الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَحْنُونٌ أَنَّ السَّبْعَةَ مِنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ قَالُوا فِيمَنْ دَلَّسَ بِعَيْبٍ فِي عَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ فَهَلَكَتْ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْأَمَةُ، أَوْ الْعَبْدُ فَهُمَا مِنْ الْبَائِعِ وَأَخَذَ مِنْهُ الْمُبْتَاعُ الثَّمَنَ كُلَّهُ.
قَالَ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ: دَلِيلُهُ الْمَرْأَةُ تَغَرُّ مِنْ نَفْسِهَا أَنَّ لِزَوْجِهَا الرُّجُوعَ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ إلَّا قَدْرَ مَا يَسْتَحِلُّ بِهِ فَرْجَهَا؛ لِأَنَّهَا مُدَلِّسَةٌ بِذَلِكَ الْعَيْبِ فَكَذَلِكَ هَذَا.
قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ بَاعَ عَبْدًا فَدَلَّسَ فِيهِ بِعَيْبٍ فَهَلَكَ الْعَبْدُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعَيْبِ، أَوْ نَقَصَ فَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَيَرُدُّ جَمِيعَ الثَّمَنِ كَالتَّدْلِيسِ بِالْمَرَضِ فَيَمُوتُ، أَوْ بِالسَّرِقَةِ فَتُقْطَعُ يَدُهُ فَيَمُوتُ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ يَحْيَى، أَوْ بِالْإِبَاقِ فَيَأْبِقُ فَيَهْلِكُ، أَوْ يَذْهَبُ، فَلَمْ يَرْجِعْ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَوْ بِالْجُنُونِ فَاخْتَنَقَ فَمَاتَ فَهَذَا كُلُّهُ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَيَرُدُّ جَمِيعَ الثَّمَنِ بَعْدَ أَنْ يُقِيمَ الْمُبْتَاعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَيْبِ، وَأَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ، فَإِنْ ثَبَتَ عِلْمُ الْبَائِعِ بِهَذَا كُلِّهِ حِينَ الْبَيْعِ رَدَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ كَانَ لَمْ يُدَلِّسْ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ الْعَيْبَ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي إلَّا قِيمَةُ عَيْبِهِ، وَلَوْ قَالَ: عَلِمْت الْعَيْبَ وَلَكِنْ نَسِيتُ أَنْ أَذْكُرَهُ عِنْدَ الْبَيْعِ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا قِيمَةُ الْعَيْبِ اهـ. وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ: وَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي وَهَلَكَ فَعَيْبُهُ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً، ثُمَّ غَابَ الْبَائِعُ، وَاطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فِي الْجَارِيَةِ، فَلَمْ يَحْضُرْ الْبَائِعُ حَتَّى مَاتَتْ الْجَارِيَةُ مِنْ الْعَيْبِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُثْبِتُ الْعَيْبَ، ثُمَّ يَنْظُرُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ إنْ كَانَ مِمَّا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فِي مُدَّةِ الشِّرَاءِ فَلَا رُجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ مَا لَا يَحْدُثُ فِي مُدَّةِ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْغُرْمُ يَعْنِي غُرْمَ الْأَرْشِ خَاصَّةً لَا غُرْمَ جَمِيعِ الثَّمَنِ قَالَهُ الْجُزُولِيُّ عِنْدَ قَوْلِهِ: مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْعَيْبُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ بَاعَهُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ، وَلَا يَعْلَمُ بِهَا عَيْبًا تُرَدُّ بِهِ وَيَثْبُتُ الْعَيْبُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَحَيْثُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ فَصَرَّحَ بِالرَّدِّ، ثُمَّ هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى يَدِ الْبَائِعِ، فَهَلْ يَكُونُ ضَمَانُهُ مِنْهُ، أَوْ مِنْ الْمُشْتَرِي؟ .
ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ أَنْ يَحْكُمَ بِهَا حَاكِمٌ، فَيَكُونَ مِنْ الْبَائِعِ، وَإِلَّا فَمِنْ الْمُشْتَرِي اهـ. وَهَذَا إذَا لَمْ يُدَلِّسْ، وَأَمَّا الْمُدَلِّسُ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ غُرْمُ جَمِيعِ الثَّمَنِ إذَا مَاتَتْ الْجَارِيَةُ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ، وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأَخِيرَةُ فَإِنَّ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِالنَّقْصِ، أَوْ يُثْبِتَ عِنْدَ حَاكِمٍ وُجُودَ الْعَيْبِ، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَيْثُ قَالَ وَدَخَلَتْ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ إنْ رَضِيَ بِالنَّقْصِ، أَوْ ثَبَتَ عَنْدَ حَاكِمٍ، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا هَلَكَ مِنْ الْعَيْبِ، فَإِنْ دَلَّسَ بِهِ الْبَائِعُ رَجَعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِنْ لَمْ يُدَلِّسْ رَجَعَ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ فَقَطْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ أَخَذَ الْمُشْتَرِي الْأَرْشَ لِلْإِبَاقِ]
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) اُنْظُرْ لَوْ أَخَذَ الْمُشْتَرِي الْأَرْشَ لِلْإِبَاقِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدَ الْعَبْدَ هَلْ لَهُ رَدُّهُ وَرَدُّ الْعَبْدِ وَأَخْذُ ثَمَنِهِ؟
[الثَّانِي نَسِيَ الْبَائِعُ الْعَيْبَ حِينَ الْبَيْعِ]
(الثَّانِي:) اُنْظُرْ لَوْ نَسِيَ الْبَائِعُ الْعَيْبَ حِينَ الْبَيْعِ، وَلَكِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَبْلَ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي، وَلَمْ يَذْكُرْ لِلْمُشْتَرِي، فَهَلْ هُوَ كَالْمُدَلِّسِ أَمْ لَا؟
(الثَّالِثُ:) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ: وَإِذَا دَلَّسَ بِالْإِبَاقِ فَأَبَقَ الْعَبْدُ فَقَامَ الْمُبْتَاعُ بِذَلِكَ فَقَالَ الْبَائِعُ: لَمْ يَأْبِقْ مِنْكَ وَلَكِنْ غَيَّبْتَهُ، أَوْ بِعْتُهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْبَائِعِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُشْتَرِي أَكْثَرُ مِنْ يَمِينِهِ: مَا غَيَّبَ، وَمَا بَاعَ، وَلَقَدْ أَبَقَ مِنْهُ، ثُمَّ يَأْخُذُ ثَمَنَهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَبَقَ مِنْهُ اهـ.
ص (وَلَا بَائِعٌ أَنَّهُ لَمْ يَأْبِقْ)
ش قَالَ فِي الشَّامِلِ
وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِبَائِعِ عَبْدٍ لَهُ يُمْكِنُ أَنَّهُ أَبَقَ، أَوْ سَرَقَ عِنْدَك، وَلَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ عِنْدَهُ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا، وَفِيهَا لَوْ أَبَقَ بِقُرْبِ الْبَيْعِ فَقَالَ: أَخْشَى أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَك فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَك، وَقَدْ أَبَقَ عِنْدِي وَأَثْبَتَ أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ، فَقَالَ لَهُ: احْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يَأْبِقْ عِنْدَك لَزِمَهُ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحّ، وَكَذَا إنْ قَالَ: عَلِمْت أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَك اتِّفَاقًا أَوْ عَلِمَ إبَاقَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: إنْ قَالَ: أَبَقَ عِنْدَك، أَوْ سَرَقَ، أَوْ زَنَى، أَوْ جُنَّ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ حَلَفَ لَهُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ هُوَ ظَاهِرُهَا اهـ.
