهُ الْمُشْتَرِي الْحِمَارَ وَزِيَادَةً عِوَضًا عَنْ تِلْكَ الدَّنَانِيرِ
فَإِنْ عَجَّلَ الزِّيَادَةَ الَّتِي مَعَ الْحِمَارِ جَازَ يُرِيدُ إنْ لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ فِضَّةً وَإِلَّا دَخَلَهُ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ الْمُؤَخَّرُ وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ بِيَزِيدِيَّةٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ مَعَ زِيَادَةِ مُحَمَّدِيَّةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ جَازَ إنْ عَجَّلَ الْمَزِيدَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُعَجِّلْ لَمْ يَجُزْ وَهُوَ كَذَلِكَ وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا أَعْنِي قَوْلَهُ وَإِنْ زِيدَ غَيْرُ عَيْنٍ وَالْمَنْعُ فِيهَا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ فِيهَا مُؤَجَّلٌ فَقَدْ انْتَقَلَ الْبَائِعُ عَنْهُ إلَى حِمَارٍ مُؤَجَّلٍ وَسَوَاءٌ كَانَ إلَى الْأَجَلِ أَوْ إلَى أَبْعَدَ مِنْهُ أَوْ أَقَلَّ وَأَمَّا إذَا بِيعَ بِنَقْدٍ لَمْ يُقْبَضْ وَلَمْ يُعَجَّلْ الْمَزِيدُ فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ نَوْعِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَهُوَ تَأْخِيرٌ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ بِشَرْطٍ وَذَلِكَ سَلَفٌ اقْتَرَنَ بِالْبَيْعِ الثَّانِي فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ وَهُوَ مِنْ الْعَيْنِ فَهُوَ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ وَإِنْ كَانَ عَرْضًا فَهُوَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُقْبَضْ أَنَّ الْبَائِعَ لَوْ بَاعَ حِمَارَهُ بِنَقْدٍ وَقَبَضَهُ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ مَعَ زِيَادَةٍ جَازَ سَوَاءٌ عَجَّلَ الْمَزِيدَ أَمْ لَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ غَازِيٍّ.
(فَرْعٌ) فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ الْبَائِعِ جَازَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ الْبَيْعَةُ الْأُولَى نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ مُؤَجَّلَةً وَهِيَ مِنْ صِنْفِ الْمَبِيعِ كَمَا إذَا اسْتَرَدَّ الْحِمَارَ عَلَى أَنْ زَادَهُ حِمَارًا مُؤَجَّلًا فَيُمْتَنَعُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَكَانَ الْمُشْتَرِي أَسْلَفَ الْبَائِعَ حِمَارًا يَقْبِضُهُ مِنْهُ إلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ أَسْقَطَ الْبَائِعُ عَنْهُ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ.
ص (وَصَحَّ أَوَّلٌ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَفُوتَ الثَّانِي فَيُفْسَخَانِ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ خِلَافٌ)
ش: يَعْنِي أَنَّ بُيُوعَ الْآجَالِ إذَا وَقَعَتْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ سِلْعَةً إلَى شَهْرٍ بِعَشْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ لَمْ يَفُتْ فَإِنَّ الْبَيْعَةَ الْأُولَى صَحِيحَةً وَتُفْسَخُ الثَّانِيَةُ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ إنَّمَا جَاءَ مِنْهَا وَهُوَ دَائِرٌ مَعَهَا أَمَّا فَسْخُ الثَّانِيَةِ فَبِاتِّفَاقٍ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِيهِ خِلَافًا ضَعِيفًا وَأَمَّا عَدَمُ فَسْخِ الْأُولَى فَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُفْسَخُ الْبَيْعَتَانِ مَعًا قَالَ إلَّا أَنْ يَصِحَّ أَنَّهُمَا يَتَعَامَلَانِ عَلَى الْعِينَةِ فَإِنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ بِحَوَالَةِ سُوقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَمَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فَتُفْسَخُ الْبَيْعَتَانِ مَعًا وَيَكُونُ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي الثَّمَنُ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ هَلْ لَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ الْبَيْعَتَيْنِ مَعًا مَعَ الْفَوَاتِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ الْبَائِعُ فِي الْبَيْعَةِ الْأُولَى أَوْ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ إنَّمَا يُفْسَخَانِ مَعًا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ الْبَائِعُ أَوَّلًا، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يُفْسَخْ إلَّا الْبَيْعَةُ الثَّانِيَةُ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَتَيْنِ لَمَّا ارْتَبَطَتْ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى صَارَا فِي مَعْنَى الْعَقْدِ الْوَاحِدِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَصَرَّحَ ابْنُ شَاسٍ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ هُوَ الْأَصَحُّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَعَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِالْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ كِنَانَةَ وَسَحْنُونٍ وَتَأَوَّلَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَوْ فُسِخَتْ الثَّانِيَةُ