الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قيام الليل
يقول تعالى: ({يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)} [المزمل: 1 - 4].
ويقول تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة: 16].
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام"[رواه الترمذي].
ويقول أيضًا: "أفضل الصلاة دون الفريضة صلاة الليل"[رواه مسلم].
والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة.
يا من باع الباقي بالفاني، أما ظهر لك الخسران؟ ما أطيب أيام الوصال! وما أمرَّ أيام الهجر! ما طاب عيش القوم حتى هجروا الأوطان، وسهروا الليالي بتلاوة القرآن فيبيتون لربهم سجدا وقياما (1).
يقول ابن القيم:
يحيون ليلهم بطاعة ربهم
…
بتلاوة وتضرع وسؤال
وعيونهم تجري بفيض دموعهم
…
مثل أنهار الوابل الهطال
في الليل رهبان وعند جهادهم
…
لعدوهم من أشجع الأبطال
بوجوههم أثر السجود لربهم
…
وبها أشعة نوره المتلالي
الليل مدرسة الرجال
قال أبو سليمان الداراني: لأهلُ الطاعة في ليلهم ألذ من أهل اللهو بلهوهم، ولولا
(1) بحر الدموع 14.
الليل ما أحببت البقاء في الدنيا.
كان همام بن الحارث يدعو: اللهم اشفني من النوم باليسير، وارزقني سهرا في طاعتك، قال: فكان لا ينام إلا هنيهة.
عن عاصم بن أبي بكر بن عبد العزيز بن مروان -وهو ابن أخي عمر بن عبد العزيز- قال: وفدت إلى سليمان بن عبد الملك ومعنا عمر بن عبد العزيز، فنزلت على ابنه عبد الملك، وهو عزب، فكنت معه في بيت فصلينا العشاء، وأوي كل رجل منا إلى فراشه، ثم قام عبد الملك إلى المصباح فأطفأه، ثم قام يصلي، ثم ذهب بي النوم، فاستيقظت فإذا هو في هذه الآية ({أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (206)} [الشعراء: 205 - 206] فيبكي ثم يرجع إليها، فإذا فرغ منها فعل مثل ذلك، حتى قلت: سيقتله البكاء، فلما رأيت ذلك قلت: لا إله إلا الله والحمد لله، كالمستيقظ من النوم، لأقطع ذلك عليه، فلما سمعني سكت فلم أسمع له حسًا، رحمه الله (1).
يقول تعالى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)} [الذاريات: 17 - 18].
يقول سيد قطب: فهم الأيقاظ في جنح الليل والناس نيام، المتوجهون إلى ربهم بالاستغفار والاسترحام لا يطعمون الكرى إلا قليلاً، ولا يهجعون في ليلهم إلا يسيرا، يأنسون بربهم في جوف الليل فتتجافى جنوبهم عن المضاجع ويخف بهم التطلع فلا يثقلهم المنام.
قال الحسن البصري: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] كابدوا قيام الليل، فلا ينامون من الليل إلا أقله، ونشطوا فمدوا إلى السحر، حتى كان الاستغفار بسحر.
وقال قتادة: قال الأحنف بن قيس: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] كانوا لا ينامون إلا قليلا، ثم يقول: لست من أهل هذه الآية.
وقال الحسن البصري: كان الأحنف بن قيس يقول: عرضت عملي على عمل أهل الجنة فإذا قوم قد باينونا بونا بعيدا، إذ نحن قوم لا نبلغ أعمالهم، {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا
(1) من يظلهم الله (1/ 290، 291).
يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17]، وعرضت عملي على عمل أهل النار، فإذا قوم لا خير فيهم، مكذبون بكتاب الله وبرسل الله، مكذبون بالبعث بعد الموت، فقد وجدت من خيرنا منزلة قوما خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: قال رجل من بني تميم لأبي: يا أبا أسامة، صفة لا أجدها فينا، ذكر الله تعالى قوما فقال:{كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] ونحن -والله - قليلا من الليل ما نقوم، فقال له أبي رضي الله عنه: طوبى لمن رقد إذا نعس، واتقى الله إذا استيقظ (1).
