الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طغيان الاستعمار وخطر الشيوعية ما نأخذ من نظم الغرب وما ندع
(1)
قالت "جريدة القاهرة":
استقبل حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الجامع الأزهر صحفياً ألمانياً يمثل صحفاً ثمانياً، وهو (أتوبونجراتش) الذي قدم إلى مصر، وسيسافر إلى سوريا؛ ليوافي صحفه بمشاهداته في الأقطار الإسلامية.
وقد سأل الصحفي فضيلته عن رحلته في ألمانيا، فقال فضيلته: كانت هذه الرحلة في أيام الحرب الكبرى، وكنت مع الأسرى الإفريقيين أتردد عليهم، وأعود إلى برلين.
وقد زرت ألمانيا مرتين: أولاهما استغرقت تسعة أشهر، والثانية سبعة أشهر.
ثم سأل الصحفي الأستاذ الأكبر عن أهم مشكلة في نظر المسلمين.
فقال فضيلته: إننا نعمل على التخلص من طغيان الاستعمار على حقوق الأوطان الإسلامية والعربية.
(1) مجلة "الأزهر" الجزء الرابع -المجلد الخامس والعشرون- غرة ربيع الثاني 1373 هـ - دبسمبر كانون الأول- 1952 م.
وسأل: إذا كانت روسيا من الدول الاستعمارية، فما هو خطرها على العالم الإسلامي؟
فأجاب فضيلته: إن الشيوعية نظام يخالف الإسلام، والمبادئ الشيوعية يقف الإسلام في وجهها، ولن تروج عندنا، وللأزهر وعاظه في أنحاء القطر، ومهمتهم نشر الفضائل الإسلامية، ومقاومة التطرف في أي صورة من صوره، ولن تروج الشيوعية إلا عند أفراد لا يتخذون منها مذهباً أو عقيدة، وإنما يجعلونها مغنماً مالياً.
سأل الصحفي الألماني عن رأي الإسلام والمسلمين في طرق الحياة الغربية عامة.
فأجاب شيخ الأزهر:
في نظم الغرب ما يوافق الإسلام. وهنالك نظم وتقاليد يجري عليها الغرب لا يقرها الإسلام. والذي يدعو إلى تقليد الغرب في كل شيء مغالط.
ونحن نخالف هؤلاء الدعاة فيما يخالف تقاليدنا الإسلامية؛ مثل: إعطاء المرأة الحرية المطلقة.
قال الصحفي: هل تقصد فضيلتكم أن تبقى المرأة على النظام القديم؟
فأجاب: أعني: أنها لا تختلط بالرجال الأجانب عنها.
وسأل الصحفي الألماني: هل على المرأة أن تطيع زوجها؟
فأجاب: عليها الطاعة فيما هو الحق والمصلحة. وقص فضيلته معنى ما روي عن عمر بن الخطاب: كنا معاشر قريش نغلب نساءنا، فجئنا الأنصار وهم قوم تغلبهم نساؤهم، فأخذ نساؤنا بأدب الأنصار، وكلمت زوجتي، فراجعتني في القول، فأنكرت عليها، فقالت: نساء النبي يراجعنه في القول.
فنحن نريد زوجة تطيع فيما هو حق، ولها أن تراجع زوجها متى كان الحق في جانبها.
فلما قال الصحفي: ومن يحكم بين الزوجين في الخلاف؟
أجابه الأستاذ الأكبر: المدار على خلق الزوج. وإذا كان الخلاف كبيراً، فالمرجع إلى القاضي؛ مثل: الخلافات المالية إذا عجز الأهل والأقارب عن حلها.
وهل يبيح الإسلام أن تشكو المرأة زوجها؟
نعم، لها أن تذهب إلى القاضي.
وانتقل الصحفي إلى أنه كان مع درية شفيق، وأنها تحتج على رأي الأستاذ الأكبر بالنسبة لتعدد الزوجات.
وهنا ابتسم فضيلة الأستاذ الأكبر، وقال: تحتج على رأي الأسلام؟
…
و
…
الإسلام أباح تعدد الزوجات، وليس للزوج أن يتعدى ما حددته الشريعة.
لقد اشترطت الشريعة العدل والإنفاق، ورخصت للقادر أن يتزوج من أربع، وإذا خشي عدم القدرة على الإنفاق، كان عليه أن يقتصر على زوجة واحدة، والحكمة في تعدد الزوجات ظاهرة؛ لأن الزوجة قد تكون مريضة، وقد تكون عقيماً، والزوج يريد إنجاب الأولاد.
وكثيراً ما ترضى الزوجة أن تظل مع زوجها، وتسمح له بالزواج من غيرها.
والرجل ممنوع شرعاً من مباشرة غير زوجته، فإذا لم يبح الإسلام له الزواج، ربما ضاعت عفته.
ولما قال الصحفي: إن التعدد يشاهد كثيراً بين أفراد الطبقة الفقيرة.
أجاب الأستاذ الأكبر؛ بأن الإسلام اشترط العدل في الإنفاق والمبيت
…
{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [النساء: 3] والعرب كانوا يكثرون من الزوجات، فحارب الأسلام هذا الإكثار، ونظمه، وحدده.
واستفسر الصحفي عن معنى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34} ، وهل يدل ذلك على أن طبقات الرجال أعلى من طبقات النساء؟
فقال فضيلة الشيخ: إن عقول الرجال أوسع من عقول النساء، وفي النساء من هن أرجح عقلاً. والقوامة للرجال من جهة المال والإنفاق على النساء، والزوجة ذات المال غير مسؤولة عن نفقتها، ولا نفقة أولادها، إلا إذا تبرعت بمساعدة الزوج والأولاد.
ومهمتها في البيت مهمة عظيمة، والإسلام لا يمنعها من التعلم والتثقيف، على أن تباعد بينها وبين الاختلاط بالرجال الأجانب عنها.
والإسلام يرعى صالح المرأة، ويحرص على كيان الأسرة لإنشاء المجتمع القوي في الحياة.