الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - أقسام الجنايات
1 - الجناية على النفس
- أقسام القتل:
ينقسم القتل إلى ثلاثة أقسام:
قتل العمد .. قتل شبه العمد .. قتل الخطأ.
1 - قتل العمد
قتل العمد: هو أن يقصد الجاني من يعلمه آدمياً معصوماً فيقتله بما يغلب على الظن موته به.
- صور قتل العمد:
قتل العمد له صور كثيرة منها:
1 -
أن يجرح الجاني أحداً بمالَهُ نفوذ في البدن كسكين، وبندقية، فيموت بسبب ذلك.
2 -
أن يدهسه بسيارة، أو يلقي عليه حائطاً، أو يضربه بحجر كبير، أو عصاً غليظة، فيموت بسبب ذلك.
3 -
أن يلقيه بما لا يمكنه التخلص منه كأن يلقيه في ماء فيغرق، أو نار فيحترق، أو يسجنه ويمنعه الطعام والشراب فيموت بسبب ذلك.
4 -
أن يلقيه بزبية أسد، أو يُنهشه حية، أو يُمسكه لكلب عقور فيموت بسبب ذلك.
5 -
أن يسقيه سماً لا يعلم به شاربه فيموت.
6 -
أن يخنقه أو يشنقه بحبل أو غيره، أو يسد فمه فيموت.
7 -
أن يلقيه من شاهق كرأس جبل أو حائط عال فيموت.
8 -
أن يصعقه بالكهرباء فيموت بسبب ذلك.
9 -
أن يقتله بسحر يقتل غالباً، أو يكرر فعلاً يؤدي إلى الوفاة.
10 -
أن يشهد رجلان على أحد بما يوجب قتله فيُقتل، ثم يقولان عمدنا قتله فيُقتص منهما.
ونحو ذلك من الصور التي يكون فيها قتل العمد جلياً.
- أركان القتل العمد:
أركان قتل العمد ثلاثة:
الأول: أن يكون القتيل آدمياً حياً معصوم الدم.
الثاني: أن يموت بسبب فعل الجاني.
الثالث: أن يقصدا لجاني موت المجني عليه.
- الآثار المترتبة على قتل العمد:
القتل العمد يوجب أموراً ثلاثة:
1 -
الإثم العظيم الموجب لغضب الله ولعنته.
2 -
القود، أو العفو إلى الدية، أو العفو مطلقاً وهو أفضل.
3 -
الحرمان من الميراث والوصية.
1 -
…
[النساء: 93].
2 -
- حكم قتل النفس عمداً:
قتل النفس المعصومة عمداً من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله، وجريمة قتل العمد ذنب عظيم موجب للعقاب في الدنيا والآخرة.
1 -
قال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)} [النساء: 93].
2 -
وَعَنْ عَبْدِاللهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِىءٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلاّ اللهُ، وَأَنّي رَسُولُ اللهِ، إلاّ بِإِحدَى ثَلَاثٍ: الثّيّبُ الزَّانِي، وَالنّفْسُ بِالنّفْسِ، وَالتّارِكُ لِدِينِهِ، المُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» . متفق عليه (1).
3 -
وَعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «أكْبَرُ الكَبَائِرِ: الإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَوْلُ الزُّورِ، أوْ قال: وَشَهَادَةُ الزُّورِ» . متفق عليه (2).
- حكم قتل الإنسان نفسه متعمداً:
يحرم على الإنسان أن يقتل نفسه، وهو ذنب عظيم موجب للخلود في النار.
1 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ
نَفْسَهُ، فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً، وَمَنْ تَحَسَّى سُمّاً
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6878) ، ومسلم برقم (1676)، واللفظ له.
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6871) ، واللفظ له، ومسلم برقم (88).
فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً». متفق عليه (1).
2 -
وَعَنْ جُنْدَب بن عَبْدِاللهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ بِهِ جُرْحٌ، فَجَزِعَ، فَأخَذَ سِكِّيناً فَحَزَّ بِهَا يَدَهُ، فَمَا رَقَأ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ، قال اللهُ تَعَالَى: بَادَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ، حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ» . متفق عليه (2).
- حكم قتل الغِيْلة:
قتل الغيلة: هو ما كان عمداً وعدواناً على وجه الحيلة والخداع، أو على وجه يأمن معه المقتول من غائلة القاتل.
كمن يخدع إنساناً ويأخذه إلى مكان لا يراه فيه أحد ثم يقتله.
فهذا القتل غيلة من كبائر الذنوب، يُقتل فيه القاتل حداً لا قصاصاً، مسلماً كان القاتل أو كافراً، ولا يصح فيه العفو من أحد، ولا خيرة فيه لأولياء الدم.
