المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الباب السابع عشركتاب القصاص والديات

- ‌1 - أحكام الجنايات والعقوبات

- ‌2 - أقسام الجنايات

- ‌1 - الجناية على النفس

- ‌1 - قتل العمد

- ‌القصاص في النفس

- ‌2 - قتل شبه العمد

- ‌3 - قتل الخطأ

- ‌2 - الجناية على ما دون النفس

- ‌3 - أقسام الديات

- ‌1 - دية النفس

- ‌2 - الدية فيما دون النفس

- ‌ دية الأعضاء ومنافعها:

- ‌ دية الشجاج والجروح:

- ‌ دية العظام:

- ‌الباب الثامن عشركتاب الحدود

- ‌1 - أحكام الحدود

- ‌2 - أقسام الحدود

- ‌1 - حد الزنا

- ‌2 - حد القذف

- ‌3 - حد الخمر

- ‌4 - حد السرقة

- ‌5 - حد قطاع الطريق

- ‌6 - حد البغاة

- ‌3 - حكم المرتد

- ‌4 - حكم التعزير

- ‌الباب التاسع عشركتاب القضاء

- ‌1 - معنى القضاء وحكمه

- ‌2 - فضل القضاء

- ‌3 - خطر القضاء

- ‌4 - أحكام القضاء

- ‌5 - صفة الدعوى

- ‌6 - صفة الحكم

- ‌7 - طرق إثبات الدعوى

- ‌1 - الإقرار

- ‌2 - الشهادة

- ‌3 - اليمين

- ‌8 - الأيمان

- ‌1 - معنى اليمين وحكمها

- ‌2 - أقسام اليمين

- ‌3 - أحكام اليمين

- ‌9 - النذر

- ‌1 - معنى النذر وحكمه

- ‌2 - أقسام النذر

- ‌3 - أحكام النذر

- ‌الباب العشرونكتاب الخلافة

- ‌1 - معنى الخلافة

- ‌2 - أحكام الخلافة

- ‌3 - أحكام الخليفة

- ‌4 - طرق انعقاد الخلافة

- ‌5 - البيعة

- ‌6 - واجبات الخليفة

- ‌7 - واجبات الأمة

- ‌8 - نظام الحكم في الإسلام

- ‌9 - حكم الخروج على الأئمة

- ‌10 - انتهاء ولاية الحاكم

- ‌الباب الحادي والعشرونكتاب الدعوة إلى الله

- ‌1 - كمال دين الإسلام

- ‌2 - حكمة خلق الإنسان

- ‌3 - حاجة البشرية إلى الإسلام

- ‌4 - عموم دين الإسلام

- ‌5 - أحكام الدعوة إلى الله

- ‌6 - أحكام الدعاة إلى الله

- ‌7 - أحكام المدعوين

- ‌8 - أصول من دعوة الأنبياء والرسل

- ‌الباب الثاني والعشرونكتاب الجهاد في سبيل الله

- ‌1 - معنى الجهاد وحكمه

- ‌2 - فضائل الجهاد في سبيل الله

- ‌3 - أقسام الجهاد في سبيل الله

- ‌4 - أحكام الجهاد في سبيل الله

- ‌5 - أحوال المجاهدين في سبيل الله

- ‌6 - آداب الجهاد في سبيل الله

- ‌7 - أحكام القتال في سبيل الله

- ‌8 - أحكام الشهداء في سبيل الله

- ‌9 - أحكام الأسرى والسبي

- ‌10 - أحكام الغنائم والأنفال

- ‌11 - انتهاء الحرب بالإسلام أو المعاهدات

- ‌12 - أحكام غير المسلمين

- ‌1 - أهل الذمة

- ‌2 - أهل الهدنة

- ‌3 - أهل الأمان

- ‌13 - أحكام الرجوع من الجهاد

- ‌14 - فضل الحمد والشكر

- ‌15 - فضل التوبة والاستغفار

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌1 - حد الزنا

‌2 - أقسام الحدود

‌1 - حد الزنا

- الزنا: هو فعل الفاحشة في قبل امرأة لا تحل له.

- حكم الزنا:

الزنا حرام، وفاحشة عظيمة، وهو من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله، وقتل النفس بغير حق.

والزنا درجات متفاوتة في الشناعة والقبح.

فالزنا بامرأة عفيفة ذات زوج من أعظم الفواحش .. والزنا بحليلة الجار أعظم .. والزنا بذات محرم كالأم والأخت أشد وأعظم.

