الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فما برحت حتى نزلت عليه طيور فأكلته، فلما أتيت المدينة ذهبت إلى دار والدته فلما قرعت الباب خرجت أخته إلي فلما رأتني عادت وقالت: يا أماه هذا أبو قدامة ليس معه أخي، فقد أُصبنا في العام الأول بأبي، وفي هذا العام بأخي.
فخرجت أمه إلي فقالت: أمعزيًا أم مهنئًا؟
فقلت: ما معنى هذا؟
فقالت: إن كان مات فعزني، وإن كان استُشهد فهنئني.
فقلت: لا بل مات شهيدًا.
فقالت: له علامة فهل رأيتها.
قلت: نعم لم تقبله الأرض ونزلت الطيور فأكلت لحمه وتركت عظامه فدفنتها.
فقالت: الحمد لله. فسلمت إليها الخرج ففتحته فأخرجت منه مسحًا وغلاً من حديد.
وقالت: إنه كان إذا جنه الليل لبس هذا المسح وغل نفسه بهذا الغُل وناجى مولاه، وقال في مناجاته: اللهم احشرني من حواصل الطيور. فقد استجاب الله دعاءه.
صور أخرى
وذكر البنا رحمه الله صورًا وألوانًا أخرى للجهاد فقال:
1 -
من الجهاد في الإسلام أيها الحبيب: عاطفة حية قوية تفيض حنانًا إلى عز الإسلام ومجده، وتهفو شوقًا إلى سلطانه، وتبكي حزنًا على ما وصل إليه المسلمون من ضعف، وما وقعوا فيه من مهانة، وتشتعل ألمًا على هذه الحال التي لا ترضي الله ولا ترضي الرسول صلى الله عليه وسلم.
لمثل هذا يذوب القلب من كمد
…
إن كان في القلب إسلام وإيمان
2 -
من الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب: أن يحملك هذا الهم الدائم والجوى اللاحق على التفكير الجيد في طريق النجاة، وتلمس سبيل الخلاص، وقضاء وقت طويل في فكرة عميقة تمحص بها سبل العمل وتتلمس فيها أوجه الحيل لعلك تجد لأمتك منفذًا أو تصادف منقذًا، ونية المرء خير من عمله، والله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
3 -
ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب: أن تنزل عن بعض وقتك وبعض مالك، وبعض مطالب نفسك لخير الإسلام والمسلمين، فإن كنت قائدًا ففي مطالب القيادة تنفق،
وإن كنت تابعًا ففي مساعدة الداعين تفعل، وفي كل خير قال تعالى:{وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [النساء: 95].
4 -
ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب: أن تأمر بالعروف وتنهى عن المنكر وأن تنصح لله ورسوله وكتابه ولأئمة السلمين وعامتهم، وأن تدعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وما ترك قوم التناصح إلا ذلوا، وما أهملوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا خذلوا، قال تعالى:{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة: 78 - 79][المائدة: 78].
5 -
ومن الجهاد في سبيل الله: أن تتنكر لمن تنكر لدينه، وأن تقاطع من يعادي الله ورسوله، فلا يكون بينك وبينه صلة، ولا مؤاكلة ولا مشاربة .. وفي الحديث:"إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع، فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض"[رواه أبو داود].
6 -
ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب: أن تكون جنديًا لله تقف له نفسك ومالك لا تبقى على ذلك من شيء، فإذا هدد مجد الإسلام وديست كرامته ودوى نفير النهضة لاستعادة مجد الإسلام كنت أول مجيب للنداء، وأول متقدم للجهاد. وبذلك يتحقق ما يريد الله من نشر الإسلام حتى يعم الأرض جميعًا.
7 -
ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب: أن تعمل على إقامة ميزان العدل وإصلاح شئون الخلق، وإنصاف الظلوم والضرب على يد الظالم، مهما كان مركزه وسلطانه، جاء في الحديث:"أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان أو أمير جائر" الترمذي، وجاء أيضًا:"سيد الشهداء حمزة بن عبد الطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله" الطبراني.
8 -
ومن الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى: إن لم توفق إلى شيء من ذلك كله أن تحب المجاهدين من كل قلبك، وتنصح لهم بمحض رأيك، وقد كتب الله لك بذلك الأجر وأخلاك من التبعة، ولا تكن غير ذلك فيطبع الله على قلبك ويؤاخذك أشد المؤاخذة.
***