الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُصَدَّقُ إجْمَاعًا، وَحَكَى ابْنُ زَرْبٍ خِلَافَهُ وَخَطَّأَهُ، انْتَهَى كَلَامُ التَّوْضِيحِ.
ص (وَفِيمَا فَرَضَهُ فَقَوْلُهُ إنْ أَشْبَهَ وَإِلَّا فَقَوْلُهَا إنْ أَشْبَهَ)
ش: فَاعِلُ فَرَضَهُ ضَمِيرٌ يَعُودُ إلَى الْحَاكِمِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ حَاكِمُهَا هُوَ الْفَارِضُ أَوْ حَاكِمُ غَيْرِهِ، كَذَا ارْتَضَاهُ فِي التَّوْضِيحِ وَاخْتُلِفَ هَلْ هَذَا الْحُكْمُ إذَا قُلْنَا فِيمَا مَضَى، وَأَمَّا الْمُسْتَقْبَلُ فَالْحُكْمُ فِيهِ اسْتِئْنَافُ النَّظَرِ مِنْ غَيْرِ نَظَرِ قَوْلِ مُدَّعِي الْأَشْبَهِ أَوْ هَذَا الْحُكْمُ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ عِيَاضٌ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ.
ص (وَفِي حَلِفِ مُدَّعِي الْأَشْبَهِ تَأْوِيلَانِ)
ش: التَّأْوِيلُ بِلُزُومِ الْيَمِينِ رَجَّحَهُ عِيَاضٌ وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا شَاهِدًا بِأَنَّ الْحَاكِمَ فَرَضَ بَيْنَهُمَا كَذَا وَكَذَا فَيَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي حُكْمِ الْقَاضِي، هَلْ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، انْتَهَى. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَوَاخِرِ النِّكَاحِ الثَّانِي ابْنُ رُشْدٍ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي الْمَالِ يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، انْتَهَى. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ وَشَاهِدَيْنِ مُطْلَقًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
[فَصْلٌ النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ بِالْمِلْكِ]
ص (فَصْلٌ إنَّمَا تَجِبُ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ وَدَوَابِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَرْعًى وَإِلَّا بِيعَ)
ش: الْحَصْرُ رَاجِعٌ إلَى النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ بِالْمِلْكِ، وَقَوْلُهُ: تَجِبُ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ يُرِيدُ وَكِسْوَتَهُ بِالْمَعْرُوفِ كَمَا قَالَهُ فِي آخِرِ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ وَنَصُّهُ: مَسْأَلَةٌ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا يُكَلَّفُ الْعَبْدُ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ» قِيلَ لِمَالِكٍ أَفَتَرَى أَنْ يَقْضِيَ عَلَى مَالِكِهِ وَلَا يُكَلِّفَهُ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ.؟ فَقَالَ: نَعَمْ أَرَى أَنْ يَقْضِيَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَلَا يُكَلَّفُوا مِنْ الْعَمَلِ إلَّا مَا يُطِيقُونَ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْحَدِيثُ هُوَ حَدِيثُ الْمُوَطَّإِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمَعْنَى بِالْمَعْرُوفِ أَيْ مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ وَلَا إقْتَارٍ عَلَى قَدْرِ سَعَةِ السَّيِّدِ، وَمَا يُشْبِهُ حَالَ الْعَبْدِ أَيْضًا، فَلَيْسَ الْوَغْدُ الْأَسْوَدُ الَّذِي هُوَ لِلْخِدْمَةِ وَالْحَرْثِ كَالنَّبِيلِ التَّاجِرِ الْفَارِهِ فِيمَا يَجِبُ لَهُمَا عَلَى سَيِّدِهِمَا مِنْ الْكِسْوَةِ سَوَاءً، وَيُقْضَى لِلْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ إنْ قَصَّرَ عَمَّا يَجِبُ لَهُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ، انْتَهَى. وَقَالَ الْبَاجِيُّ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّإِ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ فِي نَحْرِ نَاقَةِ الْمُزَنِيِّ يَلْزَمُ الرَّجُلَ أَنْ لَا يُجِيعَ رَقِيقَهُ عَنْ شِبَعِهِمْ الْوَسَطِ أَوْ يَبِيعَهُمْ، انْتَهَى.
(فَائِدَةٌ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَيَانِ مَعْنَى الْمَعْرُوفِ فِي قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: «لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ» ، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى أَنْ لَا يَلْزَمَ الرَّجُلَ أَنْ يُسَاوِيَ بَيْنَ نَفْسِهِ وَعَبِيدِهِ فِي الْمَطْعَمِ وَالْمَلْبَسِ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ» وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي الْيُسْرِ الْأَنْصَارِيِّ وَأَبِي ذَرٍّ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمَا كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ، وَهُوَ مَحْمُولٌ مِنْهُمَا عَلَى الرَّغْبَةِ فِي فِعْلِ الْخَيْرِ لَا أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِمَا إذْ لَمْ يَقُلْ صلى الله عليه وسلم:
أَطْعِمُوهُمْ مِثْلَ مَا تَأْكُلُونَ وَاكْسُوهُمْ مِثْلَ مَا تَكْتَسُونَ، وَإِنَّمَا قَالَ: مِمَّا تَأْكُلُونَ وَمِمَّا تَلْبَسُونَ، فَإِذَا أَطْعَمَهُ وَكَسَاهُ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ بَعْضِ مَا يَأْكُلُ مِنْ الْخُبْزِ وَالْإِدَامِ وَيَلْبَسُ مِنْ الصُّوفِ وَالْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ فَقَدْ شَارَكَهُ فِي مَطْعَمِهِ وَمَلْبَسِهِ، وَامْتَثَلَ بِذَلِكَ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: وَإِنْ تَفَضَّلَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ مَلْبَسُهُ مِثْلَ مَلْبَسِهِ وَمَطْعَمُهُ مِثْلَ مَطْعَمِهِ سَوَاءٌ فَعَلَى هَذَا تُحْمَلُ الْآثَارُ، وَلَا يَكُونُ بَيْنَهَا تَعَارُضٌ، وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْجَامِعِ أَيَصْلُحُ أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ مِنْ طَعَامٍ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ عِيَالُهُ وَرَقِيقُهُ وَيَلْبَسُ ثِيَابًا لَا يَكْسُوهُمْ مِثْلَهَا، قَالَ إي وَاَللَّهِ إنِّي لَأَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ فِي سَعَةٍ فَقِيلَ لَهُ أَرَأَيْتَ مَا جَاءَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ الْقُوتُ، انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: وَدَوَابِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَرْعًى يُرِيدُ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَرْعَى يَكْفِيهَا، قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَيَجِبُ عَلَى رَبِّ الدَّوَابِّ عَلَفُهَا أَوْ رَعْيُهَا إنْ كَانَ فِي رَعْيِهَا مَا يَقُومُ بِهَا، وَقَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَرْعَى يَكْفِيهَا؛ فَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْعَاهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِأُجْرَةٍ، انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ أَبِي عُمَرَ وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مَا يُخَالِفُهُ وَنَاقَشَهُ فِي ذَلِكَ وَاسْتَصْوَبَ مَا قَالَهُ أَبُو عُمَرَ، وَلْنَذْكُرْ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَصْلِهِ وَمُنَاقَشَةَ ابْنِ عَرَفَةَ لَهُ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إثْرَ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْعَبْدِ: وَيُقْضَى لِلْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ إنْ قَصَّرَ عَمَّا يَجِبُ لَهُ بِالْمَعْرُوفِ فِي مَطْعَمِهِ وَمَلْبَسِهِ، بِخِلَافِ مَا يَأْكُلُهُ مِنْ الْبَهَائِمِ؛ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي تَرْكِ ذَلِكَ عَنْهَا، وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِعَلَفِهَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُقْضَى عَلَى الرَّجُلِ بِعَلَفِ دَابَّتِهِ كَمَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِنَفَقَةِ عَبْدِهِ لِمَا جَاءَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «دَخَلَ حَائِطَ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَإِذَا فِيهِ جَمَلٌ فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَقَّ لَهُ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَرْوَهُ وَذِفْرَيْهِ حَتَّى سَكَنَ ثُمَّ قَالَ: مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ فَجَاءَ فَتًى مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: هُوَ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَفَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إيَّاهَا؛ فَإِنَّهُ شَكَا إلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ» وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ أَنَّ الْعَبْدَ مُكَلَّفٌ تَجِبُ عَلَيْهِ الْحُقُوقُ مِنْ الْجِنَايَاتِ وَغَيْرِهَا فَكَمَا يُقْضَى عَلَيْهِ يُقْضَى لَهُ، وَالدَّابَّةُ غَيْرُ مُكَلَّفَةٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا حَقٌّ، وَلَا يَلْزَمُهَا جِنَايَةٌ فَكَمَا لَا يُقْضَى عَلَيْهَا لَا يُقْضَى لَهَا، انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ بِلَفْظِهِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِرُمَّتِهِ، وَقَالَ بَعْدَهُ: قُلْت: تَعَذُّرُ شَكْوَى الدَّابَّةِ يُوجِبُ أَحْرَوِيَّةَ الْقَضَاءِ لَهَا، وَذَكَرَ أَبُو عُمَرَ فِي الْعَبْدِ مَا تَقَدَّمَ، وَقَالَ وَيُجْبَرُ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَعْلِفَ دَابَّتَهُ أَوْ يَرْعَاهَا إنْ كَانَ فِي رَعْيِهَا مَا يَكْفِيهَا أَوْ يَبِيعَهَا أَوْ يَذْبَحَ مَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ، وَلَا يُتْرَكُ يُعَذِّبُهَا بِالْجُوعِ، قُلْت: وَلَازِمُ هَذَا الْقَضَاءِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكَرٌ وَتَغْيِيرُ الْمُنْكَرِ وَاجِبُ الْقَضَاءِ بِهِ، وَهَذَا أَصْوَبُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ، وَقَوْلُهُ: مَسَحَ سَرْوَهُ أَيْ ظَهْرَهُ (الْجَوْهَرِيُّ) سَرَاةُ كُلِّ شَيْءٍ ظَهْرُهُ وَوَسَطُهُ، وَالْجَمْعُ سَرَوَاتٌ، وَالذَّفَرُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (الْجَوْهَرِيُّ) هُوَ الْمَوْضِعُ خَلْفَ أُذُنِ الْبَعِيرِ أَوَّلُ مَا يَعْرَقُ مِنْهُ، انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ بِلَفْظِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ وَإِلَّا بِيعَ أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُنْفِقْ عَلَى رَقِيقِهِ أَوْ عَلَى دَابَّتِهِ حَيْثُ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ؛ فَإِنَّهُمْ يُبَاعُونَ عَلَيْهِ، يُرِيدُ إلَّا الْحَيَوَانَ الْمَأْكُولَ؛ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَ الذَّبْحِ وَالْبَيْعِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ أَبِي عُمَرَ، وَمَا قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا، وَنَصُّ الْجَوَاهِرِ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: فَإِنْ أَجْدَبَتْ الْأَرْضُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْعَلَفُ؛ فَإِنْ لَمْ يَعْلِفْ أُمِرَ بِأَنْ يَذْبَحَهَا أَوْ يَبِيعَهَا إنْ كَانَتْ يَجُوزُ أَكْلُهَا، وَلَا يُتْرَكُ وَتَعْذِيبَهَا بِالْجُوعِ أَوْ غَيْرِهِ، انْتَهَى.
(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) نَفَقَةُ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ، وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ كَالْمُشْتَرَكِ، وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ إلَى أَجَلٍ كَالْقِنِّ، وَالْمُخْدِمُ الْمَشْهُورُ أَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى مَنْ لَهُ الْخِدْمَةُ، وَقِيلَ: عَلَى سَيِّدِهِ، وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ الْخِدْمَةُ يَسِيرَةً فَعَلَى السَّيِّدِ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ لَهُ الْخِدْمَةُ، انْتَهَى بِالْمَعْنَى مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ.
(الثَّانِي) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ ابْنُ حَارِثٍ اُخْتُلِفَ فِي الْأَمَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ تَكُونُ حَامِلًا مِمَّنْ
اُسْتُحِقَّتْ مِنْهُ، فَقَالَ: ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ نَفَقَتُهَا عَلَى مُسْتَحِقِّهَا، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ بَلْ هِيَ عَلَى مَنْ هِيَ حَامِلٌ مِنْهُ، وَقَوْلُ يَحْيَى هَذَا جَيِّدٌ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ حُرٌّ.
(قُلْتُ:) الْأَظْهَرُ إنْ كَانَ فِي خِدْمَتِهَا قَدْرُ نَفَقَتِهَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْهُ، انْتَهَى.
