الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاسق
وتعنى آثم ويوصف بها مرتكب الكبائر أما إذا اعتبرنا اللَّمم من بين الكبائر لكان كل المسلمين من الفاسقين، ولا يعتد بشهادة الفاسق. أما المسلم الورع فهو الشاهد (العدل) الذى يمكن تصديقه. والجمع عدول وهم أشخاص ذوو صفات خاصة وشهرة حسنة، يقومون بمهمة الشهود عند إبرام العقود (ومنها عقود الزواج).
ويكون الزواج عند الشافعية (وبعض الحنابلة) باطلًا، إذا كان أقرب الأقرباء (الولى) الذى يزوج العروس فاسقًا وقت إبرام عقد الزواج، ولهذا السبب جرى العرف فى بعض المناطق التى تعتنق المذهب الشافعى أن يسبق إبرام العقد بتوبة الولى، لأن الذى يقلع عن ذنوبه ويحيا بأسلوب أفضل ينظر إليه على أنه "عدل" مرة أخرى. انظر C.Snouck Hurgronje فى De lndische Gids، سنة 1884، جـ 1، ص 779.
المصادر:
(1)
ارجع إلى المصادر الواردة فى المادة، وما ورد فى علم الكلام تحت عنوان الأحكام والأسماء (مثل: البقلانى الجوينى والجرجانى، والباجورى الخ. .)
(2)
A. J. Wensinck: The Muslim Creed، Cambridge 1932، index S. V
(3)
H. Gardet: hes nons et les statuts in Stud. Isl. iii، Paris 1956
حسن شكرى [ل. جارديه L. Gardet]
فاطمة
ابنة محمد صلى الله عليه وسلم من زوجته خديجة بنت خويلد، وزوج على بن أبى طالب (كرم اللَّه وجهه)، وأم الحسن والحسين (رضى اللَّه عنهما) وقد حققت شهرة عظيمة تفوق شهرة سواها من بنات محمد [صلى الله عليه وسلم] وقد حظيت بتقدير وتوقير عظيمين من المسلمين كافة، لأنها عاشت لصيقة بأبيها كما أنها عاشت فترة أطول من إخوتها، ورزق محمد [صلى الله عليه وسلم] بأحفاد كُثُر منها كان منهم سلالة انتشرت فى مختلف أنحاء العالم الإسلامى، أما أبناء محمد [صلى الله عليه وسلم] الذكور فماتوا صغارا، وأما بناته الأخريات، فاللائى أنجبن منهن ماتت ذريتهن
وربما ترجع الشهرة التى حققتها فاطمة (رضى اللَّه عنها) إلى عظمة أبيها النبى، ولأهمية الدور التاريخى الذى قام به زوجها الإمام على وأبناؤها منه، وربما لما نسبه المسلمون إليها. -بمرور الوقت- من صفات وخلائق باهرة. ومن المألوف أن يضاف إلى اسمها صفة تشريفية فى العالم الإسلامى كله فيقال لها فاطمة الزهراء، ويتحدث عنها كل المسلمين بتجلة واحترام، إلا أن الشيعة على نحو خاص يحيطونها بهالة من القداسة وراحوا يعظمونها بعد موتها لعدة قرون؛ ففاطمة امرأة لا كالنساء، وإنما هى امرأة ارتبط اسمها باسم رسول اللَّه [صلى الله عليه وسلم]، وظلت فى الظل لا تلقى اهتماما كثيرا فى سنوات الإسلام الأولى نظرا للأحداث العظيمة والمهمة التى شهدتها تلكم السنوات، وكان لابد -وقد انتهت هذه الأحداث- أن يشتعل الخيال حول فاطمة (رضى اللَّه عنها) فتتحول إلى ما يشبه الأسطورة، وما كان هذا ليسبب مشكلة لدى المؤمنين المسلمين، لكن الباحثين الغربيين -من ناحية أخرى- كان عليهم أن يعملوا بدأب ليكتشفوا جوهر فاطمة (رضى اللَّه عنها) بمناقشة ما أحاط بها من هالة وضباب ومبالغة. أحقا كانت فاطمة (رضى اللَّه عنها) تمتلك من المزايا والصفات ما جعلها أهلًا لهذه الشهرة التى طبقت الآفاق بعد وفاتها، أم أن هذه الشهرة نتجت عن ظروف متشابكة جعلت الناس يميلون لتوقيرها توقيرًا شديدا كامرأة؟ ! إن اثنين من المستشرقين البارزين هما الأب هنرى لامنس، ولويس ماسينون قدما لنا أحكاما متناقضة عن فاطمة (رضى اللَّه عنها)، فنحن نجد أن الأب هنرى لامنس فى كتابه (فاطمة وبنات محمد Fatima et les filles de Mahomet) يرسم لفاطمة (رضى اللَّه عنها) صورة من خلال أسلوبه المفعم حيوية يستفاد منها أنها كانت طَّيبة طِيبة لا تخلو من دهاء ويعطينا صورة غير مشرقة لابنة النبى [صلى الله عليه وسلم] فهى امرأة غير جذابة، ذات ذكاء متوسط، مهملة تماما لا يقدرها أبوها النبى صلى الله عليه وسلم إلا قليلا، ويعاملها زوجها (الإمام على) معاملة سيئة، مصابة بفقر الدم، تعانى المرض فى غالب أيامها
نزاعة للبكاء، وربما تكون قد ماتت بداء السل *.