يقول المغيرة: خرجت ليلة بعد أن هجع الناس هجعة، فمررت بمالك بن أنس فإذا أنا به قائم يصلي، فلما فرغ من {الْحَمْدُ لِلَّهِ} [الفاتحة: 2] ابتدأ بـ {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1] حتى بلغ قوله تعالى {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8]، فبكى بكاء طويلا، وجعل يرددها ويبكي وشغلني ما سمعت عنه ورأيت عن حاجتي التي خرجت إليها، فلم أزل قائما وهو يرددها ويبكي حتى طلع الفجر، فلما تبين له ركع، فصرت إلى منزلي، فتوضأت، ثم أتيت المسجد، فإذا به في مجلسه والناس حوله، فلما أصبح نظرت فإذا أنا بوجهه قد علاه النور.
ويتعجب الإمام أحمد بن حنبل من الذين يطلبون العلم وليس لهم من قيام الليل نصيب، فعن أبي عصمة البيهقي قال: بت ليلة عند أحمد بن حنبل فجاء بالماء فوضعه عندي، فلما أصبح نظر في الماء، فإذا هو كما كان على حاله لم يُتوضأ منه، فقال أحمد: سبحان الله! رجل يطلب العلم ولا يكون له ورد بالليل؟!
قال المروزي: كنت مع الإمام أحمد بن حنبل نحوا من أربعة أشهر بالعسكر، فكان لا يدع قيام الليل وقراءة النهار، وما علمت بختمة للقرآن ختمها لأنه كان يسر ذلك.
ويحكى عن أسلم بن عبد الملك عن رجل من الصالحين كان كثير الصلاة والتهجد، وكان لا يرى نائما بالليل إلا قليلا، فقال له أسلم: يا أخي، ما لي لا أراك تنام كما ينام الناس؟ فقال: إن عجائب القرآن أطرن نومي، ما أخرج من أعجوبة إلا وقعت في غيرها.
(1) في ظلال القرآن الكريم (6/ 3377).
وعن أزهر -وكان من القوامين- أنه قال: رأيت في المنام امرأة لا تشبه نساء أهل الدنيا، فقلت لها: من أنت؟
قالت: حوراء ..
فقلت: زوجيني نفسك؟
قالت: اخطبني إلى سيدي وامهرني.
فقلت: وما مهرك؟
قالت: طول التهجد.
وقال الحسين الكرابيسي: بت مع الشافعي ليلة فكان يصلي نحو ثلث الليل، فما رأيته يزيد على خمسين آية، فإذا أكثر فمائة آية، وكان لا يمر بآية رحمة إلا سأل الله فيها، ولا بآية عذاب إلا تعوذ، وكأنما جمع له الرجاء والهيبة جميعا.
ويحكى أحمد بن أبي الحواري يقول: قال لي أبو سليمان الداراني: يا أحمد، إني محدثك بحديث فلا تحدثن به أحدا حتى أموت.
قال أحمد: وما هو؟
قال الداراني: نمت ذات ليلة عن وردي من صلاة الليل، فإذا أنا بحوراء تنبهني، وتقول: يا أبا سليمان، تنام عنا، وأنا أربى لك في الخدور منذ خمسمائة عام؟ أترقد عيناك والملك يقظان ينظر إلى المتهجدين في تهجدهم؟! بؤسا لعين آثرت لذة نوم على لذة مناجاة العزيز، قم -رحمك الله- فقد دنا الفراغ، ولقي المحبون بعضهم بعضا، فما هذا الرقاد؟
قال الداراني: فوثبت فزعا وقد عرقت استحياء من توبيخها إياي، وإن حلاوة منطقها لفي سمعي وقلبي.
يقول ثابت البناني: كابدت الصلاة عشرين سنة وتنعمت بها عشرين سنة.
وعن حماد بن سلمة قال: قرأ ثابت البناني قوله تعالى {أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا} [الكهف: 37] وهو يصلي الليل فجعل يبكي وينتحب ويرددها.
يقول أحمد بن أبي الحواري: دخلت على أبي سليمان الداراني وهو يبكي فقلت له: ما يبكيك يا أبا سليمان؟
قال: يا أحمد، ولم لا أبكي؟ وإذا جن الليل ونامت العيون، وخلا كل حبيب بحبيبه وافترش أهل المحبة أقدامهم، وجرت دموعهم على خدودهم، وقطرت في محاريبهم، أشرف الجليل سبحانه وتعالى عليهم فنادى جبريل: بعيني من تلذذ بكلامي، فينادي فيهم: ما هذا البكاء؟ هل رأيتم حبيبا يعذب أحبابه؟ أم كيف أعذب قوما إذا جنهم الليل تملقوني؟ فبي حلفت إذا وردوا عليَّ يوم القيامة لأكشفن لهم عن وجهي الكريم حتى ينظروا إلي وأنظر إليهم (1).