1 -

قال الله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32)} [الإسراء: 32].

2 -

وقال الله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3)} [النور: 3].

3 -

وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)}

[الفرقان: 68 - 70].

ص: 115

4 -

وَعَنْ عَبْدِاللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قالَ: قُلتُ يَا رَسُولَ اللهِ، أيُّ الذَّنْبِ أعْظَمُ؟ قال:«أنْ تَجْعَلَ للهِ نِدّاً وَهُوَ خَلَقَكَ» . قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قال: «أنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مِنْ أجْلِ أنْ يَطْعَمَ مَعَكَ» . قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قال: «أنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ» . متفق عليه (1).

- فضل ترك الفواحش:

1 -

قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37)}

[الشورى: 37].

2 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ: الإمَامُ العَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقال إنِّي أخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ، أخْفَى حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» . متفق عليه (2).

3 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ» . أخرجه البخاري (3).

- مفاسد وأضرار الزنا:

مفاسد الزنا من أعظم المفاسد وأشدها وأخطرها.

فالزنا مناقض لصلاح العالم في حفظ الأنساب والأعراض والفروج.

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6811) ، واللفظ له، ومسلم برقم (86).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (660) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1031).

(3)

أخرجه البخاري برقم (6474).

ص: 116

والزنا يجمع خلال الشر كلها، ويفتح على العبد أبواب المعاصي كلها، من ظلم الخلق، وإضاعة أهله وأمواله، وقطيعة الأرحام، وكسب الحرام، ويولِّد الأمراض النفسية والقلبية، ويورث الفقر والمسكنة.

والزنا يولِّد سيماء السواد والفساد في وجه فاعله، ويورث نفرة الناس ووحشتهم منه، وسقوطه من أعينهم.

والزنا يسبب ظلمة القلب، ويولد رائحة كريهة بغيضة في البدن.

وللزنا عقوبات شديدة:

أما في الدنيا فبالرجم للمحصن، والجلد لغير المحصن، مع العار والفضيحة.

وأما في الآخرة فالزاني إن لم يتب يُجمع في تنور في نار جهنم مع الزناة والزواني عراة.

1 -

قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)}

[الفرقان: 68 - 70].

2 -

وَعَنْ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: «إِنَّهُ أتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي» -وفيه: أنَّهُمَا قَالا- «وَأمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ العُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ، فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي» . متفق عليه (1).

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7047) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2275).

ص: 117

- سبل الوقاية من الزنا:

دعا الإسلام إلى الزواج، ورغَّب فيه الرجال والنساء.

ونظم الإسلام بالنكاح الشرعي وملك اليمين أسلم طريقة لتصريف الغريزة الجنسية، وحِفظ النسل.

ومَنَع الإسلام أي تصرف في غير هذا الطريق المشروع.

فأمر بالحجاب، وغض البصر عن الحرام، ومداومة الطاعات.

ونهى عن التبرج، والسفور، والاختلاط .. وخلو الرجل بالمرأة الأجنبية .. وسفر المرأة بلا محرم .. وضرب النساء الأرض بالأرجل .. ومصافحة الرجال .. والخضوع بالقول .. وإظهار الزينة .. والرقص والصور والغناء .. ونحو ذلك من كل ما من شأنه أن يثير الغريزة، أو يدعو إلى الفحش.

وذلك كله من أجل ألا يقع الرجل والمرأة في فاحشة الزنا.

1 -

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)}

[الأحزاب: 59].

2 -

وقال الله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ

الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ

ص: 118

مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)}

[النور: 30 - 31].

3 -

وقال الله تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)} [الأحزاب: 32 - 33].

4 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَا، مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَالعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاِسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الكَلَامُ، وَاليَدُ زِنَاهَا البَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الخُطَا، وَالقَلبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ» . متفق عليه (1).

- أقسام الزناة:

الزاني إما أن يكون محصَناً، أو غير محصَن.

والمحصن: من وطئ امرأته المسلمة أو الكتابية في نكاح صحيح، وهما بالغان، عاقلان، حران، مختاران.

وغير المحصن: من فقد أحد هذه الشروط الستة.

- خصائص حد الزنا:

خص الله سبحانه حد الزنا من بين الحدود بثلاث خصائص:

الأولى: القتل فيه بأبشع القتلات، وهي الرجم بالحجارة للمحصن.

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6243) ، ومسلم برقم (2657)، واللفظ له.

