الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من كتاب "حياتي في رحاب الأزهر
"
* من كتاب "حياتي في رحاب الأزهر - طالب
…
أستاذ
…
ووزير" يقول الدكتور محمد البهي:
والشيخ (الخضر حسين) عليه رحمة الله -وهو تونس الأصل- كان من أمثل العلماء في الدفاع عن الإسلام، وفي الجهاد في سبيله، ولم يقع يوماً تحت إغراء الدنيا، اتصلت به يوم كان أستاذاً للبلاغة في قسم التخصص الذي أنشئ في سنة 1925 والذي تخرجت فيه، وسافرت تواً بعد التخرج إلى ألمانيا، وعرفته شيخاً للأزهر عن قرب وأنا أباشر العمل في مراقبة الثقافة بإدارة الأزهر بجانب أستاذية الفلسفة في كلية اللغة العربية، وكان رئيساً لجمعية "الهداية الإسلامية" ومديراً لمجلتها، كما كان أسلوبه في المجلة يتميز بالوضوح، والمنطق، والإيمان، ولم يتزلف يوماً ما لحكم، ولا لكبير في وظيفته، ولم يهادن أو ينافق إطلاقاً في إعلان كلمة الحق.
عرفته في حياته الداخلية في مسكنه، وفي عيشته، عرفته الزاهد، المتقشف، الورع. رأيته قبل المشيخة، وفي أثنائها، وبعدها، وهو يلبس (القبقاب) في المنزل، مع عظمة المؤمن العارف بالله.
ولا أنسى موقفه -وكان اللواء محمد نجيب رئيساً للجمهورية ولمجلس الوزراء في عهد ما يسمى بالثورة - عندما نشر بالصحف: أن الحكومة تعزم
على تعديل قانون هيئة كبار العلماء بالأزهر. وحضر إلى إدارة الأزهر مبكراً، ولم يذهب إلى مكتبه أولاً، وإنما دخل مكتبي، وجلس وأنا وحدي معه، وسألني هل قرأت الخبر الخاص بجماعة كبار العلماء؟ فأجبته بإيجاب، فاخرج مكتوباً من جيبه، وقال: اقرأ هذا الخطاب، وإذا به خطاب موجه إلى رئيس الجمهورية يقدم فيه استقالته احتجاجاً على تدخل الحكومة في شؤون الأزهر بلغة لا تعوزها الصراحة، وبإيمان لا يقبل التردد بحال، وبعزيمة صادقة لا تعرف المناورة.
فقبّلت يده بعد أن قرأت الخطاب، وشكرت له غيرته على الأزهر وكرامة العلماء. إلى أن أرسله إلى رئيس الجمهورية.
ورأت فيه الحكومة قوة لا تستطيع معها أن تقدم أي تغيير في الأزهر طالما الشيخ في وظيفته، فقبلت استقالته.