(الثَّالِثُ) قَالَ الشَّيْخُ يُوسُفَ بْنُ عُمَرَ مَنْ كَانَ لَهُ شَجَرٌ ضَيَّعَهَا بِتَرْكِ الْقِيَامِ بِحَقِّهَا؛ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْقِيَامِ فِيهَا؛ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ؛ فَإِنَّهُ مَأْثُومٌ وَلَمْ نَسْمَعْ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِبَيْعِ ذَلِكَ إذَا فَرَّطَ فِيهِ، انْتَهَى. وَقَالَهُ الْجُزُولِيُّ أَيْضًا وَزَادَ: وَيُقَالُ لَهُ ادْفَعْهَا لِمَنْ يَخْدُمُهَا مُسَاقَاةً لِجَمِيعِ الثَّمَرَةِ، انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (كَتَكْلِيفِهِ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ كَمَا يُبَاعُ عَلَيْهِ رَقِيقُهُ وَدَوَابُّهُ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ حَيْثُ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ فَكَذَلِكَ يُبَاعُونَ عَلَيْهِ إذَا كَلَّفَهُمْ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُونَ، وَقَوْلُهُ مَا لَا يُطِيقُ يُرِيدُ مَا لَا يُطِيقُهُ إلَّا بِمَشَقَّةٍ خَارِجَةٍ عَنْ الْمُعْتَادِ لَا مَا لَا يُطِيقُهُ أَصْلًا، وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ لَا يُكَلَّفُ الْعَبْدُ الصَّغِيرُ الَّذِي لَا صَنْعَةَ لَهُ الْخَرَاجَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ مَا يَخْدُمُ فَيُؤَدِّي إلَى أَنْ يَسْرِقَ، وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ تَسْعَى بِفَرْجِهَا، وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عُثْمَانَ كَذَا قَالَ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ، وَلَا يُكَلَّفُ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ، وَقَالَ أَيْضًا: وَسُئِلَ مَالِكٌ هَلْ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُقِيمَ عَبْدَهُ لِلطَّحْنِ بِاللَّيْلِ، فَقَالَ: إذَا كَانَ يَخْدُمُ بِالنَّهَارِ، فَلَا يَنْبَغِي لِسَيِّدِهِ أَنْ يُقِيمَهُ بِاللَّيْلِ لِيَطْحَنَ إلَّا الشَّيْءَ الْخَفِيفَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَخْدُمُ بِالنَّهَارِ يَجُوزُ ذَلِكَ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَقَالَ لَا يَخْدُمُ بِاللَّيْلِ إلَّا مَا خَفَّ مِنْ الْأَعْمَالِ، انْتَهَى. وَالْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي تَرْجَمَةِ الْأَجِيرِ يُفْسَخُ إجَارَتُهُ فِي غَيْرِهَا، وَنَصُّهَا: وَمَنْ أَجَّرَ أَجِيرًا لِلْخِدْمَةِ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى عُرْفِ النَّاسِ مِنْ خِدْمَةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ كَمُنَاوَلَتِهِ إيَّاهُ ثَوْبَهُ أَوْ الْمَاءَ فِي لَيْلَةٍ، وَلَيْسَ مِمَّا يَمْنَعُهُ النَّوْمَ إلَّا فِي أَمْرٍ يُفْرَضُ مَرَّةً بَعْدَ الْمَرَّةِ يَسْتَعْمِلُهُ فِيهِ بَعْضَ لَيْلَةٍ، كَمَا لَا يَنْبَغِي لِأَرْبَابِ الْعَبِيدِ إجْهَادُهُمْ فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ فِي نَهَارِهِ مَا يُجْهِدُهُ، فَلَا يُسْتَطْحَنُ فِي لَيْلَةٍ إلَّا أَنْ يَخِفَّ عَمَلُ نَهَارِهِ فَلْيَسْتَطْحِنْهُ لَيْلَهُ إنْ شَاءَ مِنْ غَيْرِ إقْدَاحٍ، وَيُكْرَهُ مَا أَجْهَدَ أَوْ قَلَّ مِنْهُ، انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: لَا يَتَعَيَّنُ مَا يُضْرَبُ عَلَى الْعَبْدِ مِنْ خَرَاجٍ، بَلْ عَلَيْهِ بَذْلُ الْمَجْهُودِ، انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: كَتَكْلِيفِهِ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الْمَمْلُوكِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِالرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ، فَأَمَّا الرَّقِيقُ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: فَرْعٌ إذَا تَبَيَّنَ ضَرَرُهُ بِعَبْدِهِ فِي تَجْوِيعِهِ وَتَكْلِيفِهِ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ بِيعَ، انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ هُوَ نَصُّ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ لَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِعْفَافُهُ بِزَوْجَةٍ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ النَّفَقَاتِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ غَائِبًا حُكْمُ مَا إذَا أَعْسَرَ السَّيِّدُ بِنَفَقَةِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُعْتَقِ إلَى أَجَلٍ أَوْ غَابَ وَتَرَكَهُمْ، وَأَمَّا إنْ أَضَرَّ بِهِمْ فَقَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي آخِرِ تَرْجَمَةِ الرِّفْقِ بِالْمَمْلُوكِ مِنْ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ الثَّانِي نَاقِلًا لَهُ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ، وَقَالَ يَعْنِي أَشْهَبَ فِي مُدَبَّرٍ أَضَرَّ بِهِ سَيِّدُهُ وَيُؤَدِّبُهُ، قَالَ: يَخْرُجُ مِنْ يَدِهِ وَيُؤَاجَرُ عَلَيْهِ، قَالَ أَصْبَغُ إنَّهُ لَا يُبَاعُ عَلَيْهِ اهـ. وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي كِتَابِ السُّلْطَانِ فِي ثَانِي مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ، وَنَصُّهَا: وَسُئِلَ يَعْنِي أَشْهَبَ عَنْ الْمُدَبَّرِ يُضِرُّ بِهِ سَيِّدُهُ وَيُؤَدِّبُهُ، قَالَ: يَخْرُجُ مِنْ يَدِهِ وَيُؤَاجَرُ عَلَيْهِ، قَالَ أَصْبَغُ: وَلَا يُبَاعُ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يُبَاعُ عَلَى حَالٍ فِي الْحَيَاةِ، وَلَا تَنْقُضُ الضَّرُورَةُ التَّدْبِيرَ؛ لِأَنَّهُ عِتْقٌ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ عَلَى مَا قَالَهُ قِيَاسًا عَلَى مُدَبَّرِ النَّصْرَانِيِّ يُسْلِمُ أَنَّهُ يُؤَاجَرُ، وَلَا يُبَاعُ كَمَا يُبَاعُ عَلَيْهِ عَبْدُهُ إذَا أَسْلَمَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعْتَقَ إلَى أَجَلِ مِثْلِهِ وَانْظُرْ أُمَّ الْوَلَدِ هَلْ تُؤَاجَرُ أَوْ تُعْتَقُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا الدَّوَابُّ فَقَالَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ عِنْدَ قَوْلِ الرِّسَالَةِ فِي بَابِ التَّعَالُجِ: وَيُرْتَفَقُ بِالْمَمْلُوكِ: وَالرِّفْقُ بِسَائِرِ الْحَيَوَانِ أَيْضًا مَطْلُوبٌ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَ دَابَّتَهُ مَا لَا تُطِيقُ، وَلَا يُعَرِّيَ ظَهْرَهَا؛ فَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِحَقِّ الْحَيَوَانِ؛ فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُ: إنْ لَمْ تَقُمْ بِحَقِّهَا وَإِلَّا تُبَاعُ عَلَيْكَ اهـ. وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْجَوَاهِرِ الْمُتَقَدِّمُ، وَلَا يُتْرَكُ وَتَعْذِيبَهَا بِالْجُوعِ وَنَحْوِهِ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ: وَيُكْرَهُ الْوَسْمُ فِي