ص (وَرَدَّ بَعْضَ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ الثَّمَنُ سِلْعَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَكْثَرُ) ش يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى أَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةً، ثُمَّ وَجَدَ فِي بَعْضِهَا عَيْبًا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ وَيَرْجِعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَذَلِكَ بِأَنْ تُقَوَّمَ كُلُّ سِلْعَةٍ عَلَى حِدَتِهَا، ثُمَّ يُقَسَّمَ الثَّمَنُ عَلَى قِيَمِ السِّلَعِ فَيَرْجِعَ بِمَا يَنُوبُ السِّلْعَةَ الْمَعِيبَةَ مِنْهُ هَذَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا، أَوْ مِثْلِيًّا، فَإِنْ كَانَ سِلْعَةً فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا يَنُوبُ السِّلْعَةَ الْمَعِيبَةَ مِنْ قِيمَةِ السِّلْعَةِ الَّتِي هِيَ الثَّمَنُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَرَجَعَ بِالْقِيمَةِ إنْ كَانَ الثَّمَنُ سِلْعَةً لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ السِّلْعَةُ الَّتِي فِيهَا الْعَيْبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ، فَإِنْ كَانَتْ وَجْهَ الصَّفْقَةِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي إلَّا رَدُّ الْجَمِيعِ، أَوْ الرِّضَا بِالْجَمِيعِ، وَوَجْهُ الصَّفْقَةِ هُوَ الَّذِي يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَكْثَرَ (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ الْمَعِيبَةُ غَيْرَ وَجْهِ الصَّفْقَةِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي إلَّا رَدُّهَا فَقَطْ، وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ إلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ، وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ إمَّا أَنْ تَأْخُذَ الْجَمِيعَ، أَوْ تَرُدَّ الْجَمِيعَ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ التُّونُسِيِّ إنْ.
قَالَ الْبَائِعُ إمَّا أَنْ تَأْخُذَهُ كُلَّهُ مَعِيبًا، أَوْ تَرُدَّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ، وَإِذَا كَانَتْ وَجْهَ الصَّفْقَةِ فَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ إلَّا رَدُّ الْجَمِيعِ، أَوْ الرِّضَا بِالْجَمِيعِ.
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَالْقَضَاءُ أَنَّ مَنْ ابْتَاعَ شَيْئًا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَالَّتِي فِي بَعْضِهَا عَيْبٌ لَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ الْمَعِيبِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الرِّضَا بِالْعَيْبِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، أَوْ رَدُّ جَمِيعِ الصَّفْقَةِ، وَكَذَلِكَ مَنْ ابْتَاعَ أَصْنَافًا مُخْتَلِفَةً فَوَجَدَ بِصِنْفٍ مِنْهَا عَيْبًا، فَإِنْ كَانَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ مِثْلَ أَنْ يَقَعَ مِنْ الثَّمَنِ سَبْعُونَ، أَوْ سِتُّونَ وَالثَّمَنُ مِائَةٌ فَلْيَرُدَّ الْجَمِيعَ ابْنُ الْمَوَّازِ إذَا وَقَعَ الْعَيْبُ فِي نِصْفِ الثَّمَنِ فَأَقَلَّ فَلَيْسَ هُوَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ، وَلَمْ يَرُدَّ إلَّا الْمَعِيبَ بِحِصَّتِهِ، وَإِذَا وَقَعَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِهِ فَهُوَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ.
قَالَ: وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ فَلَا حُجَّةَ لِلْبَائِعِ فِي أَنْ يَقُولَ إمَّا أَنْ تَأْخُذَ الْجَمِيعَ، أَوْ تَرُدَّ الْجَمِيعَ، وَإِنْ كَانَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ لَهُ اهـ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: إذَا تَعَدَّدَ الْمَبِيعُ غَيْرُ الْمِثْلِيِّ، وَالْعَيْبُ بِأَعْلَاهُ فَرُوِيَ لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ ابْتَاعَ سِلَعًا فَوَجَدَ بِبَعْضِهَا عَيْبًا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ الْمَعِيبِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهَ الصَّفْقَةِ، فَإِنْ كَانَ وَجْهَهَا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ الْجَمِيعِ، أَوْ الرِّضَا بِالْمَعِيبِ اهـ.
