الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نماذج رائعة
تقول أم الشهيد يحيي عياش يوم استشهاده: ما ترك صلاة الفجر في المسجد يوما واحدا منذ عشرين سنة.
وها هو الشيخ المجاهد القعيد أحمد ياسين يرزقه الله الشهادة -التي طالما تمناها ودعا الله بها- بعد صلاة الفجر لتكون هي آخر عمل له في الدنيا.
روى الإمام مالك في موطئه أن عمر بن الخطاب فقد سليمان بن أبي حثمة رحمه الله في صلاة الصبح في يوم من الأيام (يوما واحدا) وأن عمر بن الخطاب غدا إلى السوق- ومسكن سليمان بين السوق -والمسجد النبوي- فمر على الشفَّاء أم سليمان رضي الله عنها فقال لها: لم أر سليمان في الصبح.
فقالت: إنه بات يصلي فغلبته عيناه (لم يكن يشاهد التليفزيون).
فقال عمر: لأن أشهد صلاة الصبح في جماعة أحب إليّ من أن أقوم ليلة.
لقد كانت بيعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليكون أميرا للمؤمنين بعد الصديق في صلاة الفجر في المسجد النبوي .. فقد توفي الصديق رضي الله عنه مساء ودفن مساء، وفي صلاة الفجر من اليوم التالي بويع عمر بن الخطاب بالخلافة.
وهذا يعني أن كبار رجال الدولة والأمراء والوزراء وأهل الحل والعقد ومن بيده الأمر كل هؤلاء كانوا يصلون الفجر في جماعة، ويأخذون قرارات مصيرية جدا في صلاة الفجر (1).
هل تحافظ على أداء صلاة الفجر يوميا في جماعة؟
الحرص على تكبيرة الإحرام
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى لله أربعين يوما في جماعة، يدرك التكبيرة الأولى، كتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق"[الترمذي].
ويقول عدي بن حاتم: ما جاء وقت صلاة قط إلا وقد أخذت لها أهبتها، وما جاءت
(1) كيف تحافظ على صلاة الفجر؟ ص 79.
إلا وأنا إليها بالأشواق (1).
ويقول سعيد بن المسيب: ما فاتتني الصلاة في جماعة، وقال: ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين، وما نظرت في قفا رجل في الصلاة منذ خمسين سنة.
وكان يحيى بن القطان إذا ذكر الأعمش قال: كان من النساك، وكان محافظا على الصلاة في الجماعة، وعلى الصف الأول، قال يحيي: وهو علامة الإسلام، وكان يحيى يلتمس الحائط حتى يقوم في الصف الأول.
مفتي الحرم شيخ الإسلام أبو محمد عطاء بن أبي رباح قال عنه ابن جريج: كان المسجد فراش عطاء عشرين سنة، وكان من أحسن الناس صلاة.
قال أبو مسهر حدثنا عبد الرحمن بن عامر: سمعت ربيعة بن يزيد يقول: ما أذن المؤذن لصلاة الظهر منذ أربعين سنة إلا وأنا في المسجد، إلا أن أكون مريضا أو مسافرا.
وقال زياد بن أيوب: حدثنا أبو بكر قال: كان عاصم بن أبي النجود إذا صلى ينتصب كأنه عود، وكان يكون يوم الجمعة في المسجد إلى العصر، وكان عابدا خيرا، يصلي أبدا، ربما أتى حاجة، فإذا رأى مسجدا قال: مل بنا فإن حاجتنا لا تفوق، ثم يدخل فيصلي (2).
وعن عثمان بن حكيم؟ سمعت سعيد بن المسيب يقول: ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد (3).
وكان السلف إذا فاتتهم تكبيرة الإحرام عزوا أنفسهم ثلاثة أيام، وإذا فاتتهم الجماعة عزوا أنفسهم سبعة أيام.
وكان منهم من يبكي عندما تفوته تكبيرة الأحرام مع الجماعة، ومنهم الذي يمرض إذا فاتته الصلاة مع الجماعة.
ومنهم القائل وقد قارب التسعين: "لم أصل الفريضة منفردا إلا مرتين، وكأني لم أصلهما".
قال وكيع بن الجراح عن الإمام العظيم سليمان بن مهران (الأعمش): كان
(1) حياة الصحابة (3/ 97).
(2)
من يظلهم الله (1/ 334).
(3)
المصدر نفسه (1/ 320).
الأعمش قريبا من السبعين لم تفته التكبيرة الأولى.
ولله در إبراهيم التيمي حيث يقول: إذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأولى، فاغسل يدك منه.
ولله در القائل:
لا يصنع الأبطال إلا
…
في مساجدنا الفساح
في روضة القرآن في
…
ظل الأحاديث الصحاح
شعب بغير عقيدة
…
ورق يذريه الرياح
من خان "حي على الصلاة"
…
يخون "حي على الفلاح"
يا ابن آدم، إذا هانت عليك صلاتك فأي شيء يعز عليك في دينك؟ (1).
قال أسيد بن جعفر: بشر بن منصور ما فاتته التكبيرة الأولى قط.
قال الحاكم عن أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم: بلغني أنه أذن سبعين سنة في مسجده (2).
يروي مصعب بن عبد الله أن عامر بن عبد الله بن الزبير سمع المؤذن ينادي بالصلاة وهو يحتضر وينازع الموت -وكان منزله قريبا من المسجد- فقال لمن عنده: خذوا بيدي إلى المسجد.
فقيل له: إنك عليل.
فقال: أسمع داعي الله فلا أجيبه؟ فأخذوا بيده فدخل في صلاة المغرب فركع مع الإمام ركعة ثم مات وهو في الصلاة.
يقول وكيع بن الجراح: من لم يأخذ أهبة الصلاة قبل وقتها لم يكن قد وقرها، ومن تهاون بالتكبيرة الأولى فاغسل يدك منه.
ومن الأمثلة العملية على هذا التبكير ما روي عن برد مولى سعيد بن المسيب قال: ما نودي بالصلاة منذ أربعين سنة إلا وسعيد في المسجد.
(1) من يظلهم الله (1/ 324، 325).
(2)
المصدر نفسه (1/ 336، 337).