الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإجلاله، فخشي عليه من ذلك أشد الخشية، وبادره قائلاً: السلام عليك يا أجير المؤمنين. فالتفت إليه الناس وقالوا: أمير المؤمنين يا أبا مسلم، فلم يأبه لهم وقال: السلام عليك يا أجير المؤمنين. فقال الناس: أمير المؤمنين يا أبا مسلم، فلم يعرهم سمعه، ولم يرم نحوهم بطرفه وقال: السلام عليك يا أجير المؤمنين. فلما هم الناس بمراجعته؛ التفت إليهم معاوية وقال: دعوا أبا مسلم، فهو أعلم بما يقول.
فمال أبو مسلم إلى معاوية وقال له: إنما مثلك بعد أن ولاك الله أمر الناس كمثل من استأجر أجيرًا وأوكل إليه أمر غنمه، وجعل له الأجر على أن يحسن رعيها، ويحفظ أبدانها، ويوفر أصوافها وألبانها، فإن هو قام بما عهد إليه حتى تكبر الصغيرة وتسمن العجفاء، وتصح السقيمة أعطاه أجره، وزاده، وأن هو لم يحسن رعيها وغفل عنها، حتى هلكت عجافها، وهزلت سمانها، وضاعت أصوافها وألبانها منع الأجر عنه، وغضب عليه وعاقبه، فاختر لنفسك ما فيه خيرك وأجرك.
فرفع معاوية رأسه وكان مطرقًا إلى الأرض، وقال: جزاك الله عنا وعن الرعية خيرًا يا أبا مسلم، فما علمناك إلا ناصحًا لله ولرسوله، ولعامة المسلمين (1).
طلب العلم عبادة
حفظ أحمد بن حنبل القرآن الكريم، ولما بلغ أربع عشرة سنة، درس اللغة العربية، وتعلم الكتابة، وكان يحب العلم كثيرًا حتى إن أمه كانت تخاف عليه من التعب والمجهود الكبير الذي يبذله في التعلم، وقد حدث ذات يوم أنه أراد أن يخرج للمكان الذي يتعلم فيه الصبية قبل طلوع الفجر، فجذبته أمه من ثوبه، وقالت له: يا أحمد انتظر حتى يستيقظ الناس. ومضت الأيام حتى بلغ أحمد الخامسة عشرة من عمره فأراد أن يتعلم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من كبار العلماء والشيوخ، فلم يترك شيخًا في بغداد إلا وقد استفاد منه، ومن شيوخه: أبو يوسف، وهشيم بن مشير.
وكان أحمد بن حنبل يحفظ ألف ألف حديث (2).
(1) صور من حياة التابعين: 354.
(2)
أعلام المسلمين: 100 - 101.
النهي عن المنكر عبادة
عن الأصمعي قال: دخل عطاء بن أبي رباح على عبد الملك بن مروان وهو جالس على سريره، وحواليه الأشراف من كل بطن، وذلك بمكة في وقت حجه في خلافته، فلما بصر به قام إليه، وأجلسه معه على السرير، وقعد بين يديه، وقال له: يا أبا محمد ما حاجتك؟
فقال: يا أمير المؤمنين اتق الله في حرم الله وحرم رسوله، فتعاهده بالعمارة، واتق الله في أولاد المهاجرين والأنصار فإنك بهم جلست هذا المجلس، واتق الله في أهل الثغور فإنهم حصن المسلمين، وتفقد أمور المسلمين فإنك وحدك المسئول عنهم، واتق الله فيمن على بابك، فلا تغفل عنهم ولا تغلق بابك دونهم.
فقال له: أجل أفعل، ثم نهض وقام. فقبض عليه عبد الملك فقال: يا أبا محمد، إنما سألتنا حاجة لغيرك. وقد قضيناها، فما حاجتك أنت؟
فقال: ما لي إلى مخلوق حاجة، ثم خرج فقال عبد الملك: هذا وأبيك الشرف (1).
حوار حول اللحية
كان الإمام الشهيد البنا راكبًا الترام ذات مرة عائدًا إلى بيته، فحرص أحد الشباب الذين يهزأون بالسنيين والملتحين من الدعاة والوعاظ، أن يكون جلوسه إلى جانب الإمام الشهيد.
وبدأ الشاب في استئذانه بسؤال محرج، ورجا الأستاذ أن يجيبه معتذرًا عن هذا السؤال!
فأجاب الإمام الشهيد مرحبًا كل الترحيب بما يسأل الشاب، ووعده ألا يكون لسؤاله من أثر في نفسه غير الرضا والارتياح.
فبدأ الشاب سؤاله بقوده: لماذا أطلقت لحيتك يا أستاذ؟
فأجاب الاستاذ: اسمح لي أن أقول لك بأن سؤالك ليس في موضعه، وما كان لك أن تسأل هذا السؤال، وإنما الذي من حقه هذا السؤال هو أنا: لماذا حلقت لحيتك أنت يا أخي؟
وهكذا تحول الأستاذ من موقع المدافع إلى موقف المهاجم!
(1) إحياء علوم الدين (3/ 345).