الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المصادر:
(1)
ابن خلدون فى المقدمة.
(2)
ابن نجيم فى البحر الرائق.
(3)
دماس افندى فى مجمع الأنهر Damas Afendi: Nadjma Aranher
Tyan: Histoine de liarganisdin iudi ciaice en pays A،islan
[بهجت عبد الفتاح (أ. تيان z.Tyan]
فى الامبراطورية العثمانية
يبدو أن مهمة الإفتاء -فى الفترات الأولى من حكم العثمانيين- كانت ذات طبيعة عرضية مثلما اتضح حتى الآن فى كل المناطق الأخرى التى تخضع لحكم الإسلام- فقد كان يمكن أن يطلب من أية سخصية بارزة فى علمها وتقواها أن تكون "حكما" فى أى نزاع ينطوى على مسألة شرعية، وكان رأيه قاطعا ومع ذلك، رأى المسئولون ومع تنظيم الإدارة فى الامبراطورية التى تتزايد اتساعا، أن الأمر يتطلب نظاما أكثر تماسكا وتوحدا للممارسة التشريعية (الشرعية - القانونية)، ومن ثم اقتصرت سلطة الإفتاء تدريجيا على قلة من الأفراد من ذوى المناصب العامة (مثل قافى العسكر، ومعلمى السلاطين، وقضاة المدن الكبيرة مثل البورصة وادرنة) تستأنف أمامهم القرارات التى يصدرها المفتون". "الأقل" درجة. . . ولكن هذا أيضا لم يكن مرضيا إذ بدا أنه يخضع قانون السماء للأوضاع الدنيوية (العلمانية)، ويجعله وسيلة وأداة لإرادة الحاكم؛ لذلك -وكما حدث فى عهد مراد الثانى (824 - 55 هـ/ 1421 - 51 م) كان حق إصدار الفتوى -فى بعض الأحيان- مقصورا على شخص يطلق عليه شيخ الإسلام، الذى -رغم تعيينه من قبل السلطان لم يشترك فى مجالس الدولة، ولا يتلقى أية رسوم، على القرارات التى يصدرها، وكان يعتبر فوق الاعتبارات الدنيوية -ولم يكن يتصل بأطراف النزاع أو بالمدافعين عنهم- فهناك كاتب الفتوى (Fetwa Odasi) ويعرف باسم "المسودجى" الذى يعد المسودة للموضوع الذى سيعرض عليه (على شيخ الإسلام)، ثم يفحص هذه المسودة لضمان سلامة العرض وصحته، كاتب آخر فى المكتب
يسمى "المميز" Mumeyyiz، حتى يصل فى النهاية إلى مسألة قانونية (شرعية) يحق عليه أن يقرر فى شأنها ما يراه. وكانت هذه القرارات تسجل ويحفظها امين الفتوى فى مكتب السجلات الخاصة (فتوى خانه)، حيث يمكن الرجوع إليها إذا برزت من جديد نفس المشكلة وكان هؤلاء الأشخاص الثلاثة يقتسمون الرسوم المفروضة على الفتوى التى وصلت فى منتصف القرن السابع عشر إلى ثمانية " akce" وبالرغم من أن منصب شيخ الإسلام اتسع مع مرور الوقت ليشمل عددا من الإدارات الأخرى والموظفين، فإن القسم الخاص بالفتوى ظل كما هو -ومن وقت لآخر كان يتم جمع مختارات من فتاوى بعض شيوخ الإسلام المتميزين فى كتاب، ولكن هذه المختارات وكذلك القرارات المحفوظة فى "فتوى خانه"، لم تكن ذات قيمة كسابقات قانونية، فقانون السابقات (السوابق) بالمفهوم الحالى لم يكن معروفا آنذاك.
