الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنُ غَازِيٍّ ظَاهِرٌ (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ فِي تَرْجَمَةِ السَّلَمِ الْفَاسِدِ وَإِنْ تَنَاقَضَا السَّلَمَ وَاخْتَلَفَا فِي مَبْلَغِ رَأْسِ الْمَالِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ اهـ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ
[كِتَابُ السَّلَمِ]
ص (بَابُ شَرْطُ السَّلَمِ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ السَّلَمُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يُوجِبُ عِمَارَةَ ذِمَّةٍ بِغَيْرِ عَيْنٍ وَلَا مَنْفَعَةٍ غَيْرُ مُتَمَاثِلِ الْعِوَضَيْنِ فَيَخْرُجُ شِرَاءُ الدَّيْنِ وَإِنْ مَاثَلَ حُكْمُهُ حُكْمَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ عُرْفًا وَالْمُخْتَلِفَانِ بِجَوَازِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ وَالْكِرَاءُ الْمَضْمُونُ وَالْقَرْضُ وَلَا يَدْخُلُ إتْلَافُ الْمِثْلِيِّ غَيْرِ عَيْنٍ وَلَا هِبَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ انْتَهَى. وَأَمَّا حُكْمُهُ فَقَالَ الْمَشَذَّالِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ فِي أَوَّلِ السَّلَمِ الْأَوَّلِ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهُ رُخْصَةٌ مُسْتَثْنًى مِنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَك انْتَهَى، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالشُّرُوطُ الَّتِي يَذْكُرُهَا الْمُؤَلِّفُ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ هِيَ فِي جَوَازِهِ فَحُكْمُهَا أَجْدَرُ بِالْجَوَازِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] . وَلِلْحَدِيثِ: مَنْ أَسْلَمَ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ. وَالْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهِ انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْجُزُولِيُّ فِي الْكَبِيرِ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ كَرَاهَةُ تَسْمِيَتِهِ بِالسَّلَمِ قَالَ: لِأَنَّ السَّلَمَ اسْمُ اللَّهِ فَكَرِهَهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَهَاوُنًا قَالَ فِي الْمَدَارِكِ وَكَانَ شَيْخُنَا يَكْرَهُ تَسْمِيَتُهُ بِالسَّلَمِ، ثُمَّ قَالَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى بِالسَّلَمِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَكَرِهَ بَعْضُ السَّلَفِ لَفْظَةَ السَّلَمِ فِي حَقِيقَتِهِ الْعُرْفِيَّةِ الَّتِي هِيَ أَحَدُ أَنْوَاعِ الْبَيْعِ وَرَأَى أَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ لَفْظُ السَّلَفِ أَوْ التَّسْلِيفِ صَوْنًا مِنْهُ لِلَفْظِ السَّلَمِ عَنْ التَّبَذُّلِ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَرَأَى أَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ لَفْظِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ قَالَ وَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ لَا سِيَّمَا وَغَالِبُ اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ إنَّمَا هُوَ صِيغَةُ الْفِعْلِ مَقْرُونَةٌ بِحَرْفِ فِي فَيَقُولُ أَسْلَمَ فِي كَذَا فَإِذَا أَرَادُوا الِاسْمَ أَتَوْا بِلَفْظَةِ السَّلَمِ وَقَلَّ مَا يَسْتَعْمِلُونَ لَفْظَةَ الْإِسْلَامِ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ أَسْلَمَ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ اهـ.
وَقَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ فِي صِفَةِ الْوَثِيقَةِ إنَّكَ تَقُولُ أَسْلَمَ فُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ إلَى فُلَانٌ مَا نَصُّهُ، قَوْلُنَا فِي أَوَّلِ هَذَا النَّصِّ أَسْلَمَ فُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ إلَى فُلَانٍ هُوَ الصَّوَابُ وَإِنْ قُلْت سَلَفَ وَكِلَاهُمَا حَسَنٌ وَإِنْ شِئْتَ ابْتَدَأْتَ الْعَقْدَ بِدَفْعِ فُلَانٍ إلَى فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا سَلَمًا، وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ فِي وَثَائِقِهِ جَائِزٌ أَنْ يَقُولَ سَلَمَ وَأَسْلَمَ وَفِي وَثَائِقِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَاجِيِّ جَائِزٌ أَنْ يَقُولَ سَلَّمَ وَأَسْلَفَ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ أَسْلَمَ فُلَانٌ وَرَوَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَقَالَ إنَّمَا الْإِسْلَامُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اهـ.
وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ تَصَوُّرُهُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي كَوْنِ تَعْجِيلِ رَأْسِ الْمَالِ عَزِيمَةً، وَأَنَّ الْأَصْلَ التَّعْجِيلُ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ هَلْ يُرَخَّصُ فِي تَأْخِيرِهِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْمُتَيْطِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ صِفَةَ وَثِيقَةٍ تُكْتَبُ فِيمَا إذَا تَعَاقَدَا السَّلَمَ عَلَى الصِّحَّةِ، ثُمَّ امْتَنَعَ الْمُسَلِّمُ مِنْ الدَّفْعِ أَوْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ مِنْ الْقَبْضِ حَتَّى حَلَّ أَجَلُ السَّلَمِ مَا نَصُّهُ فَإِذَا ظَفَرَ الطَّالِبُ مِنْهُمَا بِالْفَارِّ وَأَثْبَتَ هَذَا الْعَقْدَ عَلَى عَيْنِهِ أَوْ لَمْ يَظْفَرْ بِهِ وَأَثْبَتَهُ فِي مَغِيبِهِ قَضَى السُّلْطَانُ عَلَيْهِ بِإِمْضَاءِ الصَّفْقَةِ إنْ كَانَ الْفَارُّ مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ بَعْدَ الْإِعْذَارِ إلَيْهِ وَعَجْزِهِ عَنْ الدَّفْعِ وَأَخْذِهِ ذَلِكَ مِنْهُ فِي حُضُورٍ لِلْمُسَلِّفِ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَفِي مَغِيبِهِ يَقْضِي بِذَلِكَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَتُرْجَى لَهُ الْحُجَّةُ إلَى حُضُورِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ هُوَ الطَّالِبُ لِلْمُسَلِّفِ فَلَا يُقْضَى عَلَى الْمُسَلِّفِ بِشَيْءٍ وَيُفْسَخُ السَّلَفُ وَإِنْ كَانَ الْمُسَلِّفُ هُوَ الْفَارُّ، ثُمَّ جَاءَ يَطْلُبُ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ وَأَبَى الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ مِنْ إمْضَاءِ السَّلَفِ لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَإِذَا وَقَعَ بَيْنَ الْمُتَصَارِفَيْنِ مِثْلُ هَذَا أَوْ فَرَّ أَحَدُهُمَا لَزِمَ الْفَارَّ مِنْهُمَا الصَّرْفُ مَتَى ظُفِرَ بِهِ اهـ.
وَانْظُرْ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنَّهُ يَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ فَسَادِ السَّلَمِ إذَا تَأَخَّرَ زَمَنًا طَوِيلًا مِنْ غَيْرِ
شَرْطٍ وَانْظُرْ أَيْضًا كَلَامَ الذَّخِيرَةِ وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُتَصَارِفَيْنِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ لِسَنَدٍ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْخِيَارِ وَبُدِئَ الْمُشْتَرِي لِلتَّنَازُعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَفِي فَسَادِهِ بِالزِّيَادَةِ أَنْ تَكْثُرَ جِدًّا تَرَدُّدٌ)
ش: اعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْفَسَادِ وَالْقَوْلَ بِعَدَمِهِ كِلَاهُمَا لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَأَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِ سَحْنُونٍ فِي النَّقْلِ عَنْهُ وَالْقَوْلُ بِالْفَسَادِ هُوَ فِي السَّلَمِ الثَّانِي، وَنَصُّهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي التَّهْذِيبِ: وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَمْ يَضْرِبَ لِرَأْسِ الْمَالِ أَجَلًا، وَأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ تَأَخَّرَ شَهْرًا بِشَرْطٍ وَأَكْذَبَهُ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ نَقَصَ أَبُو سَعِيدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ نَصَّهَا فِي الْأُمِّ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ: لَمْ أَقْبِضْ رَأْسَ الْمَالِ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ كَانَ شَرْطُنَا ذَلِكَ فَاقْتَصَرَ أَبُو سَعِيدٍ عَلَى مَسْأَلَةِ الشَّرْطِ وَتَرَكَ الْأُخْرَى وَهِيَ يُسْتَفَادُ مِنْهَا أَنَّ تَأْخِيرَ رَأْسِ الْمَالِ الْبَعِيدِ يُفْسِدُهُ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْفَسَادِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: هُوَ قَوْلُهُ فِي الثَّالِثِ إنْ تَأَخَّرَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْأَمَدِ الْيَسِيرِ فَيَجُوزُ مَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ فَلَا يَجُوزُ اهـ.
