الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ لِذِي هَيْئَةٍ)
ش: قَالَ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي كِتَابِ الْجَامِعِ: وَسَأَلْتُهُ عَمَّنْ يُدْعَى إلَى الْوَلِيمَةِ وَفِيهَا إنْسَانٌ يَمْشِي عَلَى الْحَبْلِ وَآخَرُ يَجْعَلُ فِي جَبْهَتِهِ خَشَبَةً ثُمَّ يَرْكَبُهَا إنْسَانٌ.
فَقَالَ: لَا أَرَى أَنْ يَأْتِيَ قِيلَ فَإِنْ دَخَلَ ثُمَّ عَلِمَ بِذَلِكَ أَيَخْرُجُ، قَالَ: نَعَمْ يَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى {فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} [النساء: 140]، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: اللَّعِبُ فِي الْوَلِيمَةِ هُوَ مِنْ نَاحِيَةِ مَا رُخِّصَ فِيهِ مِنْ اللَّهْوِ وَاخْتُلِفَ فِيمَا رُخِّصَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ هَلْ الرُّخْصَةُ فِيهِ لِلنِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ أَوْ لِلنِّسَاءِ وَالرِّجَالِ، فَقَالَ أَصْبَغُ فِي سَمَاعِهِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ: إنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ وَأَنَّ الرِّجَالَ لَا يَجُوزُ لَهُمْ عَمَلُهُ وَلَا حُضُورُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ عَمَلَهُ وَحُضُورَهُ جَائِزٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَسْمِ سَلَفٍ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ خِلَافُ قَوْلِ أَصْبَغَ إلَّا أَنَّهُ كَرِهَ لِذِي الْهَيْئَةِ أَنْ يَحْضُرَ اللَّعِبَ، انْتَهَى.
وَسَيَأْتِي مَا فِي الرَّسْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا الْغِرْبَالِ.
ص (وَفِي وُجُوبِ أَكْلِ الْمُفْطِرِ تَرَدُّدٌ)
ش: أَشَارَ لِقَوْلِ الْبَاجِيِّ لَا نَصَّ لِأَصْحَابِنَا وَفِي الْمَذْهَبِ مَسَائِلُ تَقْتَضِي الْقَوْلَيْنِ اهـ. وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ يُجِيبُ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ، قَالَ: وَهُوَ نَصٌّ فِقْهِيٌّ وَنَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي.
وَقَالَ: يُعْتَرَضُ بِقَوْلِ الرِّسَالَةِ وَأَنْتَ فِي الْأَكْلِ بِالْخِيَارِ، انْتَهَى. وَلَا شَكَّ أَنَّ الثَّانِيَ نَصٌّ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ، وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ فِي رَسْمِ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْإِتْيَانِ إلَى الْوَلِيمَةِ، فَقَالَ: أَرَى أَنْ يَأْتِيَهَا فَقِيلَ لَهُ رُبَّمَا كَانَ الزِّحَامُ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ لِمَوْضِعِهِ، فَقَالَ: إنْ كَانَ الزِّحَامُ فَإِنِّي أَرَى لَهُ سَعَةً فَقِيلَ لَهُ فَيُجِيبُ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا، قَالَ: نَعَمْ أَرَى أَنْ يُجِيبَ أَكَلَ أَوْ لَمْ يَأْكُلْ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُهُ أَرَى أَنْ يُجِيبَ أَكَلَ أَوْ لَمْ يَأْكُلْ يُرِيدُ أَنَّ الْإِجَابَةَ تَلْزَمُهُ كَانَ صَائِمًا أَوْ مُفْطِرًا فَإِنْ كَانَ صَائِمًا صَلَّى كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَيْ دَعَا وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ بِوَاجِبٍ أَنْ يَأْكُلَ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ وَيُنْدَبُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْأَكْلِ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَأْكُلْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ» مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ عِنْدَ مَالِكٍ رحمه الله بِدَلِيلِ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثٍ آخَرَ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ أَكَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» وَأَهْلُ الظَّاهِرِ يُوجِبُونَ عَلَيْهَا الْأَكْلَ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْحَدِيثَيْنِ أَوْلَى مِنْ إطْرَاحِ أَحَدِهِمَا ا، هـ (نُكْتَةٌ) عَجِيبَةٌ أَخْبَرَنِي سَيِّدِي الْوَالِدُ حَفِظَهُ اللَّهُ عَنْ بَعْضِ مَنْ قَرَأَ الرِّسَالَةَ أَنَّهُ، قَالَ: كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الشَّيْخِ وَأَنْتَ فِي الْأَكْلِ بِالْخِيَارِ أَنْ تَأْخُذَ كُلَّ لُقْمَةٍ كَالْخِيَارَةِ وَهُوَ فَهْمٌ غَرِيبٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[تَنْبِيهٌ أَنْوَاع الْأَطْعِمَةِ فِي بَعْضِ الْأَعْرَاسِ أَوْ الْوَلَائِمِ أَوْ الْأَعْيَادِ]
(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَا يُفْعَلُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ فِي بَعْضِ الْأَعْرَاسِ أَوْ الْوَلَائِمِ أَوْ الْأَعْيَادِ مِنْ طَعَامٍ رَفِيعٍ أَوْ حَلَاوَةٍ وَقَصْدِ بَعْضِ النَّاسِ بِهَا الْمُفَاخَرَةَ وَعَرْضِهِ فَقَطْ لَا أَكْلِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْضُرَ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ أَكْلِهِ فَإِنْ حَضَرَ لِضَرُورَةٍ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ إلَّا قَدْرَ مَا تَطِيبُ بِهِ نَفْسُ صَاحِبِهِ عَلَى الْعَادَةِ، وَلَا يَجُوزُ الْإِفْدَاحُ فِي الْأَكْلِ مِنْهُ إذَا لَمْ يُصْنَعْ لِذَلِكَ، انْتَهَى.
وَقَالَ قَبْلَهُ: إذَا قُدِّمَ الطَّعَامُ لِضِيَافَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ إلَّا قَدْرَ مَا يَأْتِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى جَارِهِ فِي نَصِيبِهِ إلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ وَكَذَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ كَثِيرًا أَوْ أَكَلَ أَكْلًا خَارِجًا عَنْ الْمُعْتَادِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ اسْتِئْذَانِ رَبِّ الطَّعَامِ لَا سِيَّمَا عَلَى الْقَوْلِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالِازْدِرَادِ فَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ إلَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ بَابِ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِالْعَادَةِ وَلَا يُطْعِمُ مِنْهُ هِرًّا وَلَا غَيْرَهَا إلَّا بِإِذْنِ رَبِّهِ. وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالتَّمْكِينِ فَيَجُوزُ أَنْ يُطْعِمَ الْهِرَّ وَنَحْوَهَا وَنَصَّ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْقَرَافِيُّ فِي آخِرِ شَرْحِهِ لِلتَّنْقِيحِ لَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُعْطِيَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا مَلَكَ الِانْتِفَاعَ فِي نَفْسِهِ خَاصَّةً لَا عُمُومَ مَنْفَعَةِ الطَّعَامِ فِي كَمَالِ التَّصَرُّفِ كَمَا فِي بَعْضِ مَسَائِلِ الْحَبْسِ. وَبَلَغَنِي عَنْ الشَّيْخِ الصَّالِحِ
أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الرَّمَّاحِ شَيْخِ عَصْرِهِ فِي بَلَدِهِ أَكَلَ مَعَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْبَادِيَةِ طَعَامًا فَجَاوَزَ الْعَادَةَ فَخَافَ الْبَدَوِيُّ الْفَضِيحَةَ، فَقَالَ: يَا سَيِّدِي يَقُولُ النَّاسُ مَنْ رَاءَى فِي أَكْلِهِ رَاءَى فِي دِينِهِ، فَقَالَ لَهُ: اُسْكُتْ مَنْ رَاءَى فِي أَكْلِهِ سُتِرَ فِي دِينِهِ، انْتَهَى.
