الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان يقول: إذا عوتب في بكائه وشدة اجتهاده، أدركنا أقواما كنا في جنوبهم لصوصا.
التأثر بآية
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بنا ليلة فقام بآية يرددها، وهي:{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118].
وقام تميم الداري بآية يكررها حتى أصبح أو كاد، وهي قوله تعالى:{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية: 21].
وروى إبراهيم بن علقمة قال: صليت إلى جنب عبد الله بن مسعود فافتتح سورة طه فلما بلغ: {رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114] قال: رب زدني علما، رب زدني علما.
وعن عروة بن الزيير رضي الله عنه قال: دخلت على أسماء بنت أبي بكر (يعني أمه) وهي تصلي، فقرأت هذه الآية:{فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: 27] فقمت، فلما طال علي ذهبت إلى السوق، ثم رجعت، وهي مكانها، وهي تكرر الصلاة (يعني الآية).
وروي أن عامر بن عبد قيس قرأ ليلة سورة المؤمن (غافر)، فلما انتهى إلى هذه الآية {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} [غافر: 18] لم يزل يرددها حتى أصبح.
وكان بعضهم يقول: كل آية لا أفهمها، ولا يكون قلبي فيها، لا أعد لها ثوابا.
وعن أبي سليمان الداراني قال: إني لأتلو الآية فأقيم فيها أربع ليال، وخمس ليال، ولا أني أقطع الفكر فيها ما جاوزتها إلى غيرها.
وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إذا قرأ قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد: 16] بكى حتى يغلبه البكاء.
وشرب عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ماء مبردا فبكى بكاء شديدا، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: ذكرت آية في كتاب الله {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} [سبأ: 54] فعرفت أن أهل النار لا يشتهون شيئا شهوتهم الماء.
وعن القاسم قال: صلى ابن عمر- رضي الله عنه فقرأ قوله تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1] حتى بلغ {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:1 - 6] فبكى ابن عمر حتى حنى ولم يقدر أن يكمل ما بعدها من الآيات.
وقال محمد بن كعب: لأن أقرأ في ليلتي حتى أصبح ({إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزلزلة: 1] و {الْقَارِعَةُ} [القارعة: 1] لا أزيد عليهما، وأتفكر فيهما أحب إلي من أن أهذ القرآن هذَّا، أو قال: أنثره نثرا.
وقال الزهري: العلم ذكر لا يحبه إلا الذكور من الرجال.
ويقول المقريزي نقلا عن مجاهد: صليت خلف مسلمة بن مخلد فقرأ سورة البقرة فما ترك ألفا ولا واوا.
ويقول الحارت بن سعيد: أخذ بيدي رياح القيسي فقال: هلم يا أبا محمد حتى نبكي على مر الساعات، ونحن على هذه الحال، قال: وخرجت معه إلى المقابر فلما نظر إلى القبور صرخ، ثم خر مغشيًا عليه، قال: فجلست -والله- عند رأسه أبكي، فأفاق، فقال: ما يبكيك؟ قلت: لما أرى بك.
قال: لنفسك فابك، ثم قال: وانفساه! وانفساه! ثم غشي عليه.
قال: فرحمته -والله- مما نزل به، فلم أزل عند رأسه حتى أفاق، فوثب وهو يقول:{تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ}
…
{تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ} [النازعات: 12]، مضى على وجهه، وأنا أتبعه لا يكلمني حتى انتهى إلى منزله، فدخل ورجعت إلى أهلي، ولم يلبث بعد ذلك إلا يسيرا حتى مات.
ويقول منصور بن عمار دخلت الكوفة فبينما أنا أمشي في ظلمة الليل إذ سمعت بكاء رجل بصوت شجي من داخل دار وهو يقول إلهي، وعزتك وجلالك ما أردت بمعصيتي مخالفتك، ولكن عصيتك بجهل مني، فالآن من ينقذني من عذابك؟ وبحبل من أعتصم إن قطعت حبالك عني؟ واذنوباه! واغوثاه! يا الله!
قال منصور بن عمار فأبكاني كلامه فوقفت فقرأت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