الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَجُبْنٍ وَأَقِطٍ
ص (وَرُطَبٌ)
ش: قَالَ الْقَبَّابُ: الرُّطَبُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الطَّاءِ هُوَ التَّمْرُ الَّذِي دَخَلَهُ إنْضَاجٌ فَإِنْ يَبِسَ فَهُوَ تَمْرٌ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الرُّطَبِ بِمِثْلِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ.
[فَرْعٌ إذَا كَانَ نِصْفُ التَّمْرَةِ بُسْرًا وَنِصْفُهَا قَدْ أَرْطَبَ هَلْ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ]
(فَرْعٌ) قَالَ الْبَاجِيُّ: وَانْظُرْ إذَا كَانَ نِصْفُ التَّمْرَةِ بُسْرًا وَنِصْفُهَا قَدْ أَرْطَبَ هَلْ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَلَمْ يَجْزِمْ فِيهِ بِشَيْءٍ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْبَاجِيِّ: قُلْت الْأَظْهَرُ عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ جَوَازُهُ.
[فَرْعٌ بَيْعُ الْبُسْرِ بِالْبُسْرِ]
(فَرْعٌ) وَيَجُوزُ بَيْعُ الْبُسْرِ بِالْبُسْرِ وَخَرَّجَ اللَّخْمِيُّ مَنْعَهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ.
ص (وَمَشْوِيٌّ وَقَدِيدٌ)
ش: الْقَدِيدُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ وَتَخْفِيفِهَا، قَالَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَدَالُهُ مُهْمَلَةٌ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا خَيْرَ فِي يَابِسِ الْقَدِيدِ بِمَشْوِيِّ اللَّحْمِ وَإِنْ تَحَرَّى لِاخْتِلَافِ الْيُبْسِ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَانْظُرْ هَلْ يَدْخُلُ فِيهِمَا قَوْلُ مَالِكٍ فَيَجُوزُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ تَحَرِّيًا اهـ وَهَذَا إذَا كَانَا بِغَيْرِ أَبْزَارٍ أَوْ فِيهِمَا أَبْزَارٌ فَإِنْ كَانَ الْأَبْزَارُ فِي أَحَدِهِمَا جَازَ مِثْلًا بِمِثْلٍ أَوْ مُتَفَاضِلًا، قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ: وَلَمْ يَجُزْ الْمَشْوِيُّ بِالْمَشْوِيِّ وَلَا الْقَدِيدُ بِالْقَدِيدِ مِنْ اللَّحْمِ إلَّا بِتَحَرِّي أُصُولِهِمَا.
ص (وَعَفِنٌ)
ش: قَالَ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا تَبَادَلَا قَمْحًا عَفِنًا بِعَفِنٍ مِثْلِهِ فَإِنْ اشْتَبَهَا فِي الْعَفَنِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ تَبَاعَدَا لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَا مَغْشُوشَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا كَثِيرَ التِّبْنِ أَوْ التُّرَابِ حَتَّى يَصِيرَ خَطَرًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَبَادَلَا إلَّا فِي الْغَلْثِ الْخَفِيفِ أَوْ يَكُونَا نَقِيَّيْنِ وَكَذَلِكَ سَمْرَاءُ مَغْلُوثَةٌ بِشَعِيرٍ مَغْلُوثٍ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ شَيْئًا خَفِيفًا وَلَيْسَ حَشَفُ التَّمْرِ بِمَنْزِلَةِ غَلْثِ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّ الْحَشَفَ مِنْ التَّمْرِ وَالْغَلْثَ غَيْرُ الطَّعَامِ اهـ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي مَسْأَلَةِ الْعَفَنِ بِالْعَفَنِ، قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: مَعْنَاهُ إذَا كَانَ الْعَفَنُ خَفِيفًا وَاسْتَدَلَّ بِمَسْأَلَةِ الْغَلْثِ اهـ.
(قُلْتُ) لَيْسَ الْعَفَنُ كَالْغَلْثِ فَإِنَّ الْغَلْثَ لَيْسَ مِنْ الطَّعَامِ وَأَمَّا الْعَفَنُ فَهُوَ وَصْفٌ لِلطَّعَامِ وَلَيْسَ هُوَ شَيْئًا زَائِدًا مَعَ الطَّعَامِ فَتَأَمَّلْهُ.