1 -
2 -
وَعَنْ أنَسٍ رضي الله عنه، أنَّ يَهُودِيّاً رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، قِيلَ: مَنْ
فَعَلَ هَذَا بِكِ، أفُلانٌ؟ أفُلانٌ حَتَّى سُمِّيَ اليَهُودِيُّ، فَأوْمَأتْ بِرَأْسِهَا، فَأخِذَ
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5778) ، واللفظ له، ومسلم برقم (109).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3463) ، واللفظ له، ومسلم برقم (113).
اليَهُودِيُّ فَاعْتَرَفَ، فَأمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَرُضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ. متفق عليه (1).
- حكم قتل الصائل:
الصائل: هو من يعتدي على نفس الغير، أو عرضه، أو ماله.
ويجوز للمصول عليه أن يدافع عن نفسه بما يرد شره عنه.
ويشترط لدفع الصائل بقتله:
1 -
أن يعتدي الصائل في وقت لا يجد فيه المصول عليه فرصة لإبلاغ الجهات الأمنية التي تقوم بحمايته ودفع الصائل عنه.
2 -
أن يدفعه بالأسهل، فإن لم يندفع فله قتله إن رآه جازماً على قتله.
ويجب على الإنسان أن يدافع عن أخيه أي اعتداء إزالة للمنكر، ونصرة للمظلوم.
1 -
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَارَسُولَ اللهِ! أرَأيْتَ إنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أخْذَ مَالِي؟ قال: «فَلا تُعْطِهِ مَالَكَ» . قال: أرَأيْتَ إنْ قَاتَلَنِي؟ قال: «قَاتِلْهُ» . قال: أرَأيْتَ إنْ قَتَلَنِي؟ قال: «فَأنْتَ شَهِيدٌ» . قال: أرَأيْتَ إنْ قَتَلْتُهُ؟ قال: «هُوَ فِي النَّارِ» . أخرجه مسلم (2).
2 -
وَعَنْ أَبي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ رَأى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أضْعَفُ الإِيمَانِ» . أخرجه مسلم (3).
3 -
وَعَنْ أنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «انْصُرْ أخَاكَ ظَالِماً أوْ
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2413) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1672).
(2)
أخرجه مسلم برقم (140).
(3)
أخرجه مسلم برقم (49).
مَظْلُوماً». قالوا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُوماً، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِماً؟ قال:«تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ» . أخرجه البخاري (1).
- كيفية دفع الصائل:
يجب على المصول عليه أن يدفع الصائل بأيسر ما يندفع به؛ لأن الإذن له بالدفاع عن نفسه إنما أبيح للضرورة، فيقدَّر بقدْرها.
فيدفعه أولاً بالكلام اللين والتخويف بالله .. ثم بالاستغاثة بغيره إن أمكن .. ثم إذا لم يندفع ضَرَبه بيده أو أمسكه .. فإن لم يندفع جرحه في بدنه .. فإن لم يندفع إلا بالقتل قتله .. فإن قتله الصائل وهو يدافعه فهو شهيد.
- أقسام القتل العمد:
ينقسم القتل العمد إلى قسمين:
قتل مباشر .. وقتل بالسبب.
1 -
القتل المباشر: وهو أن يباشر القاتل إزهاق الروح بنفسه كما لو طعنه بسكين أو مسدس فمات.
والقتل المباشر ينقسم إلى قسمين:
الأول: أن يقتله بآلة جارحة لها نفوذ في البدن كالسكين والسيف ونحوهما.
الثاني: أن يقتله بغير محدد كأن يضربه بعصاً أو حجر فيموت.
2 -
القتل بالسبب: وهو أن لا يكون هو القاتل المباشر، ولكن يتسبب في القتل.
والقتل بالسبب ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: سبب حسي: كالإكراه على القتل.
(1) أخرجه البخاري برقم (2444).
الثاني: سبب شرعي: كأن يشهد زوراً على بريء بالقتل.
الثالث: سبب عرفي: كتقديم طعام مسموم لمن يريد قتله، وحَفْر بئر في الطريق ليقع به من يريد قتله، أو يُنهشه حية، أو يجمعه مع أسد في قفص، أو ألقاه في نار فاحترق، أو رماه في ماء فغرق، أو أدخله في آلة ففرمته وقطعته ونحو ذلك.
وقد تجتمع السببية والمباشرة، كما لو أكره إنساناً على قتل غيره، وهدده بالقتل إن لم يقتله.
وإذا اجتمعت السببية والمباشرة أوجبت القصاص إما على الإثنين كما إذا كانا مكلفين بالغين عاقلين.
وإما على أحدهما دون الآخر كمن أعطى سلاحاً لصغير أو مجنون وأمره بقتل آخر، فلا يُقتل القاتل؛ لأنه غير مكلف، ويُقتص من الآمر بالقتل، لأنه ألجأه إلى القتل.
