المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌1 - أحكام الجنايات والعقوبات - موسوعة الفقه الإسلامي - التويجري - جـ ٥

[محمد بن إبراهيم التويجري]

فهرس الكتاب

- ‌الباب السابع عشركتاب القصاص والديات

- ‌1 - أحكام الجنايات والعقوبات

- ‌2 - أقسام الجنايات

- ‌1 - الجناية على النفس

- ‌1 - قتل العمد

- ‌القصاص في النفس

- ‌2 - قتل شبه العمد

- ‌3 - قتل الخطأ

- ‌2 - الجناية على ما دون النفس

- ‌3 - أقسام الديات

- ‌1 - دية النفس

- ‌2 - الدية فيما دون النفس

- ‌ دية الأعضاء ومنافعها:

- ‌ دية الشجاج والجروح:

- ‌ دية العظام:

- ‌الباب الثامن عشركتاب الحدود

- ‌1 - أحكام الحدود

- ‌2 - أقسام الحدود

- ‌1 - حد الزنا

- ‌2 - حد القذف

- ‌3 - حد الخمر

- ‌4 - حد السرقة

- ‌5 - حد قطاع الطريق

- ‌6 - حد البغاة

- ‌3 - حكم المرتد

- ‌4 - حكم التعزير

- ‌الباب التاسع عشركتاب القضاء

- ‌1 - معنى القضاء وحكمه

- ‌2 - فضل القضاء

- ‌3 - خطر القضاء

- ‌4 - أحكام القضاء

- ‌5 - صفة الدعوى

- ‌6 - صفة الحكم

- ‌7 - طرق إثبات الدعوى

- ‌1 - الإقرار

- ‌2 - الشهادة

- ‌3 - اليمين

- ‌8 - الأيمان

- ‌1 - معنى اليمين وحكمها

- ‌2 - أقسام اليمين

- ‌3 - أحكام اليمين

- ‌9 - النذر

- ‌1 - معنى النذر وحكمه

- ‌2 - أقسام النذر

- ‌3 - أحكام النذر

- ‌الباب العشرونكتاب الخلافة

- ‌1 - معنى الخلافة

- ‌2 - أحكام الخلافة

- ‌3 - أحكام الخليفة

- ‌4 - طرق انعقاد الخلافة

- ‌5 - البيعة

- ‌6 - واجبات الخليفة

- ‌7 - واجبات الأمة

- ‌8 - نظام الحكم في الإسلام

- ‌9 - حكم الخروج على الأئمة

- ‌10 - انتهاء ولاية الحاكم

- ‌الباب الحادي والعشرونكتاب الدعوة إلى الله

- ‌1 - كمال دين الإسلام

- ‌2 - حكمة خلق الإنسان

- ‌3 - حاجة البشرية إلى الإسلام

- ‌4 - عموم دين الإسلام

- ‌5 - أحكام الدعوة إلى الله

- ‌6 - أحكام الدعاة إلى الله

- ‌7 - أحكام المدعوين

- ‌8 - أصول من دعوة الأنبياء والرسل

- ‌الباب الثاني والعشرونكتاب الجهاد في سبيل الله

- ‌1 - معنى الجهاد وحكمه

- ‌2 - فضائل الجهاد في سبيل الله

- ‌3 - أقسام الجهاد في سبيل الله

- ‌4 - أحكام الجهاد في سبيل الله

- ‌5 - أحوال المجاهدين في سبيل الله

- ‌6 - آداب الجهاد في سبيل الله

- ‌7 - أحكام القتال في سبيل الله

- ‌8 - أحكام الشهداء في سبيل الله

- ‌9 - أحكام الأسرى والسبي

- ‌10 - أحكام الغنائم والأنفال

- ‌11 - انتهاء الحرب بالإسلام أو المعاهدات

- ‌12 - أحكام غير المسلمين

- ‌1 - أهل الذمة

- ‌2 - أهل الهدنة

- ‌3 - أهل الأمان

- ‌13 - أحكام الرجوع من الجهاد

- ‌14 - فضل الحمد والشكر

- ‌15 - فضل التوبة والاستغفار

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌1 - أحكام الجنايات والعقوبات

‌1 - أحكام الجنايات والعقوبات

- الجنايات: جمع جناية.

والجناية: هي كل فعل محرم شرعاً زجر الله عنه بحد أو تعزير.

وأصل الجناية الاعتداء على النفس، أو البدن، أو العرض، أو العقل، أو المال، بما يوجب قصاصاً، أو حداً، أو مالاً.

وتطلق الجريمة على الجناية، والجناية على الجريمة.