الْوَجْهِ: وَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَيَجُوزُ رُكُوبُهَا، قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَلَا خِلَافَ فِي الْبَقَرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي رُكُوبِهَا هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا.؟ قَوْلَانِ (الشَّيْخُ) وَإِنَّمَا كَرِهَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهَا لَمَّا رَأَى بَعْضَ النَّاسِ حَمَلَ عَلَى بَقَرَةٍ فَقَالَتْ لَهُ: أَلِهَذَا خُلِقْت اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) قَالَ الزَّنَاتِيُّ يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَقُولَ لِسَيِّدِهِ يَا سَيِّدِي وَيَا مَوْلَايَ، وَلَا يَقُولُ رَبِّي اهـ
ص (وَبِالْقَرَابَةِ عَلَى الْمُوسِرِ نَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ الْمُعْسِرَيْنِ)
ش: يُرِيدُ سَوَاءٌ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ كَانَ هُوَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى سَوَاءٌ رَضِيَ الزَّوْجُ أَوْ أَبَى، قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي آخِرِ كِتَابِ إرْخَاءِ السُّتُورِ قَبْلَ تَرْجَمَةِ الْحُكْمَيْنِ بِأَسْطُرٍ، وَيَلْزَمُ الْوَلَدَ الْمَلِيءَ نَفَقَةُ أَبَوَيْهِ الْفَقِيرَيْنِ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ، وَالْوَلَدُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى كَانَتْ الْبِنْتُ مُتَزَوِّجَةً أَمْ لَا وَأَنْكَرَ زَوْجُ الِابْنَةِ اهـ. وَقَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَرَوَى ابْنُ غَانِمٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لِلْأَبَوَيْنِ الْكَافِرَيْنِ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَتَجِبُ نَفَقَةُ الْوَالِدِ لِفَقْرِهِ عَلَى وَلَدِهِ لِيُسْرِهِ، وَالْكُفْرُ وَالصِّحَّةُ وَالصِّغَرُ وَزَوْجُ الْبِنْتِ وَزَوْجُ الْأُمِّ الْفَقِيرُ لَغْوٌ ابْنُ حَارِثٍ رَوَى ابْنُ غَانِمٍ لَا نَفَقَةَ لِلْأَبَوَيْنِ الْكَافِرَيْنِ الْمُتَيْطِيُّ بِالْأَوَّلِ الْعَمَلُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ الْمَشْهُورُ اهـ.
(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) فَإِنْ كَانَ لِلْوَالِدِ مَالٌ فَوَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ ثُمَّ طَلَبَ الِابْنَ بِالنَّفَقَةِ فَلِلْوَالِدِ أَنْ يَرُدَّ فِعْلَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى أَحَدِ وَلَدَيْهِ لَكَانَ لِلْوَلَدِ الْآخَرِ أَنْ يَرُدَّ فِعْلَهُ، قَالَهُ اللَّخْمِيّ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ.
(الثَّانِي) قَالَ اللَّخْمِيّ وَإِنْ كَانَ لِلْأَبِ صَنْعَةٌ تَكْفِيهِ وَزَوْجَتُهُ جُبِرَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَفَتْ بَعْضُ نَفَقَتِهِ أَكْمَلَهَا وَلَدُهُ، وَقَالَ الْبَاجِيُّ نَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ الْمُعْسِرَيْنِ تَلْزَمُ الْوَلَدَ، وَلَوْ قَوِيَا عَلَى الْعَمَلِ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إثْرَ نَقْلِهِ كَلَامَهُمَا: قُلْت: قَوْلَا اللَّخْمِيِّ وَالْبَاجِيِّ كَالْقَوْلَيْنِ فِي الْفَقِيرِ الْقَادِرِ عَلَى الْعَمَلِ هَلْ يُعْطَى الزَّكَاةَ أَمْ لَا اهـ. وَاقْتَصَرَ فِي الْجَوَاهِرِ عَلَى قَوْلِ اللَّخْمِيّ فَقَالَ فِي نَفَقَةِ الْقَرَابَةِ: وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُسْتَحَقِّ الْفَقْرُ وَالْعَجْزُ عَنْ التَّكَسُّبِ وَيُخْتَصُّ الْأَوْلَادُ بِزِيَادَةِ شَرْطِ الصِّغَرِ اهـ. وَسَيَأْتِي كَلَامُهُ بِأَتَمِّ مِنْ هَذَا فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَنَفَقَةِ الْوَلَدِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ قِيَاسًا عَلَى الْوَالِدِ؛ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ نَفَقَتِهِ الْعَجْزُ عَنْ التَّكَسُّبِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الشَّامِلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ مَنْ اسْتَلْحَقَهُ رَجُلَانِ وَأَنْفَقَا عَلَيْهِ حَتَّى كَبُرَ ثُمَّ افْتَقَرَ أَلَزِمَهُ نَفَقَةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ يَقْتَسِمَانِهَا، وَإِنْ افْتَقَرَ أَحَدُهُمَا لَزِمَهُ نِصْفُ ذَلِكَ اهـ.
ص (وَأَثْبَتَا الْعُدْمَ بِلَا يَمِينٍ)
ش: لَوْ قَالَ: وَلَا يَمِينَ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَالْأَوَّلُ صَوَابٌ، وَتَرَدَّدَ ابْنُ رُشْدٍ فِي لُحُوقِ الْيَمِينِ، وَاسْتَظْهَرَ الْحُكْمَ بِوُجُوبِهَا، ذَكَرَهُ فِي رَسْمِ صَلَّى نَهَارًا مِنْ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَهَلْ الِابْنُ إنْ طُولِبَ بِالنَّفَقَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَلْءِ أَوْ الْعُدْمِ قَوْلَانِ)
ش: قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي التَّنْبِيهِ الثَّالِثِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفَرَضَ فِي مَالِ الْغَائِبِ فِي قَوْلِ الْعُتْبِيَّةِ الْمُتَقَدِّمِ هُنَاكَ فَنَفَقَةُ الْأَبَوَيْنِ لَا تَجِبُ إلَّا بِفَرِيضَةٍ مِنْ سُلْطَانٍ حَتَّى يَجِدَهُمَا يَسْتَحِقَّانِهَا وَيَجِدَ لَهُمَا مَا لَا يُعَدِّيهِمَا فِيهِ وَإِلَّا فَلَا، وَقَوْلُهُ: وَيَجِدَ لَهُمَا مَا لَا يُعَدِّيهِمَا فِيهِ مِثْلُهُ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْعُدْمِ حَتَّى يَثْبُتَ مُلَاؤُهُ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الْهِنْدِيِّ خِلَافَ مَا ذَهَبَ
إلَيْهِ ابْنُ الْعَطَّارِ اهـ. قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيِّ إثْرَ نَقْلِهِ الْقَوْلَيْنِ: وَهَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ سِوَاهُ؛ فَإِنْ كَانَ لَهُ غَيْرُهُ وَجَبَ عَلَى الِابْنِ الْمُدَّعِي الْعُدْمَ إثْبَاتُ عُدْمِهِ لِحَقِّ أَخِيهِ اهـ. وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِعْفَافُهُ بِزَوْجَةٍ)
ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعِدَّةِ لَا يُجْبَرُ الْوَلَدُ عَلَى إحْجَاجِ أَبِيهِ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا عَلَى أَنَّ الْحَجَّ عَلَى التَّرَاخِي وَعَلَى الْفَوْرِ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ كَمَا يُجْبَرُ عَلَى شِرَاءِ الْمَاءِ لِغُسْلِهِ وَوُضُوئِهِ.
