المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القائم بأمر الله الفاطمى - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ٢٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌فاتحة

- ‌المصادر:

- ‌الفارابى

- ‌حياته:

- ‌فكره

- ‌أعماله:

- ‌المصادر:

- ‌فارس الشدياق

- ‌المصادر:

- ‌الفارسى

- ‌المصادر:

- ‌الفاروقى

- ‌المصادر:

- ‌فاروقى

- ‌فاس

- ‌الآثار

- ‌ فى عصر الأدارسة:

- ‌ فى عصر أمراء زناتة:

- ‌ فى عصر المرابطين:

- ‌ فى عصر الموحدين:

- ‌ فى عصر المرينيين:

- ‌ فى عصر السعديين:

- ‌ فى عصر العلويين:

- ‌المصادر:

- ‌فاسق

- ‌المصادر:

- ‌فاطمة

- ‌فاطمة فى التاريخ

- ‌المولد وفترة الطفولة:

- ‌الهجرة وخطبة فاطمة:

- ‌زواج فاطمة:

- ‌الفقر فى بيت العروسين:

- ‌أولاد علىّ وفاطمة:

- ‌الخلافات الزوجية:

- ‌بعض الأحداث التاريخية التى كانت فاطمة طرفًا فيها أثناء حياة الرسول [صلى الله عليه وسلم

- ‌أهل البيت خمسة منهم فاطمة:

- ‌فاطمة أثناء مرض النبى [صلى الله عليه وسلم

- ‌فاطمة بعد وفاة محمد [صلى الله عليه وسلم

- ‌مطالبة فاطمة بميراثها من أبيها:

- ‌مرض فاطمة وموتها:

- ‌صفات فاطمة:

- ‌فاطمة فى الأساطير

- ‌الأساطير المتعلقة بحمل خديجة بها:

- ‌الأساطير المتعلقة بخطبتها

- ‌الأساطير المتعلقة بزواج على وفاطمة:

- ‌أساطير حفل الزفاف:

- ‌أساطير الهدايا:

- ‌أساطير الخصائص الجسدية:

- ‌أساطير المعجزات:

- ‌أقوال عن فاطمة:

- ‌أسطورة التفاحة السماوية:

- ‌أسطورة نور فاطمة:

- ‌أسماء فاطمة:

- ‌الإشارات لفاطمة فى القرآن الكريم فى رأى بعض الشيعة:

- ‌فاطمة فى التعزية (مناسبات الأحزان)

- ‌فاطمة فى العبادات المعاصرة:

- ‌فاطمة فى عقائد الاسماعيلية:

- ‌خاتمة المقال:

- ‌المصادر:

- ‌الفاطميون

- ‌نَسَبُ الفَاطميين:

- ‌تأسيس الدَّولة:

- ‌الفترة الأفريقية للخلافة الفاطمية:

- ‌فتح مصر:

- ‌الفاطميون فى مصر:

- ‌العلاقات مع صقلية وشمال أفريقيا:

- ‌العلاقات مع الإمبراطورية البيزنطية:

- ‌العلاقات مع الشرق العباسى:

- ‌الفاطميون والحروب الصليبية:

- ‌السياسة الداخلية للفاطميين فى مصر:

- ‌الخلافة والوزارة:

- ‌تطور منصب الوزارة:

- ‌الاضطرابات والثورات وحركات العصيان:

- ‌السياسة الدينية:

- ‌الإدارة:

- ‌النشاط الاقتصادى فى عهد الدولة الفاطمية:

- ‌النشاط الثقافى فى الفترة الفاطمية

- ‌الفن الفاطمى:

- ‌المصادر:

- ‌الفاكهى

- ‌المصادر:

- ‌فتح

- ‌ الفتح

- ‌فتحبور، سكرى

- ‌المصادر:

- ‌الفتح بن خاقان

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌فتح على شاه

- ‌المصادر:

- ‌الفترة

- ‌فتوى

- ‌المصادر:

- ‌فى الامبراطورية العثمانية

- ‌المصادر:

- ‌الفجار

- ‌المصادر:

- ‌فخ

- ‌المراجع:

- ‌الفخار

- ‌المصادر:

- ‌فدائى

- ‌المصادر:

- ‌فدية

- ‌المصادر:

- ‌فذلكة

- ‌الفرات

- ‌الفرائض

- ‌المصادر:

- ‌الفرائضيون

- ‌المصادر:

- ‌فراسة

- ‌المصادر:

- ‌فرحا باد

- ‌المصادر:

- ‌فرحات جرمانوس

- ‌المصادر:

- ‌الفردوس

- ‌المصادر:

- ‌الفردوسى

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الفراء

- ‌الفرزدق

- ‌المصادر:

- ‌الفرس

- ‌المصادر:

- ‌فرسان

- ‌المصادر:

- ‌فرسخ

- ‌مصادر:

- ‌فرض

- ‌المصادر:

- ‌فرضة

- ‌المصادر:

- ‌فرعون

- ‌المصادر:

- ‌فرغانة

- ‌المصادر:

- ‌الفرغانى الفلكى

- ‌المصادر:

- ‌الفرغانى "المؤرخ

- ‌المصادر:

- ‌فرقان

- ‌المصادر:

- ‌تعليق

- ‌فرهاد وشيرين

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌فروان (أو بروان)

- ‌فروخان

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌فروخى

- ‌الفروسية

- ‌الفروسية فى الدولة المملوكية:

- ‌‌‌ المصادر

- ‌ المصادر

- ‌فريشتا زاده

- ‌فريشتا محمد قاسم

- ‌المصادر:

- ‌فريق

- ‌فزارة

- ‌المصادر:

- ‌الفسطاط

- ‌المصادر:

- ‌الفضة

- ‌المصادر:

- ‌فضلويه، بنو

- ‌المصادر:

- ‌الفضيل بن عياض

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌فطنت

- ‌الفظولى بن سليمان

- ‌الفقه

- ‌المصادر:

- ‌فقير

- ‌المصادر:

- ‌فقيه

- ‌المصادر:

- ‌الفلاتة

- ‌فلاحة

- ‌أ- الشرق الأوسط

- ‌1 - نظرة عامة: فنية وتاريخية

- ‌2 - كتب عن الزراعة:

- ‌3 - المصطلحات الزراعية والأدب:

- ‌4 - التشريعات المتعلقة بالأرض:

- ‌المصادر:

- ‌(ب) الغرب الإسلامى

- ‌المصادر:

- ‌جـ - فى فارس

- ‌المصادر:

- ‌د- الامبراطورية العثمانية

- ‌المصادر:

- ‌هـ- الهند (منذ وصول المسلمين حتى الغزو البريطانى):

- ‌1 - الزراعة:

- ‌2 - كتابات العصور الوسطى عن الزراعة:

- ‌المصادر:

- ‌فلاسفة

- ‌فلس، فلوس

- ‌العرب - البيزنطيين

- ‌المصادر:

- ‌فلسطين

- ‌1 - فلسطين فى ظل الحكم الإسلامى:

- ‌2 - الانتداب البريطانى:

- ‌المصادر:

- ‌فلسفة

- ‌1 - أصلها:

- ‌2 - الاستفادة من المصادر اليونانية:

- ‌3 - ترسيخ الفلسفة الإسلامية:

- ‌4 - الطور الأول للفلسفة الإسلامية:

- ‌5 - رد فعل الغزالى:

- ‌6 - الطور الثانى للفلسفة الإسلامية:

- ‌7 - التراث السينوى فى فلسفة الإشراق:

- ‌8 - الفلسفة الإسلامية بوصفها فلسفة مدرسية (اسكولانية):

- ‌9 - إضافة وخاتمة:

- ‌المصادر:

- ‌الفلقة

- ‌المصادر:

- ‌فلك

- ‌المصادر:

- ‌فلكى شروانى

- ‌المصادر:

- ‌الفلكى، محمود باشا

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌فلوجة

- ‌الفلوجة

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌فم الحوت

- ‌فنج

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌فندق

- ‌فندقلى

- ‌الفهرسة

- ‌المصادر:

- ‌الفهرى

- ‌فؤاد باشا

- ‌المصادر:

- ‌فوتا جالون

- ‌فيروز

- ‌‌‌فيروز أباد

- ‌فيروز أباد

- ‌المصادر:

- ‌الفيروز أبادى

- ‌المصادر:

- ‌فيروزبور

- ‌المصادر:

- ‌فيروز شاه تغلق

- ‌المصادر الفارسية:

- ‌المصادر الأصلية:

- ‌المصادر الحديثة:

- ‌فيروز شاه خلجى

- ‌فيروزكوه

- ‌فيصل الأول

- ‌المصادر:

- ‌فيصل الثالث

- ‌ق

- ‌القائم بأمر اللَّه العباسى

- ‌المصادر:

- ‌القائم بأمر اللَّه الفاطمى

- ‌المصادر:

- ‌قابس

- ‌قابس تاريخيًا:

- ‌قابس جغرافيا:

- ‌المصادر:

- ‌القادر باللَّه العباسى

- ‌المصادر:

- ‌ القادر باللَّه العباسى

- ‌المصادر:

- ‌القادرية

- ‌1 - نشأتها:

- ‌2 - تطور الطريقة:

- ‌3 - التوزيع الجغرافى:

- ‌4 - تنظيمها: تدين الجماعة القادرية بولاء أسمى لراعى قبر عبد القادر فى بغداد، وتنبع إجراءات الدخول فى الطريقة التى تحدث عنها رين Rinn من هذا المبدأ. ويبدو أن السلطة الحقيقية لهذه الشخصية معترف بها أساسا فى العراق والهند. وترسل الهند هدايا دورية تمثل المصدر الرئيسى لدخل هذا الضريح، لهذا يرى أفراد هذه العائلة أن تعلم اللغة الأردية له ما يبرره. تتبع زوايا الطريقة القادرية فى مكة شيخ الطرق الذى يعين المقدمين فيها. وفى مصر تتبع الطريقة شيخ الطرق أيضًا، ويذكر على باشا مبارك الطريقة على أنها واحدة من الطرق الأربعة التى تنتمى إلى الأقطاب، ولكنه يؤكد أنها ليس لها

- ‌5 - رموزها وشعائرها:

- ‌المصادر:

الفصل: ‌القائم بأمر الله الفاطمى

(2)

سبط بن الجوزى: مرآه الزمان، باريس. (غير مؤرخ).

(3)

ابن الاثير: أخبار الدولة، السلجوقية، لاهور 1933.

(4)

ج. مقدسى: ابن عقيل، دمشق 1963.

(5)

H. Busse: Calif und Grosskonig Beirut 1966

مها سيد معبد [د. سورديل D. Sourdel]

‌القائم بأمر اللَّه الفاطمى

ثانى خلفاء الفاطميين ويثير اسمه ذكرى هزائم مريرة وكيف غطى عليه "راكب الحمار" أبو زيد، ولم يكن بالصورة التى تُرسم له فى الأذهان، فلقد مارس منذ صدر شبابه وقبل اعتاوئه عرش الخلافة الأعمال العامة منذ أن عهد إليه أبوه بالمشاركة فى حكومة أفريقية. وقد هاجر مع أبيه المهدى إمام طائفة الإسماعيلية ولقى أهوالًا جسامًا، إذ خرج معه فى عام 289 هـ/ 892 م من "سَلَمِّيه" بالشام إلى سجلماسة عاصمة بربر مدرار فى أقصى جزء من المغرب، ولما بلغ العشرين من عمره عين وليا للعهد فى عام 299 هـ/ 912 م ليتولى الخلافة التى قامت على أنقاض إمارة الأغالبة ووجد نفسه على الفور ملزمًا بالقيام بعدة مهام عسكرية منها قيادة جيوش الفاطميين إلى وسط المغرب وكان الخليفة المهدى قد سارع إلى وضع هذه الجيوش تحت إمرته لتوجيهها -فى حملتين- لمصر فى تتابع متلاحق فى عام 301 - 302 هـ/ 914 - 915 م ثم حملة أخرى فى عام 307 - 309 هـ/ 919 - 921 م، فأكسبته الحملتان بعض الشهرة رغم أن الحصيلة النهائية لهما لم تحقق شيئًا يذكر لسمعته كجندى، ومع هذا فقد أثبت وقت اعتلائه عرش الخلافة أنه قد صمد بالفعل للاختبار وقت أن كان وليًا للعهد ووقت أن قام بقيادة العسكر، ولما أصبح القائم إمامًا ثم خليفة أخذ على نفسه أن يحكم مملكته القوية والمزدهرة والتى ورثها عن أبيه وأخذ يحكمها طبقًا للقواعد التى أرساها والده وسار على نفس النهج فى تطبيق سياسة التصدى

ص: 7956

للعباسيين والأمويين فى أسبانيا على السواء وقد نعمت إفريقية بالسلام فى القسط الأكبر من فترة حكمه وإن كان المؤرخون قد لزموا إزءاها الصمت وأبرزوا بصفة خاصة الأحداث الدامية والثورات إلى أن ظهر تهديد الخوارج الذى جعل العامين الأخيرين من فترة حكمه فترة حالكة -ومحال أن نقتفى أثر حياة القائم بإنجازاته إلا إذا تعرضنا بإيجاز لمسألة شائكة تتعلق بأسلافه- لقد قدم لنا برنارد لويس -بناء على دراسة مقارنة للمصادر الإسماعيلية وأهل السنة- تفسيرًا يتسم بالأصالة أساسه فكرة "الأبوة الروحية" ونظرية الإمام المستقر "ومستودع الإمامة" إذ ترى هذه النظرية أنه كان ثمة إمامة حقيقية بعد وفاة إسماعيل وهى تنحدر من الحسين وإمامة انحدرت بوصية من ميمون القداح، أما الأمامة الأولى فينتهى تسلسلها عند القائم، وأما الإمامة الوصية فينتهى تسلسلها عند المهدى أول خليفة فاطمى، ويدلل "ب. لويس" على أن الإمام الموصى هو وحده الأب الروحى للقائم أى الإمام المستقر الذى سلمت له الإمامة التى كان وصيًا عليها، وبذلك كان القائم هو أول خليفة فاطمى حقيقى، ويمكن تتبع النسب الفاطمى بدءًا من القائم وحتى فاطمة عبر ابنها الحسين، ورغم نقد البعض لهذه الفكرة التى قدمها لويس إلا أنها ظلت تحظى بالاهتمام ذلك لأن فكرة الاستدعاء تتطابق مع حقيقة واقعة وهى أن المذابح التى أوقعها العباسيون بكل شخص يشتم منه اعتناق الفكر الفاطمى أجبرتهم على اللجوء إلى اتباع أسلوب العمل السرئ وأن يودعوا الإمامة -فى أثناء فترة الاحتجاب أو "الستر"- فى أوصيائهم أو المستودع "أو الحجة" ولقد خلف المهدى بعد مماته -موقفًا حرجًا فى أقصى المغرب نتج عن تغير كامل ومفاجئ طرأ على موقف حاكم مكناسة موسى بن أبى العافية حيث نقل ولاءه إلى بنى أمية فى أسبانيا -لذلك جرد القائم عقب اعتلائه عرش الخلافة- حملة لاستعادة سلطته فى مراكش واستئصال شأفة نفوذ خصمه الناصر الأموى، وقد عبر الجيش الفاطمى بقيادة ميسور الخادم، المغرب دفعة واحدة ووصل مدينة فاس وفى

ص: 7957

الوقت نفسه انقض ضابط آخر من ضباط القائم هو المولى "صندل" على "نكور" واستولى عليها وقتل حاكمها الصالحى فى شوال 324 هـ/ سبتمبر 936 م، ثم انضم إلى ميسور خارج أسوار مدينة فاس التى كانت وقتئذ تحت الحصار واستسلمت المدينة فى نهاية الأمور وأعاد القائد الفاطمى توطيد سلطة بنى محمد الإدريسى قبل رجوعه منتصرًا إلى إفريقية، وقد ظل القائد على ولائه للفاطميين ومن أجل كبح جماح قبائل البربر المعادية والتى كانت قد استقرت فى المناطق الواقعة على حدود مملكته اتخذ القائم عدة خطوات نحو تدعيم سلطة على بن حمدون وهو عربى من أصل جذامى وحاكم مدينة، "مصيلة" لكى تمتد سلطته حتى أراضى كملان الذى انتقل خلال الحملة على أفريقية نحو الجنوب الشرقى من القيروان -يقف فى مواجهة مغراوة وهم فرع ذو نفوذ من قبيلة زناتة تحالف مع صنهاجة قبيلة زيرى بن مناد الذى ساعده على إقامة مدينة "أشير" فى عام 324 هـ/ 936 م فى قلب جبال أطلس الجزائرية وأمكن على وجه السرعة أخضاع هوارة الذين هم من إقليم طرابلس والذين كانوا قد تمردوا بقيادة ابن طالوت القرشي الذى ادعى الأمامة زورًا وما إن استعاد القائم توطيد سلطانه فى المنطقة من مملكته حتى بدأ يفكر فى استئناف حملته ضد العباسيين فى إقليم مصر وتقول وثائق عام 323 هـ/ 935 م إن هذه الحملة الموجهة ضد مصر قد نظمها فيما يبدو المهدى نفسه وذلك قبل وفاته مباشرة. والواقع أن القائم كان قد عزم -بمجرد توليه عرش الخلافة- على استخدام القوات المتمركزة فى قاعدة برقة مع تدعيمها بعناصر من إفريقية للهجوم على مصر حيث سبق له أن ذاق مرارة الهزيمة مرتين متتابعتين ويقرر الكندى بصورة قاطعة أنه فى ظل حكم القائم تمت الإغارة على مصر لثالث مرة ولكن دون نجاح. فقد جاء الهجوم الفاطمى فى هذه المرة فى لحظة غير مواتية، فقد ثار قائد الأسطول "على بن بدر" ضد الحاكم الإخشيدى محمد بن طغج وهرب قائد الحامية إلى برقة وأعلنوا طاعتهم للقائم وانخرطوا فى سلك خدمته، وقد أرسل

ص: 7958

القائم -لتدعيمهم- قوات بقيادة مولاه وعتيقه زيدان- وضابط من رجاله يعرف باسم عامر ويلقب بالمجنون، وقد احتل الكتاميون الإسكندرية فى 6 جمادى الأولى 324 هـ/ أبريل 936 م، ولكن رد فعل ابن طغج كان سريعا إذ نجح فى تحرير المدينة وأجبر القوات الفاطمية على الانسحاب نحو برقة، وكان القائم قد عزم فى العام الذى اعتلى فيه عرش الخلافة على أن يستأنف العمليات البحرية ضد المسيحيين ولذلك خرجت قوة بحرية قوية مكونة من عشرين مركبًا تحت قيادة ضابط عربى من جند طرابلس هو يعقوب بن اسحق بن الورد، غادرت المهدية فى 7 رجب 322 هـ - 23 يونية 934 م وأبحرت نحو إيطاليا واعترض يعقوب عددًا من مراكب المسيحيين التجارية وهى فى طريقها من أسبانيا وتعقبها حتى بلغت جنوة فاستولى عليها رجاله بعد حصار عنيف. وبعد أن نهب أمير البحر الفاطمى البلد واستولى على كثير من الغنائم، أبحر نحو المهدية فى 25 رمضان 323 هـ/ 28 أغسطس 935 م وبالإضافة إلى هذا الهجوم حاول القائم تكثيف الجهاد ضد الأراضى البيزنطية الواقعة فى شرق جزيرتى صقلية وقلهورية، وأرسل إلى بالرمو حاكما جديدًا هو خليل بن اسحق شقيق أمير البحر يعقوب وهو شاعر موهوب وكان من أقرب قواده إليه، وقد أخضع الجزيرة لحكم يتسم بالإرهاب اكتسب خليل فى السنوات من 325 هـ/ 937 م إلى 329 هـ/ 941 م أى لمدة أربع سنوات سمعة سيئة بسبب الطغيان الذى مارسه على المسلمين والمسيحيين على السواء وقد اضطرت بعض العناصر العربية التى سبق لها أن استوطنت الجزيرة فى ظل الأغالبة إلى الفرار إلى المنطقة المسيحية واضطر بعضهم إلى اعتناق النصرانية، وقد نزعت الأراضى من المواطنين الصقليين، واضطروا إلى التوطن فى الأماكن الحصينة الواقعة على حدود المناطق المسيحية، وأحرقت السجلات المساحية فأصبح من المستحيل التحقق من الضرائب المفروضة على الأرض فى بعض المناطق مثل أجريجنتو، ولقد أظهر القائم فور اعتلائه السلطة شغفا خاصا بزيادة قوته العسكرية وتدعيم

ص: 7959

سلطته داخل مملكته، ولهذا السبب أصبحت السياسة الداخلية الجديدة التى اتبعها الحكام الجدد فى حكم إفريقية أشد قسوة منذ بداية حكمه. إذ يبدو أن هذا البلد -فى ظل حكم القائم- قد عانى من فرض الضرائب الباهظة والاضطهاد الدينى- ولذلك كانت التربة صالحة لظهور تحركات من ناحية الخوارج لإثارة الشعور العام فى الأوراس وقسطيلية إلا أن موقف القائم من هذه الإثارة كان سلبيًا إلى حد يبعث على الدهشة، فقد سمح للتمرد أن تتأصل جذوره وسط القبائل المعادية له فى أوراس والتى لم تستطع كبح جماحها الحامية المتمركزة فى بجاية والتزم بسياسة دفاعية ثابتة إزاء تدفق قبائل البربر عبر وادى عويد ملج تحت قيادة كبيرهم أبى يزيد النكارى واستولوا على كثير من المواقع مثل مرماجَنّه و"لاريبوس" وذلك فى عام 332 هـ/ 944 م، لقد افتقد رد فعله إلى الحركة وبعد النظر على السواء رغم ما كان تحت يده من أعداد كبيرة من العسكر (70.000 رجل كما يقول النعمان) مجهزين بالعتاد تجهيزا جيدا ومنظمين تنظيما عاليًا -وبدلا من شن هجوم شرس ضد العدو مباشرة تبنى فكرة ضارة مفادها توزيع قواته على نقاط استراتيجية مختلفة، فى الوقت الذى ترك فيه حرية الحركة للعدو فيأخذ بزمام المبادأة فى العمليات- وبهذه الطريقة أخذت مجموعة من القوات بقيادة المولى بشرى مواضعها وأخرى فى القيروان تحت قيادة خليل ابن اسحق، وثالثة على الطريق بين قيروان ومهدية بقيادة المولى ميسور -ولم يجد أبو يزيد أية صعوبة فى إلحاق الهزيمة بكل خصم من خصومه الثلاثة كل على حدة- وبدأ فى جمادى الأولى 333 هـ/ يناير 945 م فى حصار العاصمة المهدية إلا أن القائم نجح فى استنهاض مقاومة شرسة لمواجهة أبى فى ذلك المعقل البحرى. وتم صد الهجمات التى شنها المتمردون عند أبواب المهدية التى ظلت صامدة رغم شدة الحصار، وأخيرًا تبخرت حماسة المتمردين وعادت كثير من الكتائب القبلية إلى مواقعها فى الجبال لأنه لم يتبق شئ فى إفريقية يغنمونه وكانت القوات الفاطمية تواظب على القيام

ص: 7960