وَقَوْلُهُ: مَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ هُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَكْثُرْ جِدًّا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَنَحْوُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ الْحَارِثِ فِي السَّلَمِ، وَنَصُّهُ ابْنُ حَارِثٍ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ رَأْسِ مَالِهِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ اهـ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إنْ أَخَّرَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَعْنِي فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَذَلِكَ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَهَلْ يَبْطُلُ السَّلَمُ، فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا فَسَادُ السَّلَمِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَالْقَوْلَانِ مَعًا لِمَالِكٍ وَاَلَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ مِنْهُمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْهَا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا إنْ تَأَخَّرَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَيَجُوزُ مَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ فَلَا يَجُوزُ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ السَّلَمَ فَاسِدٌ لِاسْتِلْزَامِهِ الْوُقُوعَ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ اهـ.
وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: إذَا تَأَخَّرَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بِشَرْطٍ أَوْ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَإِنْ كَانَ بِشَرْطٍ فَطَالَ الزَّمَانُ الْمُشْتَرَطُ فَهُوَ عَقْدٌ فَاسِدٌ يُفْسَخُ إنْ تَرَكَ وَإِنْ قَصَدَ جَازَ وَحَدُّ هَذَا فِي الْكِتَابِ بِالْيَوْمَيْنِ وَفِي كِتَابِ الْخِيَارِ بِالثَّلَاثَةِ وَإِنْ طَالَ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالْعَرْضِ وَالْحَيَوَانِ أَوْ لَا يُعْرَفُ كَالنَّقْدَيْنِ وَإِذَا كَانَ يُعْرَفُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالثِّيَابِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا أَوْ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالْحَيَوَانِ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْعُرُوضِ الَّتِي يُغَابُ عَلَيْهَا كُرِهَ وَلَمْ يُفْسَخْ إنْ تُرِكَ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَقَدْ جَعَلَهُ كَالْوَدِيعَةِ عِنْدَ السَّلَمِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالنَّقْدَيْنِ فَقَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُفْسَخُ إنْ نَزَلَ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ لِحُصُولِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى التَّأْخِيرِ اهـ.
فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا زَادَ التَّأْخِيرُ عَلَى الثَّلَاثَةِ بِغَيْرِ شَرْطٍ كَانَ تَأْخِيرًا طَوِيلًا؛ لِأَنَّ حَدَّ الْقَصِيرِ مَا كَانَ دُونَ الثَّلَاثِ، وَأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ يُفْسَخُ وَحَيْثُ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَجَازَ بِخِيَارٍ لِمَا يُؤَخَّرُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْخِيَارِ: وَلَا بَأْسَ بِالْخِيَارِ فِي السَّلَمِ إلَى أَمَدٍ قَرِيبٍ يَجُوزُ تَأْخِيرُ النَّقْدِ إلَى مِثْلِهِ كَيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ إذَا لَمْ يُقَدِّمْ رَأْسَ الْمَالِ فَإِنْ قَدَّمَهُ كَرِهْتُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً وَإِنْ تَبَاعَدَ أَجَلُ الْخِيَارِ كَشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ لَمْ يَجُزْ قُدِّمَ النَّقْدُ أَمْ لَا وَلَا يَجُوزُ الْخِيَارُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْبُيُوعِ إلَى هَذَا الْأَجَلِ فَإِنْ عُقِدَ الْبَيْعُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ تَرَكَ الْخِيَارَ مُشْتَرِطُهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ لَمْ يَجُزْ لِفَسَادِ الْعَقْدِ اهـ.
