الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صدق في الوفاء: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن عمه أنس بن النضر غاب عن بدر فقال: غبتُ عن أول قتال النبي صلى الله عليه وسلم لئن أشهدني الله مع النبي صلى الله عليه وسلم ليرين الله ما أجد، فلقي يوم أحد فهُزم الناس، فقال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء -يعني المسلمين- وأبرأ إليك مما جاء به المشركون، فتقدم بسيفه فلقي سعد بن معاذ، فقال: أين يا سعد؟ إني أجد ريح الجنة دون أحد، فمضى فقتل، فما عرف حتى عرفته أخته بشامة أو ببنانه وبه بضع وثمانون من طعنة وضربة ورمية بسهم" [رواه البخاري].
قال أنس: كنا نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أمثاله: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23].
المسلم صادق في حبه للشهادة فهو يعمل لها ليل نهار حتى يرزقه الله إياها.
وفاء الأنصار مع الرسول:
قال عوف بن مالك رضي الله عنه: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم تسعة أو ثمانية أو سبعة، فقال؟ "ألا تبايعون رسول الله؟ " فبسطنا أيدينا فقلت: قد بايعناك يا رسول الله، فعلام نبايعك؟ قال:"على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، والصلوات الخمس، وتطيعوا"، وأسر كلمة خفية، قال؟ "ولا تسألوا الناس شيئا"، قال عوف بن مالك: فقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم، فما يسأل أحدا أن يناوله إياه [رواه مسلم].
الوفاء مع الرسول صلى الله عليه وسلم يكون باتباع سنته والتخلق بأخلاقه والاقتداء به والدفاع عن دينه وعقيدته.
وفاء زياد بن السكن:
لما اشتد القتال في أحد، وتكاثرت سيوف المشركين ورماحهم من حول رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه، وتزلزل المسلمون من حوله، نادى عليه السلام بمن بقى من حوله من المسلمين:"ألا من يشري لنا نفسه؟ " فهب إليه زياد بن السكن رضي الله عنه في خمسة من الأنصار، فجعلوا يقاتلون دون رسولهم القائد صلى الله عليه وسلم فيستشهدون دونه رجلا بعد آخر، وزياد بن السكن صامد كالطود الأشم، يدفع عن رسول الله ك صلى الله عليه وسلم حتى أثخنته الجراح، فوقع على الأرض لا يقوى على الحراك، بعد أن جعل جسده سورا يحمي رسوله القائد.
وإذ ذاك أقبلت فئة من صناديد المسلمين يذبون عن رسولهم القائد، فأزالوا المشركين من حوله، وفرقوهم، فالتفت الرسول صلى الله عليه وسلم نحو زياد بن السكن، فإذا به رمق من حياة، فقال صلى الله عليه وسلم:"أدنوه مني"، فأدنوه، فوسده الرسول صلى الله عليه وسلم على فخذه، فما لبث رضي الله عنه أن مات وخده على فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم والرسول صلى الله عليه وسلم لا يفتر يدعو له، رضي الله عنهم أجمعين.
تخيل نفسك في هذا الموضع، ماذا كنت ستفعل إذا فر صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم عنه؟ هل ستدافع عن الرسول صلى الله عليه وسلم أم تفر معهم؟
بعد وفاته صلى الله عليه وسلم:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: "لو جاء مال البحرين أعطيتك هكذا ثلاثا"، فلم يقدم حتى توفي النبي فأمر أبو بكر مناديا فنادى: من كان له عند النبي عِدة أو دين فليأتنا فأتيته فقلت: إن النبي صلى الله عليه وسلم وعدني فحثى لي ثلاثا [رواه البخاري]. وهكذا وفى أبو بكر رضي الله عنه بوعد النبي صلى الله عليه وسلم حتى بعد وفاته، ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى الناس بالوفاء أدى أبو بكر مواعيده عنه.
وكذلك فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع سراقة بن مالك رضي الله عنه، ففي حادثة الهجرة اتبع سراقة النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"عد يا سراقة ولك سوارا كسرى" وقبض النبي صلى الله عليه وسلم وفي خلافة عمر بعد فتح المدائن جاء سوارا كسرى لعمر فنادى سراقة وألبسه إياهما وقال: هذا ما وعدك به رسول الله. إنه الوفاء لما وعد به الرسول صلى الله عليه وسلم.
وفاء حكيم بن حزام:
عن عروة بن الزبير أن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني، ثم
سألته فأعطاني، ثم قال لي:"يا حكيم إن هذا المال خضر حلو، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى".
قال حكيم: قلت: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لا أرزأ (أسأل) أحدا بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا، فكان أبو بكر يدعو حكيما ليعطيه العطاء فيأبى أن يقبل منه شيئا، ثم إن عمر دعاه ليعطيه فأبى أن يقبله، فقال: يا معشر المسلمين إني أعرض عليه