الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قدر من الماء يملأ برميلاً سعته عشرة جالونات.
وهذه المواد تشتري من السوق بمبلغ من المال
…
وتلك هي قيمة الإنسان المادية (1).
يقول سيد قطب: إن وقفة أمام اللحظة التي يبدأ فيها الجنين حياته على الأرض وهو ينفصل عن أمه، ويعتمد على نفسه، ويؤذن لقلبه ورئتيه بالحركة لبدء الحياة.
إن وقفة أمام هذه اللحظة وهذه الحركة لتدهش العقول وتحير الألباب، وتغمر النفس بفيض من الدهش وفيض من الإيمان، لا يقف له قلب ولا يتماسك له وجدان.
وإن وقفة أخرى أمام اللحظة التي يتحرك فيها لسان الوليد لينطق بهذه الحروف والمقاطع والكلمات ثم بالعبارات، بل أمام النطق ذاته نطق هذا اللسان. وتصويت تلك الحنجرة. إنها عجيبة. عجيبة تفقد وقعها لأنها تمر بنا كثيرًا، ولكن الوقوف أمامها لحظة في تدبر يجدد وقعها، إنها خارقة، خارقة مذهلة تنبئ عن القدرة التي لا تكون إلا لله (2).
الطير سبحه والوحش مجده
…
والموج كبره والحوت ناجاه
والنمل تحت الصخور الصم قدسه
…
والنحل يهتف حمدًا في خلاياه
والناس يعصونه جهرًا فيسترهم
…
والعبد ينسى وربي ليس ينساه
التقى زنديق بإمامنا الشافعي يومًا، فقال له: يا شافعي، ما الدليل على وجود الله؟
فقال الإمام: ورقة التوت، فقال الزنديق: وكيف ذلك؟
قال الشافعي: تأكلها الدود فتخرجها حريرًا طريًا، وتأكلها
النحلة
فتخرجها عسلا شهيا، وتأكلها الغزالة فتخرج مسكًا زكيًا، وتأكلها الشاة فتخرجها لبنًا صافيا،
…
المادة واحدة، واللون واحد، لكن الصنعة مختلفة فمن الصانع؟ {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 258].
النحلة
تلك التي خاطبها ربها بما خاطب به الأنبياء فقال: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي
(1) الإيمان والحياة: (58)
(2)
في ظلال القرآن (6/ 3380).
مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا} [النحل:69،68].
هل تأملت النحل وأحواله وأعماله؟ ألم تتأمل أقراص الشمع السداسية، وفي دقتها وإتقان صنعتها؟ .. إنها مأمورة بالأكل من كل الثمرات، بخلاف كثير من الحشرات التي تعيش على أنواع معينة من الأشجار أو الأعشاب .. وتتعجب معي حين تعلم أن النحلة لا تأكل، بل ولا تقف على شجرة التبغ "الدخان".
وللنحلة عيون كبيرة، توجد في حافتي الرأس عينان، وعينان أخريان في أعلى الرأس، تحتها عين ثالثة مما جعل لها سعة أفق في النظر، فهي ترى أقصى اليمين، وأقصى الشمال، وترى القريب والبعيد في وقت واحد، مع العلم بأن عيونها لا تتحرك، فمن الذي جعل عيونها كذلك؟ إنه من أحسن كل شيء صنعه والنحلة لها سمع دقيق جدًا يتأثر بأصوات وذبذبات لا تستطيع أن تنقلها أذن الإنسان .. فمن الذي زودها بهذا السمع العجيب؟
والنحلة تحمل ضعف وزنها، وبسرعة أربعمائة خفقة جناح في الثانية الواحدة ..
فسبحان من خلق فسوى، وقدر فهدى. وهناك من النحل من تعمل مرشدات عندما تجد مصدرًا للغذاء، تفرز عليه مادة ترشد إليه بقية أخواتها، وعندما ينتهي ما به من رحيق تفرز عليه رائحة كريهة حتى لا تضيع في البحث فيه مرة أخرى:{فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14].
فمن الذي علمها وأرشدها؟ إنه الله رب العالمين.
إن النحلة (الشغالات) خارج الخلية تستطيع الرجوع إلى خليتها بالتعرف عليها من بين عشرات الخلايا بلا تعب أو عناء، حتى ولو ابتعدت عنها آلاف الأميال.
وهناك حراسا للخلية، فلا تدخل الخلية نحلة غريبة عنها إلا قتلوها.
وهناك نوع آخر أو نحل آخر يعمل بالنظافة، ولذلك فهي لا تلقي مخلفاتها إلا خارج الخلية فمن الذي علمها، ومن الذي ألهمها؟
يقول ابن الجوزي: عرض لي طريق الحج من العرب، فسرنا على طريق خيبر، فرأيت من الجبال الهائلة والطرق العجيبة ما أذهلني، وزادت عظمة الخالق عز وجل في