الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - حد السرقة
- السرقة: هي أخذ مال محترم لغيره، لا شبهة فيه، من موضع مخصوص، بقدر مخصوص، على وجه الخفية.
- أنواع الاعتداء على الأموال:
الاعتداء على الأموال له حالات هي:
السرقة .. أو الغصب .. أو الاختلاس .. أو النهب .. أو الطَّر .. أو الخيانة .. أو الجحد.
فالسرقة: أخذ مال الغير المحترم خفية من حرزه.
والغصب: أخذ المال علانية قهراً بغير حق.
والاختلاس: أخذ المال بصفة لا يشعر بها المسروق منه.
والنهب: أخذ المال مغالبة والناس ينظرون.
والطَّرَّار: هو النَّشَّال الذي يسرق من جيب الإنسان أو كمه.
والنَّبَّاش: هو من ينبش القبر لأخذ ما فيه.
والخائن: هو الغادر الجاحد للمال.
والجاحد: هو المنكِر ما عنده لغيره.
1 -
قال الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)} [المائدة: 38].
2 -
وَعَنْ جَابرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَيْسَ عَلَى خَائِنٍ وَلَا مُنْتَهِبٍ وَلَا
مُخْتَلِسٍ قَطْعٌ». أخرجه أبو داود والترمذي (1).
- أنواع السرقة:
السرقة نوعان هي:
1 -
ما يوجب الحد: وهي السرقة التي توفرت لها شروط إقامة الحد.
2 -
ما يوجب التعزير: وهي كل سرقة لم تكتمل فيها شروط إقامة الحد.
والسرقة التي عقوبتها الحد نوعان:
الأول: سرقة كبرى: وهي أخذ المال على سبيل المغالبة وتسمى الحِرَابة، ويجب فيها قطع اليد والرجل من خِلَاف.
الثاني: سرقة صغرى: وهي السرقة التي يجب فيها قطع اليد، وهذه هي المقصودة في هذا الباب.
- صفة العمل مع المتهمين في السرقة:
المتهمون في السرقة أو غيرها ثلاثة أصناف:
الأول: معروف بالدين والورع، وليس من أهل التهم، فهذا يخلَّى سبيله.
الثاني: مجهول الحال، فهذا يحبس حتى ينكشف أمره.
الثالث: معروف بالفجور والفسق، فهذا يُمتحن بالضرب حتى يقر بالجناية.
- حكم السرقة:
السرقة محرمة، وهي من كبائر الذنوب؛ لأنها أكل لأموال الناس بالباطل، واعتداء على أموالهم بغير حق.
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (4391) ، وأخرجه الترمذي برقم (1448)، وهذا لفظه.
1 -
…
[البقرة: 188].
2 -
وَعَنْ أبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأمْوَالَكُمْ وَأعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا» . متفق عليه (1).
3 -
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ» . متفق عليه (2).
- عقوبة السارق:
1 -
إذا ثبتت السرقة على أحد قُطعت يده اليمنى من مفصل الكف، فإن سرق ثانية قُطعت رجله اليسرى.
فإن سرق بعد ذلك فلا قطع، بل يكون التعزير والنكال بما يراه الحاكم رادعاً لعدوانه من حبسٍ، أو جلدٍ، أو بهما معاً.
2 -
السارق آخذ لمال غيره بغير حق، ولهذا لعنه الله، وتوعده بالنار يوم القيامة إن لم يتب ويردّ ما أخذ.
1 -
قال الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39)} [المائدة: 38 - 39].
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4406) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1679).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2475) ، واللفظ له، ومسلم برقم (57).
2 -
وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)}
…
[النساء: 14].
3 -
وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَعَنَ اللهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ البَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ» . متفق عليه (1).
- حكمة مشروعية حد السرقة:
صان الله الأموال بإيجاب قطع يد السارق، فإن اليد الخائنة بمثابة عضو مريض يجب بتره ليسلم الجسم.
وفي قطع يد السارق التي من شأنها أن تباشر السرقة عبرة لمن تحدثه نفسه بسرقة أموال الناس، وتطهير للسارق من ذنبه، وحفظ لأموال الأمة، وإرساء لقواعد الأمن والطمأنينة في المجتمع.