(الثَّانِي) إذَا كَانَ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ لَمْ يَجُزْ لِلْمُشْتَرِي التَّمَسُّكُ بِالسَّالِمِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ غَيْرَ مِثْلِيٍّ، وَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ كَمَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيّ: اُخْتُلِفَ فِيمَنْ ابْتَاعَ عَبْدَيْنِ ظَهَرَ بِأَعْلَاهُمَا عَيْبٌ فَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ رَدَّ الْأَعْلَى وَاسْتَحَقَّ أَنْ يَحْبِسَ الْأَدْنَى؛ لِأَنَّهُ كَشِرَاءٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَأَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، ثُمَّ قَالَ فِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبَيْنِ: إنْ كَانَ الْمَعِيبُ وَجْهَهَا فَلَهُ رَدُّ الْأَدْنَى، وَلَا لَهُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَهُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ، وَهُوَ بِالْخِيَارِ، وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَا خِيَارَ لَهُ اهـ.
(قُلْت:) صَرَّحَ بِذَلِكَ الرَّجْرَاجِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ كِتَابِ التَّدْلِيسِ بِالْعُيُوبِ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى
اسْتِحْقَاقِ الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ فِي الْعُرُوضِ وَالدُّورِ وَالْأَرْضِينَ: وَوُجُودُ هَذَا الْعَيْبِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْفُصُولِ كَالِاسْتِحْقَاقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (الثَّالِثُ:) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا زَادَ الْمَعِيبُ عَلَى النِّصْفِ، وَلَوْ يَسِيرًا فَهُوَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ فَقَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ ابْتَاعَ سِلَعًا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَسَمَّوْا لِكُلِّ سِلْعَةٍ عَشَرَةً فَأَصَابَ بِأَحَدِهَا عَيْبًا لَمْ يُنْظَرْ إلَى مَا سَمَّوْا لِكُلِّ ثَوْبٍ، وَلَكِنْ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيَمِ الثِّيَابِ، فَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ لَيْسَ بِوَجْهِ الصَّفْقَةِ رَدَّهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ لَمْ يَكُنْ إلَّا الرِّضَا بِالْعَيْبِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، أَوْ رَدُّ جَمِيعِ الصَّفْقَةِ، فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ الْمَعِيبِ خَمْسِينَ دِينَارًا، أَوْ قِيمَةُ كُلِّ سِلْعَةٍ نَحْوَ الثَّلَاثِينَ لَمْ تَكُنْ وَجْهَ الصَّفْقَةِ حَتَّى تَكُونَ حِصَّتُهُ أَكْثَرَ الثَّمَنِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الْجَمِيعِ مِائَةَ دِينَارٍ وَثَمَنُ هَذَا الْمَعِيبِ سَبْعِينَ، أَوْ ثَمَانِينَ فَهَذَا وَجْهُ الصَّفْقَةِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: لَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ حَتَّى لَا يَكُونَ ثَمَنُهُ سَبْعِينَ، أَوْ ثَمَانِينَ بَلْ يَكُونُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ إذَا زَادَ عَلَى خَمْسِينَ، وَلَوْ دِينَارَيْنِ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قُلْتُ:) مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ سِلْعَةً يَرْجِعُ بِمَا يَنُوبُ الْعَيْبَ مِنْ الْقِيمَةِ.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ.
قَالَ: وَعَلَيْهِ، فَهَلْ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ، أَوْ إنَّمَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ، وَهُوَ اخْتِيَارٌ وَمَعْنَاهُ إذَا كَانَتْ قَائِمَةً يَوْمَ الْحُكْمِ، وَلَمْ تَفُتْ قَبْلَ ذَلِكَ اهـ. وَقَالَ فِي الشَّامِلِ وَرَجَعَ بِقِيمَةِ الْمَرْدُودِ يَوْمَ الْبَيْعِ لَا يَوْمَ الْحُكْمِ عَلَى الْأَصَحِّ إنْ كَانَ الثَّمَنُ السِّلْعَةَ لَا فِي جُزْئِهَا خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَرَجَعَ لَا سِيَّمَا إنْ تَعَيَّبَ النِّصْفُ مِنْ قِيمَةِ نِصْفِ السِّلْعَةِ، وَلَيْسَ حَقُّ الْبَائِعِ بِأَوْلَى مِنْ حَقِّ الْمُبْتَاعِ، وَعَلَيْهِ فَفِي انْقِلَابِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ قَوْلَانِ اهـ. فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمَشْهُورَ الرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ، وَلَوْ كَانَ الْمَرْدُودُ النِّصْفَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الرَّابِعُ:) مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ وَجْهِ الصَّفْقَةِ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا، وَأَمَّا إنْ انْتَقَضَ وَظَهَرَ الْعَيْبُ فِي الْبَاقِي فَلَا تَفْرِيقَ إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا، أَوْ عَرَضًا فَاتَ.
