الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذين أضروا بالمسلمين وهم يدفعون بخيولهم نحوهم فلا تندفع، فكان موقفا صعبا أظهر المسلمون فيه من البسالة والتضحية ما يندر أن يوجد له مثيل في التاريخ، وصمدوا للفرس رغم تفوقهم عليهم في كل وسائل القتال، وكانت الفيلة أشد سلاح واجهه المسلمون، وبدأ هو بالفيل الأبيض فتعلق بحزامه وقطعه ووقع الذين عليه، وفعل المسلمون مثل ذلك فما تركوا فيلا إلا حطوا رحله وقتلوا أصحابه، ولكن الفيلة استمرت في الهجوم لأنها كانت مدربة، وهجم أبو عبيد على الفيل الأبيض، ولكن الفيل أطاح به وقتله.
من الشجاعة ابتكار أساليب لمواجهة بطش الباطل.
فتح مصر
أرسل عمرو بن العاص إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يستمده فأمده أمير المؤمنين بأربعة آلاف رجل على كل ألف منهم رجل يقوم مقام الألف، وهم الزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود، وعبادة بن الصامت، ومسلمة بن مخلد، وقال عمر في كتابه له: اعلم أن معك اثني عشر ألفا، ولن تغلب اثنا عشر ألفا من قلة.
وقد خرج الروم مع الأقباط لمواجهة المسلمين، وجرت بينهم معركة حامية استعمل فيها عمرو بن العاص دهاءه الحربي كما صنع خالد بن الوليد في العراق، وذلك أنه جعل جيشه ثلاثة أقسام، حيث أقام كمينا للأعداء في الجبل وأقام كمينا آخر على النيل قريبا من أم دنين، وقابل أعداءه ببقية الجيش، ولما نشب القتال بين الفريقين خرج الكمين الذي في الجبل الأحمر وانقض على الروم فاختل نظامهم وانهزموا، وقابلهم الكمين الآخر فتفرق جيشهم، وهكذا كسب المسلمون المعركة.
هناك رجال في الإسلام يعد الرجل منهم بألف رجل .. هل أنت منهم؟
عبد الله بن الزبير
في السادسة والعشرين من عمره، يقتل ابن الزبير ملك إفريقية "جرجير"، فقد شهد ابن الزبير فتح إفريقية أيام عثمان بن عفان تحت لواء عبد الله بن سعد بن أبي السرح، وكان الفتح على يديه.
سير عثمان بن عفان ابن الزبير في جماعة إلى إفريقية، سنة ست وعشرين هجريا، ليأتيه بأخبار الفتح، فسار مجدا حتى وصل إلى المسلمين هناك وأقام معهم، ولما وصل كثر الصياح والتكبير في المسلمين، فسأل جرجير ملك إفريقية عن الخبر، فقيل: قد أتاهم عسكر، ففت ذلك في عضده، ورأى عبد الله قتال المسلمين كل يوم من بكرة إلى الظهر، فلما أذن سمع منادي جرجير، يقول: من قتل عبد الله بن سعد فله مائة ألف دينار، وأزوجه ابنتي.
فخاف عبد الله على نفسه، فحضر ابن الزبير عند عبد الله بن سعد وقال له: تأمر مناديا ينادي: من أتاني برأس جرجير نفلته مائة ألف وزوجته ابنته، واستعملته على بلاده، ففعل فصار "جرجير" يخاف أشد من عبد الله بن سعد، ثم إن عبد الله بن الزبير قال لعبد الله بن سعد: إن أمرنا يطول مع هؤلاء، وهم في أمداد متصلة، وبلاد هي لهم، ونحن منقطعون عن المسلمين وبلادهم، وقد رأيت أن نترك غدا جماعة صالحة من أبطال المسلمين في خيامهم متأهبين، ونقاتل نحن الروم في باقي العسكر إلى أن نجد أن ينضجروا ويملوا، فإذا رجعوا إلى خيامهم ورجع المسلمون، ركب من كان في الخيام من المسلمين ولم يشهدوا القتال، وهم مستريحون، ونقصدهم على غرة، فلعل الله ينصرنا عليهم، فأحضر ابن سعد جماعة من أعيان الصحابة واستشارهم فوافقوا على ذلك.
وفي صباح الغد نفذ ابن سعد خطة ابن الزبير هذه، فأقام جميع شجعان المسلمين في خيامهم، وخيولهم عندهم مسرجة، ومضى الباقون فقاتلوا الروم إلى الظهر قتالا شديدا، وهمَّ الروم بالانصراف على العادة، لم يتركهم ابن الزبير وألح عليهم بالقتال حتى أتعبهم، ثم عاد عنهم هو والمسلمون، فكل من الطائفتين ألقى سلاحه ووقع تعبا .. عند ذلك أخذ عبد الله بن الزبير من كان مستريحًا من شجعان المسلمين، وقصد الروم، فلم يشعروا بهم حتى خالطوهم، وحملوا حملة رجل واحد وكبروا فلم يتمكن الروم من لبس سلاحهم حتى غشيهم المسلمون، ونظر عبد الله فرأى "جرجير" وقد خرج من عسكره فأخذ جماعة من المسلمين وقصده فقتله (1).
(1) من يظلهم الله (1/ 282 - 284).