الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّرْفِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ صَرَفْتَ مِنْ رَجُلٍ دِينَارًا بِدَرَاهِمَ فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى أَخَذْت مِنْهُ بِهَا سِلْعَةً أَوْ قَبَضْتَ مِنْهُ نِصْفَهَا، وَأَخَذْت بِنِصْفِهَا سِلْعَةً مَكَانَك فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ رَدَدْت السِّلْعَةَ بِعَيْبٍ رَجَعْتَ بِدِينَارِكَ، وَلَوْ صَرَفْتَ مِنْهُ بِدَرَاهِمَ عَلَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ بِهَا سَمْنًا أَوْ زَيْتًا نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا أَوْ عَلَى أَنْ تَقْبِضَهَا ثُمَّ تَشْتَرِيَ بِهَا هَذِهِ السِّلْعَةَ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ رَدَدْت السِّلْعَةَ بِعَيْبِ رَجَعْتَ بِدِينَارِكَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا وَقَعَ بِالسِّلْعَةِ، وَاللَّفْظُ لَغْوٌ.
[تَنْبِيه وَقَعَ التَّقَابُضُ فِي الصَّرْفِ ثُمَّ أَوْدَعَ أَحَدُهُمَا مَا قَبَضَهُ عِنْدَ الْآخَرِ]
(الْخَامِسُ) : إذَا وَقَعَ التَّقَابُضُ فِي الصَّرْفِ، ثُمَّ أَوْدَعَ أَحَدُهُمَا مَا قَبَضَهُ عِنْدَ الْآخَرِ لَمْ يَجُزْ قَالَهُ فِي رَسْمِ شَكَّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنَّمَا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ آلَ إلَى الصَّرْفِ الْمُتَأَخِّرِ، فَإِنَّهُمَا عَلَى الْقَصْدِ إلَى ذَلِكَ، وَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُمَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا فِيهِ حَرَجٌ وَقَدْ أَجَازَ ذَلِكَ ابْنُ وَهْبٍ فِي سَمَاعِ أَبِي جَعْفَرٍ إذَا طُبِعَ عَلَيْهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ الطَّبْعَ عَلَيْهَا لَا يَدْفَعُ التُّهْمَةَ بِخِلَافِ رَهْنِ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ إذَا غُيِّبَ عَلَيْهِ انْتَهَى. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: وَلَا يَجُوزُ الْيَوْمَ لِمَنْ صَرَفَ دِينَارًا بِدَرَاهِمَ أَنْ يُودِعَهَا بَعْدَ الْمُنَاجَزَةِ عِنْدَ الصَّرَّافِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ تَرْكِهَا أَنْ يَبْرَأَ مِنْ نَقْصِهَا وَنُحَاسِهَا قَدْ عُلِمَ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَيُحْمَلُ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الَّذِي قَبَضَ مِنْ دَيْنٍ لَهُ طَوْقَ ذَهَبٍ فَافْتَرَقَا قَبْلَ قَبْضِهِ الطَّوْقَ لَا خَيْرَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ بَقِيَ فِيهِ حَقٌّ مِنْ التَّوْفِيَةِ وَزْنٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ التَّوْفِيَةِ لَكَانَتْ مُصِيبَتُهُ مِنْ مُشْتَرِيهِ، وَإِيدَاعُهُ جَائِزٌ بِخِلَافِ إيدَاعِ الدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرِ انْتَهَى. فَفَرَّقَ بَيْنَ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالْمَصُوغِ، فَيَجُوزُ إيدَاعُهُ وَبَيْنَ أَنْ لَا يُعْرَفَ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَالتِّبْرِ فَلَا يَجُوزُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَالَ فِي الشَّامِلِ، وَلَوْ أَوْدَعَهُ مَا صَارَفَهُ بِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ فَسَدَ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يُطْبَعْ عَلَيْهِ فَإِنْ طُبِعَ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ صَحَّ انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَبَيْنَ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ صَحِيحٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَذَكَرَهُ ابْنُ جَمَاعَةَ فِي مَسَائِلِ الْبُيُوعِ فِي بَابِ الْمُنَاجَزَةِ فِي الصَّرْفِ فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمِ وَفِي بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ وَقَبِلَهُ شَارِحُهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ صَرْفٌ قَالَ: وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ إذَا غَابَ عَنْك وَأُبْدِلَ لَكَ عَرَفْتَ أَنَّهُ غَيْرُ شَيْئِكَ وَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ الطَّبْعِ، فَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ الطَّبْعِ، فَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ.