قَالَ فِي الْكِتَابِ: إذَا عَلِمَ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا، وَأَلْفَى الْآخَرَ مَعِيبًا يَرُدُّ الْمَعِيبَ وَيَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّهُ كَانَ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ أَمْ لَا؟ إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا، أَوْ عَرَضًا قَدْ فَاتَ، فَإِنْ كَانَ عَرَضًا لَمْ يَفُتْ فَهَاهُنَا يَفْتَرِقُ وَجْهُ الصَّفْقَةِ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ رَدَّهُ وَقِيمَةَ الْهَالِكِ وَرَجَعَ فِي عَيْنِ عَرَضِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ لَيْسَ بِوَجْهِ الصَّفْقَةِ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ قِيمَةِ الْعَرَضِ لَا فِي عَيْنِهِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَفْتَرِقْ وَجْهُ الصَّفْقَةِ مِنْ غَيْرِهِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا؛ لِأَنَّهُ إنْ كُلِّفَ أَنْ يَرُدَّ قِيمَةَ الْهَالِكِ إذَا كَانَ الْعَيْبُ بِوَجْهِ الصَّفْقَةِ رَدَّ قِيمَةَ ذَلِكَ عَيْنًا، وَرَجَعَ فِي عَيْنٍ فَلَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ فَأَمَّا إذَا كَانَ عَرَضًا فَكُلِّفَ غُرْمَ قِيمَةِ التَّالِفِ غَرِمَ ثَمَنًا، وَرَجَعَ فِي عَرَضٍ فَهَذَا مُفْتَرِقٌ، وَإِذَا كَانَ عَرَضًا قَدْ فَاتَ صَارَ كَالْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى قِيمَتِهِ، وَهُوَ ثَمَنٌ اهـ. وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ ذَلِكَ خِلَافًا، وَعَزَا هَذَا لِعَبْدِ الْحَقِّ عَنْ الْمَذْهَبِ وَاللَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، ثُمَّ نَقَلَ قَوْلًا ثَانِيًا بِأَنَّهُ يَرُدُّ الْقِيمَةَ إنْ لَمْ تَكُنْ أَكْثَرَ مِنْ مَنَابِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَعَزَاهُ لِلَّخْمِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْخَامِسُ) .
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فَإِنْ اُخْتُلِفَ فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ مِنْ الْعَبْدَيْنِ وَصَفَاهُ وَقُوِّمَتْ تِلْكَ الصَّفْقَةُ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ إنْ انْتَقَدَ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِدْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُبْتَاعِ مَعَ يَمِينِهِ ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ، وَقَالَ أَشْهَبُ وَأَصْبُغ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ انْتَقَدَ، أَوْ لَمْ يَنْتَقِدْ، وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ.