ص (وَكُرِهَ نَثْرُ اللَّوْزِ وَالسُّكَّرِ)
ش: قَالَ فِي رَسْمِ سِنٍّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْعَقِيقَةِ، قَالَ مَالِكٌ فِيمَا يُنْثَرُ عَلَى الصِّبْيَانِ عِنْدَ خُرُوجِ أَسْنَانِهِمْ وَفِي الْعَرَائِسِ فَتَكُونُ فِيهِ النُّهْبَةُ، قَالَ: لَا أُحِبُّ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْهُ شَيْءٌ إذَا كَانَ يُنْتَهَبُ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: كَرِهَهُ مَالِكٌ بِكُلِّ حَالٍ لِظَوَاهِرِ الْآثَارِ الْوَارِدَةِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ مِنْ ذَلِكَ نَهْيُهُ عَنْ النُّهْبَةِ وَأَنَّهُ قَالَ: «النُّهْبَةُ لَا تَحِلُّ» وَأَنَّهُ، قَالَ:«مَنْ انْتَهَبَ فَلَيْسَ مِنَّا» وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ أَمَّا مَا يُنْثَرُ عَلَيْهِمْ لِيَأْكُلُوهُ عَلَى وَجْهِ مَا يُؤْكَلُ دُونَ أَنْ يُنْتَهَبَ، فَانْتِهَابُهُ حَرَامٌ لَا يَحِلُّ وَلَا يَجُوزُ لِأَنَّ مُخْرِجَهُ إنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَتَسَاوَوْا فِي أَكْلِهِ عَلَى وَجْهِ مَا يُؤْكَلُ فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَأْكُلُ مِنْهُ مَعَ أَصْحَابِهِ عَلَى وَجْهِ الْأَكْلِ فَقَدْ أَخَذَ حَرَامًا وَأَكَلَ سُحْتًا لَا مِرْيَةَ فِيهِ وَدَخَلَ تَحْتَ الْوَعِيدِ وَأَمَّا مَا يُنْثَرُ عَلَيْهِمْ لِيَنْتَبِهُوهُ فَقَدْ كَرِهَهُ مَالِكٌ وَأَجَازَهُ غَيْرُهُ وَتَأَوَّلَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الِانْتِهَابِ إنَّمَا مَعْنَاهُ انْتِهَابُ مَا لَمْ يُؤْذَنْ فِي انْتِهَابِهِ بِدَلِيلِ مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُرْطٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ الْأَيَّامِ إلَى اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقُرْبِ فَقُرِّبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَدَنَاتٍ خَمْسًا أَوْ سِتًّا فَطَفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ إلَيْهِ بِأَيَّتِهِنَّ يَبْدَأُ فَلَمَّا وَجَبَتْ جَنُوبُهَا قَالَ كَلِمَةً خَفِيَّةً لَمْ أَفْهَمْهَا فَقُلْت لِلَّذِي كَانَ إلَى جَنْبِي مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: اقْتَطِعْ» «وَمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ صَاحِبَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا عَطِبَ مِنْ الْهَدْيِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: انْحَرْهَا ثُمَّ أَلْقِ قَلَائِدَهَا فِي دَمِهَا وَخَلِّ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهَا يَأْكُلُونَهَا» ، انْتَهَى.
وَقَالَ فِي جَامِعِ الْكَافِي: وَطَعَامُ النُّهْبَةِ إذَا أَذِنَ فِيهِ صَاحِبُهُ وَذَلِكَ نَحْوُ مَا يُنْثَرُ عَلَى رُءُوسِ الصِّبْيَانِ وَفِي الْأَعْرَاسِ وَالْخِتَانِ اُخْتُلِفَ فِي كَرَاهَتِهِ وَالتَّنَزُّهُ عَنْهُ أَوْلَى، انْتَهَى.
ص (لَا الْغِرْبَالِ وَلَوْ لِرَجُلٍ وَفِي الْكَبَرِ وَالْمِزْهَرِ ثَالِثُهَا يَجُوزُ فِي الْكَبَرِ ابْنُ كِنَانَةَ وَتَجُوزُ الزَّمَّارَةُ وَالْبُوقُ)
ش: قَالَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ: الْغِرْبَالُ هُوَ الدُّفُّ الْمُدَوَّرُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ مَغْشِيٌّ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَالَ أَيْضًا: الْمِزْهَرُ هُوَ الْمُرَبَّعُ، انْتَهَى.