ص: 119

وحيث خففه كما في حد غير المحصن جمع فيه بين العقوبة على البدن بالجلد، وعلى القلب بتغريبه عن وطنه سنة.

الثانية: نهي المؤمنين أن تأخذهم رأفة بالزناة تمنعهم من إقامة الحد عليهم؛ لأن الله أرحم بعباده حيث شرع هذه العقوبة.

الثالثة: أمر الله أن يشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ليحصل الردع والزجر.

قال الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)} [النور: 2].

- الشبهات الدارئة لحد الزنا:

الشبهة التي تدرأ الحد ثلاثة أنواع:

1 -

شبهة في الفاعل: كأن يطأ مطلقته ثلاثاً ما دامت في العدة ظاناً بقاء حلها، وكأن يطأ المطلقة البائن على مال أو المختلعة ما دامت في العدة ظاناً حلها.

2 -

شبهة في الموطوءة: كوطء الشركاء الجارية المشتركة.

3 -

شبهة في السبب المبيح للوطء: كالنكاح بلا ولي، ونكاح الأخت في عدة أختها البائن، ونكاح الخامسة في عدة المرأة الرابعة البائن.

- حكم من أقر بالحد ولم يبينه:

من أقر بحد عند الإمام ولم يبينه، فالسنة للإمام أن يستر عليه ولا يسأله عنه، وإن صرح به عرَّض له بما يدرؤه عنه.

1 -

عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَهُ رَجُلٌ فقال:

يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أصَبْتُ حَدّاً، فَأقِمْهُ عَلَيَّ، قال: وَلَمْ يَسْألهُ عَنْهُ، قال:

ص: 120

وَحَضَرَتِ الصَّلاةُ، فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّلاةَ، قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فقال: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أصَبْتُ حَدّاً، فَأقِمْ فِيَّ كتاب اللهِ، قال:«ألَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا» . قال: نَعَمْ، قال:«فَإِنَّ اللهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ، أوْ قال: حَدَّكَ» . متفق عليه (1).

2 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا أتَى مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال لَهُ: «لَعَلَّكَ قَبَّلتَ، أو ْغَمَزْتَ، أوْ نَظَرْتَ» . قال: لا يَا رَسُولَ اللهِ، قال:«أنِكْتَهَا» . لا يَكْنِي، قال: فَعِنْدَ ذَلِكَ أمَرَ بِرَجْمِهِ. متفق عليه (2).

- عقوبة الزاني:

1 -

عقوبة الزاني المحصن: هي أن يُرجم بالحجارة حتى يموت، رجلاً كان أو امرأة، مسلماً كان أو كافراً، ولا جلد مع الرجم؛ لأنه منسوخ.

2 -

عقوبة الزاني غير المحصن: هي أن يُجلد الحر مائة جلدة، ويغرَّب سنة، رجلاً كان أو امرأة، ولا تغرَّب المرأة إلا إذا وُجِد لها مَحْرم متبرع بالسفر معها، فإذا لم يوجد حُبست سنة في مكان آمن في بلدها.

3 -

الرقيق حده أن يجلد خمسين جلدة، رجلاً كان أو امرأة، ويغرَّب نصف سنة.

1 -

قال الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)} [النور: 2].

2 -

وقال الله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى

الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}

[النساء: 25].

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6823) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2764).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6824) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1693).

ص: 121

3 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: أتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي المَسْجِدِ، فَنَادَاهُ فقال: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي زَنَيْتُ، فَأعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى رَدَّدَ عَلَيْهِ أرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أرْبَعَ شَهَادَاتٍ، دَعَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فقال:«أبِكَ جُنُونٌ» . قال: لا، قال:«فَهَل أحْصَنْتَ» . قال: نَعَمْ، فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ» . متفق عليه (1).

4 -

وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «خُذُوا عَنّي، خُذُوا عَنّي، قَدْ جَعَلَ الله لَهُنّ سَبِيلاً، البِكْرُ بِالبِكْرِ جَلدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ وَالثّيِّبُ بِالثّيِّبِ، جَلدُ مِائَةٍ وَالرّجْمُ» . أخرجه مسلم (2).

4 -

إذا مات الزاني ولم يتب حشر في جهنم في تنور الزناة مع أمثاله.

عَنْ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ رضي الله عنه -في حديث الرؤيا مع الملكين، وفيه فقال الملكان-:«وَأمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ العُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ، فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي» . متفق عليه (3).