[فَرْعٌ مُبَادَلَةُ الْمَأْكُولِ وَالْمَعْفُونَ مِنْ الطَّعَامُ بِالصَّحِيحِ السَّالِمِ]
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ رَسْمِ الْقِبْلَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّرْفِ: وَأَمَّا الطَّعَامُ فَيَجُوزُ مُبَادَلَةُ الْمَأْكُولِ يَعْنِي الْمُسَوَّسَ وَالْمَعْفُونَ مِنْهُ بِالصَّحِيحِ السَّالِمِ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ عَلَى ظَاهِرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَمَا وَقَعَ فِي رَسْمِ الْقِسْمَةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ أَشْهَبُ كَالدَّنَانِيرِ الْكَثِيرَةِ النَّقْصِ بِالْوَازِنَةِ فَلَمْ يَجُزْ الْمَعْفُونُ بِالصَّحِيحِ وَلَا الْكَثِيرُ الْعَفَنِ بِالْخَفِيفِ وَهُوَ دَلِيلُ مَا فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الطَّعَامُ الْمَعْفُونُ إلَّا أَنْ يُشْبِهَ بَعْضُهُ بَعْضًا وَلَا يَتَفَاوَتُ وَأَجَازَ ذَلِكَ سَحْنُونٌ فِي الْمَعْفُونِ وَكَرِهَهُ فِي الْمَأْكُولِ إذَا كَانَتْ الْحَبَّةُ قَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُهَا وَلَهُ نَحْوُ ذَلِكَ فِي رَسْمِ الْقِسْمَةِ وَحَكَى قَوْلَ سَحْنُونٍ بِلَفْظِ: وَأَجَازَ ذَلِكَ سَحْنُونٌ فِي الْمَعْفُونِ وَلَمْ يُجِزْهُ فِي الْمَأْكُولِ اهـ.
(قُلْت) فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ فِي مُبَادَلَةِ الْمَعْفُونِ بِالسَّالِمِ وَالْمَأْكُولِ أَيْ الْمُسَوَّسِ بِالصَّحِيحِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ، الْجَوَازُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمَنْعُ فِيهِمَا وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَالْجَوَازُ فِي الْمَعْفُونِ وَالْكَرَاهَةُ فِي الْمَأْكُولِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ إنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ مِثْلُ مَا فِي الْقِسْمَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْعَفَنُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي بَابِ الْمُكَايَسَةِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا فِي التَّمَاثُلِ وَإِذَا كَانَ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ كَانَ مَعْرُوفًا مَحْضًا فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَزُبْدٍ وَسَمْنٍ وَجُبْنٍ وَأَقِطٍ)
ش: اللَّبَنُ وَمَا
تَوَلَّدَ عَنْهُ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ حَلِيبٌ وَمَخِيضٌ وَمَضْرُوبٌ وَزُبْدٌ وَسَمْنٌ وَجُبْنٌ وَأَقِطٌ وَالْمَخِيضُ وَالْمَضْرُوبُ قَالَ الْجُزُولِيُّ وَالشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ كِلَاهُمَا قَدْ أُخْرِجَ زُبْدُهُ لَكِنَّ هَذَا عَلَى صِفَةٍ وَالْآخَرُ عَلَى صِفَةٍ أُخْرَى وَلِعُسْرِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا لَمْ يَعُدَّهُمَا الزَّنَاتِيُّ قِسْمَيْنِ بَلْ اكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا وَالْأَقِطُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَقَدْ تُسَكَّنُ وَيَجُوزُ ضَمُّ أَوَّلِهِ وَكَسْرُهُ قَالَ عِيَاضٌ وَهُوَ جُبْنُ اللَّبَنِ الْمُسْتَخْرَجِ زُبْدُهُ وَخَصَّهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ بِالضَّأْنِ وَقِيلَ لَبَنٌ مُجَفَّفٌ مُسْتَحْجَرٌ يُطْبَخُ بِهِ، قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي مُقَدِّمَةِ فَتْحِ الْبَارِي قَالَ اللَّخْمِيُّ اللَّبَنُ وَمَا يَئُولُ إلَيْهِ عَلَى وُجُوهٍ حَلِيبٍ وَمَخِيضٍ وَمَضْرُوبٍ وَزُبْدٍ وَسَمْنٍ وَجُبْنٍ وَأَقِطٍ فَبَيْعُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِجِنْسِهِ غَيْرَ الْمَخِيضِ وَالْمَضْرُوبِ مُتَفَاضِلًا مَمْنُوعٌ قَوْلًا وَاحِدًا وَاخْتُلِفَ فِي بَيْعِ الْحَلِيبِ بِالْحَلِيبِ مُتَمَاثِلًا فَأَجَازَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
