الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحوّل للإسلام. لكن هناك حالة غريبة لوزير أرمنى آخر ظل على مسيحيته ولم يعتنق الإسلام، وكان يحمل لقب (وزير السيف) وكانت له صلاحياته كاملة وكان يتمتع بنفوذ قوى وسلطات كاملة، كما كان لقبه (سيف الإسلام) ومن ناحية أخرى لا يبدو أن اليهود قد شغلوا منصب الوزارة رغم تقلدهم فى الغالب لمناصب مهمة أخرى- إلّا إذا اعتنقوا الإسلام، فابن كلّس وزير المعز كان يهوديا تحول للإسلام، وكذلك كان وضع حسن بن إبراهيم بن سهل التسترى الذى شغل منصب الوزارة -لفترة قصيرة- فى عهد المستنصر، وكذلك كان الوزير ابن الفلَّاحى.
وشاع فى العهد الفاطمى إعدام الوزراء سواء بأوامر من الخلفاء أو من منافسيهم، ففى بداية سنة 390 هـ/ 1000 م تم إعدام برجوان بأمر من الحاكم كذلك أعدم ستة وزراء خلفوه، وتم إعدام اليازورى سنة 450 هـ 1058 م خلال حكم المستنصر، وتم إعدام الأفضل فى سنة 515 هـ/ 1121 م بأمر من الآمر، وقد أمر هذا الخليفة نفسه (الآمر) بسجن المأمون البطائحى سنة 519 هـ/ 1125 م وشنق بعد ثلاث سنوات، وأعدم الوزير كُتيْفات سنة 526 هـ/ 1131 م فى عهد الحافظ، وفى العام التالى تم إعدام الوزير يانس، وفى سنة 556 هـ/ 1161 م أُعدم طلائع بن رزيق بأمر واحد من أعمام الخليفة الصغير (العاضد).
وقد استخدم الخليفة العزيز ثمانية وزراء خلال عشرين عاما، واستخدم المستنصر خمسة وزراء فى الفترة من 452 - 554 هـ/ 1060 - 1062 م، وفى الفترة من 454 - 466 هـ/ 1062 - 1074 جرى صرف وإحلال عديد من الوزراء إذ عدد ابن الميسر أربعة وعشرين وزيرا استخدمهم هذا الخليفة، تولى بعضهم المنصب ثلاث مرات.
الاضطرابات والثورات وحركات العصيان:
ليس غريبا أن تسود فترة الحكم الفاطمى اضطرابات خطيرة لأسباب سياسية وعسكرية ودينية واقتصادية بسبب تدهور حال الخلفاء من القوة إلى
الضعف وعدم استقرار منصب الوزراة وشيوع الفوضى:
- فى عهد الحاكم قامت ثورة أبى ركوة الذى اذعى الانتساب لأمويى الأندلس وكان هدفه إعادة الأسرة الأموية للحكم.
- وفى بداية حكم المستنصر ظهر دَعِىّ اسمه سكين ادّعى أنه (الحاكم) وجمع مؤيديه وتوجه بهم إلى بوابات قصر الخليفة وتم القبض عليه وعلى أتباعه جميعا حيث أعدموا فى 443 هـ/ 1043 م.
- ثورة نزار الإمام الذى عينه المستنصر، لكن الوزير الأفضل تدخل بسلطانه فنحاه من سلسلة الأئمة (الخلفاء) لصالح أخيه الخليفة المستعلى، وكانت لذلك نتائج وتتابعات خطيرة إذ انضم الحسن بن الصباح إلى جانبه وبدأ حركة أدت إلى ظهور مذهب الحشاشين (انظر مادتى الحشيشية والنزاريّة).
فى سنة 524 هـ/ 1130 قتل واحد من أتباع نِزَار الخليفة الآمر الذى لم يترك ابنا، لكن هناك من أعلن أنَّ له ابنا هو الطيب، ومن هنا ظهر انشقاق جديد فى العقائد الفاطمية (انظر إيفانون وشتيرن).
- وفى سنة 543 هـ/ 1148 م حدث تمرد آخر قام به شخص ادَّعى أنه ابن نزَار. وشهد عصر الدولة الفاطمية فى مصر عديدا من الاضطرابات العسكرية خاصة عندما بدأت الدولة تضعف إذ تشرذم العسكر وراحت كل مجموعة تحارب أخرى وقد أدّت طبيعة تشكيل الجيش إلى حدوث هذه النزاعات العسكرية فهناك البربر (المغاربة) وهناك الترك (الذين أدرجوا فى الجيش منذ فترة حكم العزيز) والدّيلم (المشارقة) بالإضافة إلى العبيد السودانيين (عبيد الشراء) وزاد عدد منذ وصاية أم المستنصر التى كانت هى ذاتها جارية سوداء أعتقت. وكانت كل هذه العناصر يغار بعضها من بعضها الآخر ويكره بعضها البعض الآخر. ففى معركة بين هذه الفصائل فى عهد الحاكم كان الترك والديلم والسود فى جانب، والبربر فى جانب آخر، وكان قائد البربر ابن عمار الكتانى، وتزعم
الفصيل الآخر برجوان، وتأججت الكراهية بين الترك والعبيد السود سبب أم المستنصر وأدت هذه الكراهية إلى معارك عديدة بين الطرفين سنة 454 هـ/ 1062 م و 459 هـ/ 1067 م، وقد اتخذ البربر جانب الترك فى هذه المعارك. وقد سلب ناصر الدولة القائد التركى الذى انتصر على السود فى هذه المعارك الأهلية- الخليفة المستنصر كل سلطانه، حتى أنه -أى المستنصر- كان مضطرًا لبيع ممتلكاته ليدفع للترك وكانت طلباتهم مبالغا فيها. واستمرت الاضطرابات بسبب استبداد ناصر الدولة وصاحبتها المجاعة حتى مجئ بدر الجمالى الذى تصرف بحزم لا لين فيه (بدكتاتورية)، ومنذ حكم الحافظ فصاعدا كانت هذه الفصائل العسكرية المتناحرة توزع ولاءاتها على مدَّعى منصب الوزارة أو المطالبين به، وكان بعض الوزراء يحابون بعض الفصائل على حساب الأخرى حتى يستعينوا بها مستقبلا كما كانوا يجندون البدو لصالحهم.
وقد نشبت بعض الاضطرابات الدينية عند ما حاول بعض الدعاة إجبار الناس على الاعتراف بالوهية الحاكم، ففى سنة 411 هـ/ 1920 م قتل جمهور الناس هؤلاء الدعاة فأمر الحاكم بإحراق الفسطاط. وفى سنة 531 هـ/ 1137 م لم يجد رضوان مشقة فى إثارة عامة المسلمين ضد الوزير الأرمنى المسيحى بهرام.
وشهد العصر الفاطمى أيضا متاعب اقتصادية ومجاعات (من ذلك النوع الذى يحدث فى مصر إذا انخفض فيضان النيل). وفى سنة 414 - 415 هـ/ 1924 - 1025 م فى عهد الظاهر شهدت مصر مجاعة اضطرت الناس لأكل القطط والكلاب لأن الخليفة منع ذبح ثيران الحرث، لكن أخطر المجاعات كانت تلك التى حدثت فى عهد المستنصر، وفى سنة 446 هـ/ 1054 م طلب الخليفة من قسطنطين مونوماخوس أن يمد مصر بالطعام. وقد تحسن الوضع الاقتصادى فى عهد وزارة بدر الجمالى وابنه الأفضل.