الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العباسيين الأوائل يقدم لنا أمثلة على تنفيذ عدد كبير من مشروعات الرى على نطاق واسع وإصلاح العديد من السدود القديمة على نهر دجلة والفرات والخابور وبردى.
المصادر:
بالإضافة إلى المراجع التى ذكرت فى المادة، انظر:
(1)
Irfan Habib: Agrarian System of Mughal India
(2)
Moreland: India at the death of Akbar
(3)
J.A. Voelcker: Report on the improvement of Indian Agriculture
(ب) الغرب الإسلامى
كانت شبه جزيرة أيبيريا على سبيل القصر وحسب معلوماتنا حتى الآن- وهى موطن عالم الزراعة اللاتينى المعروف "جونيوس كلوميللا" Junius Columella الذى عاش فى قادس، هى التى ظهرت فيها وتطورت الكتابات والمؤلفات حول الزراعة باللغة العربية، وعلى الأخص فى القرنين الخامس والسادس الهجريين (الحادى عشر والثانى عشر الميلاديين) فى الفترة الرائعة من حكم ملوك الطوائف وحكام المرابطين الذين جاءوا بعد ذلك.
وقد كانت المراكز الرئيسية لهذا "الأدب" الزراعى قرطبة وطليطلة وأشبيلية وغرناطة وبدرجة أقل "المرية". ففى قرطبة اشتهر الطبيب أبو القاسم الزهراوى الذى توفى فى عام 404 هـ/ 1010 م، والذى عرف فى العصور الوسطى باسم "البوكاسس"، بأنه مؤلف خلاصة وافية عن علم الزراعة تحت اسم "مختصر كتاب الفلاحة"، الذى اكتشفه البروفيسور هـ. بيريز.
وفى طليطلة، وفى بلاط "المأمون" المعروف بشغفه الشديد بالحدائق، عاش الطبيب ذائع الصيت "ابن وافد"(المتوفى عام 467 هـ/ 1075 م) والمعروف فى العصور الوسطى باسم "ابنجويفيث" Abengue-fith. وقد عينه المأمون لينشئ له الحديقة النباتية الملكية (جنات السلطان). وقد كتب -ضمن ما كتب- بحثا عن علم الزراعة
(المجموع)، ترجم إلى اللغة القشتالية فى العصور الوسطى. وهناك مواطن آخر من سكان طليطلة هو محمد بن إبراهيم بن بصال، الذى كرس جهود كلها وقصرها على الزراعة (وليس هناك ما يؤكد أن هناك علاقة بين هذا الاسم وبين البصل)، وقد أدى فريضة الحج، مسافرًا عبر صقلية ومصر، وعاد ومعه الكثير من الملاحظات والمعلومات عن نباتات وزراعة الشرق، وقد كان أيضًا فى خدمة المأمون الذى كتب من أجله دراسة عن علم الزراعة أسماها ديوان الفلاحة، وقد تم اختصار هذا العمل فى مجلد واحد به ستة عشر بابا تحت عنوان "كتاب القصد والبيان". وقد نشر هذا الكتاب فى عام 1955 بمقدمة حديثه باللغة القشتالية، وكان قد ترجمه إلى القشتالية فى العصور الوسطى. وهذه الدراسة التى كتبها ابن بصال فريدة فى أنها لا تتضمن أية إشارة إلى علماء الزراعة السابقين؛ ويبدو أنها اقتصرت على تجارب المؤلف الشخصية، الذى يعتبر أكثر المتخصصين العرب الأسبان أصالة وموضوعية.
وبعد أن استولى "الفونسو السادس" ملك قشتالة على طليطلة (478 هـ/ 1085 م)، انسحب ابن بصال إلى أشبيلية، إلى بلاط المعتمد حيث أقام له حديقة ملكية جديدة.
وفى أشبيلية التقى ابن بصال مرة أخرى مع على الطليطلى، وهو طبيب وتلميذ لابن وافد، وكان مثله مهتما بعلم النبات والزراعة. وقد ترك مدينته قبل الاستيلاء عليها بفترة قصيرة، واستقر فى أشبيلية فى عام 487 هـ/ 1094 م. ومات فى قرطبة فى عام 499 هـ/ 1105 م.