(فَرْعٌ) وَأَمَّا الْوَلَدُ فَقَالَ: اللَّخْمِيّ وَقَوْلُ مَالِكٍ لَيْسَ عَلَى الْأَبِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى زَوْجَةِ وَلَدِهِ وَالْقِيَاسُ أَنَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ قِيَاسًا عَلَى زَوْجَةِ الْأَبِ أَنَّ عَلَى الِابْنِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا، وَلِأَنَّ الِابْنَ أَحْوَجُ إلَى الزَّوْجَةِ مِنْهُ اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهُ وَقَالَ بَعْدَهُ: قُلْت: يَرُدُّ بِأَنَّ نَفَقَةَ الِابْنِ تَسْقُطُ بِبُلُوغِهِ، وَإِنْ فُرِضَ كَوْنُهُ بَلَغَ زَمِنًا فَالزَّمَانَةُ مَظِنَّةُ عَدَمِ الْحَاجَةِ لِلزَّوْجَةِ اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ إذَا شَكَيَا الْعُزْبَةَ فَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ النِّكَاحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَجَبْرُ الْمَالِكِ عَبْدًا وَأَمَةً بِلَا إضْرَارٍ لَا عَكْسَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَلَا تَتَعَدَّدُ إنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أُمَّهُ) ش فَأَحْرَى إنْ لَمْ تَكُنْ إحْدَاهُمَا أُمَّهُ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّف لَوْ لَكَانَ أَحْسَنَ وَأَجْرَى عَلَى طَرِيقَتِهِ.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيّ؛ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَتَانِ وَنَفَقَتُهُمَا مُخْتَلِفَةٌ فَدَعَا الْأَبُ لِلَّتِي نَفَقَتُهَا أَكْثَرُ وَخَالَفَ الْوَلَدُ، فَلَا أَعْرِفُ فِيهَا نَصًّا، وَمُقْتَضَى أُصُولِ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْأَبِ إنْ كَانَتْ مِنْ مَنَاكِحِهِ اهـ.
ص (وَهَلْ عَلَى الرُّءُوسِ أَوْ الْإِرْثِ أَوْ الْيَسَارِ أَقْوَالٌ)
ش: ذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ فِي أَوَاخِرِ مَسَائِلِ النِّكَاحِ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهَا عَلَى قَدْرِ الْمَلَأِ فَانْظُرْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ مَنْ أَنْفَقَ عَلَى أَبِيهِ الْمُعْدَمِ، فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى إخْوَتِهِ الْأَمْلِيَاءِ بِشَيْءٍ مِمَّا أَنْفَقَ لَيْسَ لِأَجْلِ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ يُحْمَلُ مِنْهُ ذَلِكَ عَلَى التَّطَوُّعِ، بَلْ لَوْ أَشْهَدَ أَنَّهُ إنَّمَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَلَى إخْوَتِهِ بِمَنَابِهِمْ لَمَا وَجَبَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً عَلَيْهِمْ حَتَّى يُطْلَبُوا بِهَا، بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ.
(قُلْت:) وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الْعِدَّةِ: مَنْ يَغِيبُ وَيَحْتَاجُ أَبَوَاهُ وَامْرَأَتُهُ، وَلَا مَالَ لَهُ خَاصٌّ أَيُؤْمَرُ أَنْ يَتَدَايَنُوا عَلَيْهِ وَيَقْضِي لَهُمْ بِذَلِكَ، قَالَ أَمَّا الزَّوْجَةُ فَنَعَمْ، وَأَمَّا الْأَبَوَانِ فَلَا؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَرْفَعُوا ذَلِكَ حَتَّى يَقْدُمَ فَيُقِرُّ لَهُمْ غَرِمَ لِلْمَرْأَةِ لَا لِلْأَبَوَيْنِ اهـ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ فِي أَوَائِلِ الزَّكَاةِ الْأَوَّلُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْأَبَوَيْنِ وَالْوَلَدِ إذَا أَنْفَقُوا ثُمَّ طَلَبُوا لَمْ يَلْزَمْهُ مَا أَنْفَقُوا وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا، وَيَقُومُ مِنْ هُنَا مِثْلُ مَا ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْأَجْوِبَةِ فِيمَنْ أَنْفَقَ عَلَى أَبِيهِ وَلَهُ إخْوَةٌ، فَأَرَادَا الرُّجُوعَ عَلَى إخْوَتِهِ بِمَا يَنُوبُهُمْ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ أَشْهَدَ، إذْ لَا تَجِبُ لِلْأَبِ النَّفَقَةُ حَتَّى يَبْتَغِيَهَا اهـ. وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ لِأَنَّهَا سَاقِطَةٌ عَنْهُمْ حَتَّى يُطْلَبُوا بِهَا اُنْظُرْ لَوْ طُلِبُوا بِهَا وَفَرَضَهَا الْحَاكِمُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ يَرْجِعُ فَلَهُ الرُّجُوعُ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ فَيَحْلِفُ وَيَرْجِعُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَنَقَلَ الْبُرْزُلِيُّ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ فِي مَسَائِلِ الْأَنْكِحَةِ
ص (وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ الذَّكَرِ حَتَّى يَبْلُغَ عَاقِلًا قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ وَالْأُنْثَى حَتَّى يَدْخُلَ زَوْجُهَا)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ بِالْقَرَابَةِ أَيْضًا عَلَى الْأَبِ الْحُرِّ إذَا كَانَ لَهُ فَضْلٌ عَنْ قُوتِهِ
