الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
dasids، كما بلغت الدولة الغزنوية أوج ازدهارها، فى حين زاد التمزق الداخلى بسبب بنى بويه وانهارت الدولة الحمدانية hamdanid والسامانية Samanids اللتان كانتا لزمن طويل درعا فى وجه الترك.
وتوفى القادر فى ذى الحجة عام 422 هـ (نوفمبر - ديسمبر 1031 م) عن عمر يزيد على الثمانين، وله بعض الأبحاث الدينية.
المصادر:
(1)
ابن الأثير (طبعة تورنبرج Tornberg) جـ 9، الفهرس.
(2)
ابن الطقطقا al-Tiktaka الفخرى (طبعة درنبورح Derwn bonrg)، صفحة 391 وما يليها.
(3)
ابن خلدون، العبر جـ 3 صفحة 436 وما بعدها.
(4)
حمد اللَّه مستوفى قزوينى Tarikh-i Gustda (طبعة بروان)، جـ 1 صفحة 351 - 353.
(5)
جولدتسيهر MuhStud،Goldziher، جـ 2 صفحة 65 وما يليها.
حسين أحمد عيسى [ك. ف. تسترشتين K.V. Zetterdteen]
+
القادر باللَّه العباسى
أبو العباس أحمد بن اسحق وهو الخامس والعشرون من خلفاء بنى العباس، وقد امتد حكمه من 381 هـ حتى 422 هـ (= 991 هـ - 1031 م)، وكان مولده سنة 336 هـ (937 م) وجده هو الخليفة الطائع الذى أقصاه بهاء الدولة عن العرش سنة 381 وولى مكانه أبا العباس ولُقب بالقادر باللَّه، وكان بهاء الدولة يطمع أن يجد فى القادر من الاذعان له ما لم يجده من جانب الطائع الذى كان قد فر من العاصمة هربا من أن ينتقم منه عمه إثر نزاع عائلى، والواقع أن الخليفة الجديد أظهر فى بادئ الأمر الموادعة والطاعة للأمير وأنه مساير له فى سياسته، وقد توقف عن مبايعته أمراء الولايات الشرقية حتى سنة 390 هـ (1000 م) حيث قرر السامانيون والغزنويون الاعتراف به. وقد بادر القادر باللَّه فى
مستهل خلافته بالاستجابة لجميع مطالب الأمير الكبير وفى مقدمتها تلقيبه بعضد الدولة، كما وافق على الزواج من ابنة البهاء لكنها ماتت قبل أن تُزَف إليه، كذلك قنع القادر بالمال الذى حدده له ولعل أظهر ما يمتاز به عهده هو بناؤه سنة 383 هـ الجامع الكبير فى بغداد وهو الجامع المعروف بجامع باب حرب، ثم اعلانه أمام جمع من حجاج خراسان فى سنة 390 هـ أن وريثه فى عرش الخلافة إنما هو ولده الذى لقبه بالغالب.
وقد أخذ بهاء الدولة منذ سنة 390 هـ (بعد اقامته فى شيراز) معاملة العراق كولاية من ولايات الخلافة، فكان ذلك إيذانًا بتمتع الخليفة بمزيد من الحرية حيث استطاع إعادة الخطبة للعباسيين فى اليمامة والبحرين.
كذلك رفض أن يعيين فى منصب قاضى القضاة رجلا أراد الأمير الكبير أن يعينه نقيبًا للعلويين وناظرًا لديوان المظالم وأميرًا للحج، ونعنى به الشريف أبا أحمد الموسوى (394 هـ) وهكذا سدّ القادر الطريق أمام تطبيق تشريع الأمامية إذ منع علويًا من وظيفة القضاء، وكان قد سبق له أن أظهر العزم على الدفاع عن المذهب السنّى الذى يمثله هو ذاته. ولما وكانت سنة 390 هـ وجه رسالة إلى قاضى جيلان الجديد ليحث الناس على الطاعة للخليفة، ثم حدثت بعد بضع سنوات أحداث حملته على التدخل ضد الإمامية، وما نجم من شغب حول تفسير ابن مسعود للقرآن الذى عدّه أهل السنة مرفوضًا وشبت الاضطرابات فى العاصمة فأمر بتكوين جماعة من علماء السنة شجبوا هذا التفسير (وذلك فى رجب 398 هـ)، ثم أمر بقتل شيعى فى كربلاء تجرأ فلعن "من أحرقوا مصحف ابن مسعود" وحينذاك تدخل الأمير الكبير الذى رغب فى تهدئة الأمور، على أن الواقع كان يشير إلى أن هناك خطرًا جديدًا أخذ يهدد كلا من الخليفة والأمير على السواء، فقد أخذت الدعوة الفاطمية تعلن عن نفسها قوية فى أحياء بغداد الشيعية، وزاد الوضع سوءًا ما كان من
جانج "كِرْوَشْ" أمير الموصل الذى كان نفوذه يمتد من الموصل حتى الأنبار إذ جاهر بتأييده للفاطميين وأعلن فى خطبة الجمعة باعتناقه المذهب الاسماعيلى وكان ذلك فى المحرم من سنة 401 هـ (= أغسطس 1010 م)، فبادر الخليفة القادر بإرسال سفارة إلى الأمير الكبير على رأسها الفقيه الباقلانى الذى كانت له مكانة سامية عند أمراء بنى بويه، ونجحت هذه السفارة فى تدخل الأمير تدخلا ظهر أثره فى سرعة إعادة "كروش" الخطبة لبنى العباس وزاد على ذلك بأن أصدر بيانًا ندد فيه بالعقيدة الفاطمية، منكرًا نسب الفاطميين إلى فاطمة، وصرَّح باعتباره الاسماعيليين بين أعداء الإسلام، وأمضى هذا البيان علماء السنة والإمامية.