وكان هؤلاء الذين يحملون لقب المفتى يعملون مع القضاة فى كل الأقاليم، ولكن لم تكن لهم أية علاقة بالفتوى إلا فى تفسير أصل الكلمات وتاريخها. وإذا كان من الضرورى أن يكون المفتى -من الناحية النظرية- رجلا متمكنا ضليعا فى الأمور الشرعية لمذهبه، وأن يكون أيضا شخصية موثوقا بها ولا يرقى إليها الشك، فإن الصفة الأخيرة -فى الواقع- هى التى كانت مطلوبة فى هذه الأقاليم ولأن القاضى كان شخصًا عابرًا أو غريبًا على الأقليم الذى تم تعيينه فيه ولأنه كان يعتبر فى نظر الجمع ممثلا للسلطة الدنيوية وصوتا لها، فقد كانت أحكامه تحقق تأثيرها الدينى عندما يقرها بشكل ضمنى بعض كبار السن الذين يلقون الاحترام فى المنطقة بسبب ورعهم وتقواهم ويكون مستوى تعليمهم فى المتوسط فوق المستوى الأدنى. وفى بعض الأحيان كان يمكن للقاضى الذى يعتزل المهنة، أن يقدم خدماته بهذه الصفة فى مكان إقامته، كما يمكن لأى فرد من العائلات المتعلمة المحلية فى المدن الكبيرة، ولكن فى غير ذلك لم يكن "المُفْتُون" من طبقة العلماء، وكان وجودهم فى الأقاليم ضروريا فقط لتحقيق التفرقة القانونية بين
القضاء والإفتاء، ولتجنب النفقات والمماطلة التى تنتج عن إحالة الموضوعات إلى استانبول لتلقى الحكم فيها من شيخ الإسلام. وبالرغم من أن هؤلاء المفتين كانوا يتلقون وثيقة تعيينهم من شيخ الإسلام، فإنهم لم يكونوا بأى معنى جزءًا من التنظيم المركزى، وكان دخلهم الوحيد من الوظيفة حصة فى الرسوم التى كان يتقاضاها القضاة عن القضايا التى كانوا يحكمون فيها. . . وقد كان هذا هو الوضع فى الوطن الأم للامبراطورية العثمانية (روميلى Rumili والأناضول) حيث كان المذهب الحنفى هو المتبع وحده، أما فى الاقاليم العربية (مصر، سوريا، شمال افريقيا) حيث كانت استانبول هى التى تعين القضاة لعدد قليل من المدن المشهورة فقط (مثل القاهرة ودمشق وحلب والقدس ومكة والمدينة) وكانت هذه مجرد وظائف عاطلة (أو مؤقتة) توطئة لمنصب أعلى، فقد كانت التقاليد والممارسات القديمة هى التى تنفذ، فهنا كان "المفتون" من جميع المذاهب الأخرى هم من ذوى المرتبة الرفيعة فى الأمور الدينية والمسائل القضائية، وكان شيخ الإسلام يعترف بهم على هذا النحو؛ وقد كان (بثمن ما) يصدر الترخيص بتعيينهم وكذلك السلطة المدنية التى تنفذ أحكامهم.
وكانت وثيقة الفتوى ذات شكل تقليدى، وتختلف قليلا من قرن إلى آخر، وكان يعلوها دعاء دينى مكتوب باللغة العربية وباسلوب معين، ويختلف من فترة إلى أخرى حسب ما يتميز به كاتب المسودة؛ ومع ذلك فقد اصبحت صيغة "التوفيق منه" ثابتة لا تتغير بعد منتصف القرن الثانى عشر الهجرى -الثامن عشر الميلادى- بقية الوثيقة تكتب باللغة التركية- وصار شيخ الإسلام هو الذى يكتب القرار أو الجواب بخط يده على الصفحة ذاتها. . وكان الجواب دائما مختصرا يقتصر على نعم أو لا، وبغير إبداء الأسباب، وتختم الوثيقة بتوقيع شيخ الإسلام (فقد كان "الختم" محظورا ما لم تكن حالته الصحية تمنعه من الكتابة)
وقد ألغى منصب شيخ الإسلام فى عام 1924 م فى الوقت الذى ألغيت فيه الخلافة العثمانية، وقد حل محل هذا