الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ لَمْ يُدَلِّسْ الْبَائِعُ فِي الثِّيَابِ فَرَدَّهَا بِعَيْبٍ، وَقَدْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ، وَإِنْ لَمْ يُفْسِدْهَا رَدَّ مَعَهَا مَا نَقَصَهَا انْتَهَى.
وَقَدْ صَرَّحَ الْبَاجِيُّ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ بِأَنَّ الْقَطْعَ غَيْرَ الْمُعْتَادِ يُفِيتُ الرَّدَّ، وَيُوجِبُ الرُّجُوعَ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ، وَعَزَاهُ لِلْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ، وَمِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ:) إذَا عَلِمْت هَذَا فَعَدُّ الْمُصَنِّفِ الْقَطْعَ الْمُعْتَادَ فِي الْعَيْبِ الْخَفِيفِ الَّذِي لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ بِشَيْءٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْمُدَلِّسِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُدَلِّسِ فَالْقَطْعُ الْمُعْتَادُ فِي حَقِّهِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ الَّذِي يُوجِبُ لَهُ الْخِيَارَ فِي التَّمَسُّكِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَالرَّدِّ مَعَ مَا نَقَصَهُ الْقَطْعُ الْمُعْتَادُ كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَغَيْرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) : قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: اُنْظُرْ لَوْ عَمِلَ بِهَا مَا لَمْ يُعْمَلْ بِبَلَدِ الْبَائِعِ، وَهُوَ يُعْمَلُ بِهِ فِي غَيْرِهِ وَالْأَظْهَرُ إنْ كَانَ الْمُبْتَاعُ غَرِيبًا، أَوْ مِمَّنْ يَتَّجِرُ بِمَا يُسَافِرُ بِهِ أَنَّهُ كَمُعْتَادٍ انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (كَهَلَاكِهِ مِنْ التَّدْلِيسِ)
ش: قَالَ الشَّارِحُ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ يَحْصُلَ بِسَبَبِ الْعَيْبِ هَلَاكٌ، أَوْ عَطَبٌ كَمَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ سَارِقًا فَسَرَقَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ وَنَحْوُهُ، فَمَعَ التَّدْلِيسِ يَكُونُ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ، وَإِلَّا فَمِنْ الْمُشْتَرِي انْتَهَى.
وَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَهْلِكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ، كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي فِي كِتَابِ التَّدْلِيسِ بِالْعُيُوبِ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَتَبَرَّأَ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْ)
ش: لَوْ قَالَ: وَتَبَرَّأَ، أَوْ أَسْقَطَ قَوْلَهُ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْ لَكَانَ أَبْيَنَ؛ لِأَنَّ التَّبَرِّي الْمُطْلَقَ هُوَ الَّذِي يَفْتَرِقُ فِيهِ الْمُدَلِّسُ، وَغَيْرُهُ فَالْمُدَلِّسُ لَا يُفِيدُهُ الْبَرَاءَةُ لِعِلْمِهِ بِالْعَيْبِ، وَغَيْرُ الْمُدَلِّسِ يُفِيدُهُ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ، وَأَمَّا إذَا تَبَرَّأَ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ التَّدْلِيسُ.
[فَرْعٌ شَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ إنْ أَبَقَ فَهُوَ مِنْهُ]
(فَرْعٌ:) قَالَ فِي الْبَيَانِ إذَا شَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ إنْ أَبَقَ فَهُوَ مِنْهُ فَأَبَقَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: هُوَ مِنْ الْمُبْتَاعِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ إنْ مَاتَ فَهُوَ مِنْهُ كَانَ الْعَبْدُ عُرِفَ بِعَيْبِ الْإِبَاقِ أَمْ لَا انْتَهَى.
ص (وَرَدُّ سِمْسَارٍ جُعْلًا)
ش: أَيْ وَمِمَّا يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ رَدُّ السِّمْسَارِ الْجُعْلَ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ السِّمْسَارُ الْجُعْلَ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ رَدَّ السِّمْسَارُ الْجُعْلَ.
قَالَ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ التَّدْلِيسِ بِالْعُيُوبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِذَا رُدَّتْ السِّلْعَةُ بِعَيْبٍ رَدَّ السِّمْسَارُ الْجُعْلَ عَلَى الْبَائِعِ فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ اللَّبَّادِ مَعْنَاهُ إذَا لَمْ يُدَلِّسْ يَعْنِي الْبَائِعَ، وَأَمَّا إنْ دَلَّسَ فَالْجُعْلُ لِلْأَجِيرِ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ، وَذَكَرَ هَذَا التَّقْيِيدُ عَنْ ابْنِ اللَّبَّادِ أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمْ وَقَبِلُوهُ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَلِذَلِكَ اعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيَّةِ: لِلسِّمْسَارِ أَنْ يُحَلِّفَ الْبَائِعَ أَنَّهُ لَمْ يُدَلِّسْ.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) قَيَّدَ الْقَابِسِيُّ كَلَامَ ابْنِ اللَّبَّادِ فَقَالَ: هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ السِّمْسَارُ بِالْعَيْبِ، وَإِنْ عَلِمَ فَهُوَ مُدَلِّسٌ أَيْضًا إنْ رَدَّ الْمَبِيعَ فَلَا جُعْلَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ فَلَهُ جُعْلٌ مِثْلُهُ.