- أسباب الجرائم:

حرَّم الله عز وجل على الإنسان أن يعتدي على غيره في نفسه، أو بدنه، أو عرضه، أو ماله.

ومن رحمة الله أنْ جعل الإيمان بالله يمنع الإنسان من ارتكاب المحرمات والكبائر والصغائر، وكلما زاد الإيمان ازدادت قوة الامتناع عن الجريمة.

ولا يعتدي الإنسان على غيره إلا إذا ضعف عنده الإيمان الذي يدفعه لطاعة الله، ويحجزه عن محارم الله.

فيندفع إلى الشر والجريمة:

إما بسبب الشيطان الذي يزين له ويغريه بكل محرم، أو بسبب نفسه الأمارة بالسوء، أو بسبب قرين سوء يحرِّضه على الجريمة، أو بسبب مجتمع فاسد يهيء له سهولة ارتكاب الجريمة، أو بسبب الحسد والحقد الذي يدعوه للتشفي، أو بسبب الغضب والسكر الذي يجعله لا يبالي بمن أمامه.

أو بسبب الهموم والغموم التي لا يطيق الصبر عليها، ونحو ذلك من

ص: 7

الأسباب التي تبعث على الجريمة، وتستخف بالدين والأخلاق.

ومن رحمة الله بعباده أن جعل لكل جريمة عقوبة رادعة تقطع دابرها، وتطفئ نارها، وتغسل آثارها.

ومن أفلت من العقاب في الدنيا فلن يفلت في الآخرة.

- أعظم الذنوب:

أعظم الذنوب ثلاثة:

الشرك .. والقتل .. والزنا.

فأعظم أنواع الشرك أن يجعل العبد لله نداً.

وأعظم أنواع القتل أن يقتل الإنسان ولده خشية أن يَطْعم معه.

وأعظم أنواع الزنا أن يزني بحليلة جاره.

فهذه أمهات الجرائم على الترتيب.

ففي الشرك فساد الأديان .. وفي القتل فساد الأنفس .. وفي الزنا فساد الأنساب.

فهذه كلها جنايات محرمة؛ لما فيها من الفساد والضرر وتعدي الحدود.

ومن اقترف منها شيئاً فقد جنى على نفسه العقوبة، وجنى على غيره الضرر، وتجاوز العدل والإحسان والرحمة إلى الظلم والإساءة والقسوة.

1 -

قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا

ص: 8

فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)}

[الفرقان: 68 - 71].

2 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ» . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ:«الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلا بِالحَقِّ، وَأكْلُ الرِّبَا، وَأكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاتِ» . متفق عليه (1).

3 -

وَعَنْ عَبْدِاللهِ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ؟ قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ للهِ نِدّاً وَهُوَ خَلَقَكَ» قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ» . قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ» . متفق عليه (2).

- حفظ الضروريات الخمس:

اعتنى الإسلام أعظم عناية بحفظ الضروريات الخمس التي اتفقت الشرائع السماوية على حفظها، وهي:

حفظ الدين .. والنفس .. والعِرض .. والعقل .. والمال.

وجعل الإسلام التعدي عليها جناية وجريمة تستلزم عقاباً مناسباً، وبحفظ هذه الضروريات يسعد المجتمع، ويطمئن كل فرد فيه.

- عقاب المعرضين عن الإسلام:

سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة باتباع شريعة الله؛ لأن الهدى محصور فيها، وغير موجود في غيرها.

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2766) ، واللفظ له، ومسلم برقم (89).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4477) ، واللفظ له، ومسلم برقم (86).

ص: 9

وشقاء الإنسان في الدنيا والآخرة بالإعراض عن شريعة الله عز وجل.

وكل من أعرض عن شريعة الله من الأمم والأفراد عاقبه الله في الدنيا بنوعين من العقاب:

الأول: عقاب يصيب كل من أعرض أو انحرف عن شريعة الله من العصاة.

وأشكال هذا العقاب مختلفة بحسب حجم الجريمة.

فقد يكون بهلاك الأمة .. أو بتسلط أعدائها عليها .. أو تسلط الظلمة والطغاة على الناس .. أو إصابة الناس بالشدة والضيق وغلاء الأسعار .. أو النقص في الأموال والأنفس والثمرات .. أو الخوف وقلة الأمن .. أو انتشار الأمراض.

وكل ذلك سنة ماضية من الله في خلقه.

وهذا النوع من العقوبات إذا نزل بالأمة أصاب الطالح والصالح الذي لم ينكر.