وَقَالَ: إنَّهُ بَعِيدٌ وَحَكَمَهُ بِالْفَسَادِ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ إمَّا فِي ظَاهِرٍ وَإِمَّا فِيمَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ اللَّهِ إذَا صَحَّ أَمْرُهُمَا وَلَمْ يُقْصَدْ التَّأْخِيرُ فَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ فَتَأَمَّلْهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا يَعُودُ ذَلِكَ بِخَلَلٍ فِي الْعَقْدِ إذَا صَحَّ أَمْرُهُمَا وَمَسْأَلَةُ الطَّوْقِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّخْمِيُّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّرْفِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلَفْظُهُ فِيهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ أَصْلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(السَّادِسُ) : قَالَ فِي رَسْمِ الْقِبْلَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ انْعَقَدَ بَيْنَهُمَا الصَّرْفُ عَلَى أَنْ يَتَأَخَّرَ مِنْهُ شَيْءٌ فُسِخَ وَإِنْ عُقِدَ عَلَى الْمُنَاجَزَةِ، ثُمَّ أَخَّرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِشَيْءٍ مِنْهُ انْتَقَضَ الصَّرْفُ فِيمَا وَقَعَتْ فِيهِ النَّظْرَةُ بِاتِّفَاقٍ فَإِنْ كَانَتْ النَّظْرَةُ فِي أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ انْتَقَضَ صَرْفُ دِينَارٍ وَإِنْ كَانَ فِي أَكْثَرَ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ انْتَقَضَ صَرْفُ دِينَارَيْنِ وَإِنْ كَانَ فِي أَكْثَرَ مِنْ صَرْفِ دِينَارَيْنِ انْتَقَضَ صَرْفُ ثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ، وَهَكَذَا أَبَدًا وَمَا وَقَعَ فِيهِ التَّنَاجُزُ عَلَى اخْتِلَافٍ وَإِنْ وَقَعَ عَلَى الْمُنَاجَزَةِ ثُمَّ تَأَخَّرَ مِنْهُ شَيْءٌ بِغَلَطٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ نِسْيَانٍ مَضَى الصَّرْفُ فِيمَا، وَقَعَ فِيهِ التَّنَاجُزُ بِاتِّفَاقٍ وَفِيمَا وَقَعَ فِيهِ التَّأْخِيرُ إنْ رَضِيَ هَذَا الَّذِي هُوَ لَهُ بِتَرْكِهِ عَلَى اخْتِلَافٍ سَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ انْتَهَى.
