الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوفاء
الوفاء: خلق من أخلاق الإسلام التي يحرص عليها المسلم، والوفاء هو ثبوت الإنسان على قوله وفعله، يقول الله تعالى:{بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 76] والله تعالى عليم لا يظلم أحدا، فقد كتب الوفاء على نفسه، وأمر به الناس حيث يقول:{فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [آل عمران: 25].
ويدور الحديث عن صور الوفاء وهي: مع الله، مع الرسول صلى الله عليه وسلم، مع الوالدين، مع الزوج، مع الزوجة، مع الناس، مع الاْعداء .. ونسأل الله أن نكون من الأوفياء الأتقياء.
من صور الوفاء
الوفاء مع الله:
كان جليبيب رضي الله عنه رجلا من الموالي الذين استجابوا لنداء الله ورسوله، فأسلم وحسن إسلامه ولقد بلغ من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم له أنه خطب له بنفسه امرأة من الأنصار.
ولم يطل المقام بجليبيب بعد زواجه حتى دعا داعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للجهاد، فاندفع جليبيب يلبي النداء وفاء مع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
فلما انجلت المعركة عن نصر مؤزر للمسلمين، طفق الرسول صلى الله عليه وسلم يستطلع أحوال الجند، ويتفقد جرحاهم وشهداءهم، فسأل أصحابه:"هل تفقدون من أحد؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، نفقد فلانا، وفلانا، وفلانا فأعاد، الرسول صلى الله عليه وسلم القائد السؤال:"هل تفقدون من أحد؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، نفقد فلانا، وفلانا، وفلانا، وظل يكرر سؤاله، والمسلمون يجيبونه حتى لم يبق بين المسلمين من يفتقدونه، فقالوا: لا نفتقد بعد الآن أحدا يا رسول الله، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:"أما أنا فأفتقد جليبيب، هلموا معي نبحث عن جليبيب"، فانطلقوا فإذا بجليبيب ينزف دما غزيرا، وقد فاضت روحه إلى بارئها، ونظروا، فإذا من حوله سبعة من صناديد الكفار قد جندلهم قبل أن يردوه شهيدا في سبيل الله.
ووقف الرسول صلى الله عليه وسلم فوق جسد جليبيب يدعو له بخير، ويقول:"جزاك الله خيرا يا جليبيب، قتلت سبعة قبل أن يقتلوك"، ثم وضعه على ساعديه وهو يقول:"هذا مني، وأنا منه"، ثم أمر فحفر له، ووسده الرسول القائد في قبره بيديه الشريفتين، وفاء له.
من الوفاء أن تذكر ماضيك:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن ثلاثة من بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى بدا لله عز وجل أن يبتليهم، فبعث إليهم ملكا فأتى الأبرص فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: لون حسن وجلد حسن، قد قذرني الناس، قال: فمسحه فذهب عنه فأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا، فقال: أي المال أحب إليك؟ قال: الإبل -أو قال: البقر هو شك في ذلك إن الأبرص والأقرع قال أحدهما: الإبل، وقال الآخ: البقر- فأعطي ناقة عشراء فقال: يبارك لك فيها، وأتى الأقرع، فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: شعر حسن ويذهب عني هذا قد قذرني الناس، قال: فمسحه فذهب، وأعطي شعرا حسنا، قال: فأي المال أحب اليك؟ قال: البقر، قال: فأعطي بقرا حاملا وقال: يبارك لك فيها، وأتى الأعمى فقال: أي شىء أحب إليك؟ قال: يرد الله إلى بصري فأبصر به الناس، قال: فمسحه فرد الله إليه بصره، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الغنم، فأعطاه شاة والدا فأنتج هذان وولَّد هذا فكان لهذا واد من الإبل، ولهذا واد من بقر، ولهذا واد من غنم، ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته، فقال: رجل مسكين تقطعت بي الجبال في سفري، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن، والجلد الحسن، والمال، بعيرا أتبلغ عليه في سفري، فقال له: إن الحقوق كثيرة، فقال له: كأني أعرفك، ألم تكن أبرصا يقذرك الناس؟ فقيرا فأعطاك الله؟ فقال: لقد ورثت لكابر عن كابر، فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت، وأتى الأقرع في عورته وهيئته فقال له مثل ما قال لهذا، فرد عليه مثل ما رد عليه هذا فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت، وأتى الأعمى في صورته فقال: رجل مسكين وابن سبيل وتقطعت بي الجبال في سفري، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري، فقال: قد كنت أعمى فرد الله بصري، وفقيرا فقد أغناني، فخذ ما شئت، فوالله لا أجهدك اليوم بشىء أخذته لله، فقال: أمسك مالك، فإنما ابتليتم، فقد رضي الله عنك، وسخط على صاحبيك"[رواه البخاري].
إذا رأيت فقيرا فتذكر فقرك في الأيام السابقة واحمد ربك وقف بجانبه.