ص (أَوْ أَحَدَ مُزْدَوَجَيْنِ، أَوْ أُمًّا وَوَلَدَهَا)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ ابْتَاعَ خُفَّيْنِ، أَوْ نَعْلَيْنِ، أَوْ مِصْرَاعَيْنِ، أَوْ شِبْهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَفْتَرِقُ فَأَصَابَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا بَعْدَ مَا قَبَضَهُمَا، أَوْ قَبْلَ فَإِمَّا رَدَّهُمَا جَمِيعًا، أَوْ قَبِلَهُمَا جَمِيعًا، وَأَمَّا مَا لَيْسَ بِأَخٍ لِصَاحِبِهِ، أَوْ كَانَتْ نِعَالًا فُرَادَى فَلَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ عَلَى
مَا ذَكَرْنَا فِي اشْتِرَاءِ الْجُمْلَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهَ الصَّفْقَةِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ الْجَمِيعِ، أَوْ حَبْسُهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَحُكْمُ الْأُمِّ تُبَاعُ مَعَ وَلَدِهَا فَيُوجَدُ لِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ حُكْمُ مَا لَا يَفْتَرِقُ اهـ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: حُكْمُ الْأُمِّ تُبَاعُ مَعَ وَلَدِهَا الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ التَّفْرِقَةِ فَيُوجَدُ بِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ حُكْمُ مَا لَا يَفْتَرِقُ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ اسْتَأْذَنَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الصَّرْفِ مَا هُوَ زَوْجَانِ لَا يُنْتَفَعُ بِأَحَدِهِمَا دُونَ صَاحِبِهِ كَالنَّعْلَيْنِ وَالْخُفَّيْنِ وَالسِّوَارَيْنِ وَالْقُرْطَيْنِ فَوُجُودُ الْعَيْبِ بِأَحَدِهِمَا كَوُجُودِهِ بِهِمَا جَمِيعًا انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ:) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَعَلَى هَذَا إنْ اسْتَهْلَكَ خُفًّا مِنْ خُفَّيْنِ، أَوْ نَعْلًا مِنْ نَعْلَيْنِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَفْتَرِقُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُمَا جَمِيعًا اخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِيمَنْ اسْتَهْلَكَ سِفْرًا مِنْ دِيوَانٍ مَنْ سِفْرَيْنِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَرُدُّ السَّالِمَ وَمَا نَقَصَ، وَصُورَةُ ذَلِكَ: أَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الدِّيوَانِ كَامِلًا؟ فَإِذَا قِيلَ: عِشْرُونَ قِيلَ: مَا قِيمَةُ السَّالِمِ وَحْدَهُ، فَإِنْ قِيلَ: خَمْسَةٌ رَدَّ السَّالِمَ وَخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا، وَظَاهِرُ كَلَامِ عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ عِنْدَ ذِكْرِ النَّعْلَيْنِ أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْجَمِيعِ وَانْظُرْ مَنْ اسْتَهْلَكَ عِجْلًا كَانَتْ أُمُّهُ تَحْلُبُ بِهِ.
قَالَ الشَّيْخُ: عَلَيْهِ قِيمَةُ الْعِجْلِ، وَمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ الشَّيْخُ، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِ أَصْبَغَ فِيمَنْ مَلَخَ مِنْ شَجَرَةِ رَجُلٍ فَرْعًا عَلَى وَجْهِ الدَّلَالَةِ فَغَرَسَهُ شَجَرًا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْفَرْعِ يَوْمَ مَلْخِهِ، وَمَا نَقَصَ الْمَلْخُ مِنْ الشَّجَرَةِ اهـ. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَمَّا ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْمُزْدَوَجَيْنِ: وَلِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ فِيمَنْ اسْتَهْلَكَ إحْدَى مُزْدَوَجَيْنِ وُجُوبَ قِيمَتِهِمَا، وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ اسْتَهْلَكَ سِفْرًا مِنْ دِيوَانٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَرُدُّ السَّالِمَ وَمَا نَقَصَ، ظَاهِرُ كَلَامِ عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ أَنَّهُ يَغْرَمُ الْجَمِيعَ اهـ.