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَاَلَّذِي أَرَى أَنْ يَكُونَ لَهُ مَا سَمَّاهُ مِنْ الْجُعْلِ كَمَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ الْمُدَلِّسِ الثَّمَنُ لَا الْقِيمَةُ إلَّا أَنْ يَتَعَامَلَ رَبُّ السِّلْعَةِ وَالسِّمْسَارُ عَلَى التَّدْلِيسِ، فَيَكُونَ لَهُ حِينَئِذٍ أَجْرُ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّ رَبَّ السِّلْعَةِ قَالَ لَهُ: دَلِّسْ بِالْعَيْبِ، فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَلَكَ كَذَا، وَإِنْ رُدَّ فَلَا شَيْءَ لَكَ فَهُوَ غَرَرٌ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قُلْت: يُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْجُعْلِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا الْغَرَرُ عَارِضٌ عَنْ شَيْءٍ تَسَبَّبَ فِيهِ بِخِلَافِ الْغَرَرِ النَّاشِئِ عَنْ نَفْسِ تَمَامِ الْعَمَلِ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَرْضَ هَذَا التَّقْيِيدَ وَقَالَ فِي الشَّامِلِ: فَإِنْ دَلَّسَ لَمْ يَرُدَّ السِّمْسَارُ الْجُعْلَ وَزِيدَ إنْ جُهِلَ التَّدْلِيسُ، وَإِلَّا فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَقِيلَ: إنْ تَعَامَلَ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَهُ جُعْلُهُ.
(الثَّانِي) : قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ: وَإِنَّمَا يَرُدُّ السِّمْسَارُ الْجُعْلَ إذَا رُدَّتْ السِّلْعَةُ بِعَيْبٍ، وَحَكَمَ الْقَاضِي بِرَدِّهَا، وَأَمَّا إنْ قَبِلَهَا الْبَائِعُ لَمْ يَرْجِعْ بِالْجُعْلِ كَالْإِقَالَةِ، وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ وَقَبِلُوهُ، وَذَكَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ فَقَالَ
وَإِذَا تَفَاسَخَ الْمُتَبَايِعَانِ بِغَيْرِ حُكْمٍ لَمْ يَرُدَّ السِّمْسَارُ الْجُعْلَ كَالْإِقَالَةِ زَادَ أَبُو الْحَسَنِ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يُخَاصِمَ حَتَّى يَثْبُتَ الْعَيْبُ فَيَرْجِعَ بِالسَّمْسَرَةِ عَلَى السِّمْسَارِ اهـ.
(الثَّالِثُ:) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ: وَلَوْ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ فَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ رَجَعَ بِأَجْرِ السَّمْسَرَةِ (قُلْت:) يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ هَذَا بِأَنْ لَا يَكُونَ الْبَائِعُ عَالِمًا بِأَنَّ الْمَبِيعَ لَيْسَ مِلْكًا لَهُ فَتَأَمَّلْهُ.
(الرَّابِعُ:) قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَلَوْ فَاتَ الْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ فَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ بِالْقَضِيَّةِ يَعْنِي بِالْقَضَاءِ رَجَعَ أَيْضًا عَلَى السِّمْسَارِ بِمَا يَنُوبُ مَا رَدَّ الْبَائِعُ مِنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ إنْ كَانَ الَّذِي يَنُوبُ الْعَيْبَ عُشْرُ الثَّمَنِ، أَوْ رُبْعُهُ رَجَعَ بِذَلِكَ الْجُزْءِ مِنْ السَّمْسَرَةِ، وَإِنْ رَدَّ ذَلِكَ بِطَوْعِهِ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ اهـ.
(قُلْت) ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ.
، ثُمَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: وَإِنْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ، فَإِنْ أَمْسَكَ وَرَجَعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ فَكَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ رَدَّ السِّلْعَةَ، وَمَا نَقَصَهَا فَيَرُدُّ السِّمْسَارُ الْجُعْلَ إلَّا قَدْرَ مَا نَقَصَهَا الْعَيْبُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَجُزْءٍ احْتَسَبَهُ وَتَمَّ الْبَيْعُ فِيهِ، وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ ذَلِكَ، وَقَبِلُوهُ.
(الْخَامِسُ:) هَذَا إذَا دَفَعَ الْبَائِعُ الْجُعْلَ لِلسِّمْسَارِ، وَأَمَّا إذَا دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي لَهُ بِشَرْطٍ، أَوْ عُرْفٍ، ثُمَّ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ، فَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا، وَلَا إشْكَالَ فِي الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا النَّظَرُ هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي بِهِ، أَوْ لَا؟ ، وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْبَائِعِ بِهِ، وَإِنَّمَا يُطَالِبُ الْمُشْتَرِي بِهِ الْبَائِعَ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْبَائِعُ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُدَلِّسًا عَلَى السِّمْسَارِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ جُزْءُ الثَّمَنِ، وَهَذَا فِيمَا هُوَ جُعْلٌ عَلَى الْمَبِيعِ، وَأَمَّا مَا أَعْطَاهُ الْمُشْتَرِي لِلسِّمْسَارِ حَلَاوَةً عَلَى تَحْصِيلِ الشَّيْءِ الْمَبِيعِ، أَوْ عَلَى إتْمَامِ الْبَيْعِ فِيهِ فَهَذَا لَا يَرْجِعُ فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ إنْ كَانَ السِّمْسَارُ يَعْلَمُ فِي الْمَبِيعِ عَيْبًا وَيَكْتُمُهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْهُ.
وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
اُنْظُرْ هَلْ الْجُعْلُ عَلَى الْبَائِعِ، أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي.
