الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإبليس هو أول من حسد، وأول من عصى بهذا الذنب:{قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: 12].
وقابيل حسد أخاه هابيل، لما خصه الله من النعم.
وهؤلاء إخوة يوسف حسدوا أخاهم يوسف لعدم قدرتهم على أن يكون لهم ما عند أخيهم.
فرق بين الحسد والغبطة والمنافسة
قد جاء في المنافسة: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا حسد (غبطة أو منافسة) إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلط على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها"[رواه البخاري].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مثل هذه الأربعة كمثل أربعة نفر: رجل آتاه الله مالاً وعلمًا فهو يعمل بعلمه في ماله ينفقه في حقه، ورجل آتاه الله علمًا ولم يؤته مالاً فهو يقول لو كان لي مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل"، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فهما في الأجر سواء، ورجل آتاه الله مالاً ولم يؤته علمًا فهو يخبط (يصرفه في شهوات نفسه) في ماله ينفقه في غير حقه، ورجل لم يؤته الله علمًا ولا مالاً، فهو يقول: لو كان لي مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل"، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فهما في الوزر سواء"[رواه ابن ماجه].
فالمنافسة في الخير محمودة، وهي طلب التشبه بالأفاضل من غير إدخال ضرر عليهم.
الغبطة: يتمنى المؤمن أن يكون لديه ما لدى أخيه المسلم من خير وفضل، دون تمني زوال هذا الخير أو هذا الفضل من عند أخيه صاحب هذه النعمة.
نهاية مؤلمة
يروى أن رجلاً كان يجالس أحد الحكام ويصاحبه وينصحه، فحسده رجل شرير على ذلك المقام عند الحاكم، فذهب إلى الحاكم وقال له: إن هذا الذي يجالسك، ويقول ما يقول من كلام جميل، يزعم أنك أبخر (أي لفمك رائحة كريهة) فقال له الحاكم وهو
ساخط: وكيف أتأكد من ذلك؟
قال له الرجل الحاسد: تدعوه إليك، فإنه إن دنا منك وضع يده على أنفه لئلا يشم رائحة البخر منك، فقال له الحاكم: انصرف حتى أنظر، فخرج الحاسد من عند الحاكم، وذهب إلى الرجل جليس الحاكم الذي وشى به عنده ودعاه إلى منزله، فأطعمه طعامًا فيه ثوم كثير، ثم خرج ذلك الرجل وذهب كعادته إلى الحاكم وجلس بجواره لينصحه، فقال: أيها الحاكم أحسن إلى المحسن بإحسانه، أما المسيء فستكفيه إساءته، فقال له الحاكم: ادن مني. فدنا منه، فوضع الرجل يده على فمه مخافة أن يشم الحاكم منه رائحة الثوم، فقال الحاكم في نفسه: ما أرى فلانا إلا قد صدق. وكان الحاكم لا يكتب بخطه إلا صلة أو جائزة، فكتب للرجل كتابًا بخطه إلى عامل من عماله يقول فيه: إذا أتاك حامل كتابي هذا فاذبحه.
فأخذ الرجل جليس الحاكم الكتاب، وخرج به، فلقيه الرجل الواشي الذي حسده.
فقال له: ما هذا الكتاب؟
فقال: خط الحاكم لي كتابًا فيه جائزة.
فقال له: هبه لي.
قال: هو لك. فأخذه ومضى به إلى العامل، فقال له العامل: في كتابك أن أذبحك،
فقال له الرجل الحاسد بفزع: إن الكتاب ليس لي، فالله الله في أمري حتى تراجع الحاكم وتخبره بأمري.
فقال العامل: ليس لكتاب الحاكم مراجعة، فذبحه. ثم عاد الجليس الطيب إلى الحاكم كعادته، فتعجب الحاكم، وقال له: ما فعلت بالكتاب؟
فقال الرجل الطيب: لقيني فلان فاستوهبه مني فوهبته له.
قال الحاكم له: إنه ذكر لي أنك تزعم أني أبخر.
قال الرجل الطيب: ما قلت ذلك.
قال الحاكم: فلم وضعت يدك على فمك؟
قال: لأنه أطعمني طعامًا فيه ثوم فكرهت أن تشمه، عندئذ قال الحاكم لهذا الرجل