1 -

قال الله تعالى: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40)} [العنكبوت:40].

2 -

وقال الله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)}

[الأنفال: 25].

3 -

وَعَنْ زينب عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ وَهُوَ يَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، مِثْلُ هَذِهِ» وَعَقَدَ سُفْيَانُ، بِيَدِهِ عَشَرَةً. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَنَهْلِكُ

ص: 10

وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: «نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ» . متفق عليه (1).

الثاني: عقوبات شرعية نصت عليها الشريعة، وأمرتْ بتنفيذها في حق كل من ارتكب ما حرمَتْه، أو ترك ما أوجَبَتْه كقتل الجاني، وقطع يد السارق، وتعزير الخائن.

وأما العقاب في الآخرة فهو الأصل، ويكون بخلود الكفار في جهنم، وتعذيب عصاة المؤمنين بقدر ذنوبهم ثم إخراجهم منها.

1 -

قال الله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)} [مريم: 71 - 72].

2 -

وقال الله تعالى: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26)}

[ق: 24 - 26].

- أقسام الجنايات:

1 -

تنقسم الجرائم بالنظر إلى نوع عقوبتها إلى ثلاثة أقسام:

الأول: جرائم القصاص:

وهي جرائم قتل النفس، وجرح البدن، وقطع الأطراف.

وفي عَمْد هذه الجرائم القصاص، وهو أن يُفعل بالجاني مثل ما فعل بالمجني عليه، فإن اختاروا الدية فلهم ذلك.

الثاني: جرائم الحدود:

وهي جرائم القذف والزنا والسرقة ونحوها.

والحد: عقوبة مقدرة شرعاً وجبت لحق الله تعالى، صيانة للمجتمع.

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3346)، ومسلم برقم (2880)، واللفظ له.

ص: 11

الثالث: جرائم التعزير:

وهي كل جناية ليس فيها حد كالخلوة بالأجنبية، وأكل الربا ونحو ذلك.

والتعزير: هو تأديب على معاص لم تُشرع فيها عقوبات مقدرة ابتداء، يقدرها القاضي.

2 -

تنقسم الجنايات من حيث نوعها إلى قسمين:

الأول: جناية على النفس بالقتل.

الثاني: جناية فيما دون النفس بالجرح أو القطع أو الضرب.

- شروط اعتبار الفعل جريمة:

يكون الفعل جريمة بثلاثة شروط:

1 -

أن يكون الفعل أو الترك مما نهى الله ورسوله عنه.

2 -

أن يكون الفعل أو الترك محرماً من الله ورسوله.

3 -

أن يكون للفعل عقوبة في الشرع:

مقدرة في الشرع: كالقصاص والحدود .. أو مفوضة إلى القاضي: كالتعزير.

وأساس اعتبار الفعل جريمة هو ما فيه من الأضرار والمفاسد والشرور للأفراد والجماعات والأمم.

- حكمة مشروعية العقوبات:

شرع الله العقوبات في الإسلام لما يلي:

رحمة العباد .. وتحقيق المصلحة لهم .. ودرء المفسدة عنهم.

وبذلك يحصل لهم كل خير، ويندفع عنهم كل شر، وتحصل الحياة

والسعادة في الدنيا والآخرة.

ص: 12

فأحكام الشريعة الإسلامية كلها مبنية على جلب المصالح، ودرء المفاسد في الدنيا والآخرة، وهي عدل الله بين عباده، ورحمته بين خلقه.

فكل حادثة أو مسألة خرجت من العدل إلى الجور، ومن الرحمة إلى القسوة، ومن المصلحة إلى المفسدة، فليست من الإسلام.

1 -

قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)} [النحل:90].

2 -

وقال الله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)} [البقرة: 179].

- أصول العقوبات الشرعية:

العقوبات في الإسلام مبنية على الأصول الآتية:

1 -

رحمة العباد والإحسان إليهم بكف الشر عنهم.

2 -

المساواة بين الجريمة والعقوبة فلا ظلم ولا جور.

3 -

المساواة بين الناس، فيعاقب كل مجرم، سواء كان حاكماً أو محكوماً، غنياً أو فقيراً، شريفاً أو وضيعاً، رجلاً أو امرأة.

4 -

كفاية العقوبة للردع والزجر لقطع دابر الشر.

5 -

أن العقوبة لا يؤاخَذ بها إلا من ارتكب موجبها.

6 -

إذا ثبتت الجريمة وجب على ولي الأمر تنفيذ عقوبتها؛ إقامة للعدل.

7 -

أن تكون العقوبة مشروعة من الله ورسوله بحد أو تعزير.