وقطع يد السارق كفيل بقطع دابر السرقة وتقليلها، وحفظ للسارق أن ينال كسبه من السحت الحرام، ورسالة مكشوفة تردع الصائل، وتكف الباغي.
والسارق هو الذي جلب الشر لنفسه، فقُطع لمصلحة نفسه ومصلحة غيره.
- شروط إقامة حد السرقة:
يجب القطع في حد السرقة إذا توفرت الشروط الآتية:
1 -
أن يكون السارق بالغاً، عاقلاً، مختاراً، مسلماً كان أو كافراً.
2 -
أن يكون المسروق مالاً محترماً، فلا قطع بسرقة آلة لهو، أو خمر ونحوهما.
3 -
أن يبلغ المال المسروق نصاباً، وهو ربع دينار من الذهب فصاعداً.
4 -
أن يأخذ المال على وجه الخفية، فإن لم يكن كذلك فلا قطع كالاغتصاب،
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6799) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1687).
والاختلاس، والانتهاب ونحوها، وإنما فيها التعزير.
5 -
أن يأخذ المال من حرزه كالدكان والدار ونحوهما.
6 -
انتفاء الشبهة، فلا قطع على الأب والأم، والابن والبنت، ولا على من وجبت عليه نفقته، ولا على من سرق في المجاعة.
7 -
ثبوت السرقة.
وتثبت السرقة بأحد أمرين:
1 -
الإقرار: بأن يقر السارق على نفسه بالسرقة.
2 -
الشهادة: بأن يشهد عليه رجلان عدلان بأنه سرق، ولا تقبل شهادة النساء في الحدود.
فإذا تمت هذه الشروط وجب القطع، وإن اختل شرط منها سقط القطع، وللإمام التعزير بما يراه مناسباً.
- من لا قطع عليه في السرقة:
1 -
الأصول كالأب والأم، والفروع كالابن والبنت؛ لشبهة الإنفاق والتبسط.
2 -
لا يُقطع أحد الزوجين بسرقته من مال الآخر؛ لشبهة النفقة والتبسط.
3 -
سرقة العبد من مال سيده، والسيد من مال مالكه؛ لشبهة النفقة والتبسط.
4 -
السرقة من بيت المال؛ لشبهة حقه في بيت المال.
5 -
الفقير إذا سرق من غَلَّة وقفٍ على الفقراء؛ لشبهة استحقاقه منها.
6 -
السرقة من مال له فيه شراكة؛ لأن له نصيباً فيه.
وللإمام أن يعزر من شاء بما يكف شر هذه الجريمة، ويردع السارق وغيره.
- مقدار نصاب السرقة:
نصاب السرقة الذي تقطع فيه اليد ربع دينار من الذهب فصاعداً، أو عرض يساويه.
والدينار يساوي مثقال، والمثقال يساوي أربعة غرامات تقريباً، فيكون ربع الدينار يساوي غراماً واحداً.
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالَتْ: قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «تُقْطَعُ اليَدُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» . متفق عليه (1).
- حِرْز الأموال والأشياء:
حرز المال: هو المكان الذي يُحفظ فيه عادة بقفل ونحوه.
والحرز يختلف باختلاف الأموال، والأشياء، والبلدان، وعدل السلطان وجوره، وقوته وضعفه.
فحرز الأموال والجواهر في المصارف، والدكاكين، والبيوت، والصناديق ونحو ذلك مما جرى به العرف.
وحرز الأقمشة والأواني والآلات في الدكاكين، والمستودعات، والبيوت، وراء الأبواب والأغلاق الوثيقة.
وحرز ما يباع في السوق من الفواكه والخضار ونحوها وراء الشبك أو القماش إذا كان للسوق حارس.
وحرز الخشب والحطب في الحظائر والمستودعات.
وحرز البهائم والمواشي والطيور في أماكن تربيتها في البيوت أو المشاريع،
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6789) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1684).
وحرزها في المرعى بالراعي المكلف، ونظره إليها غالباً ونحو ذلك مما جرت به عادة الناس.
فمن سرق من هذه الحروز قطع، ومن سرق من غير حرز لم يقطع، ويعزر ويرد ما أخذ أو قيمته أو بدله.