وَحَكَى أَبُو الْفَرَجِ الْمَنْعَ وَيَجُوزُ بَيْعُ الزُّبْدِ بِالزُّبْدِ وَالسَّمْنِ بِالسَّمْنِ مُتَمَاثِلًا وَكَذَلِكَ الْجُبْنُ بِالْجُبْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْيَابِسُ بِالطَّرِيِّ وَلَا يَجُوزُ الْحَلِيبُ بِالزُّبْدِ وَلَا بِالسَّمْنِ وَلَا بِالْجُبْنِ وَلَا بِالْأَقِطِ وَلَا بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ بِالْآخَرِ؛ لِأَنَّ الِادِّخَارَ مَوْجُودٌ وَالتَّفَاضُلَ مَمْنُوعٌ وَالْمُمَاثَلَةَ مَعْدُومَةٌ وَلَا يُقْدَرُ عَلَيْهَا وَيُخْتَلَفُ فِي بَيْعِ الْمَخِيضِ بِالْمَخِيضِ وَالْمَضْرُوبِ بِالْمَضْرُوبِ مُتَفَاضِلًا فَمَنْ مَنَعَ التَّفَاضُلَ فِيهِمَا مَنَعَ أَنْ يُبَاعَ شَيْءٌ مِنْهَا بِحَلِيبٍ أَوْ بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَمَنْ أَجَازَ التَّفَاضُلَ أَجَازَ بَيْعَ أَحَدِهَا بِأَيِّ ذَلِكَ أَحَبَّ مِنْ الْحَلِيبِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِالسَّمْنِ بِاللَّبَنِ الَّذِي أُخْرِجَ زُبْدُهُ وَهَذَا لَا يَصِحُّ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّفَاضُلَ بَيْنَهُمَا جَائِزٌ، انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفَاضُلِ فِي الْمَخِيضِ وَالْمَضْرُوبِ رَدَّهُ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ وَقَالُوا اللَّبَنُ كُلُّهُ رِبَوِيٌّ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَمُطْلَقُ لَبَنٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ صُوَرَ بَيْعِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ السَّبْعَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مِنْ نَوْعِهِ أَوْ خِلَافِ نَوْعِهِ بَعْدَ إسْقَاطِ الْمُكَرَّرِ ثَمَانٍ وَعِشْرُونَ صُورَةً فَبَيْعُ كُلِّ وَاحِدٍ بِنَوْعِهِ جَائِزٌ إذَا كَانَ مُتَمَاثِلًا وَلَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي هَذِهِ السَّبْعِ صُوَرٍ وَبَيْعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْحَلِيبِ وَالزُّبْدِ وَالسَّمْنِ وَالْجُبْنِ وَالْأَقِطِ بِبَقِيَّةِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ لَا يَجُوزُ مُتَمَاثِلًا وَلَا مُتَفَاضِلًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ الرَّطْبِ بِالْيَابِسِ فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّمَاثُلُ وَأُخِذَ مِنْ مَفْهُومِ كَلَامِ ابْنِ إِسْحَاقَ جَوَازُ بَيْعِ الْأَقِطِ بِالْجُبْنِ مُتَمَاثِلًا وَفِي هَذِهِ الْأَنْوَاعِ عَشْرُ صُوَرٍ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمَخِيضِ بِالْمَضْرُوبِ مُتَمَاثِلًا لَا مُتَفَاضِلًا عَلَى الْمَعْرُوفِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَأَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَيْعَ الْحَلِيبِ بِالْمَضْرُوبِ مُتَمَاثِلًا فَيَجُوزُ بَيْعُ الْحَلِيبِ بِالْمَخِيضِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَضْرُوبَ وَالْمَخِيضَ سَوَاءٌ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَأَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا بَيْعَ السَّمْنِ بِلَبَنٍ قَدْ أُخْرِجَ زُبْدُهُ وَذَلِكَ شَامِلٌ لِصُورَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الَّذِي أُخْرِجَ زُبْدُهُ يَشْمَلُ الْمَخِيضَ وَالْمَضْرُوبَ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّ مَالِكًا أَجَازَ بَيْعَ الزُّبْدِ بِالْمَضْرُوبِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْمَخِيضِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ كَمَا قَدْ عَلِمْت فَهَاتَانِ صُورَتَانِ أَيْضًا وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي بَيْعِ الْجُبْنِ بِالْمَضْرُوبِ عَلَى قَوْلَيْنِ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ.
