الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - قتل شبه العمد
قتل شبه العمد: هو أن يقصد إنساناً معصوم الدم فيقتله بجناية لا تقتل غالباً ولم يجرحه بها، فيموت بها المجني عليه.
- صور قتل شبه العمد:
أن يضرب أحد شخصاً في غير مقتل بعصاً صغيرة أو بسوط، أو لَكَزه بيده ونحو ذلك.
فالضرب مقصود، والقتل غير مقصود، فسمي شبه عمد.
- الفرق بين قتل العمد وشبه العمد:
قتل العمد وشبه العمد يشتركان في قصد الجناية، وتغليظ الدية، والعفو.
ويختلفان فيما يلي:
1 -
العمد فيه القصاص، وشبه العمد لا قصاص فيه.
2 -
دية العمد على القاتل، ودية شبه العمد على العاقلة.
3 -
العمد ليس فيه كفارة، وشبه العمد فيه كفارة.
4 -
دية العمد تكون حالَّة، ودية شبه العمد مؤجلة على ثلاث سنين.
- حكم قتل شبه العمد:
قتل شبه العمد من كبائر الذنوب؛ لأنه اعتداء على نفس معصومة بغير حق، وفيه الدية مغلظة على العاقلة.
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: اقْتَتَلَتِ امْرَأتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَضَى أنَّ
دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ، عَبْدٌ أوْ وَلِيدَةٌ، وَقَضَى أنَّ دِيَةَ المَرْأةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا. متفق عليه (1).
- ما يجب بقتل شبه العمد:
تجب في قتل شبه العمد والخطأ الدية مع الكفارة.
أما الدية فعلى العاقلة، وأما الكفارة فلمحو الإثم الحاصل بسبب التفريط في قتل نفس معصومة.
أما قتل العمد العدوان فلا كفارة له؛ لأن إثمه عظيم، لا يرتفع بالكفارة؛ لشدته وشناعته.
ويجب في قتل شبه العمد ما يلي:
1 -
الدية المغلظة: وهي مائة من الإبل، أربعون منها في بطونها أولادها، وتتحمل العاقلة هذه الدية، وتكون مؤجلة على ثلاث سنين.
عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ يَوْمَ الفَتْحِ بمَكَّةَ فَكَبَّرَ ثلَاثاً ثمَّ قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ وَحْدَهُ صَدَقَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الأحْزَابَ وَحْدَهُ، أَلَا إِنَّ كُلَّ مَأْثرَةٍ كَانَتْ فِي الجَاهِلِيَّةِ تُذكَرُ وَتُدْعَى مِنْ دَمٍ أَوْ مَالٍ تَحْتَ قَدَمَيَّ إِلَاّ مَا كَانَ مِنْ سِقَايَةِ الحَاجِّ وَسِدَانَةِ البَيْتِ» ثمَّ قَالَ: «أَلَا إِنَّ دِيَةَ الخَطَإِ شِبْهِ العَمْدِ مَا كَانَ بالسَّوْطِ وَالعَصَا مِائَةٌ مِنَ الإبلِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِ أَوْلَادِهَا» . أخرجه أبو داود وابن ماجه (2).
2 -
الكفارة: وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين.
قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا
خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6910) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1681).
(2)
صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (4547) ، وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم (2628).
مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92)} [النساء: 92].
ويستحب لأولياء القتيل العفو عن الدية، فإن عفو سقطت، وإن عفا بعضهم فللباقي نصيبه من الدية بحسب ميراثه، أما الكفارة فهي لازمة للجاني.
- سر تنوع أحكام القتل:
وجب القصاص في العمد؛ لأن الجاني قصد القتل وفعله.
ولم يجب القصاص في شبه العمد؛ لأن الجاني لم يقصد القتل، ووجبت الدية لضمان النفس المتلَفة.
وجُعلت الدية مغلظة؛ لوجود قصد الاعتداء، وجُعلت على العاقلة؛ لأنهم أهل الرحمة والنصرة.
ولزمت الكفارة الجاني خاصة -عتقاً أو صياماً- لمحو الإثم عنه؛ لأن الكفارة حق لله تعالى، فهي عبادة يُلزم بها القاتل لا غيره.
- عقوبات قتل شبه العمد:
عقوبات قتل شبه العمد ثلاثة أنواع:
1 -
عقوبة أصلية: وهي الدية المغلظة، والكفارة.
2 -
عقوبة بدلية: وتكون بالتعزير إذا سقطت الدية بسبب ما، والصوم في الكفارة إذا عجز عن عتق الرقبة.
3 -
عقوبة تبعية: الحرمان من الميراث والوصية.
وقتل النفس من الكبائر التي لا يمحو ذنبها إلا التوبة النصوح.