وَقُوتِ زَوْجَتِهِ إنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ نَفَقَةُ الْوَلَدِ الذَّكَرِ الْحُرِّ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَا كَسْبٌ بِصَنْعَةٍ لَا تَلْحَقُهُ فِيهَا مَعَرَّةٌ؛ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ صَنْعَةٌ لَمْ تَجِبْ عَلَى الْأَبِ إلَّا أَنْ يَمْرَضَ الْوَلَدُ أَوْ تَكْسُدُ صَنْعَتُهُ فَتَعُودُ النَّفَقَةُ عَلَى الْأَبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا كِفَايَةٌ وَجَبَ عَلَى الْأَبِ التَّكْمِيلُ وَتَسْتَمِرُّ نَفَقَةُ الْوَلَدِ الذَّكَرِ حَتَّى يَبْلُغَ عَاقِلًا قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ أَوْ يَحْدُثَ لَهُ مَالٌ أَوْ صَنْعَةٌ، وَحُكْمُ الْأُنْثَى كَذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنَّهَا تَسْتَمِرُّ نَفَقَتُهَا حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا يُرِيدُ أَوْ يُدْعَى إلَى الدُّخُولِ، وَهِيَ مِمَّنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا، وَهُوَ بَالِغٌ، وَلَوْ قَالَ: حَتَّى تَجِبَ النَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجِ كَمَا قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: السَّبَبُ الثَّانِي الْقَرَابَةُ وَالْمُسْتَحِقُّ بِهَا أَوْلَادُ الصُّلْبِ وَالْأَبَوَانِ، وَلَا يَتَعَدَّى الِاسْتِحْقَاقُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ، وَلَا لِلْجَدِّ وَالْجَدَّةِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُسْتَحِقِّ فَقْرُهُ وَعَجْزُهُ عَنْ التَّكَسُّبِ، وَيَخْتَصُّ الْأَوْلَادُ بِشَرْطٍ آخَرَ وَهُوَ الصِّغَرُ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ يُسْرُهُ بِمَا يَزِيدُ عَلَى حَاجَتِهِ، وَلَا يُبَاعُ عَلَيْهِ عَبْدُهُ وَعَقَارُهُ إذَا لَمْ يَفْضُلَا عَنْ حَاجَتِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْكَسْبُ لِأَجْلِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْمُسَاوَاةُ فِي الدِّينِ بَلْ يُنْفِقُ الْمُسْلِمُ عَلَى الْكَافِرِ وَالْكَافِرُ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَتَسْتَمِرُّ النَّفَقَةُ فِي حَقِّ الْأَبَوَيْنِ لِلْمَوْتِ أَوْ لِحُدُوثِ مَالٍ، وَفِي الْوَلَدِ الذَّكَرِ لِبُلُوغِهِ صَحِيحًا، وَفِي الْأُنْثَى حَتَّى تَتَزَوَّجَ، وَتَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى زَوْجِهَا، فَمَنْ بَلَغَ وَبِهِ زَمَانَةٌ تَمْنَعُهُ السَّعْيَ لَمْ تَسْقُطْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ: تَسْقُطُ، انْتَهَى.
(قُلْت) قَوْلُهُ: يُشْتَرَطُ فِي الْمُسْتَحِقِّ عَجْزُهُ عَنْ التَّكَسُّبِ هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ وَتَقَدَّمَا، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ نَفَقَةُ الْوَلَدِ عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا وَقَدَرَ عَلَى حَقِّ الزَّوْجَةِ، فَلَا إدْرَاكَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَهُ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ النِّكَاحِ وَزَادَ عَنْ الْقَابِسِيِّ، وَالْوَلَدُ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا الَّذِي يَرْضَعُ فَعَلَى أُمِّهِ رَضَاعُهُ فِي عُسْرِ أَبِيهِ مَعَ قِيَامِهِ بِنَفَقَتِهَا، انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ لِابْنِ رُشْدٍ، وَفِيهِ أَنَّهُنَّ لَوْ كُنَّ أَرْبَعَ زَوْجَاتٍ كُنَّ أَحَقَّ مِنْ وَالِدَتِهِ وَوَلَدِهِ.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيّ نَفَقَةُ الْأَبِ فِيمَا فَضَلَ لِلْوَلَدِ عَنْ نَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ، وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ لِلْوَلَدِ وَلَدٌ فَقِيلَ: يَتَحَاصُّ الْجَدُّ وَوَلَدُ الْوَلَدِ، وَقَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ: يَبْدَأُ الِابْنُ وَأَرَى أَنْ يَبْدَأَ الِابْنُ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا يَهْتَدِي لِنَفْعِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ صَحِيحًا أَوْ زَمِنًا، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا تَرَجَّحَ الْقَوْلَانِ، وَكَذَا الْوَلَدُ أَنْ يَبْدَأَ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ وَالْأُنْثَى عَلَى الذِّكْرِ، وَكَذَا الْأَبَوَانِ تَبْدَأُ الْأُمُّ عَلَى الْأَبِ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ أَيْضًا، وَفِي آخِرِ بَابِ النَّفَقَاتِ مِنْ التَّوْضِيحِ شَيْءٌ مِنْهُ عَنْ اللَّخْمِيّ.
(تَنْبِيهٌ) لَوْ رَشَّدَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا بِتَرْشِيدِهِ وَتَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا، قَالَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَنَقَلَهُ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ.