- صور السببية والمباشرة:
السببية والمباشرة في القتل لها ثلاث صور:
الأولى: تقديم المباشرة على السببية، كما لو ألقاه من شاهق، وقبل وصوله الأرض ضربه آخر بمسدس أو سيف، فالقاتل صاحب السيف أو المسدس لا المردي.
الثانية: تقديم السببية على المباشرة، كما لو شهد شهود على محصن بالزنا فرجم، ثم رجع الشهود عن الشهادة، ويقولون نحن تعمدنا قتله، فيقتل
الشهود.
الثالثة: أن تجتمع السببية والمباشرة، كما لو هدد أحداً وقال: إن لم تقتل فلاناً قتلتك فقتله، فيُقتص منهما معاً.
أما الآمر فلأنه أكره المأمور على القتل، وأما المأمور فلأنه فدى نفسه بقتل غيره.
- أحكام الآمر بالقتل والمباشر له:
لذلك عدة صور:
الأولى: إذا أمر الإمام أو نائبه أحداً بقتل إنسان فقتله، ثم تبين أن المقتول بريء.
فإن كان المأمور يعلم أن المأمور بقتله معصوم الدم يحرم قَتْله فَقَتله فالقصاص عليه؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وإن كان لا يعلم بذلك، ولكن قَتَله تنفيذاً لأمر السلطان فالقصاص على الآمر دون المأمور؛ لوجوب طاعة الإمام في غير معصية، ولأن الأصل أن الحاكم لا يأمر إلا بالحق.
الثانية: إذا أمر السيد عبده أن يقتل شخصاً فقتله.
فإن كان العبد يعلم أن المأمور بقتله معصوم الدم فالقصاص عليه، ويؤدَّب سيده.
وإن كان لا يعلم بذلك فالقصاص على سيده؛ لوجوب طاعة سيده في غير معصية الله.
الثالثة: إذا أمر أحد صبياً أو مجنوناً بقتل شخص فقتله فالقصاص على الآمر؛ لأن المأمور كالآلة بيد الآمر، لأنه غير مكلف.
الرابعة: إذا أمر أحد شخصاً أن يقتل إنساناً فقتله فالقصاص على المأمور لا على
الآمر؛ لأنه لا تلزمه طاعته، ولا عذر له في الجرأة على قتله.
الخامسة: إذا أمر أحد غيره ليقتله فقتله، فلا قصاص على القاتل لوجود الشبهة.
السادسة: إذا أمسك أحد شخصاً فقتله الآخر، فالقصاص على القاتل والممسك له ليقتله، وإن لم يعلم الممسك أن القاتل يريد أن يقتله فلا شيء عليه.
- القسامة: هي أيمان مكررة في دعوى قتل معصوم.
- حكم القسامة:
تشرع القسامة في القتيل إذا وُجِد ولم يُعلم قاتله، واتُهم به قوم أو شخص ولم تكن بينة، وقامت القرائن على صدق المدعي.
- شرط القسامة:
يشترط للقسامة ما يلي:
وجود العداوة .. أو كون المتهم من المعروفين بالقتل .. أو وجود السبب البيِّن كالتفرق عن قتل .. واللطخ وهو التكلم في عرضه .. وأن يتفق الأولياء في الدعوى .. وأن يكون المدعى عليه مكلفاً قادراً على القتل.
- صفة القسامة:
1 -
يُحضر القاضي المدعين والمدعى عليهم.
2 -
يبدأ القاضي بالمدعين فيحلف خمسون رجلاً خمسين يميناً أن فلاناً هو الذي قتله، فيثبت بذلك القصاص.
3 -
إذا امتنع أولياء الدم عن الحلف، أو لم يكمِلوا الخمسين يميناً، حلف المدعى عليهم خمسين يميناً إن رضوا، فإذا حلفوا برئ.
4 -
إذا امتنع أولياء الدم عن الأيمان، ولم يرضوا بأيمان المدعي عليهم، فدى
الإمام القتيل بالدية من بيت المال؛ لئلا يضيع دم المعصوم هدراً.
عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ رضي الله عنه أَنّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ رِجَالٍ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ أَنّ عَبْداللهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيّصَةَ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ، مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُمْ، فَأَتَىَ مُحَيّصَةُ فَأَخْبَرَ أَنّ عَبْدالله بْنَ سَهْلٍ قَدْ قُتِلَ وَطُرِحَ فِي عَيْنٍ أَوْ فَقِيرٍ، فَأَتَىَ يَهُودَ فَقَالَ: أَنْتُمْ وَاللهِ قَتَلْتُمُوهُ، قَالُوا: وَاللهِ مَا قَتَلْنَاهُ، ثُمّ أَقْبَلَ حَتّىَ قَدِمَ عَلَىَ قَوْمِهِ، فَذَكَرَ لَهُمْ ذَلِكَ، ثُمّ أَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيّصَةُ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَعَبْدُالرّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ، فَذَهَبَ مُحَيّصَةُ لِيَتَكَلّمَ، وَهُوَ الّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ، فَقَالَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِمُحَيّصَةَ:«كَبّرْ، كَبّرْ» (يُرِيدُ السّنّ) فَتَكَلّمَ حُوَيّصَةُ، ثُمّ تَكَلّمَ مُحَيّصَةُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:«إمّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ وَإِمّا أَنْ يُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ» فَكَتَبَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ، فَكَتَبُوا: إِنّا وَالله مَا قَتَلْنَاهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيّصَةَ وَعَبْدِالرّحْمَنِ:«أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ؟» قَالُوا: لا، قَالَ:«فَتَحْلِفُ لَكُمُ يَهُودُ؟» قَالُوا: لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ، فَوَدَاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِائَةَ نَاقَةٍ حَتّى أُدْخِلَتْ عَلَيْهِمُ الدّارَ، فَقَالَ سَهْلٌ: فَلَقَدْ رَكَضَتْنِي مِنْهَا نَاقَةٌ حَمْرَاءُ. متفق عليه (1).
- حكم الإكراه على القتل:
إذا أكره أحد شخصاً إكراهاً ملجئاً بأن هدده بالقتل إن لم يقتل فلاناً فقتله بغير وجه حق فيجب القصاص عليهما، الآمر المُكْرِه، والمباشر المُكْرَه؛ لأنهما بمنزلة الشريكين في الجريمة.
الآمر بقصده الكامل للقتل العمد، والمأمور بمباشرته القتل، واستبقاء حياته
بقتل غيره.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7192) ، ومسلم برقم (1669)، واللفظ له.
- آجال الخلق:
المقتول ظلماً أو قصاصاً كغيره من الموتى، لا يموت أحد قبل أجله، ولا يتأخر أحد عن أجله.
بل سائر النباتات والحيوانات لها آجال مقدرة، فلا يتقدم أحد، ولا يتأخر عن أجله، والله عَلِم ذلك وكتبه.
فالله وحده يعلم أن هذا يموت بالهدم، أو الغرق، أو الحرق، ويعلم أن هذا يموت مقتولاً بالسم، أو السيف، أو الرصاص، ويعلم أن هذا يموت على فراشه .. وهذا يموت بسبب .. وهذا يموت في المرض .. وهذا يموت فجأة.
فهي آجال مضروبة .. وآثار مكتوبة .. وأنفاس معدودة.
1 -
قال الله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (34)}
…
[الأعراف: 34].
2 -
وقال الله تعالى: {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11)} [المنافقون:11].
- حكم القتل بالسحر:
يحرم قتل الآدمي بغير حق، بأي وسيلة.
فإنْ قَتَله بالسحر فمات وجب القصاص على من سحره، كأن يسحره سحراً يمنعه من الأكل والشرب حتى يموت.
أو يسحره سحراً يمنعه من النوم حتى هلك، أو يسحره سحراً يجعله يعتدي
على نفسه فيقتلها ونحو ذلك.
فإذا ثبت ذلك على الساحر أو اعترف به حكم القاضي بالقصاص عليه.
- حكم توبة القاتل عمداً:
كل كافر أو مشرك أو مجرم أو مسلم إذا تاب تاب الله عليه.
والقاتل عمداً إذا تاب توبة نصوحاً تاب الله عليه، ولكن لا تعفيه توبته من عقوبة القصاص، فالقتل العمد يتعلق به ثلاثة حقوق:
حق لله عز وجل .. وحق للمقتول .. وحق لولي الدم.
فإذا سلَّم القاتل نفسه طوعاً إلى الولي، نادماً على ما فعل، وتاب توبة نصوحاً، سقط حق الله بالتوبة، وسقط حق الولي بالقصاص، أو الدية، أو العفو.
وبقي حق المقتول ظلماً، وشرط سقوطه استحلاله، وهو هنا متعذر، فيبقى تحت مشيئة الله.
قال الله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)} [الزمر: 53].
- الحكم إذا اشترك في القتل من لا يقتص منه:
إذا قام بأحد المشتركين في القتل العمد مانع من القصاص فلا قصاص عليهم، وإنما تجب عليهم الدية بالسوية.
فإذا ثبت أن اشتراك من قام فيه المانع بتدبير من القاتل الآخَر لينجو من القصاص، فإنه يجب عليه القصاص؛ رداً لقصده السيء.
ومثاله: أن يشترك صبي أو مجنون مع بالغ عاقل في قتل إنسان.
- عقوبات قتل العمد:
لقاتل النفس عمداً ثلاث عقوبات في الدنيا:
عقوبة أصلية وهي القصاص .. وعقوبة بدلية وهي الدية إذا عفا الولي عن القصاص .. وعقوبة تبعية وهي الحرمان من الميراث والوصية.