(السَّادِسُ:) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إثْرَ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ: أُخِذَ مِنْهَا كَوْنُ الْجُعْلِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ، أَوْ الْعُرْفِ عَلَى الْبَائِعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَتَكَلَّمَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَشَارِحُوهُ وَابْنُ عَرَفَةَ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ هُنَا عَلَى عُهْدَةِ مَا بَاعَهُ السِّمْسَارُ، أَوْ الْوَكِيلُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَتَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ فِي الْوَكَالَةِ فَنُؤَخِّرُ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ إلَى هُنَاكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَمَبِيعٌ لِمَحَلِّهِ)
ش: قَالَ الشَّارِحُ: الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: إذَا اشْتَرَى شَيْئًا يَحْتَاجُ إلَى حَمْلٍ كَالْأَدْنَانِ وَالْخَشَبِ فَحَمَلَهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّ الْقَبْضِ فَمَعَ التَّدْلِيسِ يَلْزَمُ الْبَائِعَ أَخْذُهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُبْتَاعَ رَدُّهُ لِمَوْضِعِ الْقَبْضِ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ اللَّخْمِيُّ وَالْأَوَّلُ: أَصْوَبُ اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ أَنَّ الْمُدَلِّسَ يَلْزَمُهُ أَخْذُ الْمَبِيعِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَلَوْ نَقَلَهُ إلَى بَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِ الْعَقْدِ، وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ نَقْلُهُ مِنْ دَارِ الْبَائِعِ إلَى دَارِهِ لَا أَنَّهُ أَخْرَجَهَا مِنْ الْبَلَدِ إلَّا إذَا كَانَ الْبَائِعُ عَالِمًا بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَنْقُلُهُ وَسَيُسَافِرُ بِهِ.
قَالَ اللَّخْمِيُّ: اُخْتُلِفَ إذَا نَقَلَ الْمَبِيعَ، ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ فِيمَنْ اشْتَرَى خَشَبًا، أَوْ مَطَاحِنَ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا دَلَّسَ بِهِ الْبَائِعُ بَعْدَ أَنْ بَانَ بِهَا: تَنَازَعَ أَصْحَابُنَا فِيهَا فَقَالَ قَائِلُونَ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّهَا وَالْكِرَاءُ عَلَى رَدِّهَا وَقَالَ آخَرُونَ: ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ غَرَرٌ، وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي مَا نَقَلَهَا، وَهُوَ أَحْسَنُ وَأَرَى عَلَيْهِ أَنْ يَغْرَمَ لِلْمُشْتَرِي مَا كَانَ نَقَلَهَا بِهِ حِينَ قَبَضَهَا أَيْ، إنْ أَوْصَلَهَا إلَى دَارِهِ اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ الْفَصْلِ: لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى نَقْلِ السِّلْعَةِ إلَى بَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِ الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا وَعَالِمًا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَنْقُلُهُ وَيُسَافِرُ بِهِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى قَبُولِهِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي نَقَلَ إلَيْهِ، وَلَا يُرَاعَى حَمْلٌ، وَلَا خَوْفُ طَرِيقٍ اهـ. فَيُفْهَمُ مِنْهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَنْقُلُهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَيَانِ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ نَذْرِ سُنَّةٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْعُيُوبِ: لَيْسَ عَلَى مَنْ وَجَدَ عَيْبًا بِدَابَّةٍ اشْتَرَاهَا فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي اشْتَرَاهَا فِيهِ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ صَاحِبُهَا إلَّا
أَنْ لَا يَجِدَ السَّبِيلَ إلَى رَدِّهَا عَلَيْهِ حَيْثُ هِيَ لِعَدَمِ بَيِّنَةٍ، أَوْ حُكْمٍ، وَالسِّلْعَةُ بِخِلَافِ ذَلِكَ لِمَا لَزِمَهُ مِنْ الْكِرَاءِ عَلَيْهَا فِي حَمْلِهَا مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ رَوَى أَبُو قُرَّةَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إنْ دَعَاهُ صَاحِبُهَا إلَى رَدِّهَا كَانَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّهَا، أَوْ يَأْخُذَ قِيمَةَ الْعَيْبِ، وَكَذَلِكَ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً ثَقِيلَةً لَا بُدَّ مِنْ الْكِرَاءِ عَلَيْهَا فَلَمَّا حَمَلَهَا مِنْ دَارِ الْبَائِعِ، أَوْ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي اُشْتُرِيَتْ بِهِ لِلْبَيْعِ إلَى دَارِهِ، وَجَدَ بِهَا عَيْبًا كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي اشْتَرَاهَا فِيهِ، أَوْ يُمْسِكَهَا، وَيَرْجِعَ بِالْعَيْبِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَهَا حَيْثُ هِيَ وَيَرُدَّ إلَيْهِ مَا غَرِمَ فِي حَمْلِهَا فَلَا يَكُونُ لِلْمُبْتَاعِ أَنْ يُمْسِكَهَا وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ دَلَّسَ بِالْعَيْبِ لَزِمَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ دَارِ الْمُبْتَاعِ وَيَرُدَّ إلَيْهِ مَا غَرَّهُ عَلَى حَمْلِهَا؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ فِي ذَلِكَ، وَسَوَاءٌ فِي حَمْلِ السِّلْعَةِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ دَلَّسَ لَهُ بِالْعَيْبِ، أَوْ لَمْ يُدَلِّسْ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ أَنَّ الَّذِي يَشْتَرِي الْخَابِيَةَ وَنَحْوَهَا إنَّمَا يَشْتَرِيهَا بِحَمْلِهَا إلَى دَارِهِ قَدْ عَلِمَ ذَلِكَ الْبَائِعُ فَوَجَبَ أَنْ يُفَرَّقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ التَّدْلِيسِ وَغَيْرِهِ كَاَلَّذِي يَشْتَرِي الثَّوْبَ فَيُقَطِّعُهُ قِطَعَ مِثْلِهِ، ثُمَّ يَجِدُ عَيْبًا، وَقَدْ نَقَصَهُ الْقَطْعُ اهـ. فَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ إلَّا فِي نَقْلِ السِّلْعَةِ فِي الْبَلَدِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ عَالِمًا بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَنْقُلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ، وَفِي كَلَامِهِ إشَارَةٌ إلَيْهِ فَيَتَّفِقُ النَّقْلَانِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
نَعَمْ كَلَامُ الْمُتَيْطِيِّ الَّذِي نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ مُطْلَقٌ، وَإِنْ كَانَ يُتَلَمَّحُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ ذَلِكَ بِالْبَلَدِ فَانْظُرْهُ عَلَى نَحْوِ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْعُيُوبِ وَانْظُرْ كَلَامَ ابْنِ بَطَّالٍ أَيْضًا فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ اللَّخْمِيِّ
ص (وَإِلَّا رُدَّ إنْ قَرُبَ وَإِلَّا فَاتَ)
ش: هَذَا نَحْوُ مَا نُقِلَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ قَالَ: وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ، فَإِنْ حَمَلَ الْمَبِيعَ إلَى مَوْضِعٍ قَرِيبٍ لَزِمَهُ رَدُّهُ إلَى حَيْثُ أَخَذَهُ، وَإِنْ نَقَلَهُ إلَى مَوْضِعٍ بَعِيدٍ كَانَ فَوْتًا يُوجِبُ لَهُ الرُّجُوعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ اهـ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ رَدُّ السِّلْعَةِ مَعَ الْقُرْبِ وَنَحْوِهِ لِابْنِ يُونُسَ.
