الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأرادته عن نفسه فأبى وقال: اتقي الله أيتها المرأة، فجعلت لا تكف عنه ولا تلتفت إلى قوله، فلما أبى عليها صاحت عليه، فجاء الناس، فقالت: إن هذا دخل عليّ يريدني عن نفسي، فوثبوا عليه وجعلوا يضربونه وأوثقوه.
فلما صلى عمر الغداة فقده، فبينا هو كذلك إذ جاءوا به في وثاق، فلما رآه عمر قال: اللهم لا تخلف ظني به، قال: ما لكم؟ قالوا: استغاثت امرأة بالليل، فجئنا فوجدنا هذا الغلام عندها، فضربناه وأوثقناه، فقال عمر: اصدقني، فأخبره بالقصة على وجهها.
فقال له عمر: أتعرف العجوز؟ قال: نعم، إن رأيتها عرفتها، فأرسل عمر إلى نساء جيرانها وعجائزهن، فجاء بهن فعرضهن فلم يعرفها فيهن، حتى مرت به العجوز، فقال: هذه يا أمير المؤمنين، فرفع عمر عليها الدرة، وقال: اصدقيني، فقصت عليه القصة كما قصها الفتى، فقال عمر: الحمد لله الذي جعل فينا شبيه يوسف (1).
إبراهيم المسكي
قيل لأبي بكر المسكي: إنا نشم منك رائحة المسك مع الدوام، فما سببه؟
فقال: والله لي سنين عديدة لم أستعمل المسك، ولكن سبب ذلك أن امرأة احتالت عليّ حتى أدخلتني دارها، وأغلقت دوني الأبواب، وراودتني عن نفسي، فتحيرت في أمري، فضاقت بي الحيل، فقلت لها: إن لي حاجة إلى الطهارة، فأمرت جارية لها أن تمضي بي إلى بيت الراحة، ففعلت.
فلما دخلت بيت الراحة أخذت العذرة، وألقيتها على جسمي، ثم رجعت إليها، وأنا على تلك الحالة، فلما رأتني دهشت، ئم أمرت بإخراجي فمضيت واغتسلت.
فلما كانت تلك الليلة رأيت في المنام قائلا يقول لي: "فعلت ما لم يفعله أحد غيرك، لأطيبن ريحك في الدنيا والآخرة" فأصبحت والمسك يفوح مني، واستمر ذلك إلى الآن.
الجزاء من جنس العمل
يحكى أن رجلاً اسمه المبارك كان عبدًا رقيقًا لرجل غني اسمه نوح ابن مريم، فطلب منه سيده أن يذهب ليحرس البساتين التي يملكها فذهب.
(1) غض البصر 90.
وبعد عدة شهور ذهب نوح ليتفقد أحوال البساتين ومعه مجموعة من أصحابه.
فقال للمبارك: ائتني برمان حلو وعنب حلو، فقطف له رمانات ثم قدمها إليهم، فإذا هي حامضة وكذلك العنب.
فقال له نوح: يا مبارك ألا تعرف الحلو من الحامض؟
قال: لم تأذن لي ياسيدي أن آكل منه حتى أعرف الحلو من الحامض.
فتعجب الرجل وقال: أما أكلت شيئًا وأنت هنا منذ شهور؟
قال المبارك: لا والله ما ذقت شيئًا، ووالله ما راقبتك ولكني راقبت ربي، فتعجب سيده من تلك العفة، ومن هذا الورع، وظن في البداية أنه يخدعه، فلما سأل الجيران.
قالوا: ما رأيناه يأكل شيئًا أبدًا، فتأكد من صدقه وورعه وعفته.
فقال: يا مبارك أريد أن أستشيرك في أمر عظيم، قال: ما هو يا سيدي؟
قال: إن لي ابنة واحدة وتقدم لها فلان وفلان وفلان "من الأثرياء" فيا ترى لمن أزوجها.
قال له المبارك: يا سيدي إن اليهود يزوجون للمال، والنصارى يزوجون للجمال، والعرب للحسب والنسب، والمسلمون يزوجون للتقوى، فمن أي الأصناف أنت؟ زوِّج ابنتك للصنف الذي أنت منه.
فقال نوح: والله لا شيء أفضل من التقوى، ووالله ما وجدت إنسانًا أتقى لله منك فقد اعتقتك لوجه الله وزوجتك ابنتي.
وسبحان الله، عف المبارك عن رمانة من البساتين، فساق الله إليه البستان وصاحبة البستان، والجزاء من جنس العمل، ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، فكانت النتيجة أن هذه المرأة أنجبت من المبارك ولدًا أتدرون من هو؟ إنه شيخ الإسلام عبد الله بن المبارك!!