وَقَالَ أَصْبَغُ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي رَسْمِ النِّكَاحِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ: وَالْغِرْبَالُ هُوَ الدُّفُّ الْمُدَوَّرُ وَلَيْسَ الْمِزْهَرُ وَالْمِزْهَرُ مَكْرُوهٌ وَهُوَ مُحْدَثٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمِزْهَرَ أَلْهَى وَكُلَّمَا كَانَ أَلْهَى كَانَ أَغْفَلَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَكَانَ مِنْ الْبَاطِلِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ: الدُّفُّ هُوَ الْغَشْيُ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَوْتَارٌ وَلَا جَرَسٌ وَيُسَمَّى الْآنَ بِالْبُنْدَيْرِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمَدْخَلِ فِي فَصْلِ الْمَوْلُودِ: وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ الطَّارَّ الَّذِي فِيهِ الصَّرَاصِيرُ مُحَرَّمٌ وَكَذَلِكَ الشَّبَّابَةُ، انْتَهَى.
وَقَالَ التِّلِمْسَانِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى إجَازَةِ الدُّفِّ وَهُوَ الْغِرْبَالُ فِي الْعُرْسِ، انْتَهَى. وَسَيَأْتِي كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ مُسْتَوْفَى. وَقَالَ الشَّيْخُ جَعْفَرُ بْنُ ثَعْلَبٍ الْإِدْفَوِيُّ الشَّافِعِيُّ الْمِصْرِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالْإِقْنَاعِ فِي أَحْكَامِ السَّمَاعِ: وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى إبَاحَةِ الدُّفِّ فِي الْعُرْسِ
وَالْعِيدِ وَقُدُومِ الْغَائِبِ وَكُلِّ سُرُورٍ حَادِثٍ وَهَذَا مَا أَوْرَدَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَالْقُرْطُبِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي كَشْفِ الْقِنَاعِ لَمَّا ذَكَرَ أَحَادِيثَ تَقْتَضِي الْمَنْعَ، قَالَ: وَقَدْ جَاءَتْ أَحَادِيثُ تَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ فِي النِّكَاحِ وَأَوْقَاتِ السُّرُورِ فَتُسْتَثْنَى هَذِهِ الْمَوَاضِعُ مِنْ الْمَنْعِ الْمُطْلَقِ، انْتَهَى.
وَقَالَ قَبْلَهُ: قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ، قَالَ الْمُهَلَّبُ: مِنْ السُّنَّةِ إعْلَانُ النِّكَاحِ بِالدُّفِّ، انْتَهَى. وَقَالَ بَعْدَ هَذَا وَقَبْلَ الْأَوَّلِ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْأَحْكَامِ مِنْ كَلَامٍ ذَكَرَهُ وَقَسَّمَهُ: إنَّ آلَاتِ اللَّهْوِ الْمُشْهِرَةِ لِلنِّكَاحِ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا فِيهِ وَذَكَرَ الدُّفَّ مِنْهَا، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: وَلَا يَجُوزُ تَعَمُّدُ شَيْءٍ مِنْ اللَّهْوِ وَلَا مِنْ آلَاتِ الْمَلَاهِي وَرُخِّصَ فِي الدُّفِّ فِي النِّكَاحِ، وَفِي الْكَبَرِ وَالْمِزْهَرِ أَقْوَالٌ، انْتَهَى. ثُمَّ ذَكَرَ فِي الدُّفِّ بِالْجَلَاجِلِ مَا نَصُّهُ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ لَمَّا اسْتَثْنَى الدُّفَّ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْمَوَاضِعِ: وَلَا يَلْحَقُ بِذَلِكَ الطَّارَّاتُ ذَاتُ الصَّلَاصِلِ وَالْجَلَاجِلِ لِمَا فِيهَا مِنْ زِيَادَةِ الْإِطْرَابِ وَإِذَا كَانَ الضَّارِبُ بِهَا رَجُلًا، فَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُزَيْنٍ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّإِ.