نحن الذين إذا أتانا سائل
…
نوليه إحسانا وحسن تكرم
ونقول في الأسحار هل من تائب
…
مستغفر لينال خير المغنم
قال تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)} [غافر: 60].
فلماذا هذا التكبر والعناد؟ ولماذا الإصرار على الفساد؟ فمن أراد دواء القلوب فليقم بالأسحار، وليكثر من التوبة والاستغفار، وجدوا في الدعاء، فإنه من يكثر قرع الباب يوشك أن يفتح له (2).
وقال محمد بن عبد الله الخزاعي: صلى عبد الواحد بن زيد الغداة بوضوء العتمة أربعين سنة.
الجد الجد، فما تحتمل الطريق الفتور، ضاقت أيام الموسم، فجعجعوا بالإبل.
كانت عابدة لا تنام من الليل إلا يسيرا فعوتبت في ذلك فقالت: كفى بطول الرقدة في القبور رقادا.
أيها المقصر عن طلب المزاد، كيف تدرك المعالي بغير اجتهاد؟ أين أهل السهر من أهل الرقاد؟ أين الراغبون في الهوى من الزهاد؟ رحل المتيقظون مستظهرين بكثرة الزاد،
(1) صلاة الصالحين: 104.
(2)
روائع الأسحار 26.
كل جواد لهم يعرف الجواد، فساروا فزاروا والكسلان عاد.
وقالت أم عمرو بن المنكدر: يا بني أشتهي أراك نائما! فقال: يا أماه، إن الليل ليرد علي فيهولني فينقضي عني وما قضيت منه مأربي.
وقال سفيان: إن لله ريحا مخزونة تحت العرش تهب عند الأسحار فتحمل الأنين والاستغفار.
يا طويل النوم فاتتك مدحة {تَتَجَافَى} [السجدة: 16]، وحرمت منحة {الْمُسْتَغْفِرِينَ} [آل عمران: 17]، ولست من أهل عتاب" فإذا جنه الليل نام عني" ليس في ليل الهجر منام ومتى رأيت محبا ينام؟!.
وقال عبد الرحمن رسته: سألت ابن الهدي عن الرجل يبني بأهله، أيترك الجماعة أياما؟
قال: لا، ولا صلاة واحدة، وحضرته صبيحة بُني على ابنته، فخرج فأذن، ثم مشى إلى بابها، فقال للجارية: قولي لهما يخرجان إلى الصلاة، فخرج النساء والجواري، فقلن: سبحان الله! أي شيء هذا؟
وقال أحمد بن سلمة النيسابوري الحافظ: كان هناد بن السري كثير البكاء، فرغ يوما من القراءة لنا، فتوضأ وجاء إلى المسجد فصلى إلى الزوال وأنا معه بالمسجد، ثم رجع إلى منزله فتوضأ، وجاء يصلي بنا الظهر، فأخذ يقرأ في المصحف حتى صلى المغرب، قال: فقلت لبعض جيرانه: ما أصبره على العبادة! فقال: هذه عبادته بالنهار منذ سبعين سنة، فكيف لو رأيت عبادته بالليل؟!
ويقول الحسن البصري: إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل.
وقال بعض الصالحين: كم من أكلة منعت قيام ليلة، وكم من نظرة إلى ما لا يحل حرمت قراءة سورة، وإن العبد ليأكل الأكلة أو ليفعل الفعلة فيحرم بها قيام سنة.
وكان عبد العزيز بن أبي رواد إذا جن الليل يأتي فراشه فيمرر عليه يده ويقول: إنك للين، والله إن في الجنة لألين منك. ولا يزال يصلي الليل كله.
وكان للفاروق عمر جار فقال: ما رأيت أحدا من الناس كان أفضل صلاة من عمر،
إن ليله صلاة وإن نهاره صيام وفي حاجات الناس (1).
بل إنه رضي الله عنه لشدة ارتباطه بالعبادة والصلاة لما دخل في غيبوبة بعد طعنه لم ينبهوه إلا بذكر الصلاة، فقال أحد الحاضرين: إنكم لن توقظوه بشيء أفزع له من الصلاة.
فقالوا: الصلاة يا أمير المؤمنين.