- صفة حد السرقة:
حد السرقة حق خالص لله تعالى.
فإذا ثبت الحد عند الحاكم لم يجز العفو عنه، ولا الإبراء منه، ولا الشفاعة فيه؛ لأنه حق لله، فيجب تنفيذه على من سرق.
1 -
…
[المائدة: 38 - 39].
2 -
وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ نَائِماً فِي المَسْجِدِ عَلَيَّ خَمِيصَةٌ لِي ثمَنُ ثلَاثِينَ دِرْهَماً فَجَاءَ رَجُلٌ فَاخْتَلَسَهَا مِنِّي فَأُخِذ الرَّجُلُ فَأُتِيَ بهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ بهِ لِيُقْطَعَ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَقُلتُ: أَتَقْطَعُهُ مِنْ أَجْلِ ثلَاثِينَ دِرْهَماً أَنَا أَبيعُهُ وَأُنْسِئُهُ ثمَنَهَا. قَالَ: «فَهَلَاّ كَانَ هَذا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بهِ» . أخرجه أبو داود والنسائي (1).
- مكان القطع في حد السرقة:
مكان القطع في حد السرقة في اليد اليمنى إن وجدت، من مفصل الكف،
من الكوع الذي يلي إبهام اليد؛ لأنها آلة الأخذ غالباً.
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (4394) ، وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (4884).
وإن تكررت منه السرقة قُطع من مفصل القدم اليسرى، من مفصل العقب، ويبقى العقب وهو العرقوب مؤخر القدم الذي تحت الكعب.
ولا يجوز أن يُخَدَّر مكان القطع؛ لأن تأديبه وإيلامه مطلوب.
فإذا تم القطع وجب حسم مكان القطع؛ لئلا ينزف الدم فيموت.
ويكون الحسم بما يوقف الدم بغمسها بزيت يغلي، أو جراحة، أو كيّ بنار ونحو ذلك مما يوقف نزيف الدم.
ويجوز للإمام أن يعلق يده على صدره، أو على خشبة؛ تعزيراً، حسب حجم السرقة، وجناية السارق، وردعاً لغيره.
- ما يترتب على ثبوت السرقة:
يترتب على ثبوت السرقة ما يلي:
1 -
رد المسروق إن وُجد، أو مثله إن فُقد، أو قيمته إن كان تالفاً.
2 -
قطع اليد اليمنى من مفصل الكف وحسمها.
3 -
إذا عاد السارق مرة أخرى قُطعت رجله اليسرى من مفصل القدم.
4 -
إن عاد مرة ثالثة حُبس وعُزِّر ولا يُقطع.
- حكم إعادة العضو المقطوع:
1 -
يجوز إعادة العضو المقطوع في حد أو قصاص بسبب خطأ في الحكم أو التنفيذ.
2 -
لا يجوز شرعاً إعادة العضو المقطوع حداً؛ لأن في بقاء أثر الحد تحقيقاً للعقوبة المقررة، وزجراً عن الجريمة، وحذراً من مصادمة حكم الشرع في
الظاهر.
- حكم المال المسروق:
إذا كان المال المسروق موجوداً رده السارق لصاحبه، وإن كان تالفاً ضمن بدله، فإن لم يوجد ضمن قيمته، فإن كان معسراً فنظرة إلى ميسرة.
وقَطْع اليد لا يمنع ضمان رد المسروق؛ لأن الضمان حق الآدمي، والقطع يجب لحق الله، فلا يمنع أحدهما الآخر كالدية والكفارة.
- حكم من سرق من بيت المال:
بيت المال فيه حق لعموم المسلمين، والسرقة منه أعظم إثماً من غيره.
والسارق من بيت المال يعزر بما يراه الإمام، ويُلزم برد ما أخذه، ولا يُقطع؛ لأن له نصيباً منه، ومثله في الحكم من سرق من الغنيمة أو الخمس.
- حكم أخذ الثمر من مال الغير:
أخذ الثمر من ملك الغير له ثلاث حالات:
الأولى: أن يمر الإنسان المحتاج بالثمر على رؤوس النخل، أو الثمر في الشجر، أو بماشية فيها لبن، فهذا له أن يأكل ويشرب بقدر حاجته فقط بعد أن يستأذن صاحبه، فإن لم يجده أكل حاجته من غير أن يحمل شيئاً.