قَالَ أَصْبَغُ: لَا يَكُونُ الدُّفُّ إلَّا لِلنِّسَاءِ وَلَا يَكُونُ عِنْدَ الرِّجَالِ ثُمَّ، قَالَ: وَكُلُّ مَنْ تَقَدَّمَ النَّقْلُ عَنْهُ يَعْنِي مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ غَيْرِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ أَطْلَقُوا الْقَوْلَ وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ الْجَلَاجِلِ وَغَيْرِهِ وَبَيْنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ وَذَهَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ إلَى جَوَازِ الدُّفِّ وَالْكَبَرِ وَالْمِزْهَرِ فِي الْعُرْسِ إلَّا لِلْجَوَارِي الْعَوَاتِقِ فِي بُيُوتِهِنَّ وَمَا أَشْبَهَهُنَّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ مُطْلَقًا وَيَجْرِي لَهُنَّ مَجْرَى الْعُرْسِ إذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ ذَكَرَهُ فِي مُؤَلَّفِهِ فِي السَّمَاعِ، انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الطُّبُولِ وَالْقُرْطُبِيُّ الْمَالِكِيُّ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ مِنْ الْحَنَابِلَةِ اسْتِثْنَاءُ طَبْلِ الْحَرْبِ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ وَيَحْيَى بْنِ مُزَيْنٍ وَالْمِزْهَرُ أَعْنِي الثَّلَاثَةَ الْأَقْوَالَ وَالْخِلَافَ فِي اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِالنِّسَاءِ أَوْ يَعُمُّ الرِّجَالَ ثُمَّ، قَالَ: تَنْبِيهٌ: الْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ أَنَّ الْمِزْهَرَ الْعُودُ، وَلَمْ أَرَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ مَنْ ذَكَرَ خِلَافَهُ وَكُتُبُ الْفُقَهَاءِ مُخَالِفَةٌ لِذَلِكَ فَإِنَّهُمْ إنَّمَا يَعْنُونَ بِالدُّفِّ الْمُرَبَّعَ الْمَغْلُوفَ وَصَرَّحَ بِهِ يَحْيَى بْنُ مُزَيْنٍ الْمَالِكِيِّ وَالْكَبَرُ الطَّبْلُ الْكَبِيرِ وَلَعَلَّهُ الطَّلَخَانَةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي رَسْمِ سَلَفَ دِينَارًا مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ وَفِي رَسْمِ النِّكَاحِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ وَاسْتَوْفَى ابْنُ رُشْدٍ الْكَلَامَ عَلَيْهَا فِي سَمَاعِ عِيسَى الْمُتَقَدِّمِ ذَكَرَهُ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَلْنَذْكُرْ كَلَامَ سَمَاعِ عِيسَى وَكَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ عَلَيْهِ ثُمَّ نَتْبَعُهُ بِمَا فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ، قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يُدْعَى إلَى الصَّنِيعِ فَيَجِدُ بِهِ اللَّعِبَ أَيَدْخُلُ؟ قَالَ: إنْ كَانَ الشَّيْءُ الْخَفِيفُ مِثْلَ الدُّفِّ وَالْكَبَرِ الَّذِي يَلْعَبُ بِهِ النِّسَاءُ فَمَا أَرَى بِهِ بَأْسًا.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: يُرِيدُ بِالصَّنِيعِ صَنِيعَ الْعُرْسِ أَوْ صَنِيعَ الْعُرْسِ وَالْمُلَّاكِ عَلَى مَا قَالَهُ أَصْبَغُ فِي سَمَاعِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي رُخِّصَ فِيهِ بَعْضُ اللَّهْوِ فِيهِ لِمَا يُسْتَحَبُّ مِنْ إعْلَانِ النِّكَاحِ وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا عَلِمْت عَلَى إجَازَةِ الدُّفِّ وَهُوَ الْغِرْبَالُ فِي الْعُرْسِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْكَبَرِ وَالْمِزْهَرِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا: أَنَّهُمَا يُحْمَلَانِ جَمِيعًا مَحْمَلَ الْغِرْبَالِ وَيَدْخُلَانِ مَدْخَلَهُ فِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِمَا فِي الْعُرْسِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُحْمَلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مَحْمَلَهُ وَلَا يَدْخُلُ مَعَهُ وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي عُرْسٍ وَلَا غَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ فِي سَمَاعِهِ بَعْدَ هَذَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَعَلَيْهِ يَأْتِي مَا فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ جَامِعِ الْبُيُوعِ أَنَّ الْكَبَرَ إذَا بِيعَ يُفْسَخُ بَيْعُهُ وَيُؤَدَّبُ أَهْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ ذَلِكَ فِي الْكَبَرِ فَأَحْرَى أَنْ يَقُولَهُ فِي الْمِزْهَرِ؛ لِأَنَّهُ أَلْهَى مِنْهُ.
