المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌2 - أحكام الخلافة - موسوعة الفقه الإسلامي - التويجري - جـ ٥

[محمد بن إبراهيم التويجري]

فهرس الكتاب

- ‌الباب السابع عشركتاب القصاص والديات

- ‌1 - أحكام الجنايات والعقوبات

- ‌2 - أقسام الجنايات

- ‌1 - الجناية على النفس

- ‌1 - قتل العمد

- ‌القصاص في النفس

- ‌2 - قتل شبه العمد

- ‌3 - قتل الخطأ

- ‌2 - الجناية على ما دون النفس

- ‌3 - أقسام الديات

- ‌1 - دية النفس

- ‌2 - الدية فيما دون النفس

- ‌ دية الأعضاء ومنافعها:

- ‌ دية الشجاج والجروح:

- ‌ دية العظام:

- ‌الباب الثامن عشركتاب الحدود

- ‌1 - أحكام الحدود

- ‌2 - أقسام الحدود

- ‌1 - حد الزنا

- ‌2 - حد القذف

- ‌3 - حد الخمر

- ‌4 - حد السرقة

- ‌5 - حد قطاع الطريق

- ‌6 - حد البغاة

- ‌3 - حكم المرتد

- ‌4 - حكم التعزير

- ‌الباب التاسع عشركتاب القضاء

- ‌1 - معنى القضاء وحكمه

- ‌2 - فضل القضاء

- ‌3 - خطر القضاء

- ‌4 - أحكام القضاء

- ‌5 - صفة الدعوى

- ‌6 - صفة الحكم

- ‌7 - طرق إثبات الدعوى

- ‌1 - الإقرار

- ‌2 - الشهادة

- ‌3 - اليمين

- ‌8 - الأيمان

- ‌1 - معنى اليمين وحكمها

- ‌2 - أقسام اليمين

- ‌3 - أحكام اليمين

- ‌9 - النذر

- ‌1 - معنى النذر وحكمه

- ‌2 - أقسام النذر

- ‌3 - أحكام النذر

- ‌الباب العشرونكتاب الخلافة

- ‌1 - معنى الخلافة

- ‌2 - أحكام الخلافة

- ‌3 - أحكام الخليفة

- ‌4 - طرق انعقاد الخلافة

- ‌5 - البيعة

- ‌6 - واجبات الخليفة

- ‌7 - واجبات الأمة

- ‌8 - نظام الحكم في الإسلام

- ‌9 - حكم الخروج على الأئمة

- ‌10 - انتهاء ولاية الحاكم

- ‌الباب الحادي والعشرونكتاب الدعوة إلى الله

- ‌1 - كمال دين الإسلام

- ‌2 - حكمة خلق الإنسان

- ‌3 - حاجة البشرية إلى الإسلام

- ‌4 - عموم دين الإسلام

- ‌5 - أحكام الدعوة إلى الله

- ‌6 - أحكام الدعاة إلى الله

- ‌7 - أحكام المدعوين

- ‌8 - أصول من دعوة الأنبياء والرسل

- ‌الباب الثاني والعشرونكتاب الجهاد في سبيل الله

- ‌1 - معنى الجهاد وحكمه

- ‌2 - فضائل الجهاد في سبيل الله

- ‌3 - أقسام الجهاد في سبيل الله

- ‌4 - أحكام الجهاد في سبيل الله

- ‌5 - أحوال المجاهدين في سبيل الله

- ‌6 - آداب الجهاد في سبيل الله

- ‌7 - أحكام القتال في سبيل الله

- ‌8 - أحكام الشهداء في سبيل الله

- ‌9 - أحكام الأسرى والسبي

- ‌10 - أحكام الغنائم والأنفال

- ‌11 - انتهاء الحرب بالإسلام أو المعاهدات

- ‌12 - أحكام غير المسلمين

- ‌1 - أهل الذمة

- ‌2 - أهل الهدنة

- ‌3 - أهل الأمان

- ‌13 - أحكام الرجوع من الجهاد

- ‌14 - فضل الحمد والشكر

- ‌15 - فضل التوبة والاستغفار

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌2 - أحكام الخلافة

‌2 - أحكام الخلافة

- حكم نصب الخليفة:

1 -

نَصْب الإمام للمسلمين واجب؛ للحكم بينهم بما أنزل الله، وتدبير أحوال الناس، وإقامة الحدود، واستيفاء الحقوق، وحماية بيضة الإسلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله، وتعليم أحكام الدين، ودفع ضرر الفوضى.

فلا بد للمسلمين من إمام يقيم شعائر الدين، ويحكم بالعدل، وينصف المظلومين من الظالمين.