وَعَزَا ابْنُ عَرَفَةَ الْجَوَازَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَيَجُوزُ عِنْدَهُ أَيْضًا بَيْعُ الْجُبْنِ بِالْمَخِيضِ فَهَاتَانِ صُورَتَانِ أَيْضًا فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً وَبَقِيَ صُورَتَانِ وَهِيَ بَيْعُ الْأَقِطِ بِالْمَخِيضِ وَبِالْمَضْرُوبِ وَظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالْجُزُولِيِّ وَالشَّيْخِ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ وَالزَّنَاتِيِّ أَنَّ حُكْمَهُمَا الْجَوَازُ كَحُكْمِ بَيْعِ السَّمْنِ وَالزُّبْدِ وَالْجُبْنِ بِالْمَضْرُوبِ وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ الْأَبْيَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ فَإِنَّهُ قَالَ:
السَّمْنُ وَالزُّبْدُ وَالْأَجْبَانُ وَالْأَقِطُ
…
فَالسَّمْنُ بِالزُّبْدِ كُلٌّ لَا يَجُوزُ مَعَا
وَالْجُبْنُ بِالْأَقِطِ الْمَذْكُورِ بَيْعُهُمَا
…
مُمَاثِلًا ذَاكَ عِنْدِي لَيْسَ مُمْتَنِعَا
إنَّ الْحَلِيبَ بِهَذَا الْكُلِّ مُمْتَنِعٌ
…
وَبِالضَّرِيبِ مُبَاحٌ مَا قَدْ امْتَنَعَا
أَمَّا الْحَلِيبُ فَبِالْمَضْرُوبِ بِعْهُ وَلَا
…
تَبْغِ الزِّيَادَةَ فِي شَيْءٍ فَيَمْتَنِعَا
وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ الْجُبْنِ بِالْأَقِطِ جَارٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ أُخِذَ مِنْ مَفْهُومِ كَلَامِ أَبِي إِسْحَاقَ وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ التُّونُسِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْأَقِطِ بِالْمَضْرُوبِ وَالْمَخِيضِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الْمَضْرُوبَ يَخْرُجُ مِنْهُ الْأَقِطُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ الْأَقِطِ نَحْوُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَبِهَذَا يُخَالِفُ الزُّبْدَ وَالسَّمْنَ وَالْجُبْنَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَخِيضِ وَالْمَضْرُوبِ وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لَمَّا ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي بَيْعِ الْجُبْنِ بِالْمَضْرُوبِ: وَانْظُرْ هَلْ الْأَقِطُ مِثْلُهُ أَمْ لَا لَمْ أَقِفْ عَلَى شَيْءٍ فِي ذَلِكَ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يُبَاعُ رَطْبُ الْجُبْنِ بِيَابِسِهِ، وَنَحْوُهُ لِمُحَمَّدٍ، انْتَهَى. وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ الْمُتَقَدِّمِ لَمَّا ذَكَرَ جَوَازَ بَيْعِ الْجُبْنِ بِالْجُبْنِ حَيْثُ قَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْيَابِسُ بِالطَّرِيِّ وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِالْحَالُومِ الرَّطْبِ بِيَابِسِهِ وَبِالْمَعْصُورِ الْقَدِيمِ وَبِالْجُبْنِ بِالْحَالُومِ تَحَرِّيًا، انْتَهَى. وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ وَمِنْ الْوَاضِحَةِ: وَلَا يُبَاعُ رَطْبُ الْجُبْنِ بِيَابِسِهِ وَهُوَ كُلُّهُ صِنْفٌ بَقَرِيُّهُ وَغَنَمِيُّهُ. وَمِنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَلَا بَأْسَ بِيَابِسِ الْجُبْنِ بِرَطْبِهِ عَلَى التَّحَرِّي إنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَصْلُحُ بِغَيْرِ تَحَرٍّ مُحَمَّدٌ وَإِنَّمَا جَازَ عَلَى التَّحَرِّي لِدُخُولِ الصَّنْعَةِ فِيهِ، انْتَهَى.