قَالَ عِيَاضٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ ابْنُ مُحْرِزٍ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّهُ تَكَلَّمَ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا وَلَمْ يَذْكُرْ لَوْ كَانَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً أَوْ دَارًا وَاسْتَصْوَبَ أَنْ يَعْتَبِرَ الْجِنْسَ الَّذِي هُوَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ الَّذِي اُشْتُرِطَ الْخِيَارُ فِيهِ فَيُضْرَبُ لَهُ مِنْ الْأَجَلِ أَجَلٌ مِثْلُهُ عِيَاضٌ، وَظَاهِرُ الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ اخْتِيَارِهِ وَتَعْلِيلِهِ بِأَنَّ لَهُمَا إجَازَةَ
ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُؤَخِّرَ رَأْسَ الْمَالِ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، وَقَوْلُهُ: فَلَمَّا اُشْتُرِطَ الْخِيَارُ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إلَيْهِ جَازَ، وَهُوَ أَبْيَنُ؛ وَلِأَنَّا إذَا ضَرَبْنَا مِثْلَ ذَلِكَ الْأَجَلَ فِي السَّلَمِ فَحُشَ وَكَثُرَ فِيهِ الْعُذْرُ وَلَمْ يَدْرِ مُسَلِّمُ الدَّارِ مَتَى يَخْتَارُهَا صَاحِبُ الطَّعَامِ هَلْ السَّاعَةَ فَيَكُونُ انْتِظَارُ قَبْضِ طَعَامِهِ إلَى شَهْرٍ أَوْ هَلْ يَخْتَارُهَا آخِرَ الشَّهْرِ فَيَسْتَأْنِفُ انْتِظَارَ سَلَمِهِ مِنْهُ إلَى شَهْرَيْنِ وَقَدْ تَتَّضِعُ الْأَسْوَاقُ أَوْ تَرْتَفِعُ اهـ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَمَدُ الْخِيَارِ هُنَا أَكْثَرَ مِنْ يَوْمَيْنِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ مِمَّا يَجُوزُ الْخِيَارُ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِاتِّفَاقٍ وَلَا أَكْثَرَ مِنْ يَوْمَيْنِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَمْنَعُ تَأْخِيرَ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمَيْنِ وَسَوَاءٌ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِمَّا يَجُوزُ الْخِيَارُ فِيهِ وَلَوْ بِيعَ بِالنَّقْدِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ لَا اهـ.
وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ مُحْرِزٍ وَرَدَّهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَنَصُّهُ، ابْنُ مُحْرِزٍ: ظَاهِرُ قَوْلِهَا أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ عَيْنٌ وَرُبَّمَا كَانَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً أَوْ ثِيَابًا أَوْ دَارًا وَأَمَدُ الْخِيَارِ يَخْتَلِفُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِيعَتْ بِنَقْدٍ أَوْ تَأْخِيرٍ فَالصَّوَابُ عِنْدِي أَنْ يُعْتَبَرَ ذَلِكَ فِيهَا فَيَضْرِبُ فِيهَا مِنْ الْأَجَلِ بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ (قُلْت) لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ بِسَعَةِ أَمَدِ الْخِيَارِ فِيمَا بِيعَ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ كَوْنُهُ - أَيْ الْخِيَارِ - كَذَلِكَ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ سَلَمًا؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلْفَسَادِ فِي تَأْخِيرِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ إنَّمَا هُوَ الْأَجَلُ الَّذِي يَئُولُ بِهِ أَمْرُهُمَا إلَى الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَالْأَجَلُ فِي بَيْعِ الْأَجَلِ بِعَيْنٍ أَضْعَفُ مِنْهُ بِالسَّلَمِ؛ لِأَنَّهُ فِي بَيْعِ الْأَجَلِ قَابِلٌ لِلسُّقُوطِ بِتَعْجِيلِ الْمَدِينِ الثَّمَنَ وَيُجْبَرُ رَبُّهُ عَلَى قَبْضِهِ بِخِلَافِ السَّلَمِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ تَأْثِيرِ الْأَجَلِ الْمَعْرُوضِ لِلسُّقُوطِ الْفَاسِدِ عَدَمُ تَأْثِيرِ الْأَجَلِ الْقَوِيِّ ذَلِكَ اهـ.
وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يَنْقُدْ مَفْهُومُهُ إنْ نَقَدَ لَا يَصِحُّ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الثَّانِي يَعْنِي مِنْ شَرْطَيْهِ أَنْ لَا يَنْقُدَ وَلَوْ تَطَوُّعًا وَإِلَّا فَسَدَ اهـ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ وَبَحَثَ فِيهِ مَا نَصُّهُ: وَهَذَا كُلُّهُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَأَمَّا إنْ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِمَا فَيَجُوزُ فِيهِ التَّطَوُّعُ بِالنَّقْدِ اهـ.
وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَنَحْوُهُ فِي ابْنِ عَرَفَةَ (تَنْبِيهٌ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: وَإِذَا تَطَوَّعَ بِالنَّقْدِ فِي الْخِيَارِ فِي السَّلَمِ فَأُخْبِرَ بِإِفْسَادِ ذَلِكَ فَرَجَعَ فَأَخَذَ مَا نَقَدَ قَبْلَ تَمَامِ الْخِيَارِ أَوْ بَعْدَهُ صَحَّ السَّلَمُ؛ لِأَنَّ عَقْدَهُ فِي الْأَصْلِ صَحِيحٌ، وَإِنَّمَا أَفْسَدَهُ مَا أَحْدَثَاهُ فَإِذَا أَبْطَلَا مَا أَحْدَثَا لَمْ يَبْطُلْ الْعَقْدُ الصَّحِيحُ اهـ.
وَأَمَّا اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فَهُوَ مُفْسِدٌ لِبَيْعِ الْخِيَارِ وَتَقَدَّمَ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ الْبَيْعُ وَإِنْ أُسْقِطَ شَرْطُ النَّقْدِ فَأَحْرَى هُنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص (وَبِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَوْ حَلَّ أَجَلُ الطَّعَامِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي هِيَ رَأْسُ الْمَالِ اهـ.
وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ حَارِثٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَبِجُزَافٍ)
ش: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَالْمُجَازَفَةُ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ جَائِزَةٌ كَالْبَيْعِ اتِّفَاقًا اهـ، وَقَوْلُهُ: غَيْرُ الْعَيْنِ يُرِيدُ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يُسَلِّمَ تِبْرًا أَوْ نَقَّارًا مِنْ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ جُزَافًا لَا يَعْلَمَانِ وَزْنَهُمَا فِي سِلْعَةٍ إلَى أَجَلٍ اهـ.
وَإِنَّمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ بِجُزَافٍ وَأَطْلَقَ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ شُرُوطُهُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي الْبَيْعِ قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَجَازَ بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ وَجُزَافٍ بِشَرْطٍ عَلَى الْمَعْرُوفِ اهـ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص (وَتَأْخِيرِ حَيَوَانٍ بِلَا شَرْطٍ)
ش: قَالَ فِي أَوَائِلِ السَّلَمِ الثَّانِي مِنْ التَّهْذِيبِ: وَإِذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا أَوْ حَيَوَانًا بِعَيْنِهِ فَتَأَخَّرَ قَبْضُهُ الْأَيَّامَ الْكَثِيرَةَ أَوْ الشَّهْرَ أَوْ إلَى الْأَجَلِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِشَرْطٍ فَسَدَ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِشَرْطٍ وَكَانَ ذَلِكَ هُرُوبًا مِنْ أَحَدِهِمَا فَالْبَيْعُ نَافِذٌ مَعَ كَرَاهَةِ مَالِكٍ لَهُمَا فِي ذَلِكَ التَّأْخِيرِ الْبَعِيدِ بِغَيْرِ شَرْطٍ اهـ.
وَظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ أَنَّ تَأْخِيرَ الْحَيَوَانِ مَكْرُوهٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ أَمَّا تَأْخِيرُهُ فَالشَّرْطُ زِيَادَةٌ عَلَى الثَّلَاثِ يُفْسِدُ الْعَقْدَ وَأَمَّا بِغَيْرِ شَرْطٍ فَفِي الْفَسَادِ قَوْلَانِ فِي الْعَيْنِ خَاصَّةً وَلَا يَفْسُدُ تَأْخِيرُ الْعَرْضِ وَلَكِنْ يُكْرَهُ اهـ.
فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ
الْمُتَقَدِّمِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَفِي فَسَادِهِ بِالزِّيَادَةِ وَكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمَذْكُورِ وَمِنْ كَلَامِ الْجَوَاهِرِ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثِ بِشَرْطٍ مَفْسَدَةٌ فِي الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَهَلْ الطَّعَامُ وَالْعَرْضُ كَذَلِكَ إنْ كِيلَ وَأُحْضِرَ أَوْ كَالْعَيْنِ تَأْوِيلَانِ)
ش: يُحْتَمَلُ عَلَى بُعْدٍ أَنْ يُقَالَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا قَصَدَ بِقَوْلِهِ كَالْعَيْنِ أَنَّهُمَا شَبِيهَانِ بِالْعَيْنِ وَإِنْ كِيلَا وَأُحْضِرَا فِي كَوْنِهِمَا يُغَابُ عَلَيْهِمَا فَيَكُونُ التَّأْخِيرُ فِيهِمَا مَكْرُوهًا لِقُرْبِهِمَا مِنْ الْعَيْنِ الْمَمْنُوعِ فِيهَا التَّأْخِيرُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُشَبَّهُ فِي مَنْزِلَةِ الْمُشَبَّهِ بِهِ أَوْ شَبَّهَهُمَا بِالْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِيهِمَا التَّعْجِيلُ كَمَا هُوَ مَطْلُوبٌ فِي الْعَيْنِ وَلَكِنَّ الطَّلَبَ مُخْتَلِفٌ، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَشَى عَلَى مَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ الْكَرَاهَةُ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْكَرَاهَةُ فِي الطَّعَامِ أَشَدُّ انْتَهَى. وَكَانَ ابْنُ غَازِيٍّ لَمْ يَرَهُ لِمَنْ هُوَ أَقْدَمُ مِنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَدْ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي التَّقْيِيدِ الْكَبِيرِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ، وَنَصُّهُ، ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ حَيَوَانًا أَوْ رَقِيقًا فَتَأَخَّرَ قَبْضُهُ الْأَيَّامَ الْكَثِيرَةَ أَوْ إلَى أَجَلٍ فَالْبَيْعُ نَافِذٌ بِغَيْرِ كَرَاهِيَةٍ وَإِنْ كَانَ عَرْضًا يُغَابُ عَلَيْهِ فَالْبَيْعُ نَافِذٌ مَعَ الْكَرَاهِيَةِ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا فَتَأَخَّرَ كَثِيرًا أَوْ إلَى أَجَلٍ فَسَدَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ فَأَشْبَهَ مَا فِي الذِّمَّةِ فَصَارَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: هَذَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ غَائِبًا وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا حِينَ الْعَقْدِ لَانْبَغَى أَنْ يَكُونَ كَالْعَبْدِ لَا كَرَاهِيَةَ فِي تَأْخِيرِهِ وَالطَّعَامُ أَثْقَلُ مِنْهُ إذْ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَالْعَيْنُ أَشَدُّ مِنْ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ يُشْتَرَى لِعَيْنِهِ وَالْعَيْنُ لَا يُرَادُ لِعَيْنِهِ فَهُوَ كَغَيْرِ الْعَيْنِ فَتَأْخِيرُهُ يَكُونُ دَيْنًا بِدَيْنٍ انْتَهَى.
ص (وَرَدِّ زَائِفٍ)
ش: رَدُّ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَيُرِيدُ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ مِنْ يَوْمِ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
ص (وَعُجِّلَ)
ش: يُرِيدُ بِالتَّعْجِيلِ أَنَّهُ لَا يَتَأَخَّرُ الْبَدَلُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَأَمَّا تَأْخِيرُ الْبَدَلِ إلَيْهَا فَجَائِزٌ وَلَوْ بِشَرْطٍ كَمَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ فِي لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَإِنْ حَصَلَ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ حِسًّا لَمْ يَحْصُلْ مَعْنًى كَمَا لَوْ اطَّلَعَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الدَّرَاهِمِ نَاقِصٌ أَوْ زَائِفٌ فَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ شَعْبَانَ إذَا جَاءَهُ بِدِرْهَمٍ نَاقِصٍ فَاعْتَرَفَ الْآخَرُ بِهِ أَنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ السَّلَمِ بِقَدْرِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْبَابَ أَخَفُّ مِنْ الصَّرْفِ فَمَا جَازَ فِي الصَّرْفِ يَجُوزُ هُنَا أَوْلَى وَالْمَشْهُورُ هُنَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُ الْبَدَلِ وَتَأْخِيرُهُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ، انْتَهَى. وَفِي سَلَمِهَا الْأَوَّلِ وَإِذَا أَصَابَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ رَأْسَ الْمَالِ نُحَاسًا أَوْ رَصَاصًا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ فَلَهُ الْبَدَلُ وَلَا يُنْتَقَضُ السَّلَمُ إلَّا أَنْ يَعْمَلَا عَلَى ذَلِكَ لِيُجِيزَا بَيْنَهُمَا الْكَالِئُ بِالْكَالِئِ فَيُفْسَخُ ذَلِكَ اهـ.
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى قَوْلِي يُرِيدُ وَلَوْ بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ إلَى آخِرِهِ وَفِي التَّوْضِيحِ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُ الْبَدَلِ وَتَأْخِيرُهُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ اهـ.
وَيُشِيرُ إلَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إثْرَ الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ وَإِنْ رَدَّهَا عَلَيْكَ فَقُلْت سَأُبَدِّلُهَا بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ جَازَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَتَأْخِيرِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ بِشَرْطِ يَوْمَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا أَكْثَرَ اهـ.
وَهَذَا مُسْتَنَدُ قَوْلِي يُرِيدُ بِالتَّعْجِيلِ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ إلَى آخِرِهِ (تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) قَوْلُهُ: فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ إلَّا أَنْ يَعْمَلَا عَلَى ذَلِكَ إلَى آخِرِهِ هَذِهِ الزِّيَادَةَ هِيَ قَوْلُ أَشْهَبَ كَذَا جَعَلَهَا ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَاَلَّذِي قَالَهُ يَعْنِي أَشْهَبَ لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ اهـ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: وَأَمْرُهُمَا مَحْمُولٌ عَلَى السَّلَامَةِ حَتَّى يَتَعَيَّنَ غَيْرُ ذَلِكَ اهـ.
وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ عَلَى مَا نُقِلَ فِي التَّوْضِيحِ، وَهَذَا عِنْدِي لَا يُعْرَفُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَى أَصْلِ تَعَاقُدِهِمَا فِي الشِّرَاءِ أَوْ بِإِقْرَارِهِمَا اهـ.
(الثَّانِي) جَعَلَ فِي الشَّامِل مِنْ شَرْطِ جَوَازِ الْبَدَلِ أَنْ لَا يَكُونَ نُحَاسًا وَلَا رَصَاصًا