[تَنْبِيه اصْطَرَفَ دَرَاهِمَ فَعَجَزَتْ الدَّرَاهِمُ دِرْهَمًا]
(السَّابِعُ) : قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ وَمَنْ اصْطَرَفَ دَرَاهِمَ فَعَجَزَتْ الدَّرَاهِمُ دِرْهَمًا فَلَا يَجُوزُ لِلْمُصْطَرِفِ أَنْ يُقْرِضَ الصَّيْرَفِيَّ دِرْهَمًا يُتِمُّ بِهِ الصَّرْفَ ثُمَّ يُطَالِبُهُ بِهِ دَيْنًا وَمَنْ اصْطَرَفَ دَرَاهِمَ وَعَجَزَتْ كَسْرًا وَأَخَّرَهُ عَلَى الصَّيْرَفِيِّ ثُمَّ عَلِمَ بِمَكْرُوهِ ذَلِكَ فَوَهَبَهُ لِلصَّيْرَفِيِّ لِيُجِيزَ بِذَلِكَ صَرْفَهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَلَا بُدَّ لَهُمَا أَنْ يَتَنَاقَضَا الصَّرْفَ وَيَرْجِعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِمِثْلِ نَقْدِهِ وَمَنْ اصْطَرَفَ
دَرَاهِمَ وَعَجَزَتْ دِرْهَمًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ بِهِ مَا أَحَبَّ مِنْ طَعَامٍ أَوْ إدَامٍ أَوْ عَرَضٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مُعَجَّلًا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ بِبَعْضِ دِينَارِهِ بَعْدَ الْمُصَارَفَةِ مَا أَحَبَّ قَبْلَ قَبْضِ الدَّرَاهِمِ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا إذَا كَانَ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ مِمَّا صَارَفَهُ بِهِ وَأَدْنَى مِنْهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ الثَّوْبَ مُعَجَّلًا بِدِينَارٍ إلَى شَهْرٍ وَالدِّينَارُ بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا إلَى شَهْرَيْنِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا وَقَعَ بِالدَّرَاهِمِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى قُبْحِ كَلَامِهِمَا إذَا صَحَّ الْعَمَلُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَا يُنْظَرُ إلَى حُسْنِ كَلَامِهِمْ إذَا قَبُحَ الْعَمَلُ بَيْنَهُمَا
ص (أَوْ غَلَبَةٌ)
ش: سَوَاءٌ غُلِبَا مَعًا عَلَى التَّأْخِيرِ كَمَا لَوْ غَشِيَهُمَا لَيْلٌ أَوْ حَالَ بَيْنَهُمَا سَيْلٌ أَوْ غُلِبَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا بِهُرُوبِ صَاحِبِهِ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ قَاصِدًا هُرُوبَهُ فُسِخَ الْعَقْدُ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ: إنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ وَهُوَ لِمَالِكٍ فِي مَسْأَلَةِ الْقِلَادَةِ الْوَاقِعَةِ فِي رَسْمِ حَلَفَ لَيَرْفَعَنَّ أَمْرًا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّرْفِ وَذَكَرَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَرَجَّحَ ابْنُ يُونُسَ هَذَا الْقَوْلَ وَقَالَ: الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْبَيْعِ وَقَعَ عَلَى الصِّحَّةِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْمُبْتَاعُ بِالتَّأْخِيرِ فَسْخَ الْبَيْعِ فَوَجَبَ أَنْ يُحَرِّمَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إلَى حَلِّ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ فَلَا يُرِيدُ أَحَدٌ اسْتَغْلَى شَيْئًا أَوْ نَدِمَ فِي شِرَائِهِ إلَّا جَرَّ ذَلِكَ لِيَفْسَخَهُ فَوَجَبَ أَنْ يُحَرَّمَ ذَلِكَ كَمَنْعِ الْقَاتِلِ الْمِيرَاثَ وَمَنْعِ الْمُتَزَوِّجَيْنِ فِي الْعِدَّةِ أَنْ يَتَنَاكَحَا أَبَدًا اهـ.
وَقَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: وَإِنْ كَانَ التَّفَرُّقُ لِهُرُوبِ أَحَدِهِمَا فَهَلْ يَبْطُلُ بِهِ الْعَقْدُ وَيَبُوءُ بِإِثْمِهِ أَوْ يُلْزَمُهُ حُكْمَ الْعَقْدِ إذَا ظُفِرَ بِهِ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَأْخِيرِ ثَمَنِ السَّلَمِ بِهُرُوبِ أَحَدِهِمَا فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ فِي قَوْلٍ وَيَثْبُتُ فِي قَوْلٍ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِثُبُوتِهِ لَا يَكُونُ الْعَقْدُ ثَابِتًا حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَثْبُتُ مَعَ فَقْدِ شَرْطِ ثُبُوتِهِ لَكِنْ يَلْزَمُ إذَا ظَفَرَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ وُضِعَ عَلَى مَا عُقِدَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ فَيَكُونُ قَدْ عُدِمَ الْعَقْدُ الَّذِي أَفْسَدَهُ بِعَقْدٍ جَدِيدِ يَقَعُ التَّقَابُضُ فِيهِ مُتَّصِلًا بِهِ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَثْبُتُ فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ أَحَدَ الْعِوَضَيْنِ، فَلَا كَلَامَ وَإِنْ قَبَضَ أَحَدَهُمَا فَإِنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَالدَّنَانِيرِ الْمَسْكُوكَةِ فَإِنْ كَانَ الصَّرْفُ بَيْنَهُمَا بِالسِّعْرِ الْوَاقِعِ الْآنَ رَدَّهُ مِثْلُ مَا أَخَذَ وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْحَظُّ فِي فَسْخِ الْعَقْدِ لِغَيْرِ الْهَارِبِ رَدَّ الْمِثْلَ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ الْحَظُّ فِي الْفَسْخِ لَهُ بِالْهُرُوبِ خَرَجَ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُلْزَمُ ضَمَانَ الثَّمَنِ الَّذِي لَزِمَهُ يَوْمَ الْعَقْدِ وَالثَّانِي إنَّمَا يَلْزَمُهُ رَدُّ مَا أَخَذَ وَقَدْ بَاءَ بِإِثْمِ مَا صَنَعَ وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ كَالْمَصُوغِ خَرَجَ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ بَانَ بِهِ وَالْآخَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ الثَّمَنُ الَّذِي رَضِيَ بِهِ اهـ. بِاخْتِصَارٍ.
وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَصُوغِ إنَّمَا هُوَ إذَا تَلِفَ أَمَّا إنْ كَانَ قَائِمًا فَيُرَدُّ إلَى رَبِّهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ التَّأْخِيرَ عَلَيْهِ مُؤَثِّرٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، فَإِنَّهُ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى مَسْأَلَةِ الْقِلَادَةِ تَأَوَّلَهَا عَلَى أَنَّ الذَّهَبَ الَّذِي كَانَ فِيهَا يَسِيرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (أَوْ عَقْدٌ وَوَكَّلَ فِي الْقَبْضِ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَعْقِدَ الصَّرْفَ ثُمَّ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فِي قَبْضِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبَضَ الْوَكِيلُ بِحَضْرَةِ الْعَاقِدِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ عَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَفْسُدُ زَادَ ابْنُ بَشِيرٍ وَلَكِنَّهُ قَالَ: يُكْرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ وَكَّلَ عَلَى قَبْضِ مَا عَقَدَهُ بِحَضْرَتِهِ فَطَرِيقَانِ: ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ عَنْ الْمَذْهَبِ لَا يَفْسُدُ زَادَ ابْنُ بَشِيرٍ وَيُكْرَهُ الْمَازِرِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا خَيْرَ فِيهِ أَشْهَبُ لَا يُفْسَخُ إنْ وَقَعَ ابْنُ وَهْبٍ لَا بَأْسَ بِهِ فَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ اشْتِرَاطَ كَوْنِ الْعَاقِدِ الْقَابِضَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: هَذِهِ الْأَقْوَالُ مَعْزُوَّةٌ لِقَائِلِهَا إنَّمَا ذَكَرَهَا الْبَاجِيُّ فِي الْحَوَالَةِ اهـ. وَعَزَا ابْنُ رُشْدٍ بَعْضَ مَا ذَكَرَهُ لِلْمُدَوَّنَةِ وَلَفْظُهُ فِي رَسْمِ طَلْقِ ابْنِ حَبِيبٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الصَّرْفِ وَنَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا صَرَفَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ وَيُوَكِّلَ مَنْ يَقْبِضُ لَهُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ إذَا قَبَضَ الْوَكِيلُ بِحَضْرَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهُ قُلْت: وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ صَاحِبُ الطِّرَازِ إلَّا الْكَرَاهَةَ