- شروط ثبوت حد الزنا:

يشترط لثبوت حد الزنا ما يلي:

1 -

أن يكون الزاني بالمرأة بالغاً، عاقلاً، حراً، مختاراً، عالماً بالتحريم، مع انتفاء الشبهة.

2 -

تغييب حشفته الأصلية كلها في قبل امرأة.

3 -

انتفاء الشبهة، فلا حد على من وطئ امرأة ظنها زوجته.

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6815) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2691).

(2)

أخرجه مسلم برقم (1690).

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7047) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2275).

ص: 122

4 -

ثبوت الزنا، ويثبت الزنا بما يلي:

1 -

الإقرار: بأن يقر بالزنا من عُرف بالعقل مرة واحدة، ويقرّ به أربع مرات مَنْ كان متَّهماً في ضعف عقله.

وفي كليهما يصرح بحقيقة الوطء، ويستمر في إقراره إلى إقامة الحد عليه.

2 -

الشهادة: بأن يشهد عليه بالزنا أربعة رجال مسلمين عدول.

3 -

الحمل: بأن تحمل من لا زوج لها ولا سيد.

1 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قالَ: قالَ عُمَرُ: لَقَدْ خَشِيتُ أنْ يَطُولَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ، حَتَّى يَقُولَ قَائِلٌ: لا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كتاب اللهِ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أنْزَلَهَا اللهُ، ألا وَإِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى وَقَدْ أحْصَنَ، إِذَا قَامَتِ البَيِّنَةُ، أوْ كَانَ الحَبَلُ أوِ الاعْتِرَافُ ألا وَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ. متفق عليه (1).

2 -

وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أنَّ رَجُلا مِنْ أسْلَمَ جَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا، فَأعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أرْبَعَ مَرَّاتٍ، قالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أبِكَ جُنُونٌ» . قال: لا، قال:«آحْصَنْتَ» . قال: نَعَمْ، فَأمَرَ بِهِ فَرُجِمَ بِالمُصَلَّى، فَلَمَّا أذْلَقَتْهُ الحِجَارَةُ فَرَّ، فَأُدْرِكَ فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ. فقال لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْراً، وَصَلَّى عَلَيْهِ. أخرجه البخاري (2).

- حكم الرجوع عن الإقرار:

إذا اعترف الزاني بالزنا عند القاضي، ثم رجع عن إقراره بعد الحكم بالحد، أو بعد إقامة بعض الحد، أو هرب، فإنه يسقط عنه الحد؛ لأن الرجوع شبهة،

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6829) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1691).

(2)

أخرجه البخاري برقم (6820).

ص: 123

والحدود تُدرأ بالشبهات.

- من يقام عليه حد الزنا:

1 -

يقام حد الزنا على الزاني إذا كان مكلفاً، مختاراً، عالماً بالتحريم، بعد ثبوته عند الحاكم بإقرار، أو شهادة، أو حمل، مع انتفاء الشبهة.

2 -

إذا زنا المحصن بغير المحصنة فلكلٍ حده من رجم، أو جلد وتغريب.

3 -

إذا زنا الحر بأمة، أو عكسه بأن زنت حرة بعبد فلكل واحد حكمه في الحد.

4 -

يقام حد الزنا على الزاني، سواء كان مسلماً أو كافراً؛ لأنه حد ترتب على وصف، فثبت على من قام به.

1 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قالَ: لَمَّا أتَى مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال لَهُ: «لَعَلَّكَ قَبَّلتَ، أو ْغَمَزْتَ، أوْ نَظَرْتَ» . قال: لا يَا رَسُولَ اللهِ، قال:«أنِكْتَهَا» . لا يَكْنِي، قال: فَعِنْدَ ذَلِكَ أمَرَ بِرَجْمِهِ. متفق عليه (1).

2 -

وَعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ اليَهُودَ جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا، فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا، قَرِيبًا مِنْ مَوْضِعِ الجَنَائِزِ عِنْدَ المَسْجِدِ. متفق عليه (2).

- حكم الزوجية بعد الزنا:

إذا زنا رجل متزوج فلا تَحرُم عليه زوجته، وإذا زنت امرأة متزوجة فلا تَحرُم

على زوجها، لكنهما ارتكبا إثماً عظيماً، فعليهما التوبة والاستغفار.

قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6824) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1693).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1329) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1699).