ص (وَتَسْقُطُ عَنْ الْمُوسِرِ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ إلَّا لِقَضِيَّةٍ أَوْ يُنْفِقُ غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ)
ش: أَيْ وَتَسْقُطُ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ سَوَاءٌ كَانَ أَبًا أَوْ ابْنًا بِمُضِيِّ الزَّمَنِ عَنْ قَرِيبِهِ، فَلَوْ تَحَيَّلَ
فِي الْإِنْفَاقِ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ لِسَدِّ الْخَلَّةِ، فَإِذَا أَنْسَدَّتْ الْخَلَّةُ زَالَ الْوُجُوبُ، وَهَذَا بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ، فَلَا تَسْقُطُ، وَأَمَّا نَفَقَةُ الْقَرِيبِ فَتَسْقُطُ إلَّا لِقَضِيَّةٍ أَيْ إلَّا إذَا كَانَ الْقَاضِي قَدْ فَرَضَهَا، فَلَا تَسْقُطُ وَيَرْجِعُ بِهَا الْمُنْفِقُ، وَلَوْ مَضَى زَمَنُهَا أَوْ يُنْفِقُ عَلَى الْقَرِيبِ شَخْصٌ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ نَحْوُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَتَسْقُطُ عَنْ الْمُوسِرِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ إلَّا أَنْ يَفْرِضَهَا الْحَاكِمُ أَوْ يُنْفِقَ غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ نَفَقَةَ الْأَجْنَبِيِّ غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ كَحُكْمِ الْقَاضِي بِالنَّفَقَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا يُقْضَى لِلْمُنْفِقِ غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ إذَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهَا، قَالَ إلَّا أَنْ يَفْرِضَهَا فَيَقْضِي بِهَا لَهُمَا أَوْ لِمَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِمَا غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ لَكَانَ أَصْوَبَ. الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ: إذَا رَفَعَ الْأَبَوَانِ إلَى السُّلْطَانِ فِي مَغِيبِ الِابْنِ، وَلَا مَالَ لَهُ حَاضِرٌ لَمْ يَأْمُرْهُمَا أَنْ يَتَسَلَّفَا عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ إذْ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهُمَا إلَّا بِالْحُكْمِ، انْتَهَى. وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَرِيبٌ مِمَّا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَنَصُّهُ إثْرَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ إلَّا أَنْ يَفْرِضَهَا الْحَاكِمُ أَوْ يُنْفِقَ غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ يَعْنِي إلَّا أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ وَجَبَتْ بَعْدَ تَوَجُّهِ مُوجِبِهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَفَرَضَهَا لِمَنْ وَجَبَتْ لَهُ، وَتَعَذَّرَ أَخْذُهَا مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لِغَيْبَةٍ وَشَبَهِهَا أَوْ لَمْ تَتَعَذَّرْ فَأَنْفَقَ عَلَى الْأَبِ أَوْ عَلَى الْوَلَدِ مَنْ لَمْ يَقْصِدْ إلَى التَّبَرُّعِ، بَلْ قَصَدَ الرُّجُوعَ فَلَهُ الرُّجُوعُ، وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ: وَفَرَضَهَا الْقَاضِي عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الْمُدَوَّنَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ الْأَوَّلِ فِي الْأَبَوَيْنِ، وَالْوَلَدُ إذَا أَنْفَقُوا ثُمَّ طَلَبُوا لَمْ يَلْزَمْهُ مَا أَنْفَقُوا وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا، وَقَالَ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي: وَإِذَا أَنْفَقَتْ يَعْنِي الزَّوْجَةَ عَلَى نَفْسِهَا وَعَلَى صِغَارِ وَلَدِهِ وَأَبْكَارِ بَنَاتِهِ مِنْ مَالِهَا أَوْ سَلَفًا وَالزَّوْجُ غَائِبٌ فَلَهَا اتِّبَاعُهُ إنْ كَانَ فِي وَقْتِ نَفَقَتِهَا مُوسِرًا، فَجَمَعُوا بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ مَا فِي الزَّكَاةِ قَبْلَ فَرْضِ الْقَاضِي وَمَا فِي النِّكَاحِ بَعْدَ فَرْضِهِ، انْتَهَى.
وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَهُ هَذَا بِرُمَّتِهِ، وَقَالَ بَعْدَهُ: قُلْتُ: فِي زَكَاتِهَا مِثْلُ مَا فِي نِكَاحِهَا وَهُوَ قَوْلُهُ: وَيُعَدِّي الْوَلَدَ وَالزَّوْجَةَ بِمَا تَسَلَّفَاهُ فِي يُسْرِهِ مِنْ النَّفَقَةِ، انْتَهَى. فَأَوَّلُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إلَى قَوْلِهِ: فَلَهُ الرُّجُوعُ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ إنَّ إنْفَاقَ غَيْرِ الْمُتَبَرِّعِ عَلَى الْأَبِ وَالْوَلَدِ كَانَ بَعْدَ وُجُوبِ النَّفَقَةِ، وَذَلِكَ بَعْدَ تَوَجُّهِ مُوجِبِهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَفَرْضُهَا لِمَنْ وَجَبَتْ لَهُ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفَقَةِ الْوَالِدَيْنِ ظَاهِرٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي مَبِيعِ عَقَارِ الْغَائِبِ لِلنَّفَقَةِ عَلَى أَبَوَيْهِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفَرَضَ فِي مَالِ الْغَائِبِ، وَأَمَّا نَفَقَةُ الْوَلَدِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِظَاهِرٍ بَلْ قَدْ نَقَلَ هُوَ فِي كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي الزَّكَاةِ وَالنِّكَاحِ أَنَّهُ يُعَدِّي الْوَلَدَ وَالزَّوْجَةَ بِمَا تَسَلَّفَا فِي يُسْرِهِ مِنْ النَّفَقَة.
وَتَقَدَّمَ عَنْهُ أَيْضًا عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعَلَى الصَّغِيرِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْمُنْفِقَ عَلَى الصَّغِيرِ لَا يَرْجِعُ إلَّا إذَا كَانَ لِلصَّغِيرِ مَالٌ أَوْ لِأَبِيهِ، وَإِنْ رَأَى الْوَلَدُ كَمَالَهُ وَأَنَّ رُجُوعَهُ إنَّمَا هُوَ إذَا أَنْفَقَ، وَهُوَ يَعْلَمُ مَالَ الْيَتِيمِ أَوْ يُسْرَ الْأَبِ، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ زَكَاةِ الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ فِي الزَّكَاةِ الْأَوَّلُ، وَفِي آخِرِ بَابِ الْمِدْيَانِ بَعْدَ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ نِكَاحِهَا الثَّانِي هُوَ فِي أَوَاخِرِهِ فِي بَابِ زَكَاةِ مَا يُبَاعُ عَلَى الرَّجُلِ فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ نَفَقَةِ امْرَأَتِهِ، وَهُوَ نَصُّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْهَا هُوَ نَصُّ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِرُمَّتِهِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَهُوَ بَعْضُ كَلَامِ أَشْهَبَ وَلِتَرْكِهِ كَلَامَ الْكِتَابَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ مِنْ الْأُمِّ بِلَفْظِهَا تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ، قَالَ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي: قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا وَعَلَى وَلَدِهَا وَالزَّوْجُ غَائِبٌ ثُمَّ طَلَبَتْ نَفَقَتَهَا. قَالَ ذَلِكَ لَهَا إنْ كَانَ مُوسِرًا يَوْمَ أَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا وَعَلَى أَوْلَادِهَا مِنْهُ إذَا كَانُوا صِغَارًا أَوْ جَوَارِيَ أَبْكَارًا حِضْنَ أَوْ لَمْ يَحِضْنَ وَهَذَا رَأْيِي، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الزَّكَاةِ الْأَوَّلِ بَعْدَ قَوْلِهِ: قُلْت: أَرَأَيْتَ رَجُلًا لَهُ عِشْرُونَ دِينَارًا قَدْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَعَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ نَفَقَةُ شَهْرٍ لِامْرَأَتِهِ قَدْ كَانَ فَرَضَهَا الْقَاضِي أَوْ لَمْ يَفْرِضْهَا ثُمَّ اتَّبَعَتْهُ بِنَفَقَةِ الشَّهْرِ، وَعِنْدَ الزَّوْجِ هَذِهِ
الْعِشْرُونَ دِينَارًا فَقَالَ: تَأْخُذُ نَفَقَتَهَا، وَلَا يَكُونُ عَلَى الزَّوْجِ فِيهَا زَكَاةٌ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ هَذِهِ النَّفَقَةُ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي وَصَفْت لَكَ إنَّمَا هِيَ نَفَقَةُ وَالِدَيْنِ أَوْ وَلَدٍ، فَقَالَ: لَا تَكُونُ نَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ وَالْوَلَدِ دَيْنًا أَبْطَلَ بِهِ الزَّكَاةَ عَنْ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّ الْوَالِدَيْنِ وَالْوَلَدَ إنَّمَا تَلْزَمُ النَّفَقَةُ لَهُمْ إذَا اتَّبَعُوا ذَلِكَ، وَإِنْ أَنْفَقُوا ثُمَّ طَلَبُوهُ بِمَا أَنْفَقُوا لَمْ يَلْزَمْهُ مَا أَنْفَقُوا، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا تَلْزَمُهُ مَا أَنْفَقَتْ قَبْلَ أَنْ تَطْلُبَهُ بِالنَّفَقَةِ إذَا كَانَ مُوسِرًا. قُلْت: فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي قَدْ فَرَضَ لِلْأَبَوَيْنِ نَفَقَةً مَعْلُومَةً فَلَمْ يُعْطِهِمْ ذَلِكَ شَهْرًا، وَحَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَا عِنْدَ الرَّجُلِ بَعْدَ هَذَا الشَّهْرِ أَتَجْعَلُ نَفَقَةَ الْأَبَوَيْنِ هَاهُنَا دَيْنًا فِيمَا فِي يَدَيْهِ إذَا قَضَى بِهَا الْقَاضِي.؟ قَالَ: لَا.