1 -

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)} [النساء: 59].

2 -

وقال الله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49)}

[المائدة: 49].

3 -

وَعَنْ عَبْداللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ خَلَعَ يَداً مِنْ طَاعَةٍ، لَقِيَ اللهَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَا حُجّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيّةً» . أخرجه مسلم (1).

2 -

كان النبي صلى الله عليه وسلم يحكم بين الناس بما أنزل الله، فلما توفي صلى الله عليه وسلم بايع أبا بكر

(1) أخرجه مسلم برقم (1851).

ص: 285

بالخلافة، ثم استخلَف أبو بكر عمر رضي الله عنهما، ثم استخلَف عمر أحد الستة الذين اختاروا عثمان رضي الله عنه.

ثم بعد استشهاد عثمان رضي الله عنه بايع الصحابة رضي الله عنهم علياً رضي الله عنه بالخلافة.

- من يقوم باختيار الخليفة:

يقوم باختيار ومبايعة الخليفة أهل الحل والعقد من العلماء الربانيين، والرؤساء، ووجوه الناس، فيختارون الإمام نيابة عن الأمة، كما اختار المهاجرون والأنصار الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم.

وعلى من يختارونه لهذا المنصب أن يسمع ويطيع، ويَحْكمهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

والخلافة فرض كفاية، مخاطَب بها فريقان من الناس:

أهل الشورى ليختاروا الإمام .. ومن يصلح للإمامة حتى ينتصب للإمامة.

وإذا لم يصلح للإمامة إلا واحد تعيَّن عليه طلبها إن لم يبتدؤه، إن كان الدافع له مصلحة المسلمين.

1 -

قال الله تعالى حكاية عن يوسف صلى الله عليه وسلم: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)} [يوسف: 54 - 55].

2 -

وقال الله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}

[الشورى: 38].

- مقاصد الخلافة:

الخلافة والإمامة والحكم في الإسلام وسيلة لا غاية، والخلافة من أعظم

ص: 286

العبادات لمن قام بحقها؛ لما يتحقق بها من المقاصد الكبرى.

وأعظم هذه المقاصد إقامة أمر الله عز وجل على الوجه الذي شرع، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ونشر الخير، والقضاء على كل فساد.

ويجمع هذه المقاصد مقصدان كبيران هما:

إقامة الدين .. وسياسة الدنيا به.

1 -

إقامة الدين الحق وهو الإسلام تتمثل في أمرين:

الأول: حفظ القرآن والسنة، والعمل بموجبهما، وحَمْل الناس عليهما؛ ليبقى الدين صافياً محفوظاً منيعاً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ويتم ذلك بنشره والدعوة إليه بالقلم واللسان والسنان، من الإمام ورعيته معاً.

وصيانة الدين عن كل ما يسيء إليه بدفع الشبه، ومحاربة البدع والأباطيل التي يروِّجها أعداء الإسلام.

وتوفير الأمن لعموم المسلمين بتحصين الثغور، وحماية البيضة، ليعيش الناس في أمن وسلام على دينهم، وأرواحهم، وأموالهم.

الثاني: تنفيذ الأحكام والحدود الشرعية في الأمة في جميع مجالات الحياة، لتصلح أحوالهم، وحَمْل الناس على الدين الحق بالترغيب والترهيب، واللين والشدة، بحسب اختلاف مقامات الناس.

2 -

سياسة الدنيا بالدين:

ويتم ذلك بالحكم بين الناس بما أنزل الله في جميع جوانب الحياة، فالإسلام دين كامل شامل، وهو وحده سبيل السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة.

ص: 287

ومن المقاصد الكبرى إقامة العدل، ورفع الظلم، وجمع كلمة المسلمين، وعدم الفرقة، وعمارة الأرض، واستغلال خيراتها في مصالح المسلمين.

1 -

قال الله تعالى: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)} [ص: 26].

2 -

وقال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].

3 -

وقال الله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89)} [النحل: 89].

- حكم سياسة الدنيا بغير الدين:

يجب على إمام المسلمين أن يحكم بين الناس بما أنزل الله من القرآن والسنة.

ولا يجوز لأحد أن يحكم بغير ما أنزل الله من حاكم أو غيره، فالحكم بغير ما أنزل الله كفر وظلم وفسق.

ولا يجتمع الإيمان والتحاكم إلى غير شرع الله في قلب عبد أصلاً، فأحدهما ينافي الآخر، فلا إيمان حقاً إلا بالإيمان بالله والكفر بالطاغوت.

1 -

قال الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)} [المائدة: 44].

2 -

وقال الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)} [المائدة: 45].

ص: 288

3 -

وقال الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47)} [المائدة: 47].