(قُلْتُ) وَالظَّاهِرُ فِي مَسْأَلَةِ الدِّيوَانِ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ عَيْبًا فِي أَحَدِ السِّفْرَيْنِ أَنَّهُ يَرُدُّ الْجَمِيعَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ اسْتَحَقَّ أَكْثَرَهُ) ش يُرِيدُ إلَّا الْمِثْلِيَّ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا هُنَا لِيُفَرِّعَ عَلَيْهَا الْمَسْأَلَةَ الَّتِي بَعْدَهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ التَّمَسُّكُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَحَقَّ الْأَكْثَرَ انْتَقَضَتْ الصَّفْقَةُ وَتَمَسَّكَ الْمُشْتَرِي بِالْبَاقِي كَإِنْشَاءِ عَقْدِهِ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ إذَا لَمْ يَعْلَمْ مَا يَنُوبُ الْبَاقِيَ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا بَعْدَ تَقْوِيمِ أَجْرِ الْمَبِيعِ عَلَى الِانْفِرَادِ، أَوْ نِسْبَةِ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْأَجْزَاءِ إلَى مَجْمُوعِ قِيمَةِ الصَّفْقَةِ، وَأَجَازَ ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ جَهَالَةٌ طَارِئَةٌ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ فَصَارَتْ كَالْجَهَالَةِ إذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِالْمَبِيعِ اهـ. وَفِي هَذَا الْأَخِيرِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَيْبَ يُخَالِفُ الِاسْتِحْقَاقَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
ص (وَإِنْ كَانَ دِرْهَمَانِ وَسِلْعَةٌ تُسَاوِي عَشَرَةً بِثَوْبٍ فَاسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ، وَفَاتَ الثَّوْبُ فَلَهُ قِيمَةُ الثَّوْبِ بِكَمَالِهِ، وَرَدُّ الدِّرْهَمَيْنِ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ لَمَّا اُسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ، فَقَدْ اسْتَحَقَّ
الْأَكْثَرَ فَيَرُدُّ الدِّرْهَمَيْنِ، وَيَأْخُذُ ثَوْبَهُ إنْ كَانَ قَائِمًا وَقِيمَتَهُ إنْ كَانَ فَائِتًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِخَمْسَةِ أَسْدَاسِ الثَّوْبِ إنْ كَانَ قَائِمًا، أَوْ بِقِيمَتِهَا إنْ فَاتَتْ، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ خَمْسَةَ عَشَرَ قَاصَّهُ بِدِرْهَمَيْنِ مِنْهَا وَرَدَّ لَهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَرُدُّ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْقِسْمَةِ، وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَنِصْفٌ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ تِسْعَةً قَاصَّهُ بِدِرْهَمَيْنِ، وَرَدَّ سَبْعَةً عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَرُدُّ سَبْعَةً وَنِصْفًا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا رَجَعَ بِعَشَرَةٍ اتِّفَاقًا، وَيُقَاصُّ بِالدِّرْهَمَيْنِ وَيُكْمِلُهُمَا عَلَى مُقَابِلِهِ بِغَيْرِ مُقَاصَّةٍ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ.
ص (وَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِي الْعَيْبِ، أَوْ قِدَمِهِ)
ش: قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: الْعُيُوبُ عَلَى قِسْمَيْنِ: عَيْبٌ يُمْكِنُ التَّدْلِيسُ بِهِ، وَعَيْبٌ لَا يُمْكِنُ التَّدْلِيسُ بِهِ فَلَا يَجِبُ الرَّدُّ بِهِ، وَلَا الْقِيَامُ، وَلَا الرُّجُوعُ بِقِيمَتِهِ فِي الْفَوَاتِ، وَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا: مَا اسْتَوَى الْبَائِعُ وَالْمُبْتَاعُ فِي الْجَهْلِ بِمَعْرِفَتِهِ، وَكَانَ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ فَلَا رُجُوعَ بِاتِّفَاقٍ، أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي أَصْلِهِمَا عَلَى اخْتِلَافٍ، وَالثَّانِي مَا اسْتَوَى الْبَائِعُ وَالْمُبْتَاعُ فِي الْمَعْرِفَةِ بِهِ، وَذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ الْعُيُوبِ ظَاهِرًا لَا يَخْفَى اهـ.
(فَرْعٌ:) مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا ثَوْبًا، أَوْ حِنْطَةً، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، ثُمَّ رَدَّهُ بِعَيْبٍ فَيُنْكِرُ رَبُّهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ مَتَاعَهُ فَنَقَلَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ عَنْ مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ نَكِلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهَا الَّتِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ مَا غَيَّرَ وَلَا بَدَّلَ اهـ.
ص (وَالْغَلَّةُ لَهُ لِلْفَسْخِ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْمُشْتَرِي إذَا رَدَّ بِالْعَيْبِ إلَى حِينِ فَسْخِ عَقْدِ الْبَيْعِ