ص (وَزَيْتُونٌ وَلَحْمٌ)
ش: كَذَا رَأَيْتُهُ فِي نُسْخَةٍ بِعَطْفِ الزَّيْتُونِ بِالْوَاوِ فَيَحْسُنُ قَوْلُهُ لَا رَطْبِهَا بِضَمِيرِ الْمُؤَنَّثِ الْعَائِدِ إلَى الْمَذْكُورَاتِ جَمِيعِهَا غَيْرَ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ بِمِثْلِهَا عَنْ قَوْلِهِ وَزَيْتُونٌ وَلَحْمٌ لَكَانَ أَحْسَنَ وَأَمَّا عَلَى النُّسَخِ الْمَشْهُورَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ كَزَيْتُونٍ وَلَحْمٍ بِجَرِّ الزَّيْتُونِ بِالْكَافِ فَلَا يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ إلَّا عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَ رَطْبٍ تَكَرَّرَ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الْكَبِيرِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْبِسَاطِيُّ وَضُبِطَ الْأَوَّلُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الطَّاءِ وَالثَّانِي بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الطَّاءِ
ص (لَا رَطْبُهُمَا بِيَابِسِهِمَا)
ش: هَذَا مُقَيَّدٌ فِي اللَّحْمِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي اللَّحْمِ أَبْزَارٌ وَأَمَّا إنْ كَانَ فِيهِ أَبْزَارٌ فَهُوَ جِنْسٌ آخَرُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي تَوْضِيحِهِ وَتَقَدَّمَ عَنْ اللَّخْمِيّ أَيْضًا عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَشْوِيٌّ وَقَدِيدٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَمَبْلُولٌ بِمِثْلِهِ)
ش: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْوِيِّ وَالْقَدِيدِ كَثْرَةُ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَبْلُولِ؛ وَلِأَنَّ أَسْفَلَهُ لَا يُسَاوِي أَعْلَاهُ بِخِلَافِ الشَّيْءِ فَإِنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ فِي الْغَالِبِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَبْلُولِ وَالْعَفِنِ أَنَّ الْعَفَنَ لَا صُنْعَ لَهُمَا فِيهِ بِخِلَافِ الْبَلَلِ؛ وَلِأَنَّ الْمَبْلُولَ يَخْتَلِفُ نَقْصُهُ إذَا يَبِسَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَشَدَّ إنْشَافًا مِنْ الْآخَرِ وَالْعَفِنُ لَا يَخْتَلِفُ إذَا تَسَاوَيَا فِي الْعَفَنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَفَرَّقَ عَبْدُ الْحَقِّ بِأَنَّ الْمَبْلُولَ يُمْكِنُ الصَّبْرُ عَلَيْهِ حَتَّى يَيْبَسَ وَالْعَفِنُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَاعْتُبِرَ الدَّقِيقُ فِي خُبْزٍ بِمِثْلِهِ)
ش: ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْخُبْزُ مِمَّا يَحْرُمُ التَّفَاضُلُ فِي
أَحَدِهِمَا كَالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ أَوْ لَا يَحْرُمُ كَالْقَمْحِ وَالدَّخَنِ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ هَذَا الْقَوْلَ، هَكَذَا عَلَى الْإِطْلَاقِ فَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ فِي ذَلِكَ وَذَكَرَ أَنَّ الْبَاجِيَّ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا كَانَ الْخُبْزَانِ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ وَأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْوَزْنُ فِي الْخُبْزَيْنِ إذَا كَانَ أَصْلُهُمَا مُخْتَلِفًا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّ الْأَخْبَازَ كُلَّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ قَالَ: فَلَيْسَ هَذَا الْقَوْلُ عَلَى عُمُومِهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الشَّامِلِ: وَالْمُعْتَبَرُ الدَّقِيقُ إنْ كَانَ صِنْفًا وَاحِدًا وَإِلَّا فَبِوَزْنِ الْخُبْزَيْنِ اتِّفَاقًا، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ أَنْ حَكَى الِاتِّفَاقَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ: وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَنَصِّ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ بَعِيدٌ أَوْ مُمْتَنِعٌ، انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) إذَا اُعْتُبِرَ الدَّقِيقُ فِي الْخُبْزَيْنِ إذَا كَانَا مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ فَإِنْ عَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ قَدْرَ كَيْلِ دَقِيقِهِ فَلَا إشْكَالَ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ فَيَتَحَرَّى قَدْرَ مَا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الدَّقِيقِ، قَالَهُ فِي أَوَاخِرِ سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْعُمْدَةِ: وَيَجُوزُ قِسْمَةُ الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى التَّحَرِّي عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمَوَازِينِ وَيُسْهَمُ عَلَيْهِ، انْتَهَى. وَانْظُرْ التَّوْضِيحَ
ص (كَعَجِينٍ بِحِنْطَةٍ أَوْ دَقِيقٍ)
ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ وَمِنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ بِسَلَفِ الْحَمِيرَةِ لِلْجِيرَانِ وَيَرُدُّونَهَا قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى التَّحَرِّي قَالَ مُحَمَّدٌ: وَذَكَرَ أَشْهَبُ الْعَجِينَ بِالْعَجِينِ تَحَرِّيًا، انْتَهَى.
(فَائِدَةٌ) نَشَا الْقَمْحِ الَّذِي يُصَفَّقُ بِهِ أَلْوَانُ الثِّيَابِ لَيْسَ فِيهِ رِبًا، قَالَهُ الزَّنَاتِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ، انْتَهَى. مِنْ الْأَلْغَازِ
ص (وَإِلَّا فَبِالْعَادَةِ)
ش: أَطْلَقَ رحمه الله فِي الْعَادَةِ وَالْمَنْقُولِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلشَّرْعِ فِيهِ مِعْيَارٌ فَالْمُعْتَبَرُ الْعَادَةُ
الْعَامَّةُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَادَةُ مَحَلِّهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ إلَّا بِدَلِيلٍ) ش لَمَّا انْقَضَى الْكَلَامُ عَلَى الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَمَا يَعْرِضُ لَهُ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَجَعَلَ هَذَا الْكَلَامَ مُقَدِّمَةً لَهُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِنَا، وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ فِي الْفَاسِدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ إنَّهُ يَمْضِي وَقَوْلُهُ إلَّا بِدَلِيلٍ نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: أَيْ إلَّا بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَيْعًا خَاصًّا لَا يُنْقَضُ اهـ. وَلَعَلَّ مِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ مَا يَأْتِي فِي بَعْضِ الْبُيُوعِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيَمْضِي كَمَا فِي تَلَقِّي السِّلَعِ وَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُ يَمْضِي عَلَى صِفَةٍ وَلَا يَمْضِي عَلَى أُخْرَى كَتَفْرِيقِ الْأُمِّ مِنْ وَلَدِهَا فَإِنَّهُ إنْ جَمَعَاهُمَا فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ مَضَى وَنَحْوِ ذَلِكَ
ص (كَحَيَوَانٍ بِلَحْمٍ مِنْ جِنْسِهِ إنْ لَمْ يُطْبَخْ) ش رَوَى مَالِكٌ فِي مَرَاسِيلِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ» قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَا أَعْلَمُهُ يَتَّصِلُ مِنْ وَجْهٍ ثَابِتٍ وَأَحْسَنُ أَسَانِيدِهِ مُرْسَلُ سَعِيدٍ هَذَا اهـ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ مِنْ مَيْسِرِ بَيْعِ الْجَاهِلِيَّةِ: بَيْعُ اللَّحْمِ بِالشَّاةِ وَالشَّاتَيْنِ قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: قُلْت لِابْنِ الْمُسَيِّبِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا يَشْتَرِي شَارِفًا بِعَشْرَةِ شِيَاهٍ، فَقَالَ: إنْ كَانَ اشْتَرَاهَا لِيُسَخِّرَهَا فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: وَكَانَ مَنْ أَدْرَكْتُ يَنْهَوْنَ عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ، قَالَ: وَكَانَ ذَلِكَ يُكْتَبُ فِي عُهُودِ الْعُمَّالِ فِي زَمَانِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَهِشَامِ بْنِ إسْمَاعِيلَ يَنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ اهـ.