ص: 124

اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)} [الفرقان: 68 - 70].

- أشد أنواع الزنا:

مفسدة الزنا تتضاعف بتضاعف ما انتهكه الزاني من الحق.

فالزنا بالمرأة التي لها زوج أعظم إثماً وعقوبة من التي لا زوج لها؛ لما فيه من انتهاك حرمة الزوج، وإفساد فراشه، وتعليق نسبٍ إليه لم يكن منه.

فإن كان زوجها جاراً له فذلك أشد وأعظم البوائق.

فإن كان الجار أخاً أو قريباً من أقاربه اجتمع مع ذلك قطيعة الرحم، فيتضاعف الإثم عليه.

فإن كان الجار غائباً في طاعة الله كطلب العلم، أو الحج، أو الدعوة، أو الجهاد، تضاعف له الإثم.

فإن اتفق أن تكون المرأة رحماً منه، انضاف إلى ذلك قطيعة رحمها.

فإن كانت خالته أو عمته، أو أخته أو بنته، فذلك أشد وأعظم وأقبح، نسأل الله السلامة والعافية.

فإن اتفق أن يكون الزاني محصناً كان الإثم والعقوبة أعظم.

فإن كان الزاني شيخاً كبيراً كان أعظم إثماً.

فإن اقترن بذلك أن يكون الزنا في شهر حرام، أو بلد حرام، أو وقت حرام

كالصيام والحج، أو وقت معظم كأوقات الصلوات الخمس والجمعة تضاعف الإثم.

ص: 125

ولهذه المفاسد الكبرى وأمثالها حرَّم الله الزنا، وأغلق جميع الأبواب الموصلة إليه، ونفى كمال الإيمان عمن فعله.

1 -

قال الله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3)} [النور: 3].

2 -

وقال الله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32)} [الإسراء: 32].

3 -

وَعَنْ عَبْدِاللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قُلتُ يَا رَسُولَ اللهِ، أيُّ الذَّنْبِ أعْظَمُ؟ قال:«أنْ تَجْعَلَ للهِ نِدّاً وَهُوَ خَلَقَكَ» . قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قال: «أنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مِنْ أجْلِ أنْ يَطْعَمَ مَعَكَ» . قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قال: «أنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ» .. متفق عليه (1).

4 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ» . متفق عليه (2).

- حكم من زنا بذات محرم:

من زنا بذات محرم كأخته، وبنته، وامرأة أبيه، وهو عالم بتحريم ذلك، وجب قتله محصناً كان أو غير محصن.

عَن البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إِلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ

أَبِيهِ أَنْ يَقْتُلَهُ. أخرجه أحمد وأبو داود (3).

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6811) ، ومسلم برقم (86)، واللفظ له.

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6810) ، واللفظ له، ومسلم برقم (57).

(3)

صحيح/ أخرجه أحمد برقم (18620) وهذا لفظه، وأخرجه أبو داود برقم (4456).

ص: 126

- حكم من أُكره على الزنا:

من أَكره امرأة على الزنا فزنا بها وجب عليه الحد، والمرأة ليس عليها حد؛ لأنها مكرهة.

ومن أَكره رجلاً على الزنا بامرأة فزنا بها فلا حد عليه؛ لأنه مكره، لكن يعزَّر من أكرهه ولا يُحد؛ لأنه لم يزن.

- صفة إقامة حد الرجم على الزاني:

يقيم حد الرجم على الزاني الإمام أو نائبه في أي مكان عام إلا المسجد، بحضور طائفة من المؤمنين.

أما الحفر للمرجوم فهو راجع إلى الإمام، إن شاء حفر له، وإن شاء ترك، لكن المرأة تشد عليها ثيابها؛ لئلا تنكشف، ومن وجب عليه حد الرجم فلا جلد عليه.

يرجم الرجل قائماً، وترجم المرأة قاعدة، المسلم والكافر في ذلك سواء.

1 -

عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّهُ قالَ: إِنَّ اليَهُودَ جَاؤُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرُوا لَهُ أنَّ رَجُلاً مِنْهُمْ وَامْرَأةً زَنَيَا، فقال لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ» . فَقَالُوا: نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ، قال عَبْدُاللهِ ابْنُ سَلامٍ: كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ، فَأتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا، فَوَضَعَ أحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، فَقَرَأ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، فقال لَهُ عَبْدُاللهِ بْنُ سَلامٍ: ارْفَعْ يَدَكَ، فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، قَالُوا: صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ فِيهَا

آيَةُ الرَّجْمِ، فَأَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرُجِمَا، فَرَأيْتُ الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى المَرْأةِ،

ص: 127

يَقِيهَا الحِجَارَةَ. متفق عليه (1).