- أقسام العقوبات الشرعية:

1 -

تنقسم العقوبات من حيث النوع إلى قسمين:

ص: 13

الأول: عقوبة أصلية: وهي العقوبة المقدرة شرعاً لكل جريمة كقتل الجاني، وقطع يد السارق.

الثاني: عقوبة بدلية: وهي العقوبة التي تكون بدلاً عن العقوبة الأصلية إذا امتُنع تطبيقها لمانع شرعي كالتعزير.

2 -

تنقسم العقوبات من حيث تقديرها إلى قسمين:

الأول: عقوبات مقدرة كالجلد في الزنا، والقطع في السرقة ونحوهما.

الثاني: عقوبات غير مقدرة كعقوبات التعزير التي يقدرها القاضي بحسب الحال.

3 -

تنقسم العقوبات من حيث المحل الذي تصيبه إلى أربعة أقسام:

1 -

عقوبة بدنية تصيب جسم الجاني كالقتل، والقطع، والجلد.

2 -

عقوبة مالية تصيب مال الجاني كالديات.

3 -

عقوبة مقيَّدة للحرية كالحبس.

4 -

عقوبة نفسية تسبب له ألماً نفسياً كالتوبيخ.

4 -

تنقسم العقوبات من حيث نوع الجرائم إلى ثلاثة أقسام:

1 -

عقوبات القصاص والديات:

وهي العقوبات المفروضة على جرائم الاعتداء على النفس أو ما دون النفس.

2 -

عقوبات الحدود:

وهي العقوبات المفروضة على جرائم الحدود كالزنا والسرقة وشرب الخمر ونحوها.

3 -

عقوبات التعزير:

ص: 14

وهي العقوبات المفروضة على جرائم التعازير، وهي كل ما سوى جرائم القصاص والحدود، مثل جريمة الخلوة بالأجنبية، وأكل الربا، والغش، والخيانة ونحو ذلك.

5 -

تنقسم العقوبات من حيث تنفيذها إلى ثلاث:

الأول: عقوبة أصلية: وهي عقوبة كل جريمة.

الثاني: عقوبة تبعية: وهي التي تصيب الجاني تبعاً للحكم عليه بالعقوبة كحرمان القاتل من الميراث.

الثالث: عقوبة تكميلية: لتحقيق قوة الردع، كتعليق يد السارق في رقبته، وصلب قاطع الطريق بعد قتله.

فما أجمل أحكام هذه الشريعة المبنية على العدل والإنصاف، المشتملة على الرحمة والإحسان، المتميزة بالكمال والتمام.

1 -

قال الله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)} [الأنعام: 115].

2 -

وقال الله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)}

[المائدة: 50].

- حكم إقامة العقوبات الشرعية:

شرع الله عز وجل العقوبات لتنفذ إذا وجد موجبها؛ حفظاً للأمة، وصيانة لها من الشرور والمفاسد.

فإذا ثبتت الجريمة على أحد وجب على ولي الأمر تنفيذ عقوبتها، ولا يجوز

لأحد أن يشفع لمجرم لإسقاط عقوبة الحد عنه، ولا يجوز لولي الأمر أو

ص: 15

غيره أن يأخذ من المجرم مالاً لإسقاط الحد عنه، سواء كان المال له، أو لبيت المال.

فتعطيل حدود الله يوجب سخطه، وفساد المجتمع، واضطراب الأمن، وحصول الخوف، وتوالي النقم.

فيجب على ولاة أمور المسلمين أن يقيموا حدود الله في عباده، ولا تأخذهم لومة لائم؛ طاعة لله ورسوله، ورحمة بالعباد، وإحساناً إليهم، لكف الناس عن المنكرات، وزجرهم عن الفواحش، وتخليصهم من الإثم والخطيئة، ولا يجوز أن يكون قصدهم من إقامتها إشفاء غيظ قلوبهم، ولا إرادة العلو والفساد.

إن ولي الأمر بمنزلة الوالد الذي يؤدب ولده رحمة به وإصلاحاً له.

1 -

قال الله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49)}

[المائدة: 49].

2 -

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنَّ قُرَيْشاً أهَمَّتْهُمُ المَرْأةُ المَخْزُومِيَّةُ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلا أسَامَةُ، حِبُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَلَّمَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال:«أتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ» . ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ، قال:«يَا أيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا ضَلَّ مَنْ قَبْلَكُمْ، أنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ فِيهِمْ أقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللهِ، لَوْ أنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا» . متفق عليه (1).

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6788) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1688).

ص: 16