الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السياسية والمشكلات الدينية ومشكلات العالم الإسلامى فى ذلك الوقت. فالمدينة بتنظيمها المؤقت لها هدفان أحدهما تحقيق الخير والرفاهية والآخر الإعداد للحياة المستقبلية.
5 - رد فعل الغزالى:
البعض يرى فى الغزالى مفكرا رجعيا وضع نهاية لازدهار فكر الفلاسفة العقلانى، وأعلى من شأن علم الكلام الذى يخدم العقيدة. والبعض الآخر يرى فيه شخصا حلّق بجناحى الفكر الصوفى فحارب فرقة الباطنية. وأيا كان تقييمه فلابد من الاعتراف بقيمة أعماله فقد أدخل الفلسفة الإغريقية إلى حلبة الفكر السنى من خلال تطويره لفكر الأشعرية وفى نقده للفلسفة. كما أنه أدان الاتجاهات الغنوصية التى تتعارض مع روح القرآن، غير أنه ظل بدون شك واحدا من المتكلمين. والنقاط الرئيسية التى يدور حولها نقده للفلسفة تتمثل فى (أ) بعث الجسد ومادية الثواب والعقاب فى الآخرة (ب) خلق العالم من العدم وأن وجوده ممكن أى ليس واجبا بذاته. (جـ) معرفة اللَّه بالجزئيات.
6 - الطور الثانى للفلسفة الإسلامية:
أو مرحلة ما بعد الغزالى حيث نجد فى المشرق فخر الدين الرازى وفى المغرب ابن باجة وابن طفيل وابن رشد، ويتميز هذا الطور من ناحية بتنوعه إذ لا نجد فيه الحرص على وحدة الأفكار على نحو ما كان فى الطور الأول. ومن ناحية أخرى نجد أن الفلسفة فى هذا الطور أصبحت أكثر اندماجا فى الثقافتين العقلية والروحية اللتين تحققتا للإسلام على مر القرون. فعلوم الكلام والقانون والتفسير والتصوف أضحت تكون نسقا راسخا وثريا من حيث المحتوى ومن حيث التأثير، بينما الفلسفة الإسلامية فى طورها الأول تحدد ملامحها فى وقت كانت فيه باقى الأنشطة العقلية لا تزال تتلمس لنفسها الطريق الصحيح ولم يكن ثمة نشاط عقلى قد احتل مكانة راسخة فى ذلك الوقت سوى فكر المعتزلة -ومن أعلام الفلسفة الإسلامية فى الغرب ابن باجة الذى كان أقلهم اصطباغا بالروح الدينية، ويعد كتابه "تدبير المتوحد" تصويرًا للعزلة المثالية عن جماهير الناس من أجل التأمل الذهنى البحت،
وفى كتابه "رسالات الاعتزال" يرينا كيف يمكن التوحد مع العقل الفعال من خلال دراسة الفرد منذ أن كان جنينًا إلى أن يبلغ حياة التأمل، وتعد هذه سيكلوجية للمعرفة. وهذا البعد التطورى فى فكر ابن باجة يظهر مرة أخرى عند ابن طفيل حيث نستطيع أيضا التعرف على أثر "إخوان الصفا" فى فكره فقد حاول تصوف ابن طفيل أن يمضى خطوة أبعد من مجرد التأمل كما هو الحال فى تصوف ابن باجة وذلك لاستلهامه من كلّ من ابن سينا والغزالى. أما ابن رشد فإنه لم يرد برده على كتاب "تهافت الفلاسفة" أن يدافع عن فلسفة ابن سينا بل كان هدفه أن يضع أفكاره الخاصة والتى استلهمها مباشرة من أرسطو وشراحه المشائين. ولقد تناول الكثيرون الفلسفة الرشدية بالدرس والمناقشة. فبعضهم مثل رينان يرى أنه عقلانى خالص، ويرى جوتييه أن ابن رشد يرفض علم الكلام الذى يحصر نفسه فى نطاق النصوص الدينية وحدها ولكن ابن رشد يسمح بوجود الفهم الحرفى للعقيدة بالنسبة للجمهور غير المتعلم (جمهور العوام) الذى يتأثر بالصور البلاغية، أما الفلاسفة فينبغى عليهم اخضاع كل شئ للبرهان القاطع وقد قسم العقل إلى درجات ثلاث:"برهانى وجدلى وخطابى". وفى المشرق كان فخر الدين الرازى وهو أشعرى مثل الغزالى، إذ اتخذه مرشدا له، ولكنه ظل فى نفس الوقت مولعا بفلسفة ابن سينا وهو ينتقد المعتزلة، ولكنه يستعير منهم ما يمكنه الاستفادة به -كما أنه يهاجم الفرق المتطرفة ولكنه لا يحطم الجسور التى تصل بينه وبينهم. فنظرته مسالمة رغم عنف مجادلته. ووهب مقدرة عظيمة على المزج والتركيب ولعلنا نجد عنده النسق الفلسفى الذى يتسم بأكبر قدر من الثراء واتساع الأفق والانفتاح -فهو يشرح ابن سينا ويصحح أفكاره فى نفس الوقت- واستطاع أن يقيم وحدة تتميز بالعمق بين علم الكلام والفلسفة. وهو مثل الطوسى قد درس فكرة المعتزلة عن "الحال" وعلاقة هذه الفكرة بمشكلة الصفات الإلهية -ويرى أن العقل الفلسفى بوسعه أن يجمع الأفكار لكى تنتظم فى نسق متسق، ولكن الوحى هو الذى يفصح عن