2 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رضي الله عنهما قَالا: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: أنْشُدُكَ اللهَ إِلا قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ، فَقَامَ خَصْمُهُ، وَكَانَ أفْقَهَ مِنْهُ، فقال: صَدَقَ، اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ، وَأْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«قُل» . فقال: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا فِي أهْلِ هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأتِهِ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ، وَإِنِّي سَألتُ رِجَالاً مِنْ أهْلِ العِلمِ، فَأخْبَرُونِي أنَّ عَلَى ابْنِي جَلدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ، وَأنَّ عَلَى امْرَأةِ هَذَا الرَّجْمَ، فقال:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لأقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللهِ، المِائَةُ وَالخَادِمُ رَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَيَا أنَيْسُ اغْدُ عَلَى امْرَأةِ هَذَا فَسَلهَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» . فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا. متفق عليه (2).

- ما يُرجم به الزاني:

يقام حد الرجم على الزاني المحصن بالضرب بالحجارة المعتدلة بملء الكف، لا بحصيات خفيفة؛ لئلا يطول تعذيبه، ولا بصخرات كبيرة تقضي عليه بسرعة؛ لئلا يفوت التنكيل المقصود.

عَنْ شَدّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه قَالَ: ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إنّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ، فَإذَا قَتَلتُمْ فَأَحْسِنُوا القِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذّبْحَ، وَليُحِدّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَليُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» . أخرجه

مسلم (3).

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6841) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1699).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6859) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1697).

(3)

أخرجه مسلم برقم (1955).

ص: 128

- ما يُفعل بالمرجوم إذا مات:

إذا مات المرجوم بعد الرجم: فإن كان مسلماً يغسل، ويكفن، ويصلى عليه، ويدفن مع المسلمين.

وإن كان كافراً يلف في ثيابه، ويوارى بالتراب في مكان من الأرض.

عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أنَّ رَجُلا مِنْ أسْلَمَ، جَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا، فَأعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أرْبَعَ مَرَّاتٍ، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أبِكَ جُنُونٌ» . قال: لا، قال:«آحْصَنْتَ» . قال: نَعَمْ، فَأمَرَ بِهِ فَرُجِمَ بِالمُصَلَّى، فَلَمَّا أذْلَقَتْهُ الحِجَارَةُ فَرَّ، فَأُدْرِكَ فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ. فقال لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْرًا، وَصَلَّى عَلَيْهِ. متفق عليه (1).

- حكم تشبه الرجال بالنساء وعكسه:

المخنثون من الرجال هم الذين يتشبهون بالنساء في حركاتهم ومشيهم ولباسهم وكلامهم ونحو ذلك.

والمترجلات من النساء هن المتشبهات بالرجال في كلامهن وحركاتهن ولباسهن ونحو ذلك.

وقد برزت هذه الظاهرة من مزاحمة النساء للرجال في المكاتب والشركات.

وهذا التشبه من المحرمات، ومن كبائر الذنوب؛ لأن اللعنة لا تلحق إلا صاحب كبيرة.

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: لَعَنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم المُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ،

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6820) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1691).

ص: 129

وَالمُتَرَجِّلاتِ مِنَ النِّسَاءِ، وَقَالَ:«أخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ» . أخرجه البخاري (1).

- حكم عمل قوم لوط:

عمل قوم لوط: هو فعل الفاحشة في الدبر، والاستغناء بالرجال عن النساء.

وعمل قوم لوط من أكبر الجرائم المفسدة للخُلُق والفطرة، وعقوبته أغلظ من عقوبة الزنا؛ لغلظ حرمته، وشناعته، وقبحه.

وهو شذوذ جنسي خطير، حرمه الإسلام لما يسببه من الأمراض والأضرار النفسية والبدنية الخطيرة.

وقد خسف الله بمن فعله وهم قوم لوط، وأمطر عليهم حجارة من سجيل، وطمس أعينهم، ولهم النار يوم القيامة.

1 -

قال الله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81)}

[الأعراف: 80 - 81].

2 -

وقال الله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83)}

[هود: 82 - 83].

3 -

وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (37)}

[القمر: 37].