ومن أحاديث الرسول [صلى الله عليه وسلم] فى هذا السياق "ما من مسلم له بنتان فيحسن إليهما، ما صحبتاه أو صحبهما إلا أدخلتاه الجنة" رواه ابن ماجة، "من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو بنتان أو أختان، فأحسن صحبتهن واتقى اللَّه فيهن، فله الجنة" رواه الترمذى وكيف يهمل محمد ابنته فاطمة مع ما عرف من تعلقها الشديد به وحبها له، وتروى كتب السيرة أن أبا جهل كان يلقى على الرسول [صلى الله عليه وسلم] أقذارًا أثناء صلاته، وأن فاطمة (رضى اللَّه عنها) كانت هى التى تطهره وتغسل ما ألقى الكفار من نجاسات وتبكى وكان الرسول يقول لها:"لا تبكى يا بنية فإن اللَّه مانع أباك" ويلخص أحمد أمين فى كتابه فجر الإسلام من كتب السيرة ما يوضح بجلاء مدى تعلق الرسول [صلى الله عليه وسلم] بابنته فاطمة حتى قيل موته بقليل ". . . وبلغت به شدة المرض حدا آلمه. . وكانت ابنته فاطمة تعوده كل يوم، وكان يحبها حبا يمتلئ به وجود الرجل للابنة الواحدة الباقية له من كل عقبة، لقد كانت إذا دخلت على النبى [صلى الله عليه وسلم] قام لها وقبلها وأجلسها مجلسه، فلما بلغ منه المرض هذا المبلغ دخلت عليه فقبلته، فقال: مرحبا يا ابنتى. . ." القاهرة 1968، ص 500 - 501 أما قول لامنس أن عليًا كان يعامل فاطمة بخشونة وقسوة فالوقائع التاريخية بما فى ذلك الوارد منها فى هذا المقال تشير إلى تقدير على لفاطمة، وإن كان الأمر لا يخلو من خلافات زوجية سرعان ما تسوى.
ولا ندرى فى الحقيقة كيف استنتج لامنس أنها ماتت بالسل وأنها كانت مريضة دائما فما ورد فى هذا الصدد ليس هناك دليل يقينى عليه وقد تكفل مستشرقون آخرون بالرد على أقوال لامنس (كما سيتضح).
بل إن عددا من المستشرقين قد انتقد هذه الصورة التى رسمها لامنس لفاطمة الزهراء واعتبرها غير حقيقية. ومن هؤلاء ج. ليفى ديلافيدا G.levi Della vida فى Rivista degli Studi RSO
* من الواضح أن استنتاجات لامنس غير صحيحة، ونصوص أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم تشير إلى تقديره للإناث، فما البال إن كن بناته. [المترجم]
Orientali. المجلد السادس (1913) ص 536 - 547، س. هـ. بيكر C.H Becker فى Grundsatzliches Zur Leben Muhammed - Farschung فى دورية الدراسات الإسلامية Islamstudien جـ 1، ص 220 - 227، ونشره بعنوان آخر هو Prinzipielles Zu lammens Sirastudien فى ISL مجلد 4 (1913) ص 263 - 269.
