الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الأستاذ الأكبر إلى أبنائه الطلبة
(1)
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد:
فباسم الله تعالى، وعلى بركته، نستقبل عاماً دراسياً جديداً في عهد جديد، والعهد الجديد يطلب من كل فرد أو جماعة أن يحقق الغاية التي يناط به تحقيقها.
والغاية التي ناطها الله بكم، وجعلها أمانة في أعناقكم: هي غرس الدين، وتقوية اليقين في الأمة، وتربية الفضائل فيها، واجتثاث الرذائل منها، ونشر الأخوة الإسلامية والوطنية بين أفرادها، وإحلال المحبة والتراحم محل التباغض والتشاحن، وإحلال التعاون على البر والتقوى محل التعاون على الإثم والعدوان.
بهذه التربية الرشيدة تنشأ الأمة مؤمنة قوية، شديدة الأسر، عزيزة الجانب، تأبى الضيم، وتنفر من الاستعباد، وتكون من الأمم -بحق- موضع الإجلال والكرامة، بل موضع القدوة والزعامة.
(1) مجلة "الأزهر" الجزء الثاني -المجلد الرابع والعشرون- صفر 1372 هـ = أكتوبر، تشرين الأول 1952 م.
إن غايتكم هذه هي غاية الأنبياء والمرسلين، وقد جعلكم الله ورثتهم: تقومون بما قاموا، وتؤدون الله والوطن ما أدوا. إنها أسمى غاية وأنبلها، وبدونها يكون كل إصلاح -وإن اجتهد صاحبه- سطحياً ظاهرياً، لا ينفذ إلى باطن الأمر ولبه، بل يكون رقماً على الماء، أو نقشاً في الهواء، وقد نبه على ذلك النبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول:"ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت، صلح الجسد كله، وإذا فسدت، فسد الجسد كله، ألا وهي القلب".
أبنائي! إن الأمر الجسيم لا ينال إلا بالعمل الجسيم، والإعداد القوي.
فعليكم -أيها الطلاب- أن تعدوا أنفسكم لهذا الأمر الجلل، وذلك بأن تكملوا أنفسكم بالعلم، وتهذبوها بالخلق، وتجعلوا غايتكم أمامكم؛ لتسددكم وتقويكم، وتشد من عزائمكم. وستجدون -إن شاء الله- من أساتذتكم آباء رحماء، ينهلونكم من مناهل العلم والتثقيف، ويعنون بكم في الدرس وفي خارج الدرس، ويرعونكم ويوجهونكم، ويحلون ما يعرض لكم من مشكلات في حياتكم العلمية والاجتماعية. وسنربط بينكم -بإذن الله- رباط وثيق من المحبة والتعاون على بلوغ هذه الغاية العظمى.
سددكم الله وقوَّاكم، وأعاننا وإياكم على هذا الإصلاح العظيم، في هذه النهضة العظيمة المباركة، والسلام عليكم ورحمة الله.