ومات بهاء الدولة سنة 403 هـ (= 1012 م) وحل محله ولده سلطان الدولة فلم يغير ذلك من الوضع السياسى شيئًا.
على أنه لا ينبغى أن يغيب عن الأذهان أن شغب كل من العناصر العربية والكردية فى العراق كان له أثره البين فى أضعاف قوة البويهيين يوما بعد يوم، كما أن المنافسة الطويلة بين الديلم والترك قد اشتعلت من جديد فى كل اضطراب داخلى، ومن ثم كان من الممكن أن تعود للتحرك فى آية لحظة جميع مظاهر الشحناء التى بين السنة والشيعة فى بغداد أو غيرها من المدن.
كان الذى يشغل بال القادر قبل كل شئ هو الصراع ضد أى مبادئ فاسدة لاسيما تلك التى تعد خطرًا على الخلافة، فطلب فى سنة 408 هـ من الفقهاء الحنفيين (الذين كانوا متعاطفين بعض الشئ مع المعتزلة) أن يعلنوا توبتهم من هذا الأمر، كما أمر فى الوقت ذاته بمنع دراسة تعاليم المذهبين المعتزلى والشيعى، كما أمر بأن تقرأ فى القصر ما عرف بالرسالة القادرية، التى استوحت الفكر الحنبلى والتى لم تكتف بالتنديد بالمذهب الشيعى فى شتى صوره بل وبمذهب المعتزلة أيضًا،
وزادت فضمت إليهما مذهب الأشعرية، وحدث فى نفس الفترة أن ظهر لأول مرة فى بغداد أمير سلطان الدولة ثم عاد إلى إيران وتخلّى عن مكانه لمشرف الدولة الذى ذهب إلى بغداد فى محرم 414 هـ وطالب الخليفة بالحضور إليه لمقابلته.
على أن الخصومة والمنازعات التى اندلعت نيرانها بين الأمراء البويهيين بعد موت مشرف الدولة سنة 416 هـ (= 1025 م) أتاحت الفرصة للخليفة أن يلعب دورًا سياسيًا هامًا. ومجمل القول إن الخليفة القادر باللَّه العباسى واجه أخطارًا جمة، لم تمنعه من أن يكرس أيامه الأخيرة فى تقوية الدعاية لبنى العباس، وأقدم على ثلاثة أمور أولها أصداره ثلاثة مراسيم أولها ندد فيه بالمعتزلة من جديد وثانيها مهاجمته على وجه الخصوص فكرة "خلق القرآن" وثالثها تمجيده الخلفاء الأوائل وإعلانه الالتزام بالخير وتجريم الشر.
وعلم الخليفة فى الوقت ذاته عن طريق الأخبار التى جاءته بالأحداث التى وقعت فى الولايات الشرقية، حيث هاجم محمود الغزنوى الشيعة وأنزل بهم أضرارًا كبيرة، ثم عمل على زيادة رقعة العالم الإسلامى والقوة الإسلامية، إذ بدأ فى القيام بفتح الهند، فى الوقت الذى شغل نفسه بمحاربة البويهيين فاستولى على الرى سنة 420 هـ (= 1029 م)، ثم هاجم "كرمان" سنة 422 هـ.
وفى سنة 421 هـ نادى الخليفة الكهل بولده أبى جعفر وليا للعهد من بعده (وهو الذى ولى الخلافة فى سنة 422 هـ وطالت مدة حكمه حتى بلغت أربعة وأربعين عامًا وشهرًا إلا قليلًا).
ولما مات الخليفة القادر باللَّه سنة 422 هـ (1031 م) كانت الخلافة قد اشتدت هيبتها، كما أنه بذل جهودا كبيرة ظهر أثرها فى عملين جليليين أحدهما من تأليف الماوردى الشافعى، والآخر من قلم ابن الفراء الحنبلى وكان الكتابان يحملان عنوانا واحدا، هو "الأحكام السلطانية".