قَالَ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْعُيُوبِ: قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: وَلَوْ كَانَتْ سِلْعَةً فَأَدَّى فِي حَمْلِهَا ثَمَنًا، ثُمَّ وَجَدَ عَيْبًا لَكَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ، أَوْ يُمْسِكَ وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، وَيَصِيرُ ذَلِكَ كَعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَهُ.
قَالَ: وَلَوْ اشْتَرَاهَا فَحَمَلَهَا، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْبَائِعَ مُدَلِّسٌ فَلَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي اشْتَرَاهَا فِيهِ لِتَدْلِيسِهِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: ذَلِكَ عَلَيْهِ كَالْإِقَالَةِ اهـ. فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْقُرْبِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ فَإِنَّهُ نَقَلَ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ قَالَ إثْرَ كَلَامِهِ السَّابِقِ: وَيَخْتَلِفُ أَيْضًا إنْ لَمْ يُدَلِّسْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: مَنْ نَقَلَ إلَى بَلَدٍ مَا فِي نَقْلِهِ لِبَلَدِ الْبَائِعِ غُرْمٌ كَثِيرٌ يَرْفَعُ إلَى سُلْطَانِ ذَلِكَ الْبَلَدِ فَيَسْمَعُ بَيِّنَتَهُ عَلَى شِرَاءِ الْإِسْلَامِ وَعُهْدَتِهِ يُرِيدُ فِي الْجَارِيَةِ فَيَأْمُرُ بِبَيْعِ ذَلِكَ عَلَى بَائِعِهِ، وَلَهُ فَضْلُهُ، وَعَلَيْهِ نَقْصُهُ، وَعَلَى هَذَا إنْ نُقِلَتْ فِي الْبَلَدِ قَبَضَهَا حَيْثُ نُقِلَتْ، وَإِنْ لَمْ يُدَلِّسْ، وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ سَحْنُونٍ يَكُونُ نَقْلُهُ إلَى بَلَدِ الْآخَرِ فَوْتًا، وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ قِيمَةُ الْعَيْبِ، وَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ قَبُولُهُ فِي الْبَلَدِ الْآخَرِ، وَهُوَ أَحْسَنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ عَبْدًا، أَوْ دَابَّةً لَا يَتَكَلَّفُ فِي رُجُوعِهِ
كِرَاءً وَالطَّرِيقُ مَأْمُونَةٌ فَلَا يَكُونُ نَقْلُهُ فَوْتًا، وَيَخْتَلِفُ إذَا وَجَدَ الْبَائِعُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي نَقَلَ إلَيْهِ مَالَهُ حُمِلَ وَرَضِيَ الْبَائِعُ بِقَبْضِهِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ، وَرَوَى أَبُو قُرَّةَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ، وَإِنْ شَاءَ وَضَعَ عَنْهُ قَدْرَ الْعَيْبِ، وَهُوَ أَحْسَنُ.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْغَاصِبِ يَنْقُلُ مَالَهُ حَمْلًا هَلْ يَكُونُ لَهُ مَقَالٌ لِأَجْلِ الْحَمْلِ فَالْمُشْتَرِي أَحْرَى أَنْ يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ تَسْلِيمَ مَالِهِ حَمْلٌ بِالْبَلَدِ الَّذِي نُقِلَ إلَيْهِ بِإِجْمَاعٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي مَقَالًا لِمَا غَرِمَ فِي نَقْلِهِ وَلِلْبَائِعِ مَقَالٌ لِمَا يَغْرَمُ فِي رَدِّهِ، وَإِنْ كَانَ لَا حَمْلَ لَهُ كَانَ الْمَقَالُ لِلْبَائِعِ إذَا كَانَ الطَّرِيقُ غَيْرَ مَأْمُونٍ، فَإِنْ كَانَ آمِنًا فَلَا مَقَالَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَهُ الْمُتَقَدِّمَ فِي مَسْأَلَةِ التَّدْلِيسِ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يُكَالُ، أَوْ يُوزَنُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَ هَذَا، وَيَغْرَمَ الْمِثْلَ مَعِيبًا فِي الْبَلَدِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ، وَلَهُ أَنْ يُسَلِّمَهُ هُنَا، وَيُجْبِرَ الْبَائِعَ عَلَى قَبُولِهِ إنْ كَانَ مُدَلِّسًا، وَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُدَلِّسًا اهـ. وَاقْتَصَرَ ابْنُ بَطَّالٍ فِي مُقْنِعِهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ الَّذِي نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ، وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ مُخْتَصَرًا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ.