4 -

وقال الله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)}

[النساء: 65].

5 -

وقال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60)}

[النساء: 60].

- حكم الجاهلية:

كل من حكم بغير ما أنزل الله فقد حكم بحكم الجاهلية، ويشمل كل من استولى على مقاليد الحكم من الطغاة، وتَرَك حكم الله ورسوله، وجَعَل حكم الجاهلية شِرعة ومنهاجاً، وألزم الناس بالتحاكم إليه.

والواقع في هذا الجرم العظيم أربعة أصناف، وهم:

1 -

المشرِّع: وهو الذي يسن القوانين التي يحكم بها الناس.

2 -

المدافع: وهو الذي ينفذها ويدافع عنها.

3 -

الحاكم: وهو الذي يحكم بها بين الناس.

4 -

المحكوم: إذا رضي وتابع.

1 -

قال الله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)}

[المائدة: 50].

2 -

وَعَنْ أُمّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «سَتَكُونُ أُمَرَاءُ، فَتَعْرِفُونَ

ص: 289

وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ عَرَفَ بَرِىءَ، وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ». أخرجه مسلم (1).

- أهل الخلافة:

الخلافة في قريش، والناس تبع لقريش.

1 -

عَنْ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ هَذَا الأمْرَ فِي قُرَيْشٍ، لا يُعَادِيهِمْ أحَدٌ إِلا كَبَّهُ اللهُ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ، مَا أقَامُوا الدِّينَ» . أخرجه البخاري (2).

2 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «لا يَزَالُ هَذَا الأمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمُ اثْنَانِ» . متفق عليه (3).

3 -

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ، مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ لِمُسْلِمِهِمْ، وَكَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ» . متفق عليه (4).

- شروط أهل الحل والعقد:

يشترط فيمن يختار الإمام نيابة عن الأمة ما يلي:

1 -

العدالة التي تحمل صاحبها على المروءة والتقوى، بفعل المأمورات الشرعية، واجتناب المناهي.

2 -

العلم الذي يتوصل به إلى معرفة من يستحق الإمامة.

3 -

الحكمة والرأي السديد المؤديان إلى اختيار الأصلح للإمامة، والأعرف

(1) أخرجه مسلم برقم (1854).

(2)

أخرجه البخاري برقم (7139).

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3501) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1820).

(4)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3495) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1818).

ص: 290

والأقوى على تدبير المصالح.

4 -

أن تثق الأمة بهم، وتحترم ذواتهم، وتثق بنصحهم، وحسن اختيارهم.

وتنعقد البيعة للإمام بأي عدد منهم.

- وظيفة أهل الحل والعقد:

وظيفة أهل الحل والعقد مقصورة على الترشيح والترجيح وفق المصلحة والعدل.

فيتصفحون من يصلح للإمامة من المسلمين، ثم يقدمون بيعة أكثرهم فضلاً، وأكملهم شروطاً، ومن يسرع الناس إلى طاعته، ولا يتوقفون عن بيعته.

فإذا اختاروا واحداً عرضوا عليه الإمامة، فإن أجاب إليها بايعوه عليها، وانعقدت بيعتهم له، ولزم كافة الأمة الدخول في بيعته، والانقياد لطاعته.

وإن امتنع من الإمامة، لم يُجبر عليها، وعُدل عنه إلى سواه ممن يستحقها.

وإن تكافأ للإمامة اثنان قُدِّم الأكبر، والأعلم، والأشجع، ويُختار ما يوجبه حكم الوقت، وظروف البلاد، وحاجة الأمة.

- ما تُنال به الإمامة:

الإمامة الكبرى والصغرى تُنال بالإيمان والعمل الصالح، والصبر، واليقين.

1 -

قال الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)} [النور: 55].

2 -

وقال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا

ص: 291

بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)} [السجدة: 24].

- حكم استعمال الموالي:

الإمامة العظمى لا يتولاها إلا الحر من الرجال، أمّا ما دونها من المناصب فيجوز للإمام استعمال الموالي والعبيد فيها.

1 -

عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قالَ: كَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أبِي حُذَيْفَةَ يَؤُمُّ المُهَاجِرِينَ الأوَّلِينَ وَأصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ، فِيهِمْ أبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأبُو سَلَمَةَ وَزَيْدٌ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ. أخرجه البخاري (1).

2 -

وَعَنْ أنَسِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «اسْمَعُوا وَأطِيعُوا، وَإنِ اسْتُعْمِلَ حَبَشِيٌّ، كَأنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ» . أخرجه البخاري (2).

(1) أخرجه البخاري برقم (7175).

(2)

أخرجه البخاري برقم (693).

ص: 292