الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يؤيدك، والله معك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته" (1).
هل فكرت يوما أن ترسل رسالة شفوية أو مكتوبة إلى صاحب كتاب، أو خطيب جمعة، أو مقال أعجبك، وترى أنه كان سببا في توعية المسلمين؟
أوفى من السموأل:
أراد الشاعر العربي الشهير امرؤ القيس الكندي أن يذهب إلى قيصر الروم، وكان عنده عدد كبير من الدروع والأسلحة، فأعطاها لرجل يقال له السموأل، فلما مات امرؤ القيس أرسل إليه ملك كندة يطلب الأسلحة والدروع، فرفض السموأل، وقال: إما أن أعطيها لابنته أو ورثته، فأرسل الملك إليه مرة أخرى فرفض حفظا للأمانة ووفاء بالوعد، فخرج إليه ملك كندة بعسكر كثير، فدخل السمؤال حصنه، وكان ابنه خارج الحصن، فأمسك به الملك، وهدده إما أن يسلم الدروع والأسلحة، وإما أن يقتل ابنه، فاطلع إليه من الحصن، وقال له: اصنع بابني ما تشاء فلن أغدر بالعهد، ولن أخون، فقتل الملك ابن السموأل، وانتظر السموأل حتى جاء ورثة امرى القيس، وأعطاهم الدروع والأسلحة ووفى بما وعد، وضرب به المثل في الوفاء وقالوا:"أوفى من السموأل".
إنه الوفاء بالعهود وإن كان فيه قتل للذرية.
وفاء مع الكفار:
في العام السادس الهجري، عقد المشركون مع المسلمين صلح الحديبية، وكان من شروط الصلح أنه إذا أسلم أحد من المشركين، وذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم رده إلى قومه.
وبعد عقد الصلح مباشرة، جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو رضي الله عنه وأعلن إسلامه، فلما رآه أبوه قام إليه وعنفه، ثم طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرد أبا جندل تنفيذا لروابط الصلح، فوافق.
فقال أبو جندل: يا معشر المسلمين، أأرد إلى المشركين يفتنوني عن ديني؟ فأخبره الرسول صلى الله عليه وسلم بالعهد الذي أخذه على نفسه، وأنه يجب عليه الوفاء به، فقال:"يا أبا جندل، اصبر واحتسب فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا، وإننا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحا".
(1) أعلام الحركة الإسلامية، المستشار العقيل.
ردوا إليهم الجزية:
عندما جمع الروم حشودهم على حدود البلاد الإسلامية الشمالية، كتب أبو عبيدة رضي الله عنه إلى كل وال ممن خلفه في المدن التي صالح أهلها، يأمرهم أن يرجعوا عليهم ما جبي منهم من الجزية والخراج، وكتب إليهم أن يقولوا لهم: إنما رددنا عليكم أموالكم، لأنه قد بلغنا ما جمع لنا من الجموع وأنكم اشترطتم علينا أن نمنعكم، وإنا لا نقدر على ذلك، وقد رددنا عليكم ما أخذنا منكم، ونحن على الشرط، وما كتبنا بيننا وبينكم إن نصرنا الله عليهم، فلما قالوا ذلك لهم وردوا عليهم أموالهم التي جبيت منهم، قالوا: ردكم الله علينا ونصركم عليهم "أي الروم" فلو كانوا هم ما ردوا علينا شيئًا وأخذوا كل شيء بقي لنا حتى لا يدعوا لنا شيئا.
عمر والهرمزان:
وقع الهرمزان الفارسي في الأسر، وجاء إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعرف الهرمزان أنه يحكم عليه بالقتل لما فعله من حرب المسلمين، فطلب من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن يطلب له ماء يشربه، فلما أتى الماء، قال الهرمزان للخليفة: آخذ عليك عهدا، ألا تقتلني ما دام الماء معي، فقال له أمير المؤمنين: لك ذلك، فقال الهرمزان: فوالله لا أترك الماء ولا أشربه، فخلى عمر سبيله وفاء بوعده. وهكذا المسلم يكون وفيا مع أعدائه في العهود.
أبو حنيفة:
من مظاهر الوفاء وفاء أبي حنيفة لشيوخه، فلقد كان يدعو لشيخه حماد مع أبويه في كل صلاة يصليها، وكان يحفظ له وده، ويذكره دائما ويترحم عليه، ولا ينسى له فضله، لم يسهل على أبي حنيفة أبدا أن ينسى شيخه وأستاذه حمادًا، فأقام على شرعة الوفاء له، يذكره بالخير، ويثني على فضله، وينوه بأثره فيه، ويدعو له، حتى قال أبو حنيفة: ما صليت قط إلا ودعوت لشيخي حماد ولكل من تعلمت منه علما أو علمته، وفي رواية: ما صليت صلاة منذ مات حماد إلا استغفرت له مع والديّ، وإني لأستغفر لمن تعلمت منه علما أو علمته علما (1).
(1) الإمام أبو حنيفة 288.