ص (كَعَجَفِ دَابَّةٍ، أَوْ سِمَنِهَا)
ش: أَمَّا عَجَفُ الدَّابَّةِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ الْمُوجِبِ لِلْخِيَارِ وَقَالَ ابْنُ سَلَمَةَ: إنَّهُ مِنْ الْمُفِيتِ الَّذِي يُوجِبُ الرُّجُوعَ بِالْقِيمَةِ، وَيَمْنَعُ الرَّدَّ نَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمْ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ مِنْ رَسْمِ اسْتَأْذَنَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْعُيُوبِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي هُزَالِ الدَّوَابِّ أَنَّهُ فَوْتٌ يَكُونُ بِهِ الْمُبْتَاعُ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَ، أَوْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَرُدَّ مَا نَقَصَهُ الْهُزَالُ اهـ. وَالْفَوْتُ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا يُطْلِقُونَهُ عَلَى الْمُتَوَسِّطِ الْمُوجِبِ لِلْخِيَارِ فَتَحَصَّلَ فِي هُزَالِ الدَّوَابِّ طَرِيقَانِ لِابْنِ رَاشِدٍ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا سِمَنُ الدَّابَّةِ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي سِمَنِ الدَّوَابِّ فَمَرَّةً رَآهُ فَوْتًا يَكُونُ الْمُبْتَاعُ فِيهِ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ، أَوْ يُمْسِكَ وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، وَمَرَّةً لَمْ يَرَهُ فَوْتًا، وَقَالَ: لَيْسَ لَهُ إلَّا الرَّدُّ اهـ. وَنَحْوُهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَزَادَ فِيهَا قَوْلًا ثَالِثًا أَنَّهُ فَوْتٌ خَرَّجَهُ عَلَى الْكِبَرِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَنَصَّهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي لَغْوِ السِّمَنِ وَكَوْنِهِ مِنْ الثَّالِثِ، أَوْ الثَّانِي ثَلَاثَةٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَالتَّخْرِيجُ عَلَى الْكِبَرِ اهـ. وَالثَّالِثُ فِي كَلَامِهِ هُوَ
الْمُتَوَسِّطُ وَالثَّانِي هُوَ الْمَعِيبُ.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) جَمْعُ الْمُصَنِّفِ بَيْنَ السِّمَنِ وَالْهُزَالِ قَدْ يَتَبَادَرُ إلَى الذِّهْنِ أَنَّ السِّمَنَ عَيْبٌ إذَا رَدَّ الدَّابَّةَ رَدَّ مَعَهَا لِذَلِكَ شَيْئًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي لَفْظِ الْبَيَانِ، وَكَذَا لَفْظُ الْمُقَدِّمَاتِ.
قَالَ الْبَاجِيُّ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الزِّيَادَةِ فِي الْبَدَنِ بِالسِّمَنِ قَالَ: وَمَا ثَبَتَ بِهِ الْخِيَارُ مِنْ الزِّيَادَةِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَ وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، أَوْ يَرُدَّ، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ.
(الثَّانِي) مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: دَابَّةٍ أَنَّ هُزَالَ الرَّقِيقِ وَسِمَنَهُ لَيْسَ بِفَوْتٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ: وَأَمَّا الْهُزَالُ الْمَذْكُورُ مِنْ الرَّقِيقِ وَسِمَنُهُمْ فَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِفَوْتٍ، وَرَأَى ابْنُ حَبِيبٍ ذَلِكَ فَوْتًا، وَأَمَّا سِمَنُ الْجَوَارِي مِنْهُنَّ وَعَجَفُهُنَّ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِفَوْتٍ وَرَأَى ابْنُ حَبِيبٍ ذَلِكَ فَوْتًا يَكُونُ بِذَلِكَ الْمُبْتَاعُ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ، أَوْ يُمْسِكَ وَيَأْخُذَ قِيمَةَ الْعَيْبِ اهـ.
(الثَّالِثُ:) .
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: صَلَاحُ الْبَدَنِ بِغَيْرِ السَّمْن لَغْوٌ اهـ.
ص (وَتَزْوِيجُ أَمَةٍ)
ش: هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: أَمَةٍ، بَلْ الْعَبْدُ كَذَلِكَ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَأَمَّا النُّقْصَانُ بِتَغَيُّرِ حَالِ الْمَبِيعِ لِتَزْوِيجِ الْأَمَةِ، أَوْ الْعَبْدِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةُ وَالشُّرْبُ مِمَّا يُنْقِصُ قِيمَتَهُ فَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنَّ تَزْوِيجَ الْأَمَةِ نُقْصَانٌ، وَلَا يَرُدُّهَا إلَّا مَا نَقَصَهَا النِّكَاحُ مَعْنَاهُ، أَوْ يُمْسِكُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: مَا أَحْدَثَ الْعَبْدُ مِنْ زِنًا، أَوْ شُرْبٍ، أَوْ سَرِقَةٍ فَلَيْسَ نَقْصًا، وَقَدْ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ أَنَّ التَّزْوِيجَ عَيْبٌ يُعْلَمُ حُدُوثُهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِخِلَافِ الزِّنَا وَالشُّرْبِ وَالسَّرِقَةِ لَا يُدْرَى لَعَلَّهُ كَامِنٌ فِيهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ اهـ. مُخْتَصَرًا.
وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ، وَأَمَّا النُّقْصَانُ بِتَغَيُّرِ حَالِ الْمَبِيعِ مِثْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْأَمَةَ فَيُزَوِّجَهَا، أَوْ الْعَبْدَ فَيُزَوِّجَهُ، أَوْ يَزْنِيَ، أَوْ يَسْرِقَ وَشِبْهَهُ مِمَّا تَنْقُصُ بِهِ قِيمَتُهُ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ التَّزْوِيجَ عَيْبٌ فِي الرَّقِيقِ مَعَ بَقَاءِ الزَّوْجَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ فِي زَوَالِهِ بِالْمَوْتِ وَالْفِرَاقِ، ثُمَّ قَالَ: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ التَّزْوِيجَ عَيْبٌ إمَّا مَعَ بَقَاءِ الزَّوْجَةِ عَلَى الِاتِّفَاقِ، وَإِمَّا بَعْدَ انْصِرَافِهَا عَلَى الْخِلَافِ فَإِنَّ ذَلِكَ فَوْتٌ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ مَعَ مَا نَقَصَهُ عَيْبُ التَّزْوِيجِ، أَوْ يُمْسِكَ وَيَرْجِعَ بِمَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ الْقَدِيمُ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ عُيُوبِ الْأَخْلَاقِ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ إذَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَقَدْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَالْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا عُيُوبٌ يُرَدُّ مَعَهَا النَّقْصُ إنْ اخْتَارَ الرَّدَّ، وَهُوَ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَيْبٍ، وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ اهـ. فَعُلِمَ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي عُيُوبِ الْأَخْلَاقِ أَنَّهَا مِنْ الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ وَاقْتَصَرَ رحمه الله عَلَى ذِكْرِ تَزْوِيجِ الْأَمَةِ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَلِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ جَبْرَهُ بِالْوَلَدِ، وَذَكَرَ فِي الشَّامِلِ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ خِلَافٌ فِيهِ نَظَرٌ، وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ الْإِبَاقُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُنْتَقَى وَصَاحِبِ الشَّامِلِ وَغَيْرُهُمَا
ص (وَجُبِرَ بِالْوَلَدِ)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَعِنْدِي أَنَّ الْجَبْرَ بِالْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ عَنْ عَيْبِ النِّكَاحِ فَكَأَنَّهُ بِجَبْرِهِ لَمْ يَكُنْ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ بِهِ غَيْرُ عَيْبِ النِّكَاحِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُجْبَرُ بِهِ عَيْبُ غَيْرِ النِّكَاحِ، ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ: مَوْتُ الْوَلَدِ كَعَدَمِ وِلَادَتِهِ.
(تَنْبِيهٌ:) ، وَهَلْ الْوَلَدُ جَابِرٌ لِعَيْبِ التَّزْوِيجِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَتُهُ كَقِيمَةِ عَيْبِ التَّزْوِيجِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ، وَهُوَ الَّذِي فَهِمَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ، أَوْ إنَّمَا يَجْبُرُهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ كَقِيمَةِ عَيْبِ التَّزْوِيجِ، أَوْ أَكْثَرَ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ أَنْقَصَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَرُدَّ مَعَ الْوَلَدِ مَا بَقِيَ، وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَنَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ.
ص (أَوْ يَقِلُّ فَكَالْعَدِمِ)
ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: اُخْتُلِفَ فِي الْيَسِيرِ فَقِيلَ مَا أَثَّرَ نَقْصًا يَسِيرًا فِي الثَّمَنِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي
الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ: مَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ نَقْصًا أَصْلًا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَبْهَرِيُّ اهـ. وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْعُيُوبِ، وَلَا يُفِيتُ الرَّدَّ بِالْعُيُوبِ خَوَاءُ سُوقٍ، وَلَا نَمَاؤُهُ، وَلَا عَيْبٌ خَفِيفٌ يَحْدُثُ عِنْدَهُ لَيْسَ بِمُفْسِدٍ كَالرَّمَدِ وَالْكَيِّ وَالدَّمَامِيلِ وَالْحُمَّى وَالصُّدَاعِ، وَإِنْ نَقَصَهُ ذَلِكَ فَلَهُ رَدُّهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي مِثْلِ هَذَا اهـ.
ص (وَذَهَابُ ظُفْرٍ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَنَصُّهُ: وَكَذَلِكَ ذَهَابُ الظُّفْرِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا زَوَالُ الْأُنْمُلَةِ فَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْوَخْشِ خَاصَّةً اهـ. يَعْنِي أَنَّهُ خَفِيفٌ فِي الْوَخْشِ خَاصَّةً.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَتْ أُنْمُلَةَ الْإِبْهَامِ.
ص (وَقَطْعٌ مُعْتَادٌ)
ش: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْقَطْعَ الْمُعْتَادَ مِنْ الْعَيْبِ الْخَفِيفِ الَّذِي لَا يَرْجِعُ فِيهِ بِشَيْءٍ سَوَاءٌ كَانَ مُدَلِّسًا، أَوْ غَيْرَ مُدَلِّسٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمُدَلِّسِ، وَكَذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ نَقَصَ كَلَامُهُمَا، وَكَلَامُ غَيْرِهِمَا، وَأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْمُدَلِّسِ فَقَطْ.
ص (وَالْمُخْرِجُ عَنْ الْمَقْصُودِ مُفِيتٌ بِالْأَرْشِ كَكِبَرِ صَغِيرٍ)
ش: أَيْ وَالْعَيْبُ الْحَادِثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَالْمُخْرِجُ عَنْ الْمَقْصُودِ مِنْهُ بِذَهَابِ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُ مُفِيتٌ لِلرَّدِّ، وَإِذَا فَاتَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ فَالْأَرْشُ أَيْ أَرْشُ ذَلِكَ الْعَيْبِ لِلْمُشْتَرِي، ثُمَّ مَثَّلَ لِلْعَيْبِ الْمُفِيتِ بِقَوْلِهِ: كَكِبَرِ صَغِيرٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ مُتَوَسِّطٍ، وَهُوَ لِمَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا إذَا فَاتَ كَعَقَارٍ بِهَدْمٍ، أَوْ بِنَاءٍ.
قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيَّةِ: وَنَفَقَةُ عَشْرِ دَنَانِيرَ فَوْتٌ إذَا كَانَ الثَّمَنُ يَسِيرًا، فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَلَيْسَ بِفَوْتٍ إلَّا أَنْ يُنْفِقَ النَّفَقَةَ الْكَثِيرَةَ قَالَ: وَأَمَّا يَسِيرُ الْهَدْمِ فَيُرَدُّ مَعَهُ مَا نَقَصَهُ اهـ. ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَسْأَلَةً فِيهَا خِلَافٌ عَنْ ابْنِ عَتَّابٍ وَغَيْرِهِ فَانْظُرْهُ.
ص (وَهَرَمٍ)
ش: أَيْ وَهَرَمِ عَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ، وَقِيلَ مُتَوَسِّطٍ وَشَهَرَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَقِيلَ خَفِيفٍ وَأَنْكَرَ وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْهَرَمِ فَنَقَلَ الْأَبْهَرِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ إذَا ضَعُفَ وَذَهَبَتْ قُوَّتُهُ وَمَنْفَعَتُهُ، أَوْ أَكْثَرُهُمَا، وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: إذَا هَرَمَا هَرَمًا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ فَإِنَّهُ فَوْتٌ الْبَاجِيُّ: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ إنْ ضَعُفَ عَنْ مَنْفَعَتِهِ الْمَقْصُودَةِ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْإِتْيَانُ بِهَا أَنَّ ذَلِكَ فَوْتٌ، وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ اهـ. مِنْ التَّوْضِيحِ، وَنَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ.
ص (وَاقْتِضَاضِ بِكْرٍ)
ش: بِالْقَافِ كَذَا ذَكَرَهُ فِي الصِّحَاحِ.
قَالَ: وَالْقِضَّةُ بِالْكَسْرِ عُذْرَةُ الْجَارِيَةِ، وَذَكَرَ فِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ يُقَالُ بِالْفَاءِ أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَعَدَّهُ فِي الْمُفِيتِ مُخَالِفٌ لِلْمَنْصُوصِ، وَإِنَّمَا هُوَ الْمُتَوَسِّطُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَابْنُ غَازِيٍّ وَقَيَّدَهُ الْبَاجِيُّ بِالْعَلِيَّةِ، وَجَعَلَهُ فِي الشَّامِلِ خِلَافًا حَكَاهُ بِقِيلَ وَنَصُّهُ فِي الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ وَكَافْتِضَاضِ بِكْرٍ وَقِيلَ فَوْتٌ وَقِيلَ إلَّا فِي الْوَخْشِ فَكَالْعَدِمِ
ص (وَكَقَطْعٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ)
ش: سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا، أَوْ غَيْرَ مُدَلِّسٍ كَمَا تَقَدَّمَ.
ص (إلَّا أَنْ يَهْلِكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ، أَوْ بِمُسَاوِي زَمَنِهِ كَمَوْتِهِ فِي إبَاقِهِ)
ش: هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمُخْرَجُ عَنْ الْمَقْصُودِ مُفِيتٌ قَالَ فِي كِتَابِ التَّدْلِيسِ
مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا دَلَّسَ فِيهِ بِعَيْبٍ فَهَلَكَ الْعَبْدُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعَيْبِ، أَوْ نَقَصَ فَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ، وَيُرَدُّ جَمِيعُ الثَّمَنِ كَالتَّدْلِيسِ بِمَرَضٍ فَيَمُوتُ، أَوْ بِالسَّرِقَةِ فَيَسْرِقُ فَتُقْطَعُ يَدُهُ فَيَمُوتُ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ يَحْيَى، أَوْ بِالْإِبَاقِ فَيَأْبِقُ فَيَهْلِكُ وَلِابْنِ شِهَابٍ، أَوْ بِالْجُنُونِ فَيُخْنَقُ فَيَمُوتُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَهَذَا بَعْدَ أَنْ يُقِيمَ الْمُبْتَاعُ الْبَيِّنَةَ فِيمَا حَدَثَ مِنْ سَبَبِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ، وَأَمَّا مَا حَدَثَ بِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ التَّدْلِيسِ فَلَا يَرُدُّهُ مَعَ مَا نَقَصَهُ بِذَلِكَ، أَوْ يَحْبِسُهُ وَيَرْجِعُ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ كَمَا فَسَّرْنَا اهـ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ: فَيَأْبِقُ فَيَهْلِكُ؛ ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَضْمَنُ ذَلِكَ إذَا دَلَّسَ بِالْإِبَاقِ إلَّا إذَا هَلَكَ الْعَبْدُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَضْمَنُ إذَا أَبَقَ فَغَابَ - عُرِفَ هَلَاكُهُ أَمْ لَا - وَهُوَ بَيِّنٌ فِي الْأُمَّهَاتِ وَلَفْظُهَا: أَوْ أَبَقَ، فَلَمْ يَرْجِعْ، وَاخْتَصَرَهُ ابْنُ يُونُسَ: فَهَلَكَ، أَوْ ذَهَبَ، وَلَمْ يَرْجِعْ.
وَظَاهِرُ الْأُمَّهَاتِ أَنَّهُ بِنَفْسِ إبَاقِهِ يَضْمَنُهُ اهـ.