أما ماسينون -من ناحية أخرى- فقد رسم لفاطمة (رضى اللَّه عنها) صورة طيبة إذ رفع فاطمة مكانًا عليا فجعل مكانتها بين المسلمين كمكانة العذراء مريم بين المسيحيين، وانتقد ما ذكره لامنس واتهمه بأنه راح يجتزئ الوقائع والأحداث التاريخية، دون أن يجمع كل الحقائق ويصفها فى سياق كامل واحد يكون قادرا على تقديم صورة صادقة وحية، فتلك هى الطريقة الوحيدة -فيما يقول ماسينون- التى تمكننا من فهم كيف أن أعمال فاطمة الحدسية قد تغلغلت فى نظريات الإسلام ومذاهبه وتكيفاته، بل واستخدمت كوسيلة للخداع، طوال التاريخ الإسلامى، ففاطمة (رضى اللَّه عنها) كما يتصورها ماسينون امرأة لم تحظ إمكاناتها الروحية بالتقدير الكافى أثناء حياتها -إنها امرأة انتقلت إليها بعض خصائص روح أبيها. إنها ربة بيت النبوة الذى هو خيمة الكرم والفضل.
إنها مُضَيِّفة عُتقاء النبى [صلى الله عليه وسلم] والذين تحولوا للإسلام من غير العرب، لذا فهى تمثل بداية عالمية الإسلام، وحتى نتجنب أى إساءة فهم لأفكار ماسينون فإننا ننقل جملة بلغتها ونصها عند حديثه عن المباهلة، ففاطمة كما يراها:
" Vie Secre'te . . . Voilee bien au dela Jalouse de Ayisha، par une autre Jalousie، celle de Dieu. Vie de Comassion interieure de Lavmes، Prieres Pour les morts (aUhud) er dans les Cimetieres، Voeux de Jeune، choses de peu de poids Pour des theologiens Philosophes ou Camonistes Vie Qui les Survole et les Surplombe en Islam، Comme une menace، de plus en plus imminente، de la Grace de Dieu: du Voeu Secret de la faemme، Vierge ou Mere Qui hanscende tous les axiones et Serments des homme. L'hygperdulie des
anes et douleur، en Islam Pour Fatina، n est Selon . . . "
إن هذا التفسير لشخصية فاطمة سيرضى -بدون شك- ذوى النزعات الصوفية والباطنية الذين يعيشون فى عالم من الوجد الدينى حيث يفضلون خوض التجارب الدينية غير العادية، بل إن هذا التفسير قد يرضى الدارسين المهتمين بالقضايا الدينية لأنه يقدم لنا توضيحا دينيا نفسيا (سيكولوجيا) لأصل تطور الأفكار الأسطورية المتعلقة بابنة النبى [صلى الله عليه وسلم]، كما أن هذا التفسير يعد بمثابة جسر أو رابط بين الحقيقة التاريخية والأسطورة الشعبية، وهو ما فشل لامانس فى تقديمه لكننا لا يمكن أن نهرب من اعتراضات المؤرخين على منهج ماسينون التفسيرى هذا على اعتبار أنه قد أخضع الحقائق للعقائد التى تحَّلقت حول فاطمة والتى لم تظهر إلا مؤخرا.
وسيجد القارئ فى هذا المقال أننا رتبنا الحقائق ترتيبا زمنيا وأننا علقنا فى بعض الأحيان على ما أوردته المصادر والمراجع التى تناولت فاطمة، وهى مراجع تعود للقرنين الثانى والثالث للهجرة والنصف الأول من القرن الرابع للهجرة (الثامن والتاسع للميلاد والنصف الأول من القرن العاشر للميلاد) وقد رجعنا -على نحو خاص- للأنساب للبلاذرى ولابن سعد، ولكتب الحديث التى يعتبرها المسلمون السنّيون كتبًا صحاحًا (البخارى ومسلم والنسائى والترمذى وأبو داود وابن ماجه) لأن ابن هشام والمؤرخين الآخرين انشغلوا بأحداث أخرى فلم يسجلوا عن فاطمة إلا قليلا، أما المراجع المتأخرة كابن عبد البر فى (الاستيعاب) وابن الأثير فى (أسد الغابة) وابن حجر فى (الإصابة)، والحلبى فى (السيرة الحلبية) والدياربكرى فى (تاريخ الخميس) فقد كان هناك تجاهل -إلى حد كبير- لفاطمة (رضى اللَّه عنها) وفى هذا المقال ستذكر بعض الحقائق التى قد تبدو غير مهمة لكنها فى الواقع تمثل تطورا غير متوقع للعقائد المتحلقة حول فاطمة خاصة بين الشيعة، فعرس فاطمة أو جهاز عرسها أصبح -على سبيل المثال- موضوعا للمسرحيات الدينية الفارسية بالإضافة لطقوس (التعزية) أو (التعازى) المشهورة لديهم.