والتقى أيضًا مع "أبو عمر أحمد بن محمد بن حجاج الاشبيلى" مؤلف العديد من الأعمال حول الزراعة، من بينها "المُقْنع" الذى كتبه فى عام 466 هـ/ 1073 م. وهذا الكاتب يتميز عن الآخرين فى أنه كان يسخر من القصص غير المقبولة للأجلاف الأغبياء (أهل الغباوة من أهل البرارى وأقوالهم الساقطة) والاستفادة من علماء الزراعة القدماء وعلى الأخص "يونيوس" Yuniyus. ومع ذلك فهو يروى
أيضًا تجاربه الشخصية فى الشرق، فهناك تعرف على عالم الزراعة أبو الخير الاشبيلى الذى كان ابن العوام يقتبس كثيرًا من مؤلفه الذى لا يعرف عنوانه وكل ما نعرفه عنه هو أنه كان فى عام 494 هـ/ 1100 م كان يدرس مع طبيب أشبيليه أبى الحسن شهاب المعيطى.
وفى أشبيلية كان ابن بصال وأبو على الطليطلى أساتذة عالم النبات فى اشبيلية الغامض المجهول الذى وضع كتاب "عمدة الطبيب فى معرفة النبات لكل لبيب"، وهو معجم فى علم النبات جدير بالتقدير، ويفوق ما وضعه ابن البيطار، وما لدينا من حقائق عنه لا يتعدى أنه كان عضوا فى البعثة الدبلوماسية التى ذهبت إلى بلاط الموحدين فى مراكش عام 542 هـ/ 1147 م، وإنه كتب "العمدة" بعد هذا التاريخ.
أما فى غرناطة فقد كان الكاتب البارز فى مجال الزراعة هو "محمد بن مالك التغنارى"(نسبة إلى قرية تعرف الآن باسم تجنار، على بعد بضعة كيلومترات شمالى غرناطة) وقد عمل على التوالى فى خدمة الأمير الصغير الصنهاجى عبد اللَّه بن بيلوجين (466 - 83 هـ/ 1073 - 90 م)، وبعد ذلك فى خدمة الأمير المرابطى "تميم" نجل يوسف بن تاشفين، فى الوقت الذى كان فيه هذا الأمير حاكما لإقليم غرناطة (501 - 12 هـ/ 1107 - 18 م). ولهذا الأخير كتب دراسية عن علم الزراعة فى اثنتى عشرة مقالة تحت عنوان "زهرة البستان ونزهة الأذهان". وقد ذهب التغنارى أيضًا للحج إلى الشرق. وربما اتصل وهو فى أشبيلية بابن بصال، واستطاع أن يفيد من تجاربه وخبراته. . وربما مع التغنارى يمكن أن نحدد الشخصية المجهولة فى علم الزراعة والتى كان يقتبس منها ابن العوام تحت اسم الحاج الغرناطى. ويجب أن نشير إلى أن بعض نسخ "زهرة البستان" قد نسبت إلى من يدعى "حمدون" وهو ليس معروفا بغير ذلك.
وفى نهاية القرن السادس الهجرى -الثانى عشر الميلادى- أو فى النصف
الأول من القرن السابع الهجرى - الثالث عشر الميلادى (وقد استولى المسيحيون على أشبيلية فى عام 646 هـ/ 1248 م) كتب "أبو زكريا يحيى بن محمد بن العوام" من أشبيلية مخطوطه المطول "كتاب الفلاحة" فى خمسة وثلاثين بابا". ونحن لا نعرف شيئا عن حياته. ومع ذلك فهو معروف عند المستشرقين لأنه أول من نشرت كتبه وترجمتها إلى الاسبانية ج. ا. بانكويرى فى مدريد فى عام 1802 وبعد ذلك ترجمها إلى الفرنسية كلمينت موليه فى باريس فيما بين 1864 و 1867، وأخيرا تمت ترجمتها إلى اللغة الأردية. وهو أيضًا العالم الزراعى الوحيد الذى أخذ عنه ابن خلدون (النصف الثانى من القرن الثامن الهجرى الرابع عشر الميلادى) فى مقدمته. ومهما يكن من أمر فقد كان ابن العوام أبعد من أن يكون أهم علماء الزراعة من الأسبان العرب، فكتابه فى حقيقته تجميع شامل مفيد لمقتطفات من كتاب قدماء وممن سبقوه مثل ابن بصال، وابن حجاجى، وأبى الخير والحاج الغرناطى. . وكان أحيانا، وفى نهاية كل فصل يكتب ملاحظاته الشخصية.