الثانية: أن يأخذ من ذلك ويذهب به معه من دون إذن، فهذا محرم؛ لأنه أخذ مال غيره بدون إذنه ولا رضاه، فعليه الغرامة بالمثل أو القيمة، وعليه التعزير بدون قطع؛ لأنه لم يأخذ مالاً من حرزه.
الثالثة: أن يأخذ الطعام من الجَرِين أو البَيْدر أو مستودع الطعام.
فهذا إن بلغ ما أخذ نصاباً فعليه حد القطع؛ لأنه أخذ المال من حرزه.
قال الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا
مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)} [المائدة: 38].
- حكم الاشتراك في السرقة:
إذا اشترك جماعة في سرقة، فإن بلغ لكل واحد منهم نصاب، فعلى كل واحد منهم القطع.
وإن كان المسروق كله نصاباً، واشترك جماعة في سرقته، فلا يُقطع كل واحد منهم، لكن يعزرهم الحاكم، لأن كل واحد منهم لم يسرق نصاباً يوجب القطع.
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقْطَعُ السّارِقَ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِداً. متفق عليه (1).
- حكم جاحد العارية:
العارية: أن تعطي أحداً شيئاً لينتفع به لمدة شهر أو سنة مثلاً ثم يرده لك.
والوديعة: أن تعطي أحداً مالاً ليحفظه لك مدة معلومة وليست الخيانة في العارية كالخيانة في الوديعة.
فيُقطع جاحد العارية؛ لأنه قبضها لمصلحة نفسه، ولا يُقطع جاحد الوديعة؛ لأنه قبضها لمصلحة مالكها.
وإذا قُطع جاحد العارية امتنع الناس من جحدها، وإذا لم تقطع تجرأ الناس على جحدها، وفي هذا سد لباب المعروف بين الناس.
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنّ قُرَيْشاً أَهَمّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيّةِ الّتِي
سَرَقَتْ. فَقَالُوا: مَنْ يُكَلّمُ فِيهَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِىءُ عَلَيْهِ إلاّ
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6789) ، ومسلم برقم (1684)، واللفظ له.
أُسَامَةُ، حِبُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَكَلّمَهُ أُسَامَةُ. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:«أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُود اللهِ؟» . ثُمّ قَامَ فَاخْتَطَبَ فَقَالَ: «أَيُّهَا النّاسُ إنّمَا أَهْلَكَ الّذِينَ قَبْلَكُمْ، أَنّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللهِ لَوْ أَنّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» . متفق عليه (1).
- حكم توبة السارق:
لتوبة السارق ثلاث حالات:
1 -
أن يتوب مَنْ عليه حد السرقة أو غيرها قبل القدرة عليه.
فهذا يسقط عنه الحد، ولا يشرع له كشف نفسه بعد أن ستره الله، لكن يجب عليه رد ما أخذ من مال، وضمانه إن كان تالفاً.
2 -
أن يتوب بعد القدرة عليه.
فهذا لا يسقط عنه الحد بالتوبة؛ لأن الحد تجب إقامته بعد بلوغه الإمام.
3 -
أن يتوب بعد إقامة حد القطع عليه.
فهذا من شرط صحة توبته رد ما سرق إن كان موجوداً، وضمانه لربه إن كان تالفاً.
والله عز وجل يقبل التوبة النصوح، لكن لا بد من إقامة الحدود إذا بلغت الحاكم، ورد ما أخذ لمالكه.
قال الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا
مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3475) ، ومسلم برقم (1688)، واللفظ له.
عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39)}
…
[المائدة: 38 - 39].
- ما يسقط به حد السرقة بعد وجوبه:
يسقط الحد بعد وجوبه بواحد مما يلي:
تكذيب المسروق منه السارق .. تكذيب المسروق منه من شهد معه .. رجوع السارق عن الإقرار بالسرقة؛ لأن الرجوع عن الإقرار يُقبل في الحدود، ولا يُقبل في المال؛ لأن الحد يسقط بالشبهة.