الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ظهر أثر هذه المدرسة الأرسطية فى الغرب الإسلامى على فلاسفة مثل ابن باجة وابن رشد، وبعض فلاسفة المشرق مثل فخر الدين الرازى.
3 - ترسيخ الفلسفة الإسلامية:
كان إذن للترجمات الأهمية الأولى فى نشأة الفلسفة الإسلامية ولكن مولدها يرجع أيضا إلى أن القائمين على الترجمة كانوا من المفكرين دوى الأصالة. إذ كانوا يذيلون الترجمة بعمل أصيل من تأليفهم إما أنه شرح أو تعليق. ومن هنا التقط قسطا بن لوقا اللغة الاصطلاحية التى وردت فى الترجمات واستفاد منها فى تآليف من وضعه، وابن النديم (ت 386 هـ - 996 م) يقدر قيمته كفيلسوف -فلقد كشف قسطا عن دقة فائقة فى التحليل وروح تركيبية أتاحت له الاستفادة من علوم مختلفة فى معالجة موضوعاته- وجدير بالملاحظة أن مفكرا مثل الكندى الذى يُنظر إليه بعد وفاته نظرة تقدير كفيلسوف وعالم كان مترجما أيضا. فضلا عن أن الفلاسفة المسلمين قد انكبّوا على وضع شروح للنصوص اليونانية. ولذلك فإن الفلسفة الإسلامية لم تحذ حذو الأعمال المترجمة وشروحها بل هى وُجدت فى خضم هذه الأعمال وكانت امتدادا لها. ولم تكن مصطلحاتها تدون على سبيل التدريب اللغوى البحت. لقد اكتسبت الفلسفة الإسلامية نوعا من تحديد الملامح حين اضطلعت بمهمة تجمع بين الترجمة والشرح أو التعليق والتأملات الشخصية والأمثلة التطبيقية.
4 - الطور الأول للفلسفة الإسلامية:
يمكن تسمية هذه المرحلة بالطور السينوى نسبة إلى (ابن سينا)، فقد تحددت ملامحها فى الشرق من القرن الثالث هـ/ التاسع م وحتى الخامس هـ/ الحادى عشر م على يد الكندى والفارابى وابن سينا وهى مزيج مركب من الميتافيزيقا المستمدة من الأفلاطونية الجديدة، والعلم الطبيعى والتصوف، أى أفلوطين مضافا اليه جالينوس وأبو قليس. وهذا الطور من الفلسفة الإسلامية يتميز تميزا تاما عن علم الكلام السابق عليها عند المعتزلة. وعلى الرغم من أنها ترحب بإعادة اكتشاف
النصوص أو الأفكار القرآنية إلا أنها لا تجعل منها نقطة انطلاق، بل تقدم نفسها بوصفها منهجا للبحث له استقلاليته عن العقيدة دون أن يعنى ذلك رفضها أو تجاهلها. ومع ذلك فإن مشاكلها لم تنفصم عراها عن مشكلات علم الكلام. ومن أجل الحفاظ على مفارقة الذات الإلهية للمخلوقات ميّز المعتزلة بين الماهية والوجود بالنسبة للكائنات المخلوقة. أما الذات الإلهية فيتوحد فيها الوجود والماهية وفعل الخلق عندهم ذو معنى ايجابى فهو يعنى نقل الماهية من العدم إلى الوجود، أى لم يكن فيكون.
والفلسفة الإسلامية فى طورها الأول تقوم على أنطولوجيا تميز نفس التمييز بين الماهية والوجود بالنسبة لكل الموجودات إلا الذات الإلهية. ولكن يمكن القول إن هذه الفلسفة تضم مفهومين متناقضين، فهناك المبدأ الأول الذى تنطوى وحدته على ماهيات ووجود الموجودات معا وبالتالى فثمة استمرارية بين الذات الإلهية والموجودات (نظرية الفيض). ولكن هناك أيضا عدم استمرارية بين ما هو ضرورى وما هو ممكن من الموجودات. والموجودات الممكنة ممكنة إذا نظرنا إليها فى ذاتها ولكنها موجودات ضرورية إذا نظرنا إليها فى علاقتها بالمبدأ الأول. يمكن القول أيضا بأن هناك استمرارية كونية بين العالم ومصدره (نظرية الفيض) وصولا إلى شكل من أشكال الوحدانية. بينما يوجد نوع من الفجوة الوجودية (الأنطولوجية) بين ما هو ضرورى وما هو ممكن أو عارض وصولا إلى تأكيد مفارقة الذات الإلهية للموجودات. تحدثنا عن بعدين للفلسفة الإسلامية فى طورها الأول هما الكوسمولوجيا والانطولوجيا ولكن ثمة بعد ثالث هو البعد الصوفى -وهذا البعد الصوفى يتمثل فى النموذج أو النسق الفلسفى الذى قدمه ابن سينا- إن البعد الوجودى يعلّم الإنسان أن وجود مصدره اللَّه، والبعد الكونى يمده بالمسيرة الروحية، أما التجربة الصوفية فتتيح له التحقق من مواصلة هذه المسيرة الروحية، ولذلك كانت الكلمة الأخيرة رهنا بهذه التجربة. كذلك؛ اهتمت الفلسفة الإسلامية بالمشكلات