وأخيرًا، وفى منتصف القرن الثامن الهجرى (الرابع عشر الميلادى) تقريبًا وضع باحث من المرية هو "أبو عثمان سعد بن أبى جعفر أحمد بن ليون التوجيبى"(المتوفى 750 هـ/ 1349 م) مخطوطة "كتاب إبداء الملاحة وإنهاء الرجاحة فى أصول صناعة الفلاحة" وهو عمل باحث هاو، وهو مكتوب على شكل الأرجوزه، ويعتمد أساسا على ابن بصال والتغنارى، ولكنه يتضمن كذلك معلومات قيمة سجلها المؤلف بعباراتها المحلية.
وهذه المؤلفات كلها حول الفلاحة تتضمن أكثر مما تشير إليه عناوينها، فهى موسوعات عن الاقتصاد الريفى تستند إلى خطة تتماشى تماما مع تلك التى اتبعها "كولوميللا" Columella فى كتابه De re ruslica. وطبيعى أن يكون الجانب المهم هو علم الزراعة (فلاحة الأرضين)، وتشمل دراسة التربة والماء والسماد الطبيعى، وحراثة الحقول بالحبوب والبقول؛ ثم إنها عالجت أيضا
وفى استفاضة زراعة الأشجار (وخصوصا الكروم والزيتون والتين) مع إضافة معلومات عن التقليم والتطعيم وترقيد النبات. . كما أن زراعة الأشجار المثمرة والنباتات المزهرة وتربية الحيوانات احتلت مكانا بارزا فى هذه الدراسات" وكذلك تربية الدواجن وحيوانات الحمل والطيور والنحل وأيضا البيطرة. . وقد اكتملت كل هذه الموضوعات الجوهرية بفصول عن الاقتصاد الريفى المحلى مثل إدارة المزرعة واختيار عمال الزراعة وتخزين المنتجات بعد الحصاد الخ. ويقدم بعض الكتاب معلومات عن قياس الأرض (تكسير وتقويم الفصول الزراعية.
وقد نتصور أن متخصصين من نوعيات كثيرة قد أسهموا فى مثل هذه الأعمال الموسوعية. فهناك الممارسون والعاملون المحترفون مثل الفلاحين ومنتجى الفاكهة (الشجّارين) والخبراء فى علم البساتين (الجنانون -نسبة إلى الجنان- جمع جنينة أو بستان)، وهناك العاملون العلميون مثل خبراء الأعشاب (العشابون) وخبراء النبات (النباتيون) والأطباء المهتمون بالنباتات الطبية والأدوية والغذاء. . وهناك أصحاب النظريات البحتة (الحكماء أو المتكلمون).
ومن جهة أخرى فإن الكتابات الأسبانية العربية حول الفلاحة كانت فى أغلب الأحيان من تأليف أناس متعددى المواهب (مشاركين - متفننين)، فإلى جانب ابن بصال الذى كان فى حقيقته عالما بالزراعة، كان ابن وافد طبيبا فى الأصل؛ أما ابن حجاجى، وابن العوام فقد وصفا كل منهما بأنه إمام وخطيب. وكان التغنارى، وابن ليون من الشعراء المعروفين. وأخيرًا فإن عالم النبات الأشبيلى الغامض ابن عبدون، يمكن أن يكون مثل معاصره ابن عبدون (وهو من أشبيلية أيضا) الذى ألف كتابا عن الحسبة؛ نشره وترجمه إ. ليفى بروفنسال " E. levi-Provencal" .
وقد كان علماء الزراعة العرب الأسبان على معرفة بما كتبه الأقدمون، بل وأفادوا منه كثيرا. . ولكنهم لم يقصروا أنفسهم على ترديد ما كتبه أسلافهم، بل أضافوا ملاحظاتهم