(وَالثَّالِثُ) أَنَّهُ يُحْمَلُ مَحْمَلَهُ وَيُدْخَلُ مُدْخَلَهُ فِي الْكَبَرِ وَحْدَهُ دُونَ الْمِزْهَرِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُنَا وَفِي رَسْمٍ إنْ خَرَجَتْ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا وَعَلَيْهِ يَأْتِي مَا فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ السَّرِقَةِ أَنَّ السَّارِقَ يُقْطَعُ فِي قِيمَةِ الْكَبَرِ صَحِيحًا وَلِابْنِ كِنَانَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إجَازَةُ الْبُوقِ فِي الْعُرْسِ فَقِيلَ مَعْنَى ذَلِكَ فِي الْبُوقَاتِ وَالزَّمَّارَاتِ الَّتِي لَا تُلْهِي كُلَّ
الْإِلْهَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ مَا أُجِيزَ مِنْ ذَلِكَ فَقِيلَ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْجَائِزِ الَّذِي يَسْتَوِي فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ فِي أَنَّهُ لَا حَرَجَ فِي فِعْلِهِ وَلَا ثَوَابَ فِي تَرْكِهِ.
وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ وَقِيلَ إنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْجَائِزِ الَّذِي تَرْكُهُ أَحْسَنُ مِنْ فِعْلِهِ فَيُكْرَهُ فِعْلُهُ لِمَا فِي تَرْكِهِ مِنْ الثَّوَابِ إلَّا أَنَّ فِي فِعْلِهِ حَرَجًا أَوْ عِقَابًا. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّهُ كَرِهَ الدِّفَافَ وَالْمَعَازِفَ فِي الْعُرْسِ وَغَيْرِهِ. وَاخْتُلِفَ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ لِلنِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ، فَقَالَ أَصْبَغُ فِي أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ وَأَنَّ الرِّجَالَ لَا يَجُوزُ لَهُمْ عَمَلُهُ وَلَا حُضُورُهُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ عَمَلَهُ وَحُضُورَهُ جَائِزٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ خِلَافُ قَوْلِ أَصْبَغَ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ إلَّا أَنَّهُ كُرِهَ لِذِي الْهَيْئَةِ مِنْ النَّاسِ أَنْ يَحْضُرَ اللَّعِبَ.
رَوَى ذَلِكَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ وَأَمَّا مَا لَا يَجُوزُ عَمَلُهُ مِنْ اللَّهْوِ فِي الْعُرْسِ فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ دُعِيَ إلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ عَلَى ذَلِكَ فِي رَسْمِ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ، انْتَهَى كَلَامُهُ بِرُمَّتِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَنَصُّ مَا فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ، قَالَ أَصْبَغُ: سَمِعْتُ ابْنَ الْقَاسِمِ وَسُئِلَ عَنْ الَّذِي يُدْعَى إلَى الصَّنِيعِ فَجَاءَ فَوَجَدَ فِيهِ لَعِبًا أَيَدْخُلُ؟ ، قَالَ: إنْ كَانَ شَيْئًا خَفِيفًا مِثْلَ الدُّفِّ وَالْكَبَرِ الَّذِي يَلْعَبُ بِهِ النِّسَاءُ فَمَا أَرَى بِهِ بَأْسًا، قَالَ أَصْبَغُ: وَلَا يُعْجِبُنِي وَلْيَرْجِعْ وَقَدْ أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ مَالِكًا يُسْأَلُ عَنْ الَّذِي يَحْضُرُ الصَّنِيعَ وَفِيهِ اللَّهْوُ، فَقَالَ: مَا يُعْجِبُنِي لِلرَّجُلِ ذِي الْهَيْئَةِ يَحْضُرُ اللَّعِبَ. وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَسُئِلَ عَنْ ضَرْبِ الْكَبَرِ وَالْمِزْمَارِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ اللَّهْوِ يَنَالُكَ سَمَاعَهُ وَتَجِدُ لَذَّتَهُ وَأَنْتَ فِي طَرِيقٍ أَوْ مَجْلِسٍ أَوْ غَيْرِهِ، قَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ يَقُومَ مِنْ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ.