- عقوبة عمل قوم لوط:

عمل قوم لوط من كبائر الذنوب.

(1) أخرجه البخاري برقم (5886).

ص: 130

وعقوبته: أن يُقتل الفاعل والمفعول به، محصناً كان أو غير محصن، مسلماً كان أو كافراً، إذا كان بالغاً، عاقلاً، مختاراً، عالماً بالتحريم.

فيقتله الإمام بما يراه رادعاً له ولغيره من قتلٍ بالسيف، أو رجم بالحجارة، بمحضر من المؤمنين.

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الفَاعِلَ وَالمَفْعُولَ بهِ» . أخرجه أبو داود والترمذي (1).

- مفاسد فاحشة عمل قوم لوط:

فاحشة عمل قوم لوط لها آثار سيئة على الأمة كلها.

فهو من أكبر أسباب زوال النعم، وحلول النقم.

وهو موجب للعنة الله ومقته وعقوبته، وجناية شنيعة على المفعول به وأسرته، بل على المجتمع كله.

وهو يُحدث الهم والغم وسواد الوجه في الفاعل والمفعول به، ومُذهب للغيرة والحياء، مولِّد للنفرة والبغض الشديد بين الفاعل والمفعول به، مسبب لنفرة الناس منهما.

وعمل قوم لوط يحيل الطباع عما ركبها الله إلى طبع منكوس لا يشتهيه حتى الحيوان، وإذا انتكس الطبع انتكس القلب، فاستطاب كل شر وخبيث، ويورث من المهانة والحقارة والسفال ما لا يورثه غيره، ويكسو العبد حلة المقت والبغضاء، واحتقار الناس له.

وهذا الفعل القبيح يفسد حال الفاعل والمفعول به، ويَذهب بمحاسنهما

(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (4462) ، وأخرجه الترمذي برقم (1456).

ص: 131

ومودتهما، ويبدلها تباغضاً وتلاعناً.

وعمل قوم لوط يسبب الإصابة بالأمراض الخطيرة كالإيدز المهلك، ويقطع النسل، ويفوِّت حق المرأة في الوطء الحلال.

وإذا كان الله قد حرم الوطء في الفرج من أجل الحيض العارض، فكيف بالحش الذي هو محل الأذى اللازم.

فالدبر محل الأذى والقذر والنجو، فكيف يشتهيه الإنسان مع نفرة الحيوان منه.

فليس من المعاصي أعظم من هذه المفسدة التي تلي مفسدة الكفر.

ولم يسبق قوم لوط في فعلها أحد من العالمين.

قال الله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81)}

[الأعراف: 80 - 81].

- حكم الاستمناء:

الاستمناء: هو إنزال المني بشهوة من غير جماع، بيد أو نحوها، من رجل أو امرأة.

والاستمناء محرم؛ لما فيه من التعدي، وصرف الشيء في غير موضعه، وفي الصوم وقاية منه لمن لم يستطع الزواج.

وقد أمر الله بحفظ الفروج إلا في الزواج وملك اليمين، فبقي ما سواهما محرماً.

1 -

قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا

ص: 132

مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)}

[المؤمنون: 5 - 7].

2 -

وَعَنْ عَبْدِاللهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَليَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أغَضُّ لِلبَصَرِ، وَأحْصَنُ لِلفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» . متفق عليه (1).

- حكم السحاق:

السحاق: هو إتيان المرأة المرأة.

وحكم السحاق محرم، ولا حد فيه، وإنما فيه التعزير.

عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «لا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلا المَرْأةُ إِلَى عَوْرَةِ المَرْأةِ، وَلا يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَلا تُفْضِي المَرْأةُ إِلَى المَرْأةِ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ» . أخرجه مسلم (2).

- حكم إتيان البهيمة:

إتيان البهيمة: هو فعل الفاحشة في فرج البهيمة.

ووطء البهيمة محرم، وهو جناية قبيحة؛ لأن الطبع السليم يأبى هذا الوطء.

وعقوبة هذا الوطء أن يعزَّر فاعله بما يراه الإمام رادعاً من ضربٍ، أو قتلٍ، أو سجن ونحوها.

وأما البهيمة الموطوءة فتذبح ولا تؤكل، وإن كانت لغيره ضمن قيمتها

لصاحبها.

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5066) ، ومسلم برقم (1400)، واللفظ له.

(2)

أخرجه مسلم برقم (338).

ص: 133