(قُلْت:) وَصَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ مَسْأَلَةٍ مِنْ رَسْمِ أَوَّلِ عَبْدٍ ابْتَاعَهُ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الْعُيُوبِ، وَنَصُّهُ: إذَا دَلَّسَ بِالْإِبَاقِ فَأَبَقَ الْعَبْدُ، وَلَمْ يَرْجِعْ كَانَ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ الثَّمَنَ وَيَطْلُبَ عَبْدَهُ اهـ. وَصَرَّحَ بِذَلِكَ أَيْضًا اللَّخْمِيُّ فِي تَبْصِرَتِهِ فِي بَابِ مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَبِهِ عَيْبٌ فَهَلَكَ مِنْهُ، أَوْ بِهِ فَقَالَ: وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا، وَبِهِ عَيْبٌ فَهَلَكَ مِنْهُ، أَوْ تَنَامَى إلَى أَكْثَرَ، فَإِنْ لَمْ يُدَلِّسْ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ إنْ هَلَكَ، وَإِنْ تَنَامَى إلَى أَكْثَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ وَيَرْجِعَ بِقِيمَتِهِ، أَوْ يَرُدَّ قِيمَةَ مَا تَنَامَى فِيهِ، وَإِنْ دَلَّسَ بِالْعَيْبِ رَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إنْ مَاتَ، وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ إنْ تَنَامَى وَيَرْجِعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِنْ دَلَّسَ بِمَرَضٍ فَمَاتَ مِنْهُ رَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: وَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَاتَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ يُدَلِّسُ بِحَمْلِهَا فَتَمُوتُ مِنْ النِّفَاسِ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: هِيَ مِنْ الْبَائِعِ، وَقَالَ أَشْهَبُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: لَوْ عُلِمَ أَنَّهَا مَاتَتْ مِنْ النِّفَاسِ لَكَانَتْ مِنْ الْبَائِعِ وَالْأَوَّلُ: أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُدْرَكُ مَعْرِفَتُهُ كَالسُّلِّ، وَالِاسْتِسْقَاءُ يَدُومُ بِصَاحِبِهِ وَالنِّفَاسُ تَمُوتُ بِفَوْرِهِ، وَيَرُدُّ هَذِهِ الْعُيُوبَ إذَا مَاتَتْ، أَوْ تَنَامَتْ قَبْلَ مَعْرِفَتِهِ بِهَا إنْ قَامَ بِقُرْبِ مَا عَلِمَ، وَإِنْ تَرَاخَى يَرَى أَنَّهُ رَاضٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيَامٌ، وَإِنْ أَتَى مِنْ ذَلِكَ بِمَا يَشْكُلُ أَمْرُهُ هَلْ هُوَ رَاضٍ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَضِيَ وَقَامَ، فَإِنْ دَلَّسَ بِسَرِقَةٍ فَسَرَقَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ رَدَّهُ أَقْطَعَ وَيَرُدُّهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ.
وَإِنْ كَانَتْ السَّرِقَةُ لَا قَطْعَ فِيهَا رَدَّهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَكَانَتْ مُعَامَلَةُ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ فِي تِلْكَ الْجِنَايَةِ مِنْ الْبَائِعِ يَفْتَدِي مِنْهُ، أَوْ يُسَلِّمُهُ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَ وَيَأْخُذَ قِيمَةَ الْعَيْبِ، أَوْ يَرُدَّ وَمَا نَقَصَهُ الْقَطْعُ، وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ كَانَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَيَرْجِعَ بِالْعَيْبِ، أَوْ يَفْتَدِيَهُ وَيَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَتْ سَرِقَتُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَقَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ: فِي رَقَبَتِهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: ذَلِكَ سَاقِطٌ؛ لِأَنَّهُ عَبْدٌ حَتَّى يُحْكَمَ بِرَدِّهِ، وَالْأَوَّلُ: أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا فَعَلَهُ الْعَبْدُ مِمَّا دَلَّسَ بِهِ السَّيِّدُ فَكَأَنَّهُ فَعَلَهُ عِنْدَ بَائِعِهِ فَلَا يَسْقُطُ، فَإِنْ سَرَقَ مِنْ مَوْضِعٍ أَذِنَ لَهُ فِيهِ كَانَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ كَانَ فِي رَقَبَتِهِ، وَإِنْ ذَهَبَ يَسْرِقُ فَمَاتَ، أَوْ سَقَطَ مِنْ مَوْضِعٍ فَهَلَكَ فِي ذَهَابِهِ، أَوْ رُجُوعِهِ كَانَ مِنْ بَائِعِهِ، وَإِنْ دَلَّسَ بِالْإِبَاقِ فَأَبَقَ رَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ بِنَفْسِ إبَاقِهِ، وَإِنْ كَانَ حَيًّا، وَعَلَى بَائِعِهِ أَنْ يَطْلُبَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ، وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ: وَإِنْ لَمْ يَهْلِكْ مِنْ سَبَبِ الْإِبَاقِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالْعَيْبِ، وَإِنْ هَلَكَ بِسَبَبِهِ مِثْلُ أَنْ يَقْتَحِمَ نَهْرًا، أَوْ يَدْخُلَ بِئْرًا فَتَنْهَشَهُ حَيَّةٌ، أَوْ يَتَرَدَّى فِي مَهْوَاةٍ، أَوْ مِنْ جَبَلٍ فَيَهْلِكَ رَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَأَمَّا إنْ مَاتَ مَوْتَةً، أَوْ يَكُونُ سَالِمًا فِي إبَاقِهِ، أَوْ يَجْهَلُ أَمْرَهُ فَلَا يَدْرِي مَا انْتَهَى إلَيْهِ حَالُهُ فَلَا أَرَى أَنْ يَرْجِعَ إلَّا بِقِيمَةِ عَيْبِ الْإِبَاقِ، وَالْأَوَّلُ: أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُ بِنَفْسِ الْإِبَاقِ وَجَبَ رُجُوعُ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ الْوَجْهُ الَّذِي دَلَّسَ بِهِ، وَذَهَبَ بِهِ مِنْ يَدِ مُشْتَرِيهِ اهـ. وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ وَأَبَقَ الْعَبْدُ، وَمَاتَ فِي إبَاقِهِ، وَلَمْ يَرْجِعْ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا بِقِيمَةِ الْإِبَاقِ فَقَطْ، وَنَحْوُهُ فِي التَّلْقِينِ فِي فَصْلِ الْعُيُوبِ، وَنَحْوُهُ أَيْضًا لِابْنِ يُونُسَ فَإِنَّهُ قَالَ: رَوَى