الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدعوة لتحديد النسل هدم لكيان الأمة، وجريمة في حقها
(1)
قال مندوب "المصري" لفضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الجامع الأزهر: كان لا بد للقراء أن يقفوا على رأيكم في مشكلة تحديد النسل، وهي مشكلة الساعة، وحديث الناس في محافلهم ومجالسهم.
فقال فضيلته:
إن التفكير في تحديد النسل لأفراد الأمة كلها أمر لا يجيزه الدين بحال، ولا ترضاه الشريعة الإسلامية السمحة، وإلى جوار ذلك، فإنه عمل لا يمكن تحقيقه بقانون عام يطبق على جميع الأفراد.
ومضى فضيلته يقول: وفيم هذا الهلع من كثرة النسل، ونحن في هذه الحياة قد تكفل المولى- جل شأنه- بأرزاقنا إذ يقول {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ] [هود: 6].
ويقول- جل شأنه-: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} {الإسراء: 31].
(1) مجلة "الأزهر" الجزء الثاني -المجلد الخامس والعشرون- غرة صفر 1373 هـ -أكتوبر تشرين الأول- 1953 م.
* النيل:
ثم قال فضيلته: وهذا الكلام -أعني: الالتجاء إلى تحديد النسل- لا يقال في هذا البلد الذي وهبه الله النيل ليحيل صحراءه إلى نعيم، وأرضه إلى ثروات، وتساءل فضيلته قائلاً: هلا حاول الذين ينادون بتحديد النسل -قبل مناداتهم بهذه الدعوة- البحث عن وسيلة فعالة تحقق للبلاد الانتفاع بمياه النيل التي تذهب إلى البحر سدى أيام الفيضان؟ والانتفاع بهذه المياه لا شك يساعد على النهوض باقتصاديات البلاد وإنتاجها، ويساعد على قيام عديد من المشروعات النافعة الهامة. هلا فكروا في شيء من هذا وإبداء الآراء النافعة للنهوض بموارد البلاد.
* مشكلة الأيدي العاملة:
وماذا يمكن أن يجدي تحديد النسل على الجميع غير الضيق، ونقص الأيدي العاملة المنتجة؟ إننا نرى الرجال في الريف يفرحون بكثرة الأبناء؛ لأنهم يساعدونهم في أعمالهم الزراعية، ويضاعفون إنتاج آبائهم، فكيف إذن يحد نسل هؤلاء؟
…
إن لدينا مساحات واسعة يمكن تعميرها، والمشكلة مشكلة الأيدي العاملة، لا كثرتها.
* تقسيم صوري:
أما قلة الدخل وكثرته الذي تجعله الهيئة الصحية العالمية مقياساً لتقسيم الأمم إلى متأخرة ومتوسطة ومتقدمة، ففي نظري يكاد يكون تقسيماً صورياً لا غير، ذلك أننا إذا قسمنا متوسط الدخل في مصر، وهو 30 جنيهاً تقريباً للفرد في العام، بمتوسط دخل الطبقة الأولى، وهو مئتا جنيه في العام؛ كما هو الحال في أمريكا وبعض ممالك أوربا، فإننا نجد النسبة محفوظة؛ لأن الحالة
المعيشية في مصر أرخص جملة مرات من الحياة في أمريكا أو أوربا، والفرد الذي يعيش في مصر بثلاثين جنيهاً في العام لا يستطيع أن يعيش بمئتين أو ثلاث مئة في أمريكا وأوربا. أفما كان من الواجب مراعاة رخص الحياة أو إغلائها في مثل هذا الإحصاء؟.
* أصحاب الضرورة:
وتحدث فضيلته عن أصحاب الضرورة، والحالات الخاصة، فقال: أما أصحاب الضرورات؛ كالمرضى -مثلاً-، فإن هذه الضرورة تقدر بقدرها. وفي غير حالات المرض من الزوجين لا يجوز تحديد النسل في حالات فردية خوفاً من الفقر، وقد كان العزل جائزاً في أول الإسلام، ثم نهى رسول الله- صلى الله عليه وسلم عنه بقوله:"إن العزل هو الوأد الخفي".
وذهب ابن حزم إلى أن العزل قد نسخ بهذا الحديث الشريف، ولا يباح إلا لضرورة المرض.
* الأمة الناهضة:
وأكد فضيلته المعنى بقوله: ألسنا أمة ناهضة؟!
ألسنا في حاجة إلى إعداد جيشنا إعداداً يتفق ومقتضيات العهد الجديد؟ وهذا لا يتأتى إلا عن طريق أبناء الأمة وإكثار عددهم.
* هدم لكيان الأمة:
وختم فضيلته الحديث بقوله: إن دعوة تحديد النسل هدم لكيان الأمة وجريمة في حقها.