وَقَالَ أَشْهَبُ أَحُطُّ بِهِ عَنْهُ الزَّكَاةَ وَأُلْزِمُهُ ذَلِكَ إذَا قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ فِي الْأَبَوَيْنِ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَهُمَا إنَّمَا تَكُونُ إذَا طَلَبَا ذَلِكَ، وَلَا يُشْبِهَانِ الْوَلَدَ، وَيَرْجِعُ الْوَلَدُ عَلَى الْأَبِ بِمَا تَدَايَنَ الْوَلَدُ لَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مُوسِرًا، وَيَحُطُّ ذَلِكَ عَنْهُ الزَّكَاةَ كَانَ بِفَرِيضَةٍ مِنْ الْقَاضِي أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ الْأَوْلَادَ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهُمْ عَنْ الْوَلَدِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ مِنْ أَوَّلِ مَا كَانُوا حَتَّى يَبْلُغُوا وَالْوَالِدَانِ قَدْ كَانَتْ نَفَقَتُهُمَا سَاقِطَةً؛ فَإِنَّمَا تَرْجِعُ نَفَقَتُهُمَا بِالْقَضِيَّةِ وَالْحُكْمِ مِنْ السُّلْطَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ قَوْلُهُ: وَإِنْ أَنْفَقُوا ثُمَّ طَلَبُوا لَمْ يَلْزَمْهُ مَا أَنْفَقُوا اُنْظُرْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تُنَاقِضُ مَسْأَلَةَ تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ فِيمَنْ أَنْفَقَ عَلَى لَقِيطٍ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ بِالنَّفَقَةِ فَيَقُومُ مِمَّا فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ، مِثْلُ قَوْلِ أَشْهَبَ إنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ تُسْقِطُ الزَّكَاةَ، وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ قَضِيَّةٍ ثُمَّ نَقَلَ كَلَامَ اللَّخْمِيّ وَأَبِي إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الشُّيُوخِ، وَمَا قَالُوهُ مِنْ التَّوْفِيقِ بَيْنَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ فَلْيُرَاجِعْهُ مَنْ أَرَادَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْإِشَارَةُ إلَى مُعَارَضَةِ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا بِكَلَامِهِ الَّذِي فِي النِّكَاحِ الثَّانِي وَمَا وَفَّقَ بِهِ بَيْنَهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَاسْتَمَرَّتْ إنْ دَخَلَ زَمِنَةً ثُمَّ طَلَّقَ لَا إنْ عَادَتْ بَالِغَةً أَوْ عَادَتْ الزَّمَانَةُ)
ش: أَيْ وَاسْتَمَرَّتْ النَّفَقَةُ إنْ دَخَلَ الزَّوْجُ بِالْبِنْتِ حَالَ كَوْنِهَا زَمِنَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ لِلْوَلَدِ الزَّمِنِ مَالٌ ثُمَّ ذَهَبَ؛ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ تَعُودُ عَلَى الْأَبِ، قَالَهُ الْبَاجِيُّ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَقَوْلُهُ: لَا إنْ عَادَتْ بَالِغَةً، أَيْ لَا إنْ زُوِّجَتْ الْبِنْتُ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَعَادَتْ إلَى الْأَبِ بَالِغَةً؛ فَإِنَّ النَّفَقَةَ لَا تَعُودُ عَلَى الْأَبِ، وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهَا لَوْ عَادَتْ غَيْرَ بَالِغَةٍ لَوَجَبَ عَلَى الْأَبِ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا يُسْقِطُهَا بُلُوغُهَا، بَلْ حَتَّى تَتَزَوَّجَ زَوْجًا آخَرَ وَيَدْخُلَ بِهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا تَعُودُ أَصْلًا، وَقَالَ غَيْرُهُ: تَعُودُ إلَى أَنْ تَبْلُغَ فَتَسْقُطَ، وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُتَيْطِيُّ فَقَالَ: وَلَا تَسْقُطُ النَّفَقَةُ بِتَرْشِيدِهِ إيَّاهَا، وَتَقَدَّمَ نَقْلُ ذَلِكَ عَنْهُ أَيْضًا وَعَنْ الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) وَمَفْهُومُ قَوْلِنَا وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ أَنَّهَا إنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهِيَ عَلَى نَفَقَتِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: أَوْ عَادَتْ الزَّمَانَةُ إلَى أَنَّهُ إذَا بَلَغَ الْوَلَدُ زَمِنًا وَقُلْنَا اسْتَمَرَّتْ نَفَقَتُهُ، فَإِذَا صَحَّ سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ؛ فَإِنْ عَادَتْ إلَيْهِ الزَّمَانَةُ لَمْ تَعُدْ نَفَقَتُهُ عَلَى الْأَبِ، وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَعَلَى الْأُمِّ الْمُتَزَوِّجَةِ وَالرَّجْعِيَّةِ)
ش: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّجْعِيَّةِ هُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الرَّضَاعِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا، فَمَا صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ سَعْدٍ فِي الطَّلَاقِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ طَلَاقِ السُّنَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمَذْهَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (إلَّا لِعُلُوِّ قَدْرٍ)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيّ لِذَاتِ الشَّرَفِ رَضَاعُهُ بِأَجْرٍ، انْتَهَى. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي