الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أصل لها، وهذه الروايات توضح الدور السياسى الوحيد الذى قامت به فاطمة، كما تبين هذه الروايات سر كراهية الشيعة الشديدة لعمر (رضى اللَّه عنه) اعتمادا على سوء معاملته لابنة النبى [صلى الله عليه وسلم] سواء أكان ما نسب إلى عمر صحيحا أم مدسوسا عليه، وإنما يهمنا فى هذا الضوء أن نقدم الروايات التى تفسر الأحداث (1).
مطالبة فاطمة بميراثها من أبيها:
بعد موت محمد [صلى الله عليه وسلم] طلبت فاطمة من أبى بكر (رضى اللَّه عنه) أن يمكنها مما كان يمتلكه أبوها، وليس من الواضح ما إذا كانت هذه الممتلكات تشتمل على ما قدمه المخيرق اليهودى (الذى تحول إلى الإسلام) للرسول [صلى الله عليه وسلم] فى المدينة من أرض بنى النضير، وربما لم يكن هناك نزاع حول هذه الأرض، إنما كان النزاع حول فدك وحول نصيبها فى أرض خيبر، وقد واجه أبو بكر مطالب فاطمة برفض قاطع مؤكدا أنه سمع النبى [صلى الله عليه وسلم] يقول:(نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة) وليس من المعروف ما إذا كانت دعوى الوراثة هذه كانت من فاطمة وحدها أم من فاطمة والعباس، ولم يكن هذا النزاع بين أبى بكر وفاطمة مقبولا -فى أى وقت من الأوقات- من المسلمين، فقيل: إن فاطمة كانت تطالب بفدك لتوزيع ريعها على الفقراء (وتضيف المصادر الشيعية إلى الفقراء الموالى) وقيل إن الرسول [صلى الله عليه وسلم] كان قد وهب فاطمة "فدك" أثناء حياته، ولم يغفر الشيعة لأبى بكر موقفه من ابنة النبى [صلى الله عليه وسلم]، وظل الشيعة لعدة قرون يناقشون أحقية فاطمة فى "فدك".
مرض فاطمة وموتها:
ما لبث المرض أن ألم بفاطمة بعد وفاة أبيها، وتقول بعض المصادر: إنه
(1) لا شك أن هناك مبالغات كثيرة متعلقة بالأحداث التى وقعت بعد وفاة النبى [صلى الله عليه وسلم] مباشرة، والأحداث التى استقرت أثناء الفتنة الكبرى، ولا شك أن أهواء كثيرة تدخلت، وإذا أضفنا أن هذه الأحداث لم تسجل إلا بعد حدوثها بفترة طويلة اعتمادا على ما تناقله الرواة لتبين لنا أن احتمال المبالغة بل والدس وارد بالفعل، ويلاحظ فى الآونة الأخيرة نوع من التقارب بين المثقفين من المذاهب المختلفة من سنة وشيعة وهناك اتجاه عام للتخفيف من المبالغات التى تبدو غير معقولة، أيعقل أن يحرق عمر بن الخطاب بيت فاطمة؟ وهل كان يمكن أن يسمح له أحد بذلك؟ . المترجم
قد تم الصلح بينها وبين أبى بكر فى فترة مرضها فقد طلب زيارتها لعيادتها فى مرضها فوافقت، ولكن معظم المصادر تؤكد أنها ظلت غاضبة منه حتى وافتها منيتها، وثمة رواية تتكرر كثيرا عن اللحظات الأخيرة فى حياتها مؤداها أنها استعدت للموت فغسلت نفسها وكفنت بدنها بعباءات خشنة، وطلبت من أسماء بنت عُميس أرملة جعفر بن أبى طالب التى ساعدتها فى الغسل وفى تكفين نفسها -إن صح التعبير- ألا يكشف أحد عن بدنها بعد موتها، ثم انطرحت فوق سرير نظيف فى وسط الغرفة وراحت تنتظر نهايتها، ولأن فاطمة كانت تشكو من عادة تغطية الموتى بطريقة تكشف عن أشكالهم، فقد جهزت لها أسماء بنت عميس نعشا (تابوتا) مصنوعا على نسق التوابيت الحبشية -من خشب وجريد نخل أخضر، فسعدت فاطمة بهذا التابوت، لكن هذه الصورة التى تظهر فاطمة سعيدة هادئة راضية وهى تستقبل الموت، تتناقض مع روايات أخرى، فوفقا لما ذكره اليعقوبى فإنها وبخت بعنف كل من عادها من زوجات الرسول ونساء قريش، وأوصت أسماء بنت عميس بمنع عائشة (رضى اللَّه عنها) من الدخول، ويقال إن عليا نفسه هو الذى غسلها بعد موتها، ويقال: إنها هى نفسها التى رجته قبل أن تموت أن يؤدى بنفسه هذه المهمة، ومن الصعب أن نتعرف على الصحيح من بين كل هذه الروايات.
ولاقت فاطمة ربها فى العام الحادى عشر للهجرة لكن شهر وفاتها غير متفق عليه وإن كان القول الشائع أنها ماتت بعد الرسول بستة أشهر، وكتم خبر موتها وجرى دفنها ليلا، ووفقا لمعظم الروايات فإن أبا بكر وعمر لم يحاطا علما بخبر موتها لكن هناك بعض الروايات تذهب إلى أن أبا بكر صلى صلاة الجنازة عند قبرها، وتجمع معظم المصادر على أنها دفنت فى البقيع، لكن بعض المصادر تذكر أنها دفنت بالقرب من مسجد يقال له مسجد رقية فى زاوية دار عقيل (أخى على)، وذكرت مصادر أخرى أن موضع دفنها غير معروف، وأكد المسعودى فى مروج الذهب أنه كان هناك قبر يحمل كتابة