فقال: ها الله إذا، ولا حق (لا حظَّ) في الإسلام لمن ترك الصلاة، فصلى وإن جرحه ليسعب (يسيل) دما (2).
وكان يهتم بأهل بيته أيضا، فقد روي أنه كان يصلي من الليل ما شاء الله أن يصلي حتى إذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة ثم يقول لهم: الصلاة، ويتلو هذه الآية:{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: 132](3).
وكان من دعاء عامر بن عبد قيس إذا أصبح بعد تهجده: اللهم غدا الناس إلى أسواقهم، وأصبح لكل امرئ منهم حاجة، وحاجتي إليك يا رب أن تغفر لي. وكان لا يبيت كل ليلة حتى يبل عمامته بدموعه.
وعن عيسى بن عمرو قال: كان عمرو بن عتبة يخرج على فرسه ليلا فيقف على القبور، فيقول: يا أهل القبور طويت الصحف، ورفعت الأعمال، ثم يبكي، ثم يصف بين قدميه يصلي التهجد، فيرجع فيشهد صلاة الصبح.
ويقول مولى عمرو بن عتبة: رأيت ابن عتبة ليلة قائما يصلي فسمعنا زئير الأسد فهربنا وهو قائم يصلي لم ينصرف، فقلنا له بعدما ولى الأسد، وانتهى من صلاته: أما خفت الأسد؟
فقال: إني أستحي من الله أن أخاف شيئا سواه.
وعن ابن جريج قال: قال لي عطاء: قال لي طاووس بن كيسان: يا عطاء لا تنزلن حاجتك بمن أغلق دونك أبوابه، وجعل عليها حجابه، ولكن أنزلها بمن بابه مفتوح لك إلى يوم القيامة، أمرك أن تدعوه وضمن لك أن يستجيب لك.
(1) حياة الصحابة (3/ 679).
(2)
المصدر نفسه (3/ 93).
(3)
المصدر نفسه (3/ 146).
وكان طاووس يفترش فراشه ويضطجع فيتقلى كما تتقلى الحب في المقلى، ثم يثب فيدرجه ويستقبل القبلة حتى الصباح ويقول: طيَّر ذكر جهنم نوم العابدين.
يا هذا، كيف تطيق السهر مع الشبع؟ كيف تزاحم أهل العزائم بمناكب الكسل؟.
قلت لليل: هل لجوفك سر
…
عامر بالحديث والأسرار؟
قال: لم ألق في حياتي حديثا
…
كحديث الأحباب في الأسحار
وكان زيد بن الحارث يجزئ الليل ثلاثة أجزاء: جزءا عليه، وجزءا على ابنه، وجزءا على ابنه الآخر عبد الرحمن، فكان هو يصلي ثم يقول لأحدهما: قم، فإذا تكاسل صلى جزأه، ثم يقول للآخر: قم، فإن تكاسل أيضا صلى جزأه فيصلي الليل كله.
وقال الحسن بن علي: سمعت يحيى بن معاذ يقول: الليل طويل فلا تقصره بمنامك، والنهار نقي فلا تدنسه بآثامك.
وكان علي بن بكار يفرش الفراش، فيلمسه بيده، فيقول: إنك لطيب، وإنك لبارد، والله لا أعلونك في هذه الليلة. ثم يظل يصلي إلى الصباح.
وقال أحد ضباط المباحث -الذين منَّ الله عليهم بالهداية- للإخوان: كنا نرسل بعض المخبرين للتجسس على الإخوان، إلا أننا لا نلبث نفقد الثقة فيمن نرسلهم لإحساسهم بتحولهم وتبدلهم لاحتكاكهم بالإخوان المسلمين حتى تعبنا وأعيانا الأمر، فاخترنا رجلا شريرا وقلنا، هذا سهم نضرب به الإخوان يستعصي على الكسر، ومضت الأيام، وبعد أسبوع واحد فقط، وإذا بهذا المخبر يدخل مكتبي وطلب نقله من عند الإخوان قائلا: ودوني عند الشيوعيين، عند اليهود، عند الكفرة، أما أولاد .... دول لأ، فعجبت من أمره وسألته: لماذا؟ قال: كل ليلة يقومون ويصلون، وشيخهم يقرأ القرآن لهم، الركعة تيجي ساعة، معدتش قادر أصلب طولي (1).
(1) من أعلام الحركة الإسلامية 277.