الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا أَنَا إلَّا فُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ يَعْنِي أَبَاهُ فَأَجَابَ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَأَجَابَ الْقَاضِي الْقَابِسِيُّ بِأَنَّهُ حَانِثٌ؛ لِأَنَّهُ يَمِينُ غَمُوسٍ، قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: قُلْت إنْ كَانَ مَقْصِدُهُ أَنَّهُ يُنْسَبُ إلَى أَبِيهِ لَا إلَى غَيْرِهِ فَهُوَ بَارٌّ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ أَرَادَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَيَجْرِي عَلَى الْيَمِينِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ أَنَّهُ كَالشَّكِّ وَالْوَهْمِ وَلِهَذَا قَالَ غَمُوسٌ، انْتَهَى.
ص (بِخِلَافِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ)
ش: نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْعِتْقِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي أَوَائِلِهِ وَقَوْلُهُ فَقَطْ احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا قَالَ: إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فِي الطَّلَاقِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ جَاعَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ فَلَا خِلَافَ كَمَا أَنَّهُ إذَا قَالَ: إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ يَنْفَعُهُ بِلَا خِلَافٍ، انْتَهَى. بِالْمَعْنَى وَسَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِق إلَّا أَنَّ يُبَدِّلَ اللَّهُ مَا فِي خَاطِرِي]
(مَسْأَلَةٌ نَازِلَةٌ) رَجُلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يُبَدِّلَ اللَّهُ مَا فِي خَاطِرِي فَأَجَبْتُ بِأَنَّهَا كَمَسْأَلَةِ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي وَالْمَشْهُورُ فِيهَا اللُّزُومُ بَلْ حَكَى ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ جَاعَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي لُزُومِ الطَّلَاقِ وَأَشَرْتُ بِذَلِكَ لِكَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ.
ص (أَوْ كَأَنْ لَمْ تَمْطُرْ السَّمَاءُ غَدًا)
ش: اللَّخْمِيُّ وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ كَانَتْ طَالِقًا السَّاعَةَ لِأَنَّ السَّمَاءَ لَا بُدَّ أَنْ تُمْطِرَ وَإِنْ قَالَ: إنْ لَمْ تُمْطِرْ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ عَمَّ أَوْ خَصَّ بَلَدًا؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تُمْطِرَ فِي زَمَنٍ مَا وَكَذَلِكَ إنْ ضَرَبَ أَجَلًا عَشْرَ سِنِينَ أَوْ خَمْسَ سِنِينَ.
[مَسْأَلَةٌ قَالَ خَيْمَتُهُ عَلَيَّ حَرَامٌ وَالْخَيْمَةُ فِي عُرْفِهِمْ كِنَايَةٌ عَنْ الزَّوْجَةِ]
(مَسْأَلَةٌ نَازِلَةٌ) وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا خَاصَمَ شَخْصًا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا وَكَأَنَّهُ الْمَظْلُومُ خَيْمَتُهُ عَلَيَّ حَرَامٌ إنْ لَمْ يُنْصِفُنِي اللَّهُ مِنْ فُلَانٍ فَمَكَثَ يَوْمَيْنِ وَنَحْوَهُمَا فَأَصَابَهُ مَرَضٌ فَقَتَلَهُ وَالْخَيْمَةُ فِي عُرْفِهِمْ كِنَايَةٌ عَنْ الزَّوْجَةِ فَأَجَبْتُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ هَذَا مِنْ الْحَلِفِ عَلَى الْغَيْبِ نَحْوُ إنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ غَدًا فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَنْجُزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى وَقَعَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ يُوصِي مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ، قَالَ الْمُغِيرَةُ: يَلْزَمُهُ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَلْزَمُهُ وَذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَحُكِيَ عَنْ فَضْلِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَنَّهُ حَكَى الْقَوْلَيْنِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ
ص (أَوْ يَحْلِفُ لِعَادَةٍ فَيُنْتَظَرُ)
ش: كَمَا فِي حَدِيثِ الْمُوَطَّإِ إنْ نَشَأَتْ بِحُرِّيَّةٍ فَتَشَاءَمَتْ
فَتِلْكَ عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ، قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ: أَيْ كَثْرَةُ الْمَاءِ هَكَذَا جَاءَتْ مُصَغَّرَةً وَهُوَ مِنْ تَصْغِيرِ التَّعْظِيمِ، انْتَهَى. مِنْ بَابِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ مَعَ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ فَيَكُونُ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ قَافٍ مَفْتُوحَةٍ، انْتَهَى. وَأَمَّا قَوْلُهُ بِحُرِّيَّةٍ فَرَأَيْتُهُ مَضْبُوطًا بِالْفَتْحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي تَشَاءَمَتْ الْعَائِدُ لِلسَّحَابَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ السِّيَاقِ وَقَدْ وَرَدَ إذَا نَشَأَتْ السَّحَابَةُ مِنْ الْعَيْنِ فَتِلْكَ عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ وَالْغَدَقُ بِفَتْحِ الدَّالِ الْمَطَرُ الْكِبَارُ وَغَدَقٌ اسْمُ بِئْرٍ مَعْرُوفَةٍ فِي الْمَدِينَةِ، قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ
ص (أَوْ بِمُحَرَّمٍ كَأَنْ لَمْ أَزْنِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ قَبْلَ التَّنْجِيزِ)
ش: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَبَرُّ بِمُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَهُ هُنَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّنْجِيزَ إنَّمَا يَكُونُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (أَوْ إنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ)
ش: قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: وَإِنْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةِ مَا لَا تَصِحُّ مَشِيئَتُهُ كَالْجَمَادَاتِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانَاتِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ أَوْ يَنْشُدُ هَذَا الْحِمَارُ قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى. هَلْ يَلْزَمُ الطَّلَاقُ أَمْ لَا فَالْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَالثَّانِي وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي النَّوَادِرِ وَبِهِ قَالَ سَحْنُونٌ، انْتَهَى.
ص (أَوْ لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَةُ الْمُعَلَّقِ بِمَشِيئَتِهِ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ قَبْلَ أَنْ يَشَاءَ وَقَدْ عَلِمَ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ كَانَ مَيِّتًا قَبْلَ يَمِينِهِ أَوْ قَالَ لَهَا: إنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ أَوْ الْحَائِطُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ نَاجِي: وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ كَانَ مَيِّتًا قَبْلَ يَمِينِهِ عَلِمَ بِذَلِكَ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَقِيلَ يَلْزَمُ الطَّلَاقُ إنْ عَلِمَ وَيُعَدُّ نَادِمًا، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ فُلَانٌ مَيِّتًا وَلَمْ يَعْلَمْ الزَّوْجُ بِمَوْتِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ عَالِمًا بِمَوْتِهِ فَذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ مَيِّتٌ كَانَتْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةٌ فَإِنْ كَلَّمَهُ طَلُقَتْ عَلَيْهِ، انْتَهَى.
ص (أَوْ لَا يُشْبِهُ الْبُلُوغَ إلَيْهِ)
ش: أَيْ لَا يَبْلُغُهُ عُمُرُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُمَا مَعًا، قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَيْضًا، قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَالْمُعْتَبَرُ الْأَعْمَارُ الَّتِي يَعْمُرُ إلَيْهَا الْمَفْقُودُ عَلَى الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ، انْتَهَى.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ قَائِلَ هَذَا لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ وَلَوْ عَاشَ إلَى الْأَجَلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مِثْلًا؛ لِأَنَّهُ حَكَى فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْجَلَّابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: تَطْلُقُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَالْأُخْرَى لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِحَالٍ، انْتَهَى. وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَالْأُخْرَى أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ، انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (أَوْ طَلَّقْتُكِ وَأَنَا صَبِيٌّ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ فِي تَرْجَمَةِ الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ: وَإِنْ قَالَ لَهَا: طَلَّقْتُكِ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجُكِ أَوْ أَنَا صَبِيٌّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: وَأَنَا مَجْنُونٌ إنْ عُرِفَ أَنَّهُ كَانَ بِهِ جُنُونٌ، انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ نَاجِي: مَا ذَكَرَهُ فِي الْمِثَالَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لَا خُصُوصِيَّةَ لِذَلِكَ بَلْ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: طَلَّقْتُكِ فِي مَنَامِي أَوْ قَالَ: قَبْلَ أَنْ تُولَدِي فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَهُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ، قَالَهُ سَحْنُونٌ وَقِيلَ يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ، قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْجُنُونِ هُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ أَيْضًا وَقِيلَ يُقْبَلُ سَوَاءٌ كَانَ بِهِ جُنُونٌ أَمْ لَا، قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَعَكْسُهُ وَقَيَّدَ الْمَغْرِبِيُّ قَوْلَهَا فِي الصَّبِيِّ بِمَا بَعْدَهُ، فَقَالَ: مَعْنَاهُ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ حَالَةَ الصِّبَا وَأَطْلَقَهَا الْأَكْثَرُ وَأَقَامَ الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الْمُفْتِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ السَّكُونِيُّ مِنْهَا إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ ذِرَاعِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، قَالَ: وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ يَلْزَمُهُ وَكَانَ شَيْخُنَا حَفِظَهُ اللَّهُ يَذْكُرُ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَدْ سَبَقَهُ بِهِ وَذَكَرْتُهُ فِي دَرْسِ شَيْخِنَا ابْنِ مَهْدِيٍّ، فَقَالَ: يُمْنَعُ التَّخْرِيجُ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ يَجْرِي عَادَةُ النَّاسِ بِالْحَلِفِ بِالذِّرَاعِ فَلَا بُعْدَ مِنْهُ نَدَمًا اتِّفَاقًا، انْتَهَى.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي التَّقْيِيدِ الْكَبِيرِ: قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لَهَا: طَلَّقْتُكِ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ، الشَّيْخُ، صُورَتُهُ أَنْ يَكُونَ قَالَ لَهَا: فُلَانَةُ طَالِقٌ وَلَمْ يَذْكُرْ شَرْطَ التَّزْوِيجِ وَأَمَّا إنْ ذَكَرَهُ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ أَوْ وَأَنَا صَبِيٌّ، الشَّيْخُ، إنْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ تَزَوَّجَهَا فِي حَالِ الصِّبَا صَدَقَ فِيمَا قَالَ الْآنَ وَأَمَّا الصِّبَا فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ كَانَ صَبِيًّا وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّقْيِيدِ قَوْلُهُ إنْ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ بِهِ جُنُونٌ وَكَذَلِكَ إنْ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَقَالَ سَحْنُونٌ: يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَكَذَلِكَ نَدِمَ وَقَوْلُهُ أَوْ مَجْنُونٌ اللَّخْمِيُّ إنْ عُلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ فِي حَالِ جُنُونِهِ، انْتَهَى.
ص (أَوْ إنْ وَلَدْتِ جَارِيَةً)
ش: اعْلَمْ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ جَرَى فِي هَذَا الْمَحَلِّ عَلَى غَيْرِ عَادَتِهِ أَنْ يَذْكُرَ الْمَشْهُورَ وَلَا يَذْكُرَ الطُّرُقَ وَهُنَا ذَكَر طَرِيقَيْنِ الْأُولَى مِنْهُمَا هِيَ الَّتِي قَدَّمَهَا فِي قَوْلِهِ كَإِنْ كَانَ فِي بَطْنِكِ غُلَامٌ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ إنْ كُنْتِ حَامِلًا أَوْ لَمْ تَكُونِي وَهَذِهِ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ يَنْجُزُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ بِصِيغَةِ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ وَنَصُّهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ قَالَ: إنْ وَلَدْتِ جَارِيَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ إنْ لَمْ تَلِدِي غُلَامًا فَأَنْتِ طَالِقٌ نَحْوُ الِاخْتِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ إنْ كُنْتِ حَامِلًا أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَفِي قَوْلِ مَالِكٍ إنَّهَا طَالِقٌ مَكَانَهَا فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، انْتَهَى. وَالِاخْتِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ هِيَ الْأَرْبَعَةُ الْأَقْوَالُ الَّتِي ذَكَرَهَا التَّوْضِيحُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْآنَ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي عِيَاضٍ، قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَطْنِكِ غُلَامٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ لِأَنَّهَا شَاكَّةٌ فِي حَالِهَا الْآنَ وَهَذَا الْخِلَافُ إنْ وَلَدَتْ جَارِيَةً وَإِذَا وَلَدَتْ جَارِيَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى تَلِدَ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِشَرْطٍ وَكَذَلِكَ إنْ أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ غَدًا فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تُمْطِرَ وَكَذَا بَيِّنَةٌ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ، انْتَهَى.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: فَيَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ عِيَاضٍ أَنَّهُ حَمَلَ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ عَلَى التَّفْسِيرِ وَكَذَلِكَ يَظْهَرُ مِنْ ابْنِ يُونُسَ وَيَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ خِلَافٌ، انْتَهَى. مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (إذَا حَمَلَتْ)
ش:
الظَّاهِرُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ يَائِسَةً لَا تَحِيضُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَانْتَظَرَ إنْ أَثْبَتَ كَيَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ)
ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ مُحْتَمَلٍ غَيْرِ غَالِبٍ يَثْبُتُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ حَتَّى يَقَعَ الْأَمْرُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ كَمَا إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا قَدِمَ فُلَانٌ أَوْ إنْ قَدِمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ، انْتَهَى.
(تَنْبِيهَانِ. الْأَوَّلُ) قَالَ ابْنُ نَاجِي: وَمَعْنَاهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ جَعْلَ قُدُومِهِ أَجَلًا فَإِنْ قَصَدَهُ طَلُقَتْ الْآنَ، انْتَهَى.
يَعْنِي أَنَّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُرَادُهُ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ عَلَى الْوَقْتِ فَأَمَّا إنْ كَانَ مُرَادُهُ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ عَلَى الْوَقْتِ وَذِكْرِ الْأَمْرِ الْمُوَقَّتِ عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى وَقْتٍ، وَقَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّوَادِرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) قَالَ ابْنُ نَاجِي إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: وَظَاهِرُ الْكِتَابِ لَوْ قَدِمَ بِفُلَانٍ مَيِّتًا فَإِنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ قَوْلُهَا إذَا قَدِمَ فُلَانٌ، قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ سَحْنُونٍ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا أَبُو مَهْدِيٍّ، وَقَالَ شَيْخُنَا حَفِظَهُ اللَّهُ يَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلَيْنِ مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الْأَيْمَانِ إذَا حَلَفَ لَا دَخَلَ عَلَيْهِ بَيْتًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَيِّتًا فَالرِّوَايَاتُ الْحِنْثُ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَانْظُرْ اللَّخْمِيَّ إذَا قَالَ: إنْ قَدِمَ أَبِي، انْتَهَى. مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ فِي تَرْجَمَةِ جَامِعِ الْقَوْلِ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ قُدُومِ فُلَانٍ فَقَدِمَ فِي نِصْفِ النَّهَارِ تَبَيَّنَ الْوُقُوعَ أَوَّلَ النَّهَارِ وَلَوْ قَدِمَ لَيْلًا لَمْ تَطْلُقْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالْقُدُومِ، انْتَهَى.
وَقَالَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي آخِرِ تَرْجَمَةِ جَامِعِ الْقَوْلِ فِي الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ: وَإِنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ أَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَهَا لَيْلًا أَوْ حَلَفَ عَلَى اللَّيْلِ فَدَخَلَهَا نَهَارًا دُونَ لَيْلٍ أَوْ لَيْلًا دُونَ نَهَارٍ حَنِثَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ، انْتَهَى. فَتَأَمَّلْهُ.
مَعَ كَلَامِ الْجَوَاهِرِ فَإِنَّهُمَا يَتَعَارَضَانِ فِيمَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَانْظُرْ كَلَامَ الْجَوَاهِرِ أَيْضًا مَعَ مَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ فِي أَثْنَاءِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ مُشَبِّهًا مَسْأَلَةً بِمَسْأَلَةٍ وَنَصُّهُ وَكَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ مِنْ سَفَرِهِ فَقَدِمَ زَيْدٌ لَيْلًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ يَوْمَ الْوَقْتُ وَإِطْلَاقُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ عَلَى الْوَقْتِ مَجَازٌ وَالْوَقْتُ هُوَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ فَلِهَذَا لَزِمَهُ الطَّلَاقُ، انْتَهَى.
وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي كَلَامِ الشَّعْبِيِّ: مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: يَوْمَ تَلِدُ فُلَانَةُ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَقَالَ الْآخَرُ: لَيْلَةَ أَنْ تَلِدَ فُلَانَةُ فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنْ وَلَدَتْ نَهَارًا عَتَقَ الْأَوَّلُ وَإِنْ وَلَدَتْ لَيْلًا عَتَقَا مَعًا لِأَنَّ اللَّيْلَ مِنْ النَّهَارِ الْبُرْزُلِيُّ وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْيَوْمِ وَهُوَ كَمَالُ دَوْرَةِ الْفَلَكِ إمَّا مِنْ الطُّلُوعِ لِلطُّلُوعِ أَوْ مِنْ الْغُرُوبِ لِلْغُرُوبِ أَوْ مِنْ الزَّوَالِ لِلزَّوَالِ وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ الْمُغَايِرَةُ مِنْ قَوْلِهِ: {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ} [الحاقة: 7] وَالْأَيْمَانُ تُحْمَلُ عَلَى الْمَقَاصِدِ أَوْ عَلَى كَلَامِ الْعَرَبِ وَمَذْهَبُهُمْ أَنَّ اللَّيْلَ يَسْتَلْزِمُ النَّهَارَ دُونَ
الْعَكْسِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، انْتَهَى. فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ مِثْلُ إنْ شَاءَ زَيْدٌ)
ش: هَكَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَنَصُّهُ فَإِنْ قَالَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ فَمِثْلُ إنْ شَاءَ عَلَى الْمَشْهُورِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: أَيْ فَلَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ حَتَّى يَشَاءَ زَيْدٌ لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِيهِمَا مَوْقُوفٌ عَلَى مَشِيئَتِهِ وَأَرَى فِي الشَّاذِّ لُزُومَ الطَّلَاقِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ اقْتَضَى وُقُوعَ الطَّلَاقِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ رَفْعَهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَالطَّلَاقُ لَا يَرْتَفِعُ بَعْدَ وُقُوعِهِ بِخِلَافِ الصُّورَةِ الْأُولَى فَإِنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِيهَا مَشْرُوطٌ بِالْمَشِيئَةِ وَمِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا وَقَعَ لِأَصْبَغَ فِيمَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَمْنَعَنِي أَبِي فَمَنَعَهُ أَبُوهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَاسْتَشْكَلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الطَّلَاقَ بَعْدَ وُقُوعِهِ لَا يَرْتَفِعُ بِإِرَادَةِ أَبِيهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّعْلِيقَ، انْتَهَى.
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ، قَالَ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ إلَّا أَنْ يَمْنَعَنِي أَبِي فَمَنَعَهُ أَبُوهُ لَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا وَأَرَاهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبِي فَلَمْ يَشَأْ أَبُوهُ وَأَصْلُهُ قَوْلُهُ هِيَ طَالِقٌ إنْ شَاءَ أَبِي فَلَمْ يَشَأْ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: تَشْبِيهُ أَصْبَغَ إلَّا أَنْ يَمْنَعَنِي أَبِي إلَّا أَنْ يَشَاءَ صَحِيحٌ وَأَمَّا قِيَاسُهُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوهُ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ شَاءَ أَبِي طَلَاقٌ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ مَشِيئَةِ أَبِيهِ فَلَا يَقَعُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوهُ إذْ لَمْ يُوجِبْهُ عَلَى نَفْسِهِ إلَّا بِذَلِكَ كَمَنْ قَالَ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ ضَرَبَ أَبُوهُ غُلَامَهُ أَوْ دَخَلَ الدَّارَ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ إنَّمَا هُوَ طَلَاقٌ قَيَّدَ حِلَّهُ عَنْهُ بِمَشِيئَةِ أَبِيهِ لِأَنَّ تَقْدِيرَ قَوْلِهِ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبِي إلَّا أَنْ يَكُونَ طَلَاقًا وَلَا مَشِيئَةَ لِأَبِيهِ فِي أَنْ لَا تَكُونَ طَالِقًا إذَا كَانَ هُوَ قَدْ طَلَّقَهَا فَقَوْلُهُ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الطَّلَاقُ بِمَا اسْتَثْنَى مِنْ مَشِيئَةِ أَبِيهِ كَمَا لَا يَسْقُطُ عَنْهُ لَوْ قَالَ: امْرَأَتِي طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَضْرِبَ أَبِي غُلَامَهُ أَوْ يَدْخُلَ الدَّارَ وَهَذَا بَيِّنٌ لَا خَفَاءَ فِيهِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ الرَّجُلِ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ إلَّا أَنْ يَمْنَعَنِي أَبِي مِنْ ذَلِكَ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ امْرَأَتِي طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ إنْ شَاءَ أَبِي إذْ لَا يُحْتَمَلُ ذَلِكَ اللَّفْظُ لِكَوْنِهِ ضِدَّ مُقْتَضَاهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ رَجُلٌ أَرَدْتُ ذَلِكَ فَيَنْوِيَ إذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا وَلَا يَصِحُّ عَلَى أُصُولِهِمْ أَنْ يَنْوِي فِي ذَلِكَ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فَضْلًا عَنْ أَنْ تُحْمَلَ يَمِينُهُ عَلَى ذَلِكَ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ إنَّهُ لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبِي أَوْ إلَّا أَنْ يَمْنَعَنِي أَبِي لَغْوًا لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِقَائِلِهِ وَلَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الطَّلَاقِ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ إنْ شَاءَ أَبِي إذْ لَا تُفَرِّقُ الْعَوَامُّ وَالْجُهَّالُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَهَذَا يُشْبِهُ أَنْ يُفْتِيَ بِهِ الْجَاهِلُ عَلَى أَنَّ مِنْ قَوْلِهِ فِي نَوَازِلِهِ أَنَّ الْجَهَالَةَ لَيْسَتْ بِأَحْسَنَ حَالًا مِنْ الْعِلْمِ فِي الطَّلَاقِ فَقَوْلُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ضَعِيفٌ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَظْهَرُ مُحْتَمَلَاتِ كَلَامِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبِي امْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَلَا أُلْزِمُ نَفْسِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبِي فَيَكُونَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَبِي وَإِلَى هَذَا نَحَا أَصْبَغُ وَيَحْتَمِلُ وَجْهًا ثَالِثًا وَهُوَ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ امْرَأَتَهُ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَفْعَلَ فُلَانٌ كَذَا وَكَذَا أَوْ إنْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا فَيَكُونُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ كَمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا فَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ أَوْ يَتَلَوَّمُ لَهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ وُجُوهٍ تَحْتَمِلُهَا الْمَسْأَلَةُ فَإِنْ أَرَادَ الْحَالِفُ أَحَدَهَا حُمِلَتْ عَلَيْهِ يَمِينُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَيُخْتَلَفُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ مِنْهَا تُحْمَلُ يَمِينُهُ، انْتَهَى.
(قُلْت) أَمَّا إذَا قَالَ: إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبِي فَأَظْهَرُ الِاحْتِمَالَاتِ هُوَ الثَّانِي كَمَا قَالَ أَصْبَغُ وَأَمَّا إذَا قَالَ: إلَّا أَنْ يَضْرِبَ أَبِي غُلَامَهُ أَوْ يَدْخُلَ الدَّارَ فَأَظْهَرُهَا الثَّالِثُ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ
ص (بِخِلَافِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَجْهُ تَفْرِقَتِهِ أَنَّ الرَّافِعَ فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي هُوَ الْمَوْقِعُ فَكَانَ تَلَاعُبًا وَالرَّافِعُ فِي إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ غَيْرَهُ فَأَشْبَهَ كَوْنَهُ تَفْوِيضًا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الْفَرْقُ أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنْ يَشَاءَ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ لِلشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ إخْرَاجُ حَالَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ بَعْدَ وُقُوعِ