قَالَ أَصْبَغُ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ رَجُلًا دَعَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ إلَى وَلِيمَةٍ فَلَمَّا جَاءَ سَمِعَ لَهْوًا فَرَجَعَ فَلَقِيَهُ الَّذِي دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ: مَالَكَ رَجَعْتَ أَلَا تَدْخُلُ؟ ، فَقَالَ: إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «مَنْ كَثَّرَ سَوَادَ قَوْمٍ، فَهُوَ مِنْهُمْ وَمَنْ رَضِيَ عَمَلَ قَوْمٍ كَانَ شَرِيكَ مَنْ عَمِلَهُ» .
قَالَ أَصْبَغُ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي أَسِيدٍ أَنَّ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ كَانَ إذَا دُعِيَ إلَى الْوَلِيمَةِ يَقُولُ: أَفِيهَا بَرَابِطُ؟ فَإِنْ قِيلَ نَعَمْ، قَالَ: لَا دَعْوَةَ لَهُمْ وَلَا نِعْمَةَ عَيْنٍ. قَالَ أَصْبَغُ: مَا جَازَ لِلنِّسَاءِ مِمَّا جُوِّزَ لَهُنَّ مِنْ الدُّفِّ وَالْكَبَرِ فِي الْعُرْسِ فَلَا يَجُوزُ لِلرِّجَالِ عَمَلُهُ، وَمَا لَا يَجُوزُ لَهُمْ عَمَلُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ حُضُورُهُ وَلَا يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ غَيْرُ الْكَبَرِ وَالدُّفِّ وَلَا غِنَاءَ مَعَهَا وَلَا ضَرْبَ وَلَا بَرَابِطَ وَلَا مِزْمَارَ وَذَلِكَ حَرَامٌ مُحَرَّمٌ فِي الْفَرَحِ وَغَيْرِهِ إلَّا ضَرْبًا بِالدُّفِّ وَالْكَبَرِ هَمَلًا، وَبِذِكْرِ اللَّهِ وَتَسْبِيحًا وَحَمْدًا عَلَى مَا هَدَى أَوْ بِرَجَزٍ خَفِيفٍ لَا بِمُنْكَسِرٍ وَلَا طَوِيلٍ مِثْلُ الَّذِي جَاءَ فِي جِوَارِي الْأَنْصَارِ
أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ
…
فَحَيُّونَا نُحَيِّيكُمْ
وَلَوْلَا الْحَبَّةُ السَّمْرَا
…
الَمْ نُحْلِلْ بِوَادِيكُمْ
وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلَا يُعْجِبُنِي مَعَ ذَلِكَ الصَّفْقُ بِالْأَيْدِي وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ غَيْرِهِ. قَالَ أَصْبَغُ: وَقَدْ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ بِقَطْعِ اللَّهْوِ كُلِّهِ إلَّا الدُّفَّ وَحْدَهُ فِي الْعُرْسِ وَحْدَهُ.
فَهَذَا رَأْيِي وَأَحَبُّ إلَى الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ وَالْعَمَلُ بِهِ، وَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا فِي الْمُلَّاكِ عَلَى مِثْلِ الْعُرْسِ وَمَا فَسَّرْنَا فِيهِ فَهُوَ مِنْهُ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ «أَظْهِرُوا النِّكَاحَ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالْغِرْبَالِ» وَحَدِيثَ «أَعْلِنُوا النِّكَاحَ» .
ثُمَّ، قَالَ أَصْبَغُ: فَالْإِعْلَانُ يَجْمَعُ عِنْدِي الْمُلَّاكَ وَالْعُرْسَ جَمِيعًا أَنْ يُعْلَنَ بِهِمَا وَلَا يَسْتَخْفِي بِهِمَا سِرًّا فِي التَّفْسِيرِ وَيَظْهَرُ بِهِمَا بِبَعْضِ اللَّهْوِ مِثْلُ الدُّفِّ وَالْكَبَرِ لِلنِّسَاءِ وَالْغِرْبَالُ هُوَ الدُّفُّ الْمُدَوَّرُ. وَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْهُ فِي تَعْرِيفِهِ فِي أَوَّلِ الْقَوْلَةِ ثُمَّ قَالَ: وَمَا كَانَ مِنْ الْبَاطِلِ فَمُحَرَّمٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ اللَّهْوُ وَالْبَاطِلُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«كُلُّ لَهْوٍ يَلْهُو بِهِ الْمُؤْمِنُ بَاطِلٌ إلَّا ثَلَاثَ» ، قَالَ