وَالْحَدِيثُ عَامٌّ فِي كُلِّ لَحْمٍ بِحَيَوَانٍ لَكِنَّهُ عِنْدَ مَالِكٍ لَيْسَ مَحْمُولًا عَلَى عُمُومِهِ بَلْ مَخْصُوصٌ عِنْدَهُ رضي الله عنه بِبَيْعِ اللَّحْمِ بِنَوْعِهِ مِنْ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ بَيْعُ مَعْلُومٍ بِمَجْهُولٍ مِنْ جِنْسِهِ فَهُوَ مِنْ الْمُزَابَنَةِ وَهِيَ إنَّمَا تَمْتَنِعُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ؛ وَلِهَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ: كَحَيَوَانٍ بِلَحْمِ جِنْسِهِ وَأَمَّا لَحْمُ الطَّيْرِ بِالْغَنَمِ وَلَحْمُ الْغَنَمِ بِلَحْمِ الطَّيْرِ أَوْ الْحُوتِ فَجَائِزٌ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: إنَّ الْمُزَابَنَةَ شَرْطُهَا اتِّحَادُ الْجِنْسِ اهـ.
(تَنْبِيهٌ) أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ الْحَاجِبِ فِي بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِلَحْمِ جِنْسِهِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالْحَيَوَانِ الْمُبَاحِ الْأَكْلِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَمَّا عَلَّلَ بِالْمُزَابَنَةِ وَفِي هَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُبَاحِ الْأَكْلِ لَجَازَ بَيْعُهُ بِاللَّحْمِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْخَيْلِ بِاللَّحْمِ لِعَدَمِ الْمُزَابَنَةِ حِينَئِذٍ اهـ. وَرُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ جَوَازُ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالْمَعْرُوفُ عَنْهُ كَقَوْلِ مَالِكٍ اهـ. وَفِي السَّلَمِ الثَّالِثِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَحَلُّ النَّهْيِ عَنْ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ إنَّمَا ذَلِكَ مِنْ صُنْعٍ وَاحِدٍ لِمَوْضِعِ التَّفَاضُلِ فِيهِ وَالْمُزَابَنَةِ فَذَوَاتُ الْأَرْبَعِ الْأَنْعَامُ وَالْوَحْشُ كُلُّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ وَيَجُوزُ لَحْمُ طَيْرٍ بِحَيٍّ مِنْ الْأَنْعَامِ وَالْوَحْشِ وَالْحُوتِ بِالطَّيْرِ كُلِّهِ أَحْيَاءً نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ وَمَا كَانَ مِنْ الطَّيْرِ وَالْوَحْشِ وَالْأَنْعَامِ لَا يَحْيَا وَشَأْنُهُ الذَّبْحُ فَلَا خَيْرَ فِيهِ بِالْحُوتِ وَلَا بِاللَّحْمِ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ إلَّا يَدًا بِيَدٍ وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ اللَّحْمِ يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ فَجَائِزٌ فِيهِ الْحَيُّ بِالْمَذْبُوحِ ثُمَّ قَالَ: وَلَا بَأْسَ بِلَحْمِ الْأَنْعَامِ بِالْخَيْلِ وَسَائِرِ الدَّوَابِّ نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا؛ لِأَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ لُحُومُهَا وَأَمَّا بِالْهِرِّ وَالثَّعْلَبِ وَالضَّبُعِ فَمَكْرُوهٌ لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِي أَكْلِهَا وَمَالِكٌ يَكْرَهُ أَكْلَهَا مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ وَلَا بَأْسَ بِالْجَرَادِ بِالطَّيْرِ وَلَيْسَ هُوَ لَحْمًا وَيَجُوزُ وَاحِدَةٌ مِنْ الْجَرَادِ بِاثْنَتَيْنِ مِنْ الْحُوتِ يَدًا بِيَدٍ إذْ لَيْسَ الْجَرَادُ مِنْ الطَّيْرِ وَلَا مِنْ دَوَابِّ الْمَاءِ اهـ. ثُمَّ قَيَّدَ الْمُصَنِّفُ الْمَنْعَ بِأَنْ لَا يُطْبَخَ اللَّحْمُ فَإِنْ طُبِخَ جَازَ بَيْعُهُ بِالْحَيَوَانِ